الذكاء الاصطناعي بين الخير والشر

الشيخ محمد بن مبارك الشرافي

2025-07-25 - 1447/01/30 2025-07-23 - 1447/01/28
التصنيفات: الفكر والثقافة
التصنيفات الفرعية: أخلاق وحقوق
عناصر الخطبة
1/تعريف الذكاء الاصطناعي 2/شكر النعمة واستغلالها بما يعود بالنفع على الدين والدنيا 3/فوائد ومخاطر الذكاء الاصطناعي 4/التحذير من إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي

اقتباس

وَإِنَّ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ كَيِّسًا فَطِنًا، يَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ يَأْخُذُ دِينَهُ، وَكَيْفَ يُدَافِعُ عَنْهُ، وَكَيْفَ يَسْتَعِينُ بِالْوَسَائِلِ الْحَدِيثَةِ لِنَشْرِهِ، وَيُحْسِنُ وَضْعَ الْأَمُورِ فِي مَوَاضِعِهَا ..

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

الْحَمْدُ للهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، التَّوَّابِ الرَّحِيم، يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم، وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ بِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ، أَحْمَدُ رَبِّي وَأَشْكُرُهُ عَلَى فَضْلِهِ الْعَمِيم، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيم، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ بِالْهَدْيِ الْقَوِيم، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ذَوِي الْخُلُقِ الْكَرِيم.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّنَا نَعِيشُ فِي نِعَمٍ كَثِيرَةٍ، مِنِ اسْتِقَامَةِ أَمْرِ دِينِنَا وَدُنْيَانَا، وَانتْشَارِ الْأَمْنِ فِي بِلادِنَا، وَللهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ أَوَّلًا وَآخِرًا، وَإِنَّ مِنْ أَسْبَابِ بَقَاءِ هَذِهِ النِّعَمِ وَاسْتِمْرَارِهَا وَزِيَادَتِهَا شُكْرَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْقَلْبِ اعْتِرَافًا ثُمَّ الْعَمَلَ بِطَاعَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مِنَ الْأُمُورِ الْمُتَجَدِّدَةِ هَذِهِ الآلاتِ الْحَدِيثَةَ وَالتِّقَنِيَّاتِ الْجَدِيدَةَ، وَصَارَتْ كَالثَّوْرَةِ فِي الْأَجْهِزَةِ مَا يُسَمَّى بِالذَّكَاءِ الاصْطِنَاعِيِّ، وَقَدْ عُرِّفَ بِأَنَّهُ فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِ عُلُومِ الْكُمْبُيُوتَرِ، يَهْدِفُ إِلَى تَطْوِيرِ أَنْظَمَةٍ قَادِرَةٍ عَلَى أَدَاءِ الْمَهَامِ التِي تَتَطَلَّبُ عَادَةً ذَكاءً بَشَرِيًّا، مِثْلَ التَّعَلُّمِ، وَحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ، وَاتِّخَاذِ الْقَرَارَاتِ.

 

فَهُوَ إِذَنْ تَطْوِيرٌ لِعُلُومٍ سَابِقَةٍ، وَتَرَاكُمٌ لِخِبْرَاتِ قَدِيمَةٍ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى (عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)، وَمَعَ الْأَسَفِ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَنْبَهِرُونَ بِهَذِهِ التّطَوُّرَاتِ, وَيَنْسَوْنَ الْخَالِقَ الذِي مَكَّنَ الْإِنْسَانَ بِمَا أَوْدَعَ فِيهِ مِنَ الْقُدْرَةِ عَلَى تَطْوِيرِ هَذِهِ الصِّنَاعَاتِ، وَرُبَّمَا لَمَزَ الْعُلُومَ الشَّرْعِيَّةَ، أَوْ قَلّلَ مِنْ شَأْنِهَا وَنَسِيَ رَبَّ الْعَالَمِينَ الْقَائِلَ (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ)

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْنَا شُكْرُ اللهِ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ ، وَمِنْ شُكْرِ هَذِهِ النِّعْمَةِ، أَنْ نَسْتَعْمِلَهَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ ، وَفِيمَا يَعُودُ بِالنَّفْعِ عَلَى الدِّينِ وَالدُّنْيَا ، وَأَنْ نُسَخِّرَ هَذِهِ التِّقْنِيَّاتِ فِي خِدْمَةِ الْعِلْمِ وَالدَّعْوَةِ، وَالرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ، وَالتَّيْسِيرِ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ، كالْوُصُولِ إِلَى الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وَالثَّقَافَةِ الإِسْلَامِيَّةِ، وخِدْمَةِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ بِطُرُقٍ جَذَّابَةٍ وَفَعَّالَةٍ، وتَطْوِيرِ مَجَالَاتِ الطِّبِّ وَالتَّعْلِيمِ وَالإِدَارَةِ وَالصِّنَاعَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَخْدِمُ مَجَالاتِ حَيَاتِنَا الْيَوْمِيَّةِ .

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمَعَ هَذِهِ الْفَوَائِدِ الْعَظِيمَةِ لا بُدَّ أَنْ نَقِفَ وَقَفْةً نَتَأَمَّلُ فِيهَا خُطُورَةَ هَذَا التَّطَوُّرِ إِنْ أُسِيءَ اسْتِخْدَامُهُ أَوْ تُرِكَ بِلَا ضَوَابِطَ شَرْعِيَّةٍ, فَالذَّكَاءُ الاصْطِنَاعِيُّ سِلَاحٌ ذُو حَدَّيْنِ، فَإِنِ اسْتُخْدِمَ فِي الْخَيْرِ وَالْبِنَاءِ كَانَ نِعْمَةً عَظِيمَةً لِلْبَشَرِيَّةٍ، وَإِنِ اسْتُخْدِمَ فِي الشَّرِّ وَالْهَدْمِ كَانَ نِقْمَةً وَفِتْنَةً، لأنَّ النِّعْمَةَ قَدْ تَنْقَلِبُ نِقْمَةً، إِنْ أُسِيءَ اسْتِعْمَالُهَا، فَكَمْ مِنْ أَدَوَاتٍ حَدِيثَةٍ أُفْسِدَتْ بِهَا الْقِيَمُ، وَشُوِّهَتْ بِهَا الْحَقَائِقُ، وَظُلِمَ بِهَا الْأَبْرِيَاءُ.

 

فَالذَّكَاءُ الاصْطِنَاعِيُّ لَيْسَ خَيْرًا مُطْلَقًا وَلا شَّرًّا حَتْمِيًّا، بَلْ هُوَ مِرْآةٌ لِطَرِيقَةِ اسْتِخْدَامِنَا لَهُ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ مِنَ الخَطَرِ الذِي يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْهُ هُوَ اسْتِعْمَالُ تِقْنِيَاتِ الذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ وَوَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ فِيمَا حَرَّمَتْهُ الشَّرِيعَةُ وَنَهَتْ عَنْهُ؛ مِنَ الْكَذِبِ وَالِافْتِرَاءِ، وَتَزْوِيرِ الصُّوَرِ وَالْمَقَاطِعِ ، وَانْتِحَالِ الشَّخْصِيَّاتِ، وَتَقْلِيدِ أَصْوَاتِ النَّاسِ وَالْعُلَمَاءِ، وَنَشْرِ الْفَتَاوَى الْمَكْذُوبَةِ، بِقَصْدِ قَلْبِ الْحَقَائِقِ، وَتَشْوِيهِ السُّمْعَةِ، وَالْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ، فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُرَاقِبَ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ اسْتِخْدَامِهِ لِهَذِهِ التَّقْنِيَةِ، فَكُلُّ مَا يَقُولُهُ الْإِنْسَانُ أَوْ يُعَمْلُهُ؛ فَهُوَ مُسَجَّلٌ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ؛ يَجِدُهُ فِي صَحَيِفَةِ أَعْمَالِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)

 

إِنَّ مِنْ تَمَامِ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ صَادِقًا مُتَثَبِّتًا، لَا يُرَوِّجُ لِكُلِّ مَا يَسْمَعُ، وَلَا يَنْقُلُ إِلَّا بَعْدَ تَأَكُّدٍ وَتَثَبُّتٍ، خُصُوصًا فِي هَذَا الْعَصْرِ الَّذِي كَثُرَ فِيهِ الْكَذِبُ، وَسَهُلَ فِيهِ التَّزْوِيرُ، قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، وعنْ أَبي هُريْرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ "كَفَى بِالْمَرءِ كَذِبًا أنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعِ" رَوَاهُ مُسْلِم، فَاحْذَرُوا اسْتِخْدَامَ التَّقْنِيَةِ فِيمَا يُسْخِطُ اللَّهَ، وَاشْكُرُوا نِعَمَهُ بِتَسْخِيرِهَا فِي الْخَيْرِ، وَكُونُوا مِنَ الَّذِينَ إِذَا سَمِعُوا الْقَوْلَ اتَّبَعُوا أَحْسَنَهُ. بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ, أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهِ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم .

 

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

الْحَمْدُ للهِ عَلَى فَضْلِهِ وَإِحسَانِهِ، وَأَشْكُرُهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ, صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْليِمًا كَثِيرًا.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَيَا عِبَادَ اللَّهِ: يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ عِنْدَ اسْتِخْدَامِهِ لِهَذِهِ التِّقَنِيَّاتِ؛ وَمِنْهَا الذَّكَاءُ الاصْطِنَاعِيُّ؛ أَنْ يَحْذَرَ مِنْ إِيذَاءِ عِبَادَ اللهِ؛ أَوْ يَتَنَقَّصَ مِنْ قَدْرِهِمْ؛ أَوْ يَتَعَرَّضَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ بِقَذْفٍ أَوْ بُهْتَانٍ أَوْ كَذَبٍ ، سَوَاءٌ أَكَانَ رَجَلًا أَوِ امْرَأَةً، لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَهُ حُرْمَةٌ عَظِيمَةٌ مَرْعِيَّةٌ شَرْعَا، فَعَنْ أَبي بكْرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رسُول اللَّه ﷺ قَالَ في خُطْبتِهِ يوْم النَّحر بِمنىً في حجَّةِ الودَاعِ "إنَّ دِماءَكُم ، وأمْوالَكم وأعْراضَكُم حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمة يومِكُم هَذَا، في شهرِكُمْ هَذَا، في بلَدِكُم هَذَا، ألا هَلْ بلَّغْت" متفقٌ عَلَيهِ.

 

وإِنَّ لِلْكَذِبِ وَالِافْتِرَاءِ عَلَى الْمُجْتَمَعَاتِ وَالْأَفْرَادِ عَوَاقِبَ وَخِيمَةً، فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، أن رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَ "مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ" أَخْرَجَهُ أَحَمْدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ، فَانْظُرُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ، إِلَى هَذَا الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ لِمَنْ افْتَعَلَ الْكَذِبَ وَالْبُهْتَانَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ فَعَلَهُ عَلَى رُؤُوسِ الْأَشْهَادِ، وَبِوَسَائِلَ تَبْقَى وَتَنْتَشِرُ وَلَا تُـمْحَى، فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمَ أَنْ يَحْذَرَ مِنْ قَوْلِ الزُّورِ وَالْبُهْتَانِ، وَأَنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ عَنْ أَعْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يَتَذَكَّرَ دَائِمًا هَذَا الْحَدِيثَ الشَّرِيفَ وَمَا فِيهِ مَنْ وَعِيدٍ شَدِيدٍ .

 

كَمَا أَنَّ عَلَى الْمُسْلِمِ عِنْدَ اسْتِخْدَامِهِ لِهَذِهِ التِّقَنِيَّاتِ أَلَّا يَتَتَبَّعَ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمَينَ أَوْ يَبْحَثَ عَنْهَا، حَذَرًا مِنْ عُقُوبَةِ اللهِ سُبْحَانَهُ لهُ، فَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَحَّهُ الْأَلْبَانِيُّ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنْ أَخْطَرِ هَذَا الْبَابِ مَا يَتَعَلَّقُ بِوُلاةِ الْأَمْرِ سَوَاءً كَانُوا فِي أَعْلَى الدَّوْلَةِ أَوْ مَنْ دُونَهُمْ مِنَ الْوُزَرَاءِ أَوِ رُؤُسَاءِ الدَّوَائِرِ الْحُكُومِيَّةِ، أَوْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِأَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْخُطَبَاءِ وَأَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ، فَكُلُّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ وَنَتَائِجُهُ سَيِّئَةٌ.

 

وَإِنَّ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ كَيِّسًا فَطِنًا، يَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ يَأْخُذُ دِينَهُ، وَكَيْفَ يُدَافِعُ عَنْهُ، وَكَيْفَ يَسْتَعِينُ بِالْوَسَائِلِ الْحَدِيثَةِ لِنَشْرِهِ، وَيُحْسِنُ وَضْعَ الْأَمُورِ فِي مَوَاضِعِهَا .

 

 فَلَا يَعْتَمِدُ الْمُؤْمِنُ اعْتِمَادًا كُلِيًّا عَلَى أَخْذِ دِينِهِ مِنْ هَذِهِ الْتِّقَنِيَّاتِ وَمِنْهَا الذَّكَاءُ الاصْطِنَاعِيُّ، إِلَّا بَعْدَ التَّأَكُّدِ وَالتَّمْحِيصِ، وَالرُّجُوعِ إِلَى مَصَادِرَ أَكْثَرَ ثِقَةٍ وَمْصِدَاقِيَّةٍ, فَالْمُسْلِمُ مُطَالَبٌ بِالبَحْثِ وَالتَّحَرِّي عَمَّن يَأْخُذُ مِنْهُ دِينَهُ وَفَتْوَاهُ، فَلَيْسَ كُلِّ طَرِيقٍ مُوصَلًا إِلَى الْمَقْصُودِ، وَلا كُلُّ كَلَمَةٍ تُقَالَ حَقًّا، قَالَ ابْنُ سِيرِينَ رَحِمَهُ اللهُ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِيْنٌ ؛ فَانظُروا عَمَّن تَأخُذُونَ دِينَكُم.

 

اللَّهُمَّ عَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَانْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا، وَزِدْنَا عِلْمًا وَهُدًى, اللَّهُمَّ أَعِزّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ, اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحِ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أَمْرِنَا، اللَّهُمَّ احْفَظْ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ بِحِفْظِكِ وَأَيَِدْهُمَا بِتَأْيِيدِكَ وَأَعِزَّ بِهِمَا دِينَكَ يَاذَا الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُمْ لِهُدَاكَ وَاجْعَلْ عَمَلَهُمْ فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ التِي تَدَلُّهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَتُعِينُهُمْ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ أَرِنَا الْحَقَّ حَقًّا وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ، وَأَرِنَا الْبَاطِلَ بَاطِلًا وَارْزُقْنَا لِاجِتْنَابِهِ، وَلا تَجْعَلْهُ مُلْتَبِسًا عَلَيْنَا فَنَضِّلَ، اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَّ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكِ، اللَّهُمَّ احْفَظْ عَلَيْنَا دِينَنَا وَأَمْنَنَا وَاسْتِقْرَارَنَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا بِسُوءٍ فَأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ وَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ فِي تَدْمِيرِهِ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ، اللَّهُمَّ أَمِّنْ حُدُودَنَا وَاحْفَظْ جُنُودَنَا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلَوَالِدِينَا وَلِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ, الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ بِرَحْمَتَكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخَرِةَ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)

 

المرفقات

الذكاء الاصطناعي بين الخير والشر.doc

الذكاء الاصطناعي بين الخير والشر.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات