اقتباس
وهي تذكير للإنسان بأصله الضعيف والعدم الذي كان فيه، ليدع الكبر والغرور، ومعرفتها سبب لشكر النعمة؛ فنعمة وجودك ونعمة الحياة منّة عظيمة من الله، لم يكن الإنسان ليستحقها لولا فضل الله...
رحلة الإنسان: من قبضة الطين إلى أفق الخلود
من العدم إلى الوجود، ومن قبضة طينٍ إلى نفخة روح، تتجلى قصة الإنسان في أبهى صورها كما يرويها القرآن الكريم. إنها رحلةٌ عظيمة، تبدأ من أول لحظة للخلق، مرورًا بميثاق الفطرة الذي أُخذ على الذرية من صلب آدم، ثم أسرار التكوين في الأرحام، فالحياة الدنيا بتقلباتها، لتختتم بالموت، ثم البعث والنشور. كل طورٍ من هذه الأطوار ليس مجرد محطة زمنية، بل هو آيةٌ ودليلٌ على قدرة الخالق وعظمته، وتذكرةٌ للإنسان بأصله ونهايته، ليعي أن مصيره الحقيقي ليس في هذه الدنيا الفانية، بل في الآخرة الخالدة، حيث يكون الحساب والجزاء الأوفى.
في هذه الأسطر، سنبحر في رحاب القرآن الكريم لنتدبر مراحل خلق الإنسان، منشئين رحلة روحية نتعرف فيها على أصلنا ومصيرنا. إنها دعوة للتأمل في سر الوجود، لتكون تذكرة للمؤمنين ونورًا يكشف أسرار الوحي الأمين، فمن عرف نفسه، عرف ربه.
ولاستعراض هذه الأطوار العظيمة، يمكننا أن نرتب مراحل خلق الإنسان كما وردت في القرآن الكريم على النحو التالي، لنغوص في تفاصيل هذه الرحلة المذهلة.
1. مرحلة العدم المطلق
يصف القرآن الكريم هذه المرحلة بأنها عدم كامل، حيث لم يكن الإنسان موجودًا؛ قال تعالى: (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا)[الإنسان: 1]، هذه الآية أوضح دليل على أن الإنسان مرّ بفترة زمنية طويلة (حينٌ من الدهر) لم يكن فيها موجودًا، بل كان في مرحلة العدم، ثم شاء الله وقرر بحكمته ومشيئته أن يجعل في الأرض خليفة؛ فقال: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)[البقرة: 30].
2. مرحلة التراب والطين
هي المرحلة الأولى التي بدأ فيها الله -تعالى- خلق الإنسان، خلق آدم -عليه السلام- من تراب، ثم صار هذا التراب طينًا، ثم طينًا لازبًا، ثم صلصالًا.
• من تراب: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ)[الروم: 20].
• من طين: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ)[المؤمنون: 12].
• من صلصال من حمأ مسنون: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ)[الحجر: 26)، و(خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ)[الرحمن: 14].
3. مرحلة التشكيل والنفخ
قال تعالى: (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ)[السجدة: 9]ن في هذه المرحلة، اكتمل التشكيل النهائي للشكل البشري، ثم نُفخت فيه الروح.
4. مرحلة الوجود الكلي الأول (ميثاق الفطرة)
أخرج الله الذرية كاملةً من ظهر آدم -عليه السلام-، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية، بما يوضح كيفية أخذ العهد عليهم؛ قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ)[الأعراف: 172].
توضح الآية الكريمة أن الله -تعالى- أخرج ذرية آدم من صلبه على شكل ذرات صغيرة، وأخذ عليهم عهدًا وميثاقًا، وقد جاءت السنة النبوية لتفصّل كيفية الإخراج، ففي الحديث: “أن الله -تعالى- لما خلق آدم مسح على ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصًا من نور، ثم عرضهم على آدم”(رواه الترمذي من حديث أبي هريرة).
وكانوا في حالة من الوعي والإدراك تقوم به الحجة؛ فخاطبهم الله -تعالى- بقوله: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ)، فأجابوا جميعًا: (قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا)؛ أي: نعم أنت ربنا، هذا الإقرار ليس مجرد قول، بل هو فطرة أودعها الله في قلوب بني آدم، وهي الإقرار بالتوحيد.
والحكمة من الميثاق في تلك اللحظة المهيبة هي إسقاط أي حجة للإنسان يوم القيامة، فلا يستطيع أن يقول إنه كان غافلًا عن أمر التوحيد؛ لأن الله -تعالى- أشهده على نفسه قبل خلقه.
اجتمعت ثلاث دلالات من هذا الميثاق العظيم:
• الفطرة: وهذا الميثاق هو أساس فطرة التوحيد التي يولد عليها كل إنسان؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه”(أخرجه البخاري عن أبي هريرة).
• الحجة البالغة: يؤكد الميثاق على أن الله أقام الحجة على جميع البشر، فلا عذر لأحد في الشرك أو الكفر.
• عدل الله: يوضح عدل الله المطلق في محاسبة العباد، حيث إنهم أقروا بوحدانيته قبل أن يخلقوا.
5. مرحلة التناسل في الأرض (مرحلة النطفة) والتكوين في الرحم
بعد خلق آدم -عليه السلام- من تراب، أصبح نسل الإنسان يُخلق من نطفة، وهي قطرة الماء التي تكون أساسًا للخلق.
• النطفة: (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى)[القيامة: 37].
• القرار المكين: (أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ * فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ)[المرسلات: 20-21].
• العلقة: بعد أن تستقر النطفة في الرحم، تتحول إلى علقة، وهي قطعة دم متجمدة معلقة بجدار الرحم. (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ)[العلق: 1-2]، (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً)[المؤمنون: 14].
• المضغة: بعد مرحلة العلقة، تتحول إلى مضغة، وهي قطعة لحم صغيرة؛ (ثُمَّ خَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً)[المؤمنون: 14].
• العظام واللحم: في هذه المرحلة، تتحول المضغة إلى عظام، ثم يُغطى هذا الهيكل العظمي باللحم. (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا)[المؤمنون: 14].
6. مرحلة النشأة الأخرى (نفخ الروح)
وهي المرحلة التي يتم فيها نفخ الروح في الجنين، فيصبح مخلوقًا آخر، وهي نقطة التحول الكبرى في خلق الإنسان. (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)[المؤمنون: 14].
7. مرحلة خروج المولود
بعد اكتمال المراحل السابقة، يخرج الإنسان من بطن أمه؛ (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا)[الحج: 5)، هذه المرحلة هي التي تلي العدم والخلق الأولي، وتستمر منها دورة الخلق إلى يوم القيامة، وذكرها ليس مجرد وصف تاريخي؛ بل هو للتذكير بعظمة الله وقدرته على الخلق من لا شيء، وهي -أيضًا- إثبات لقدرة الله على البعث؛ فمن خلق الإنسان من العدم أول مرة، قادر على إعادته بعد الموت.
وهي تذكير للإنسان بأصله الضعيف والعدم الذي كان فيه، ليدع الكبر والغرور، ومعرفتها سبب لشكر النعمة؛ فنعمة وجودك ونعمة الحياة منّة عظيمة من الله، لم يكن الإنسان ليستحقها لولا فضل الله.
ثم يواصل القرآن الكريم وصف مسيرة حياة الإنسان بعد الولادة بأطوار متعددة، وهي كالتالي:
8. مرحلة الطفولة
تبدأ هذه المرحلة منذ الولادة، وتتميز بالضعف والاحتياج إلى الرعاية.
• (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا)[الحج: 5]: هذه الآية تصف خروج الإنسان من بطن أمه طفلًا ضعيفًا.
• (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا)[غافر: 67): تأكيد على أن مرحلة الطفولة هي المرحلة التي تلي مراحل الخلق في الرحم.
9. مرحلة الشباب والقوة
بعد الطفولة، ينمو الإنسان ويصل إلى أشد مراحل قوته وعنفوانه.
• (ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ)[غافر: 67]: تشير هذه الآية إلى بلوغ مرحلة القوة والنضج الجسدي والعقلي.
• (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً)[الأحقاف: 15]: تحدد هذه الآية سن الأربعين كسن اكتمال النضج.
10. مرحلة الكهولة والشيخوخة
بعد الشباب، تبدأ القوة في الضعف، ويصل الإنسان إلى مرحلة الشيخوخة.
• (وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا)[الحج: 5]: تصف هذه الآية حال من بلغ سنًا متقدمة جدًا حتى فقد قدرته على العلم والفهم.
• (ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا)[غافر: 67]: تشير إلى أن الشيخوخة هي النهاية الطبيعية لمسار العمر.
• (وَاللَّهُ خَلَقَكُم ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)[النحل: 70]: تبيّن الآية أن الله هو خالق الإنسان، وهو الذي يتوفاه، وتوضح ضعف الإنسان في نهاية عمره.
هذه المراحل تشكل دورة حياة الإنسان كما يصورها القرآن، من الضعف إلى القوة، ثم العودة إلى الضعف مرة أخرى؛ لتكون عبرة على أن الحياة الدنيا مجرد مراحل متغيرة، وأن القوة الحقيقية بيد الله وحده.
ثم يستمر القرآن في وصف أطوار الإنسان وشكله من القبر إلى النشور.
11. مرحلة الموت والتحلل
(ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ)[عبس: 21]: هذه الآية تشير إلى أن الله هو الذي أمات الإنسان ويسر له الدفن في القبر، وهو ما يُعدّ من فضل الله على الإنسان بعد الدفن، ثم يبدأ الجسد في التحلل والتحول إلى تراب مرة أخرى.
• (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى)[طه: 55]: تلخص هذه الآية ثلاث مراحل: الخلق من الأرض، العودة إليها بالتحلل، ثم الإخراج منها للبعث.
• (قَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا)[الإسراء: 49]: تنقل هذه الآية قول المشركين الذين كانوا يستبعدون فكرة البعث بعد أن يصبح الجسد عظامًا بالية ومتفتتة (رفاتًا)، وهذا القول يدل على أن التحلل هو المصير الطبيعي للجسد في القبر.
وفي الحديث: “كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب، منه خلق وفيه يركب”(رواه مسلم عن أبي هريرة).
وهناك استثناء واحد ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو “أن الله قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء -عليهم السلام-”(رواه النسائي وأبو داود وابن ماجه)، وهذا من خصوصياتهم وفضل الله عليهم.
12. مرحلة البعث والنشور
تحدث القرآن الكريم عما يصير لجسد الإنسان في مرحلة البعث والنشور بتفصيل:
• إخراج الناس من القبور: بعد النفخة الثانية، يخرج الناس من قبورهم، يصف القرآن هذه العملية بأنها سهلة على الله، تمامًا كما تخرج النباتات من الأرض بعد المطر؛ (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ)[يس: 51].
• الحشر: بعد خروج الناس من القبور، يُحشرون جميعًا إلى أرض المحشر، يصف القرآن هذا الحشر بأنه سيكون في صعوبة ورهبة؛ (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا)[الكهف: 47].
وقد ذكر القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة صفات الأجساد في مرحلة البعث والنشور، مؤكدة على أن الله يعيد خلق الإنسان مرة أخرى، ولكنها أجساد تختلف في حالها عما كانت عليه في الدنيا، مع اختلاف حال المؤمنين عن الكافرين.
• الحشر على الحالة التي مات عليها الإنسان: كما ورد في الحديث؛ "يبعث الناس على ما ماتوا عليه".
• حفاة وعراة وغير مختونين: ورد في حديث عائشة -رضي الله عنها-، عند البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً” أي غير مختونين.
• الخلق الجديد: يؤكد القرآن أن الله يعيد خلق الإنسان مرة أخرى بخلق جديد، وليس هذا فحسب؛ بل حتى بصمات أصابعه يعيدها؛ (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ)[القيامة: 3-4].
13. مرحلة تغير الأجساد في الجنة والنار
وصف القرآن الكريم والسنة صفات أجساد أهل الجنة، التي تختلف تمامًا عن أجساد الدنيا، حيث تكون في أكمل صورة وأجمل هيئة، خالية من كل نقص أو عيب.
• الكمال والجمال: يبعث أهل الجنة على أكمل صورة وأبهى منظر؛ (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)[القيامة: 22-23].
• الشباب الدائم: لا يطرأ على أهل الجنة الهرم أو الشيخوخة؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “يدخل أهل الجنة الجنة جردًا، مردًا، كحلًا، أبناء ثلاث وثلاثين سنة”(رواه أحمد وهو حسن).
• الطول: ورد في الحديث: “خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعًا... فكل من يدخل الجنة على صورة آدم”(رواه البخاري من حديث أبي هريرة).
• لا مرض ولا ضعف: أجساد أهل الجنة لا تُصاب بالأمراض ولا الوهن ولا العجز.
• النظافة الدائمة: لا يعتريهم ما يُنقص من طهارتهم؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إن أهل الجنة لا ينامون... لا يتبولون، ولا يتغوطون، ولا يمتخطون، ولا يبصقون، وإنما يخرج ما في بطونهم رشحًا كرائحة المسك”(رواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله).
صفات أجساد أهل النار: تتغير أجساد أهل النار؛ لتكون مهيأة للعذاب الأليم، ويزيد الله في حجمها وقوتها ليذوقوا أشد العذاب.
• ضخامة الجسد: ورد في الحديث أن “ضرس الكافر أو ناب الكافر مثل أحد، وغلظ جلده مسيرة ثلاث”(رواه مسلم عن أبي هريرة).
• تحول الجلود: يذكر القرآن أن جلودهم تتغير وتتبدل ليزداد عذابهم؛ (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ)[النساء: 56].
• سوء المنظر: تُبعث أجساد الكفار والظالمين في حالة مزرية ومخيفة؛ (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ)[إبراهيم: 49-50].
وفي ختام هذه الرحلة العميقة في أطوار الخلق، ندرك أن قصة الإنسان ليست مجرد مراحل بيولوجية؛ بل هي سلسلة من الآيات الربانية التي تدعونا للتأمل والاعتبار، إنها تذكرة للإنسان بأصله من التراب، ليرتفع عن الكبر والغرور، وتنبيه له بأن مسيرته في الدنيا فانية، وأن المصير الحقيقي يكمن فيما بعد الموت والبعث؛ فمن تدبر هذه الأطوار، أيقن أن الحياة الدنيا ما هي إلا قنطرة، وأن المستقر الأبدي إما جنةٌ أُعدت للصالحين، أو نارٌ أُعدت للظالمين؛ فلتكن هذه المعرفة دافعًا لنا للعمل الصالح، واعترافًا بقدرة الخالق، وشكرًا لنعمه التي لا تُعد ولا تُحصى، وليكن شعارنا: “مَن عرف نفسه، عرف ربه، ومن عرف مصيره، استعد له”.
كتبه الفقير إلى الله
محمد الوجيه
17 صفر 1447هـ
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم