عناصر الخطبة
1/فضل الوالدين 2/ كيفَ نَبَرُّ والدَينا أحياءً وأمواتاً؟ 3/ سبعَ وصايا عمليةٍ مقترحةٍ لبرِ الوالدينِ 4/ قصصِ البررةِ مواعظُ ودروسٌاقتباس
مِن أجملِ ما نقدمُهُ للأبوينِ أن نتقربَ ونتودَّدَ إلى مَن يُحبَّانِ، وأبناؤُهما وبناتُهما وإخوتُهما همْ أعزُّ الناسِ عليهِما، فكنْ واصلاً لطيفًا معَ إخوانِكَ وأخواتِكَ والعمومةِ والخؤولةِ، وقدِّمْ أعذارَكَ للمخطئِ منهمْ، واسْعَ جهدَكَ في رأْبِ صدعٍ، أو دَفنِ ضغينةٍ، أو إصلاحٍ بينهمْ..
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الحمدُ للهِ ما تكوَّرَ الليلُ على النهارِ، وما انجلتِ الظُلمةُ يتلُوها الإسفارُ. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ الواحدُ القهارُ، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه النبيُّ المختارُ، صلى اللهُ وسلمَ عليهِ وعلى آلهِ والمهاجرينَ والأنصارِ، وكلِّ مَن سارَ على دربِهِم واتبعَ الآثارَ. أما بعدُ:
عبادَ اللهِ: نحنُ لا نَذكرُ تلكَ الأيامَ، التي كنا فيها في ظلماتِ الأرحامِ، ولا ما نزلَ بأمهاتِنا من الزفراتِ والآلامِ. لكن اللهَ يُذكِّرُنا بتلكِ الأيامِ، فيقولُ: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ).
إنها تسعةُ أشهرٍ من الحملِ، عانَتْ فيها أمُّكَ الأمرَّينِ: (وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ) (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا)، ثم حانتْ لحظةُ الولادةِ، ورأتْ فيها الأمُّ الموتَ، فلما خرجْتَ إلى الحياةِ، امتزجَتْ دموعُ صُراخِكَ بدموعِ فرحِها، وكنتَ رضيعاً ضعيفاً، فأحاطكَ اللهُ بأرحمِ اثنينِ، أمٍ حنونٍ تسهرُ إذا مرضْتَ، وبيدَيها تغسلُ الأذَى عنكَ، وأبٍ رحيمٍ يسعَى لمصلحتِكَ، ويستملِحُ كلَّ كلمةٍ منكَ. والآنَ أصبحتَ رجلاً، فهل جزاءُ الإحسانِ إلا الإحسانُ؟!.
أيُّها المسلمونَ: إن السؤالَ الهامَ الآنَ هوَ: كيفَ نَبَرُّ والدَينا أحياءً وأمواتاً؟
والجوابُ: أن ثمتَ جملةً من الوصايا والأفكارِ العمليةِ في برِّ الوالدينِ، يجمعُها قولُ اللهِ -تعالى-: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) والتعبيرُ بهذهِ اللفظةِ [وَصَاحِبْهُمَا] من ألطفِ ما يكونُ في الحثِ على برِّ الوالدينِ، فاللهُ يريدُ منكَ أن تكونَ مُصاحِبًا لوالدَيكَ وصديقاً لهما، والصديقُ يأنَسُ بصديقِهِ ويتحمَّلُ أخطاءَهُ.
وإليكمُ الآنَ سبعَ وصايا عمليةٍ مقترحةٍ لبرِ الوالدينِ:
الأولى: الدعاءُ لهما في سجودِكَ، في وترِكَ، وكلَّما رفعتَ يديكَ فادعُ لهما بالرحمةِ، وبالعافيةِ، وبطولِ العُمرِ على الطاعةِ، وبحُسنِ الخاتمةِ، وبدخولِ الجنةِ والنجاةِ من النارِ. فإن كانا غادَرَا الحياةَ فالدعاءُ لهما أوكدُ.
وقد قالَ سفيانُ بنُ عيينةُ -رحمهُ اللهُ- عندَ قولهِ تعالَى: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ) قالَ: إذا صليتَ الصلواتِ الخمسَ فقد شكرتَ اللهَ، وإذا دعوتَ لوالدَيكَ في أدبارِ الصلواتِ الخمسِ فقد شكرتَ لوالدَيكَ.
الثانيةُ: مِن أجملِ ما نقدمُهُ للأبوينِ أن نتقربَ ونتودَّدَ إلى مَن يُحبَّانِ، وأبناؤُهما وبناتُهما وإخوتُهما همْ أعزُّ الناسِ عليهِما، فكنْ واصلاً لطيفًا معَ إخوانِكَ وأخواتِكَ والعمومةِ والخؤولةِ، وقدِّمْ أعذارَكَ للمخطئِ منهمْ، واسْعَ جهدَكَ في رأْبِ صدعٍ، أو دَفنِ ضغينةٍ، أو إصلاحٍ بينهمْ.
الثالثةُ: انسِبْ كلَّ نجاحٍ في حياتِكَ لفضلِ اللهِ -تعالَى- ثم لفضلِ تربيتِهِما واجعلْهُما أولَ مَن يَعلمُ بكلِّ خبرٍ سعيدٍ بحياتِكَ.
الوصيةُ الرابعةُ: الثناءُ على الأبِ وحُسنِ معاملتِهِ أمامَ أمِّكَ يجعلُها تَفخَرُ بذلكَ. وكذا الثناءُ على معاملتِها، وحُسنِ إدارتِها لبيتِها يرفعُ من معنوياتِها.
الخامسةُ: حُسنُ الاستماعِ لقصصِهما ولو كانتْ مكررةً، والتفاعلُ مع طرحِهِما، واطِّراحُ الجوالِ عندَهما، ولا تكنْ صامتًا بين أيديهِما، بل اقصصِ القصصَ، وحدثْهما عن أخبارِ العالمِ والمستجدَّاتِ، ولكن احذرِ الأخبارَ المخيفةَ والمحزنةَ، ولو كانت صحيحةً.
السادسةُ: اصطحابهما لمناسبةِ الزواجِ والوليمةِ، ولموعدِ الطبيبِ ونحوِها، ونظِّمْ علاجاتِهِما ومواعيدَهُما، ولا تكتَفِ بالخادمةِ والسائقِ.
السابعةُ: أكرِمْهُما بالمالِ، فكمْ منا مَنْ يُقصِّرُ في هذا الحقِ غفلةً، أو بخلاً أو يقولُ: إنهما لا يحتاجانِ شيئاً وعلى الأقلِّ اخترْ هديةً مناسِبةً لكلِّ مناسَبةٍ كهديةِ العيدِ، والعودةِ من السفرِ، والسلامةِ من المرضِ، ولموسمَيِ الشتاءِ والصيفِ ما يناسبُهما.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ وكفَى، وصلاةً وسلاماً على النبيِّ المصطفَى، أما بعدُ:
فيا أيُّها البارُّ بوالدَيهِ: في قصصِ البررةِ مواعظُ ودروسٌ، فاستَلْهِمْ منهم تلكَ الدروسَ، واسألهُمْ وجالِسْهمْ وتعلَّمْ منهم كيفَ يُصاحِبونَ والدِيهِم، وخاطِبْ نفسَكَ واستثِرْ هِمَّتَكَ بهذهِ القصصِ والمواقفِ، وما أكثرَها -وللهِ الحمدُ-.
فهذا بارٌ لا يَرضَى أن يُطعِمَ أمَّهُ دواءَها إلا هوَ، وذاكَ مبارَكٌ بنَى بيتاً جديداً، فلمْ تَطِبْ نفسُهُ أن يَسكنَهُ حتى يرافقَهُ والدَاهُ، وثالثٌ يُنفِقُ من مالهِ شقةً تكونُ مَجْمَعاً لأمهِ مع أخواتهِ، ورابعٌ يمكثُ مرافِقاً ملازِماً لأبيهِ المغمَى عليهِ ستَّ سنينَ، لا يَشعرُ به أبوهُ، لكنَّ ربَّ أبيه يَعلمُ وسيَجزيهِ الجزاءَ الأوفَى.
وإن هذهِ المواقفَ المشرِّفةَ في البرِ ينبغيْ أن تُبْرَزَ وتُشجَّعَ؛ لأنها تَبعثُ في النفسِ الأملَ والفألَ، ولْيعلمِ الناسُ أن الذي يطفُو على السطحِ وينتشِرُ في وسائلِ الإعلامِ من صورِ العقوقِ إنما هو نادرٌ في مجتمعِنا، والبرُّ -بحمدِ اللهِ- هو الأكثُر والأظهرُ.
• فاللهم ربَّنا ارحمهُما كما رَبَّيانا صغاراً، وأعنّا على برِهِما كباراً.
• ربنا أوزِعنا أن نشكرَ نعمتَكَ التي أنعمتَ علينا وعلى والدَينا، وأن نعملَ صالحاً ترضاهُ، وأدخلنا برحمتِكَ في عبادِكَ الصالحينَ.
• اللهم مَن كانَ مِن والدَينا حياً فبارِك في صحتِهِ، وأطِلْ عُمرَهُ، وأحسنْ عملَهُ، واجعلْهُ راضيًا عنا.
• اللهم ومَن كان منهما قد وارَيناهُ في الترابِ، ففاتَنا فضلُ برِّهِ، اللهم فنوِّرْ له في قبرِهِ، ووسِّعْ لهُ فيهِ. اللهم واجمعنا بهِما في الفردوسِ بعدَ عمرٍ طويلٍ.
• اللهم احفظْ شبابَنا وشوابَّنا من فتنِ الشبهاتِ والشهواتِ.
• اللهم احفظْ دينَنا وحدودَنا وجنودَنا.
• اللهم وبارِكْ في عُمُرِ وعمَلِ وليِّ أمرِنا ووليِ عهدِهِ، وزِدْهُم عزًا لنصرةِ الإسلامِ. وافرُجْ لهم في المضائقِ، واكشِفْ لهم وجوهَ الحقائقِ.
اللهم صلِ وسلِّمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم