إصلاح القلب

مالك البوم
1447/06/27 - 2025/12/18 20:38PM

ملك يأمر وينهى | صغير الحجم عظيم السلطة| يتواجد بين أضلاعك | هو محرك جسدك وسلطان أعضائك | ان صلح هذا الملك انقادت له الرعية بالصلاح | وان فسد اختلت لذلك الجوارح | هل عرفتموه | انه القلب صاحب تلك الجنود  | عينك لا تنظر إلا لما يهوى | ولا تصغي أذنك إلا لما يحب| ورجلك لا تمشي الا لما عقد هذا القلب فعله| يقول أبو هريرة رضي الله عنه (إنَّ القلب ملك، والأعضاء جنوده؛ فإن طاب المك طابت جنوده، وإذا خَبُثَ الملك خبثت جنوده

خشوعك في الصلاة يبدأ من القلب | وكفك لبصرك وعفتك عن الحرام هي إشارة من القلب| وصدق لسانك ينطق قلبك به| ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ"

وبينما ينظر الناس إلى ثيابك ومقدار أموالك وعظم جاهك |إلا أن رب الناس جل وعلا له نظر آخر «إنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إلى صُوَرِكُمْ وأَمْوالِكُمْ، ولَكِنْ يَنْظُرُ إلى قُلُوبِكُمْ وأَعْمالِكُمْ»

لذلك وجب عليك حماية هذا الملك من شر ما يدور حولنا من الفتن التي تهدد مملكته |حافظ عليه اليوم لينجيك غداً {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}

وهذا القلب يضعف ويمرض كما يمرض الجسد| إذا كان مرض أبداننا ينتهي بالموت| فإن مرض القلب يبدأ بعد الموت

تقرأ القرآن فلا تتعظ |تسمع موعظة فلا تلين |تقدم الدنيا على حساب الباقية في كل تفاصيل حياتك| تمر بالجنائز وكأنها مشهد عابر  هناك أمر غير طبيعي |ألم تفكر يوماًُ أن قلبك يعاني من مرض معين| ألا تريد تفقده لعله مات منذ زمن  ﴿فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً}

نظرة محرمة| نوم عن صلاة الفجر| كلام فاحش| غش وخداع وغيبة وكذب| تحايل على الميراث| قطع للأرحام| رفقة سوء| تدخل الحرب مع الله من أجل سيارة  تقلب على الشاشة تضيع الوقت| يوم يمر دون وردك من القرآن| وذكر لم يعد يخطر في البال كلها رصاصات توجهها أنت لتخترق ذلك الملك وتهدم عروشه إنَّ العبدَ إذا أخطأَ خطيئةً نُكِتت في قلبِهِ نُكْتةٌ سوداءُ، وَهوَ الرَّانُ الَّذي ذَكَرَ اللَّه كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ

كلنا يا عباد الله مقصرون | ولكن إلى متى| أما آن لنا أن نعالج قلوبنا المرضى {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ أما آن لنا أن نبصر {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ

أما إذا سألتني عن علاج هذا السقم  فهل يخطر لي أو لك | علاج لأي مشكلة سوا كلام الرب العالي العظيم {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ

تسأل عن جلاء الصدأ الذي ملأ قلبك  أكثر من ذكر ربك {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}    وتحلل ما استطعت من الدنيا ومن الكلام فيها | في الحديث الضعيف ((لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلَامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةٌ لِلْقَلْبِ، وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْقَلْبُ الْقَاسِي)

علق قلبك بالله واعلم أنه يقبل توبتك ويحب عودتك وكفيل بإصلاح قلبك  وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

سبحانك اللهم وبحمدك

وبما أننا نتكلم عن القلوب فلا ننسى أن من علامة حياة قلبك أن تذكر اخوانك في العقيدة دائما | أن تحمل همهم | اقتحمت مياه الأمطار خيامهم وخلطت دماؤهم بالماء البارد  فلا تنساهم من تبرعك و دعوتك ونصرتك  (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)

وكم هو عجيب ذاك القلب الذي تذوق حلاوة توحيد الله واختلط دمه بكلمة التوحيد وتجده يهدم عقيدته العظيمة و يشارك في تعظيم شعائر الكفر  {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ}

يقال قل لي بم تفرح وعلى ماذا تحزن أقل لك من أنت لنكن صرحاء وصادقيت قطعة الجلد سرقت الأعمار وأبعدت عن ذكر الله وألهتنا عن أولوياتنا  {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين}

 أخيراً فلننظر إلى هادي القلوب | أصلح العباد قلباً كيف كان حذراً في شأن قلبه عن أنس رضي الله عنه قال: كان أكثرُ دعاء النبي ﷺاللهم : ((يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ اللهمَّ إنِّي أعوذُ بك من قلْبٍ لا يخشعُ ، و من دعاءٍ لا يُسْمَعُ ، و من نفْسٍ لا تشبعُ ، و من علْمٍ لا ينفعُ أعوذُ بك من هؤلاءِ الأرْبَعِ كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ ربِّ أعنِّي ولا تعن عليَّ وانصرني ولا تنصر عليَّ وامكر لي ولا تمكر عليَّ واهدني ويسِّرِ الهدى لي وانصرني على من بغى عليَّ ربِّ اجعلني لكَ شاكرًا لكَ ذاكرًا لكَ راهبًا لكَ مطواعًا لكَ مخبتًا إليكَ أوَّاهًا منيبًا ربِّ تقبَّل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبِّت حجَّتي وسدِّد لساني واهدِ قلبي واسلُلْ سَخِيمةَ قلبي ( أي طهره من غله وحقده وحسده)) هذا حالُ مَن غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فماذا نقول نحن الذين أتعبتنا أمواج الغفلة؟ صلاح قلبك ما هو أمر بسيط من الله وهدايتك مجرد نعمة يمنها عليك فإذا أغلقت أبواب قلبك وحاولت جهدك ولم ينفع فاطلب من الله دائماُ أن يفتح قلبك ويغفر ذنبك

فاللهم يا مقلب القلوب، ثبت قلوبنا على دينك. اللهم يا مصرف القلوب، صرف قلوبنا إلى طاعتك. للهم هب لنا قلوباً سليمة، نلقاك بها وأنت راضٍ عنارَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا

 

 

المرفقات

1766079504_إصلاح القلب.pdf

1766079508_إصلاح القلب.docx

المشاهدات 528 | التعليقات 0