تنبيه
تم تحويل رابط المقال من
https://khutabaa.net/ar/discussions/الأمانة-والخيانة-التعميم
إلى رابط جديد
https://khutabaa.net/ar/discussions/الأمانة-والنزاهة-تعميم-وزاري
يرجى استخدام الرابط الجديد لمشاركة هذا الموضوع
الأمانة والنزاهة (تعميم وزاري)
يوسف العوض
الخُطْبَةُ الأولى:
إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
عِبَادَ اللَّهِ: فَاتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ التَّقْوَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ المَبَادِئِ الَّتِي بُنِيَتْ عَلَيْهَا شَرِيعَتُنَا خُلُقُ الأَمَانَةِ، فَهِيَ رُكْنٌ رَكِينٌ فِي عَقِيدَةِ المُسْلِمِ وَسُلُوكِهِ ، لَقَدْ عَظَّمَ اللَّهُ شَأْنَ هَذِهِ الأَمَانَةِ، وَجَعَلَهَا مَسْؤُولِيَّةَ الإِنْسَانِ العُظْمَى فِي هَذَا الكَوْنِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) .
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ هَذِهِ الأَمَانَةَ تَتَنَوَّعُ إِلَى أَقْسَامٍ شَامِلَةٍ مِنْهَا أَمَانَةُ التَّكَالِيفِ الدِّينِيَّةِ وَهِيَ القِيَامُ بِحُقُوقِ اللَّهِ كَامِلَةً، مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَغَيْرِهَا، مَعَ مُرَاقَبَةِ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالعَلَنِ .
وَمِنْهَا أَمَانَةُ حُقُوقِ العِبَادِ وَهِيَ الوَفَاءُ بِالعُقُودِ، وَصِيَانَةُ الأَمْوَالِ، وَحِفْظُ الأَسْرَارِ، وَعَدَمُ الغِشِّ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ.
وَمِنْهَا أَمَانَةُ الوِلايَةِ وَالمَسْؤُولِيَّة وأَعْظَمُ صُوَرِهَا فِي الدُّنْيَا النَّزَاهَةُ ، حَيْثُ تَدْخُلُ النَّزَاهَةُ كَمُتَمِّمٍ لِهَذِهِ الأَمَانَةِ .
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: والنَّزَاهَةُ هِيَ خُلُقُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَتَرَفَّعُ عَنِ الدَّنَايَا وَالشُّبُهَاتِ فِي أَدَاءِ عَمَلِهِ وَوَاجِبِهِ ، وَتَكُونُ النَّزَاهَةُ بِأَمْرَيْنِ أَوَّلًا: النَّزَاهَةُ فِي أَدَاءِ الحَقِّ وَالعَدْلِ ، ولَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ الأَمَانَةَ بِالحُكْمِ بِالعَدْلِ، لِأَنَّ النَّزِيهَ هُوَ الَّذِي يَحْكُمُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ دُونَ مَيْلٍ أَوْ هَوًى، قَالَ سُبْحَانَهُ : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) وثَانِيًا: النَّزَاهَةُ فِي حِفْظِ المَالِ وَالحُقُوقِ العَامَّةِ وَهَذَا يَعْنِي البُعْدَ عَنِ الفَسَادِ بِجَمِيعِ صُوَرِهِ، كَالرِّشْوَةِ وَالِاخْتِلَاسِ وَاسْتِغْلَالِ المَنْصِبِ ، وَقَدْ حَذَّرَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ هَذَا أَشَدَّ التَّحْذِيرِ، وَخَاصَّةً مَنْ يَتَوَلَّى مَسْؤُولِيَّةً، فَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ ﷺ قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ» ، فَالعَامِلُ الَّذِي يَتَوَانَى فِي وَقْتِ دَوَامِهِ، وَالمَسْؤُولُ الَّذِي يُقَدِّمُ المَصْلَحَةَ الشَّخْصِيَّةَ عَلَى مَصْلَحَةِ النَّاسِ، وَمَنْ يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ عَلَى عَمَلٍ هُوَ مُكَلَّفٌ بِهِ، كُلُّ هَؤُلَاءِ قَدْ أَخَلُّوا بِنَزَاهَةِ الأَمَانَةِ، فتَحَلَّوْا بِهَذَا الخُلُقِ العَظِيمِ، لِتَفُوزُوا بِرِضَا اللَّهِ وَتَنْجُوَ مِنَ الخِزْيِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ النَّاجِحِينَ بِقَوْلِهِ:(وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ).
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
عِبَادَ اللَّهِ : إِنَّ ضِدَّ الأَمَانَةِ وَالنَّزَاهَةِ هُوَ الخِيَانَةُ، الَّتِي تُعَدُّ مِنْ عَظَائِمِ الذُّنُوبِ، وَهِيَ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ الإِيمَانِ وَنَقْصِ الدِّينِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ» ، فَقَدْ قَرَنَ النَّبِيُّ ﷺ زَوَالَ الإِيمَانِ بِزَوَالِ الأَمَانَةِ وَجَعَلَهَا النَّبِيُّ ﷺ مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ، فَقَالَ: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» .
فَأَجْمَلُ مَا نَخْتِمُ بِهِ هُوَ التَّأْكِيدُ عَلَى وَاجِبِ كُلِّ مُسْلِمٍ بِالمُحَافَظَةِ عَلَى النَّزَاهَةِ وَالَأمَانَةِ فِي كُلِّ عَمَلٍ أَوْ قَوْلٍ، وَالبُعْدِ عَنْ كُلِّ شُبْهَةٍ، لِيَكُونَ خَيْرُ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ الأَمَانَةِ وَالنَّزَاهَةِ، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أُمُورِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَاجْعَلْهُمْ مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.
المرفقات
1764741973_أمانة.docx
يوسف العوض
عضو نشطموافقة للتعميم الوزاري ونسأل الله التوفيق والسداد
تعديل التعليق