الاحْتِفَالِ بالمَولِدِ غُلُوٍّ في النَّبيُّﷺ

محمد البدر
1447/03/05 - 2025/08/28 04:15AM

الْخُطْبَةُ الأُولَى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالا(103)الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾وَقَالَﷺ«أَمَّا بَعْدُ،فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ،وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ،وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا،وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَقَالَﷺ«لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ،لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ،حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»رَوَاهُ مُسْلِمُ.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُستَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ﴾قَالَﷺ«مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ:وَمِنْ أَحْدَثَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَلَفُهَا فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِﷺخَانَ الدِّينَ،لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾

فَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا،لَا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا.إ.ت.وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ رَحِمَهُ اللهُ:لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا تُعُجِّبَ مِنَ الْعَجَبِ،هَذَا مَعَ أَنَّ الشَّهْرَ الَّذِي وُلِدَ فِيهِﷺوَهُوَ رَبِيعٌ الْأَوَّلُ هُوَ بِعَيْنِهِ الشَّهْرُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ،فَلَيْسَ الْفَرَحُ فِيهِ بِأَوْلَى مِنَ الْحُزْنِ فِيهِ.إلخ.

فَاعلَمُوا أَنَّه لم يثبت أَنَّ النَّبيُّﷺوُلِدَ في الثَّانِي عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وإنما ثبتة وفاته في هذا التاريخ فهل يُعقل أَنَّ نفرح بذَلِكَ تقليداً لدَولَةُ العُبَيدِيِّينَ(الفَاطِمِيَّةِ)والتي كانت تحتفل ابتهاجاً بوفات النَّبيُّﷺوتظهر أنه احتفال بمولده وتلبيس ذلك على الناس،فتقيم في الاحْتِفَالات الولائم والأدعية والقصائد الشركية والرقص والغناء بزعمهم حب النَّبيُّﷺوذكر مآثره وسيرته،والدليل على بطلان الاحْتِفَالِ  بالمَولِدِ أن جميع الفرق والأحزاب الضالة والمخالفة للنَّبيُّﷺتحتفل به،مثل الرَّافِضَةِ والنصيرية وَالصُّوفِيَّةِ والإخوانية وغيرهم،أَلا فَاتَّقُوا اللهَ-وَاعلَمُوا أَنَّ الاحْتِفَالِ  بالمَولِدِ هُوَ أَمرٌ مُحدَثٌ مُبتَدَعٌ مُختَرَعٌ،لم يَأذَنْ بِهِ اللهُ وَلم يَرضَهُ رَسُولُهُ،وَلم يَفعَلْهُ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهدِيِّينَ وَالصَّحَابَةِ المَرضِيِّينَ،ولا التابعون ولا الأئمة الأربعة ولا علماء السلف السابقين واللاحقين فيسعنا ما وسعهم،أما ما نشاهده اليوم عبر وسائل الاعلام المختلفة في بعض الدول فهو باطل لا يجوز،وبعضهم في بلاد الحرمين يحتفل سراً فلو كان حقاً لجهروا به قَالَﷺ«الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ،وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ،وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿قُل يَا أَهلَ الكِتَابِ لاَ تَغلُوا في دِينِكُم غَيرَ الحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُوا أَهوَاءَ قَومٍ قَد ضَلُّوا مِن قَبلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾ وَقَالَﷺ«لا تُطرُوني كَمَا أَطرَتِ النَّصَارَى ابنَ مَريم، فَإِنما أَنَا عَبدٌ،فَقُولُوا:عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَﷺ«اللَّهُمَّ لا تَجعَلْ قَبرِي وَثَنًا يُعبَدُ،اِشتَدَّ غَضَبُ اللهِ على قَومٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنبِيَائِهِم مَسَاجِدَ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.فَالاحْتِفَالِ  بمولِدِ النَّبيُّﷺهو غُلُوٍّ في أَهلِ البَيتِ عَامَّةً و في النَّبيُّﷺخَاصَّةً،فَاتَّقُوا اللهَ وَأَخلِصُوا للهِ التَوحِيدَ وَاحْذُرُوا مَنْ مُخَالَفَةَ النَّبِيِّﷺ.

أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ،وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ,وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى﴿‏قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾وَقَالَ تَعَالَى﴿وَمَا أَرسَلنَا مِن رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذنِ اللهِ﴾إِنَّ مَحَبَّة النَّبيُّﷺ وَتَعظِيمَهُ هي في طَاعَتِهِ وَاتِّبَاعِ أَمرِهِ وَإِحيَاءِ سُنَّتِهِ وَنَشْرِها وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهَا بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ.فَاتَّقُوا اللهَ وَأَخلِصُوا للهِ التَوحِيدَ وَاحْذُرُوا مَنْ مُخَالَفَةَ النَّبِيِّﷺقَالَ تَعَالَى﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.الاوصلوا عِبَادَ اللهِ على البشير النذير والسراج المنير كما أمركم بذلك اللطيف الخبير﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد،وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَاحْفَظْ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا،اللّهمّ وَهيِّئْ لَهُ الْبِطَانَةَ

الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَالَّتِي تَدُلُّهُ عَلَى الْخَيرِ وَتُعِينُهُ عَلَيْهِ ،واصرِفْ عَنه بِطانةَ السُّوءِ يَا رَبَّ العَالمينَ،وَاللّهمّ وَفِّقْ جَميعَ ولاةِ أَمرِ الْمُسْلِمِينَ لما تُحبهُ وَتَرضَاهُ لمَا فِيهِ صَلَاحُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَامِ ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ،وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ 

يَزِدْكُمْ ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

 

المرفقات

1756343706_الاحْتِفَالِ بالمَولِدِ غُلُوٍّ في النَّبيُّﷺ.pdf

المشاهدات 120 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا