الامتنان لله بنجاح حج هذا العام 1446هـ

عبدالرحمن سليمان المصري
1446/12/16 - 2025/06/12 23:13PM

الامتنان لله بنجاح حج هذا العام 1446هـ

الخطبة الأولى

 الحمد لله الملك المعبود ، ذي المن والجود ، لا نحصي ثناء عليه وهو الرحيم الودود ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا ، أما بعد :

أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فهي وصية الله للأولين والآخرين قال تعالى ﴿ ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ﴾

عباد الله : لقد كان المجتمع الجاهلي القرشي ، يعتز ويفتخر كونه يقدم الطعام والشراب ، لحجاج بيت الله الحرام، وكان ذلك مما يتشرف به ، فكان عبد مناف ، يحمل الماء في القرب إلى مكة ، ويسكبه في حياض من أدم ، بفناء الكعبة للحجاج، ثم سار على ذلك ابنه هاشم من بعده ، ثم عبد المطلب ، فلما حفر زمزم بعد ذلك ، كان ينبذ الزبيب في زمزم ويسقي الناس.

وأقرهم الإسلام على صنيعهم وكرمهم ، وما كان ليقرهم إلا على فضيلة ، قال ﷺ يوم فتح بمكة " إن كل مأثرة كانت في الجاهلية ، تذكر وتدعى من دم ، أو مال تحت قدمي ، إلا ما كان من سقاية الحاج، وسدانة البيت " رواه أبو داود وحسنه الألباني.

فكيف بمن يقدم الطعام والشراب، والمسكن والدواء ، والعلم على نهج الكتاب والسنة، ويمهد الطرق ويأمن السبل لملايين الحجاج.

عباد الله : إن رعاية الحجاج وخدمتهم ، عبادة يتقرب بها العبد إلى الله تعالى ، وهو فرصة لمضاعفة الحسنات ورفعة الدرجات ، فقد جمع الله فضل الزمان والمكان ، وفضل المخدوم ، وقد حرم الله النار ، على من بات يحرس في سبيل الله تعالى ، والسهر على راحة الحجاج من هذا الباب .

وقد أتى النبي صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب ، وهم يسقون على زمزم فقال: " انزعوا بني عبد المطلب،  فلولا أن تغلبكم الناس على سقايتكم ، لنزعت معكم " رواه مسلم.

فامتناع النبي ﷺ من سقي الحجيج بنفسه ؛ كيلا يقتدي به الناس ، فيغلبوا عمه العباس وبنيه على السقاية ، والتي ورثوها من أيام الجاهلية .

عباد الله : إن خدمة الحجاج تندرج ضمن مقاصد التشريع العامة ، وهي: حفظ: الدين والنفس ، والعقل والنسل والمال ، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول أو بعضها فهو مفسدة.

والقاعدة الفقهية : أن تصرف الإمام في الرعية منوط بالمصلحة ، وقد قال ﷺ " ‌لا ‌ضرر ولا ضرار" رواه أحمد بسند حسن.

 والضرر المتوقع حصوله على الحجاج ؛ يجب منعه بالطرق والوسائل الممكنة، ومن ذلك منع الحج بلا تصريح ، ففتح باب الحج للجميع ، يؤدي إلى حصول كثير من الأضرار العامة، مما يسبب الزحام في المشاعر بشكل يؤذي الحجاج ، ويعيق الخدمات.

‏عباد الله: وقد ظهر في موسم حج هذا العام ، من الآثار الحميدة لالتزام ضيوف الرحمن ، باستخراج تصريح الحج ، وتقيدهم بالأنظمة والتعليمات ، امتثالا لقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ﴾ ، حيث ظهر أثر ذلك في سلامة صحتهم وأرواحهم، وسلاسة تنقلهم بين المشاعر ، وأدائهم المناسك بطمأنينة ويسر ، وهذا من النعم العظيمة التي تستحق الشكر .

وإن من النماذج البارزة ، التفاني في خدمة الحجيج ، من قبل رجال الأمن والعاملين في الحج ، وكيف كانوا القلوب الرحيمة مع الحجاج والزوار ، يوقرون الكبير ويرحمون الصغير ، ويعينون العاجز، ويعاملون ضيوف الرحمن معاملة حسنة ، فجزاهم الله خيرا.

وجزى الله خير الجزاء ، ولاة أمر هذه البلاد ، خادم الحرمين الشريفين وولي عهده ، الذين أنفقوا بسخاء، وأشرفوا بوفاء، وأتقنوا في إدارة الحج، فلهم منا الثناء وصادق الدعاء ، وقد قال صلى الله عليه وسلم " ‌لا ‌يشكر ‌الله ؛ ‌من ‌لا ‌يشكر ‌الناس "رواه أحمد بسند صحيح.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.        

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، وسلم تسليما كثيرا  ،       أما بعد :

عباد الله: امتن الله علينا بنعم كثيرة ، لا تعد ولا تحصى ، فاشكروه على نعمه العظيمة ، وآلاءه الجسيمة ، قال تعالى:﴿ فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ﴾البقرة : 152.

إن شكر الله عز وجل ، من أعظم مقامات العبودية ، والشكر: هو الاعتراف بالنعم ، وتقدير الإحسان ، والثناء على الله المحسن بذكر إحسانه ، واعتراف بالجميل، وتوقير للمنعم سبحانه ، وهو سبب في بقاء النعم وزيادتها ، قال سبحانه: ﴿وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم﴾.

وقد أمر الله بشكره ، وقرنه بعبادته ، قال تعالى: ﴿بل الله فاعبد وكن من الشاكرين﴾.

وكان السلف يتذاكرون  نعم الله عليهم ، قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : تذاكروا النعم ، فإن ذكرها شكر أ.هـ.

فمن تمام الشكر: التحدث بالنعم ، لا فخرا ولا رياء، بل اعترافا وتذكيرا، وشكرا وامتنانا ، قال تعالى: ﴿وأما بنعمة ربك فحدث﴾.

هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ، فقال تعالى: ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما﴾  

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .

 

المرفقات

1749759178_الامتنان لله بنجاح حج هذا العام 1446هـ.docx

1749759179_الامتنان بنجاح حج هذا العام 1446هـ.pdf

المشاهدات 631 | التعليقات 0