تعظيمُ قدرِ الصلاةِ

راشد بن عبد الرحمن البداح
1447/02/06 - 2025/07/31 05:23AM

3
راشد بن عبد الرحمن البداح ( السعودية – الزلفي) 7 صفر 1447هـ
الحمدُ للهِ، الذي لَمْ يَزَلْ بِنعُوتِ الجلاَلِ والجَمالِ متصِفاً، وأشهدُ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ، مُقِرَّاً بوحدَانيَّتِهِ ومُعْترِفاً، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسُولُهُ، النبيُّ المصطفَى، صلَّى اللهُ وسلَّمَ عليهِ ومَنْ سَارَ علَى نهِجِهِ واقتفَى، أما بعدُ:

فاتقُوا مَنْ هوَ أهلٌ للتقوَى، وأهلٌ للمغفرةِ.

نَعَم؛ انقضَتْ خلالَ ستةِ أشهرٍ مضَتْ مواسمُ للخيراتِ، فاللهم اجعلْها وديعةً عندكَ، فقد انقضَى شهرُ الصومِ، ولكنَّ الصلاةَ لم تنقَضِ، وانقضَى الحجُّ، ولكنَّ الصلاةَ باقيةٌ، وتفضلَ اللهُ علينا، فصُمنا عرفةَوعاشوراءَ، ولكنَّ الصلاةَ كانتْ قبلَهُ ومعهُ وبعدَهُ، فَصَلاتُنا صِلاتُنا،دائمةٌ دائبةٌ، نُقابِلُ بها ربَّنا خمسَ مقابلاتٍ يومياً.

وإننا في مَشاغلِ حياتِنا نحتاجُ إلى تذكيرٍ؛ لِنشتَغِلَ بأهمِّمهماتِنا، ألا وهوَ أمرُ صلاتِنا، كما قالَ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا. متفقٌ عليهِ().

وكيفَ لا نُعَظِّم قَدْرَ صَلاتِنا وهيَ راحةُ حياتِنا، ولما حَضَرَتِ الصَّلَاةُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ -رَضيَ اللهُ عنهُ-قَالَ لجَارِيَتهِ: ائْتِينِي بِوَضُوءٍ، لَعَلِّي أُصَلِّيْ فَأَسْتَرِيحَ، فَلما رَآهُمْ أَنْكَرُوا ذَاكَ عَلَيْهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: قُمْ يَا بِلاَلُ؛ فَأَرِحْنَا بِالصَّلاَةِ().

تفكرُوا بالكلمةِ؛ يقولُ: أرِحنا بها، (وَلَا يَقُولُ: أَرِحْنَا مِنْهَا، كَمَا يَقُولُهُ مَنْ تَثْقُلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ، فإذا قامَ فيها فكأنهُ على الجمرِ حتى يتخلصَ منها،وأحبُّ صلاتِهِ إليهِ أعجَلُها وأسرعُها)()!

فيا مُقبلاً على الصلاةِ: هلِ استشعرتَ عظمةَ قَدرِها يومَ علِمْتَ أَنَّ المَلاَئِكَةَ يَشهَدونَ عندَ ربِّهِم لِمَنْ صلّاها؛ فإنهمْ يَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الْعَصْرِ.. فَيَقُولُونَ [عندَ ربِّهِمْ ]: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ. متَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.

بلْ هلِ استشعرتَ أنكَ إنْ حافظتَ على صلاتِكَ وبكَّرتَ لجمعتِكَفستَنْعَمُ بأعظمِ نعيمٍ بالجنةِ، ألا وهوَ النَّظَرُ إِلَى اللَّهِ -تعالَى-. 

قالَ ابنُ مسعودٍ -رَضيَ اللهُ عنهُ-: سارِعُوا إلى الجُمُعات؛ فإن اللهَ يَبرُزُلأهلِ الجنةِ في كلِّ جمعةٍ، على كثيبٍ من كافورٍ أبيضَ، فيكونُونَ منهُ في الدُّنوِّ على قَدرِ تبكيرِهِم إلى الجمُعاتِ().

ولقدْ كانَ السلفُ يَعُدُّونَ فَواتَ صلاةِ الجماعةِ مصيبةً. (وقد فاتَتْعبدَ اللهِ بنَ عمرَ صلاةُ العشاءِ بالمسجدِ، فصلى ليلتَهُ حتى طلعَ الفجرُ؛ جَبْرًا لِمَا فاتَهُ. قالَ بعضُ السلفِ: ما فاتَتْ أحدًا صلاةُ الجماعة إلا بذنْبٍ أصابَهُ)().

يا عبدَ اللهِ: أتريدُ أن يحفظَكَ اللهُ بحفظِهِ سائرَ يومِكَ؟!

إذاً امتثِلْ ما قَالَه رَسُولُكَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ، فَلاَ يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ؛ فَيُدْرِكَـهُ فَيَكُبَّـهُ فِي نَـارِ جَهَـنَّمَ. رواه مسلم(). (فهوَ في ذِمّةِ اللهِ؛ فمَنْ يتعرَّضُ له بضُرٍّ أو أذىً فاللهُ يَطلبُهُ بحقِّهِ..) ().

ويا أيُّها الآباءُ والأمهاتُ: إن اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ لكمْ: }وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى{.

وَلَمَّا تَأَخَّرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ –وهوَ غلامٌ- عَنِ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ يَوْمًا، فَقَالَ مؤدِّبُهُ: مَا شَغَلَكَ؟ فَقَالَ: كَانَتْ مُرَجِّلَتِي تُسَكِّنُ شَعْرِي. فَقَالَ لَهُ: أَقَدَّمْتَ ذَلِكَ عَلَى الصَّلَاةِ؟! وَكَتَبَ إِلَى أَبِيهِ، يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ، فَلَمْ يُكَلِّمْهُ أَبُوهُ حَتَّى حَلَقَ رَأْسَهُ(). فاللهم اجعلنا من المقيمِينَ للصلاةِ ومن ذرياتِنا.

الحمدُ للهِ الذي هَدَانا لنعمةِ الإسلامِ وكفَى بها نعمةً، وصلى اللهُ وسلمَ على من جاءَ بالقرآنِ والحكمةِ، أما بعدُ:

فهذا مدحٌ للمصلينَ المحافظينَ الذينَ همْ على صلاتِهمْ دائمونَ، فأما المفرطونَ في صلاتِهم؛ إما تركًا أو تأخيرًا عن وقتِها: فيا وَيْلَهم، ثم يا وَيْلَهم!! }فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ٤ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ {أتدريْ ما معنَى (سَاهُونَ)؟! قالَ ابنُ عباسٍ-رَضيَ اللهُ عنهُما-: (همُ الذينَيؤخِّرُونَها عن وقتِها، الذينَ إن صَلَّوا لم يَرْجُوا لها ثوابًا، وإن تَرَكُوها لم يَخشَوْا عليها عقابًا)().

أتدرِيْ مع مَن يُحشرُ المضيِّعُ للصلاةِ! قالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلاَ بُرْهَانٌ وَلاَ نَجَاةٌ، وَكَانَ يَوْمَ القِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ(). 

أيُّها المصلونَ في استراحاتِهم ومزارعِهم، وهم يسمعونَ النداءَ:اسمعُوا فتوَى ابنِ بازٍ -رحمهُ اللهُ- حيثُ قالَ: (لا يجوزُ لمن يَسمعُ النداءَولا يذهبُ للمسجدِ؛ لقولهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ سمِعَ النداءَ فلم يأتِ فلا صلاةَ له إلا مِن عُذرٍ. خرَّجهُ ابنُ ماجهَ بسندٍ صحيحٍ)().

وقال ابنُ عثيمينَ -رحمهُ اللهُ-: (الواجبُ الصلاةُ معَ المسلمينَ في المسجدِ، إذا كنتَ تَسمعُ النداءَ في مَحلِّكَ، بالصوتِ المعتادِ بلا مُكَبِّرٍ)().

• فاللهم ربَّنا اجعلنا من المقيمينَ للصلاةِ ومن ذرياتِنا، ربَّنا وتقبلْ دعاءِ
• اللَّهُمَّ إِنّا عَائِذون بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا، وَشَرِّ مَا مَنَعْتَنَا.
• اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ، وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنْ الرَّاشِدِينَ»().
• «اللَّهُمَّ إِنّا نسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ.
• اللهم اكشِفْ ضُرَّ إخوانِنا في غزةَ، اللهم عليكَ باليهودِ الغاصبينَ.
• اللهمَ احفظْ دينَنَا وبلادَنا وحدودنا وجنودنا، وأدِمْ أمنَنا، واحم أرجاءنا وأجواءنا، وادحرْ أعداءَنا، وأجبْ دعاءَنا.
• اللهم أَسْبِغْ عَلَى إمَامِنَا خَادِمِ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ لِبَاسَ الصِّحَّةِ والعَافِيَةِ. وسددْهُ ووليَ عهدِهِ ووفقْهُما لهُداكَ.
• اللهم صلِ وسلِّمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ.

المرفقات

1753928623_‎⁨تعظيم قدر الصلاة⁩.docx

1753928623_‎⁨تعظيم قدر الصلاة⁩.pdf

المشاهدات 303 | التعليقات 0