خطبة بعنوان(محبة النبي ﷺ اتباع لا ابتداع) مختصرة
سعيد الشهراني
خطبة ( محبة النبي ﷺ اتباع لا ابتداع )
سعيد سيف ال حلاش الشهراني-جامع عمر بن الخطاب-تندحة
الْخُطْبَةُ الْأُولَى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي دَلَّنَا عَلَى الْخَيْرِ وَالرَّشَادِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ رَبُّ الْعِبَادِ، وَأشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى الِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الْمَعَاد.
أَمَّا بَعْدُ: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ التَّقْوَى(وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: كَانَ ثَوْبَانِ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ شَدِيدٌ الْحَبِّ لَهُ، قَلِيلٌ الصَّبْرِ عَنْهُ، فَأَتَاهُ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَنَحَلَ جِسْمُهُ، يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْحُزْنُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: مَا غَيَّرَ لَوْنَك؟! قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بِي ضُرَّ وَلَا وَجَعٌ غَيْرَ أَنِّي إذَا لَمْ أَرَكَ اشْتَقْتُ إلَيْك وَاسْتَوْحَشْتُ وَحْشَةً شَدِيدَةً حَتَّى أَلْقَاك، ثُمَّ ذَكَرْتُ الْاخِرَةَ وَأَخَافُ أَنْ لَا أَرَاك هُنَاكَ، لأَنِّي عَرَفْتُ أَنَّك تُرْفَعُ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَأَنِّي إنْ دَخَلْت الْجَنَّةَ كُنْت فِي مَنْزِلِة هِيَ أَدْنَى مِنْ مَنْزِلَتَك، وَإِنْ لَمْ أَدْخُلْ لَا أَرَاك أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَوْلُهُ( وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمَنْ رَحِمَة اللَّهُ بِنَا أَنْ بَعَثَ فِينَا مُحَمَّدًا ﷺ وَأَمَرَنَا بِالْإِيمَانِ بِهِ وَتَصْدِيقِهِ، وَاتْبَاعُه، وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَالِانْتِصَارِ لَهُ، وَمَحَبَّتِه، وَتَقْدِيمُهُ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ؛ فَعَلَى يَدَيْه كَمُلَ الدِّينُ، وَبِه خُتِمَتْ الرِّسَالَات، وَأُرْسَلَ إلَيْهِ أَفْضَلُ الشَّرَائِع، وَأُنْزَل إلَيْهِ أَفْضَلُ الْكُتُبِ، فَهُوَ خَلِيلُ اللَّهِ، وَهُوَ كَلِيمُ اللَّهِ، وَهُوَ صَفِيَّةَ، وَهُوَ رَسُولُهُ، وَهُو حَبِيبَه، فَفَتَحَ اللَّهُ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا، وَاذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا، وَأَخْرَجَ بِهِ النَّاسُ مِنْ الضَّلَالَةِ إلَى الْهَدْى.
إنَّهُ مُحَمَّدٌ ﷺ الَّذِي بَلَغَ الرِّسَالَةَ أَحْسَن بَلَاغ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ أَحْسَنَ أَدَاءً، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، فَلَه الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَالْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَلِوَاءُ الْحَمْد، إنَّهُ مُحَمَّدٌ ﷺ أَعَزُ النَّاسِ نَسَبًا، وَأَشْرَفُهُمْ مَكَانَه، أَظْهَرَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ الْمُعْجِزَاتِ مَا أَبْهَر الْعُقُول، فَفَلَق لَهُ الْقَمَرُ فِلْقَتَيْنِ،وَتَكَلَّمَتْ الْحَيَوَانَاتُ بِحَضْرَتِه، وَسَبِّحْ الطَّعَام وَتَكَاثُر بَيْنَ يَدَيْهِ، وَسَلَّمَ عَلَيْهِ الْحَجْرُ وَالشَّجَرَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَفْتَحُ لَهُ بَابٌ الْجَنَّةَ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ، وَهُوَ سَيِّدُ وَلَدِ ادَمَ أَجْمَعِينَ، إنَّهُ مُحَمَّدٌ ﷺ الَّذِي زَكَّاهُ رَبُّهُ تَزْكِيَةِ مَا عَرَفْت لِأَحَدٍ غَيْرِهِ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ فَأَرْسَلَه اللَّه شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، شَرَحَ اللَّهُ لَهُ صَدْرُهُ، وَوَضَعَ عَنْهُ وِزْرَهُ، وَرَفَعَ لَهُ ذَكَرَهُ وَأَعْلَى فِي الْعَالَمِينَ قُدْرَةَ، مَا رَاهُ أَحَدٌ إلَّا هَابَّه، وَلَا عَاشِرَه أَحَدٌ إلَّا أَحَبَّهُ حُبًّا جَمًّا، صَاحِبُ الْوَجْهِ الْوَضَاء، وَالطُّهْرُ وَالصَّفَاء، دَائِم الِابْتِسَامة، مَلِيح الْوَجْه، أَكْحَلُ الْعَيْنَيْنِ، كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ اسْتِنَارَة وَضِيَاء، أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، يَقُولُ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا مَسِسْتُ حَرِيرًا وَلَا دِيبَاجًا أَلْيَنَ مِنْ كَفٍّ النَّبِيِّ ﷺ، إنَّهُ مُحَمَّدٌ ﷺ الَّذِي كَانَ يُعْرَفُ بِرِيح الطِّيبَ إذَا أَقْبَلَ، وَأَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا وَخَلْقًا، وَأَتْقَاهُمْ لِلَّهِ وَأَخْشَاهُمْ، أَعْظَمُ النَّاسِ تَوَاضُعًا، يُخَالِط الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ، وَيَنْطَلِق مَعَ الْجَارِيَةِ الصَّغِيرَةِ تَأْخُذ بِيَدِهِ حَيْثُ شَاءَتْ، وَلَا يَتَمَيَّزُ عَنْ أَصْحَابِهِ بِمَظْهَر، يَزُور كَبِيرُهُمْ وَيُسَلِّمُ عَلَى صِبْيَانِهِمْ، يَأْتِي ضُعَفَاءَهُمْ وَيَعُود مَرْضَاهُمْ، وَيَشْهَد جَنَائِزُهُمْ، يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ وَيَأْكُلُ عَلَيْهَا، يَعْقِل الشَّاة وَيَحْلِبُهُا، يَخْصِفُ نَعْلَهُ وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ وَيَخْدُمُ أَهْلِه، ويَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْخُذُ الصَّدَقَةَ، أَشْجَعُ النَّاسِ، وَارْحَمْ النَّاس، وَصَدَقَ اللَّهُ ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)،فَمَا أَعْظَمَهُ مِنْ رَجُلٍ! وَمَا أَجَّلَهُ مِنْ نَبِيٍّ! وَمَا أَعَزَّهُ مِنْ رَسُول ﷺ.
قُلْت مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوه إنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرحيم.
الْخُطْبَة الثَّانِيَةِ:
الْحَمْدَ لِلَّهِ وَكَفَى، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى عَبْدِهِ الْمُصْطَفَى، وَعَلَى الِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ اجْتبِى.
أَمَّا بَعْدُ: اتقوا الله واعلموا أن مَنْ حُقُوق النَّبِيُّ ﷺأَنْ تَكُونَ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى كُلِّ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي فِي جَمِيعِ أَحْوَالِ حَيَاتِنَا، وَلَنْ يَكْتَمِل الْإِيمَانِ الْحَقِيقِيِّ فِي قُلُوبِنَا، وَلَنْ نَذُوق حَلَاوَتُه، وَنُحِسّ بِالرَّاحَة النَّفْسِيَّة وَالطُّمَأْنِينَة؛ حَتَّى نُحِبّ النَّبِيّ ﷺ حُبًّا أَكْثَرَ مِنْ أَنْفُسِنَا وَأَهْلِينَا وَأَمْوَالِنَا وَكُلّ الدُّنْيَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ( لَا يُؤْمَنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِين).
عِبَادِ اللَّهِ: وَإِنْ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ هَذَا الْحُبِّ أَنْ يُكْثِرَ الْمُسْلِمَ مِنْ ذِكْرِهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ، وَأنْ يَتَمَنَّى رُؤْيَتِه، وَالشَّوْقَ إلَى لِقَائِهِ، وَسُؤَال اللَّه اللَّحَاق بِهِ عَلَى الْإِيمَانِ، وَأنْ يَجْمَعْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَبِيبَهِ فِي مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِهِ، وَقَدْ أَخْبَرَ ﷺ بِأَنَّهُ سَيُوجَدُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ يَؤَدُ رُؤْيَتِه بِكُلِّ مَا يَمْلِكُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ( مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا، نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَانِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ)، وَإِنْ مِنْ الْمُخَالَفَةِ لِهَدْيِه وَالِابْتِدَاع فِي شَرْعِهِ: إقَامَةِ مَا يُسَمَّى (بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ) فَإِنَّ هَذَا لَا أَصْلَ لَهُ فِي دَيْنٍ اللَّهِ، وَلَا ذِكَرَ لَهُ فِي الْقُرْانِ وَلَا فِي السَّنَةِ، وَلَمْ يَفْعَلْهُ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَا التَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَإِنَّمَا هِيَ بِدْعَةٌ حَدَثَتْ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَانْتَشَرَتْ شَيْئًا فَشَيْئًا فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَنَبِيُّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ لَا يُرِيدُ بِنَا أَنْ نَحْتَفل بِمَوْلِدِه، بَلْ يُرِيدُ مِنَّا أَنْ نَتَّبِعَ سُنَّتِه، وَأنْ نُكْثِرْ عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِينٍ، فَفِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ الرَّاحَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَالْأَجْر وَالثَّوَابِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا الْحَبِّ.
ألَّا صَلَّوْا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ...(الدعاء مرفق)
المرفقات
1756290306_خطبة بعنوان(محبة النبي اتباع لا ابتداع) مختصرة.docx