خطبة جمعة مختصرة - حديث يا عبادي

راكان المغربي
1446/12/08 - 2025/06/04 11:47AM

حديث يا عبادي

الخطبة الأولى

إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}، أما بعد:

فَخُطْبَتُنَا الْيَوْمَ لَنْ نُكْثِرَ فِيهَا الْكَلَامَ، وَسَتَكُونُ عَلَى أُسْلُوبِ "خَيْرِ الْكَلَامِ مَا قَلَّ وَدَلَّ".

وَلَكِنْ مَا سَنَقُولُهُ فِيهَا يُعْتَبَرُ مَنْهَجَ حَيَاةٍ، وَمَنْبَعَ يَقِينٍ.

وَقَسَمًا بِمَنْ أَحَلَّ الْقَسَمَ أَنَّ مَنْ يَعْمَلْ بِذَلِكَ الْكَلَامِ الْقَلِيلِ سَيَحُوزُ عَلَى مَفَاتِيحِ السَّعَادَةِ، وَسَيَدْخُلُ أَبْوَابَ النَّعِيمِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

فَهَلْ تُحْضِرُونَ لِي قُلُوبَكُمْ؟ وَتُصْغُونَ لِي أَسْمَاعَكُمْ؟

عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ:

(يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا،

يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ،

يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ،

يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ،

يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ،

يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي،

يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا،

يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا،

يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ،

يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ).

إِنَّهَا نِدَاءَاتُ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قُدِّمَ كُلُّ نِدَاءٍ مِنْهَا بِلُطْفٍ عَجِيبٍ بِقَوْلِهِ (يَا عِبَادِي) لِتَكُونَ أَبْلَغَ فِي الْمَوْعِظَةِ، وَأَقْرَبَ إِلَى الْقَلْبِ. وَلِذَا كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ -أَحَدُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ- إِذَا حَدَّثَ بِهِ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ تَعْظِيمًا لَهُ وَإِجْلَالًا.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فَيَا مَنْ شَرَّفَكُمُ اللَّهُ بِعُبُودِيَّتِهِ:

إِنَّ الْعِلْمَ لَا يَنْفَعُ صَاحِبَهُ إِلَّا إِذَا أَتْبَعَهُ الْعَمَلُ.

وَحَرِيٌّ بِمَنْ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا فِيهِ، فَيَجْتَنِبَ الظُّلْمَ، وَيَلْجَأَ إِلَى رَبِّهِ يَفِرُّ مِنَ الضَّلَالِ وَالْفَقْرِ طَالِبًا رَبَّهُ الْهِدَايَةَ وَالرِّزْقَ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي، اللَّهُمَّ أَطْعِمْنِي، اللَّهُمَّ اكْسُنِي..

وَلَا يَقْنَطْ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ فَيَسْتَغْفِرَ مِنْ ذُنُوبِهِ وَسَيَجِدَ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا.

وَيَعْلَمَ وَيُوقِنَ تَمَامَ الْيَقِينِ بِفَقْرِهِ الشَّدِيدِ وَغِنَى رَبِّهِ الْغَنِيِّ الْكَرِيمِ الْحَمِيدِ، فَيَبْقَى قَلْبُهُ مُتَضَرِّعًا مُنْكَسِرًا مُسْتَشْعِرًا الْحَاجَةَ إِلَى رَبِّهِ خَالِقِهِ فِي كُلِّ آنٍ وَحِينٍ.

وَيَضَعَ الْآخِرَةَ نُصْبَ عَيْنَيْهِ، فَالْمِيزَانُ سَيُنْصَبُ، وَالْأَعْمَالُ سَتُوزَنُ (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى # وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى # ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى).

اللهم اهدنا بهداك واجعل عملنا في رضاك

اللهم وفقنا لطاعتك، وجنبنا معصيتك

اللهم اجعلنا أغنى الناس بك، وأفقر الناس إليك

المرفقات

1749125426_خطبة جمعة مختصرة - حديث يا عبادي.docx

1749125426_خطبة جمعة مختصرة - حديث يا عبادي.pdf

المشاهدات 718 | التعليقات 0