خطبة فرعون والسحرة
الشيخ منصور بن صالح الجاسر
الحمدُ للهِ نَحمَدُهُ ونَستَعِينُهُ ونعوذُ باللهِ مِن شُروِرِ أنفُسِنَا وسَيِّئاتِ أَعمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ ومَن يُضْلِلْ فَلا هَادِي لَهُ، وَأَشْهَدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. أَمَّا بَعْدُ :
مُوسَى بنُ عِمْرَانَ كَلِيمُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، بَعَثَهُ اللهُ إلى أَكْبَرِ طَاغِيَةٍ عَرَفَهُ التَّارِيخُ فِرْعَوْنَ فًجَادَلَهُ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، فَلَمْ يَنْفَعُ مَعَهُ الْجِدَالُ فَجَاءَ مُوسَى بِآيَاتٍ وبَرَاهِينَ، فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ ، وَأَدْخَلَ يَدَهُ، فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ فَأَشَارَ الْمَلأُ، فَقَالُوا: أرْجِهُ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ.
وَيَأْتِي سَحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَائلين: (( إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ ))، قَالَ: ((نعم وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ )) ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ يَوْمَ الْعِيدِ بِزِينتَهِم وَالسَّحَرَةُ وفِرْعَوْنُ وَمَلَؤُهُ وجَاءَ السَّحَرَةُ، فَإذَا هُمْ آلافٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُم مَعَهُ حِبَالُهُ وَعِصِيُّهُ، وَجَاءَ مُوسَى الْكَلِيمُ وَحْدَهُ وَرَبُّهُ مُعِيُنُه، وأَلْقَى عَصَاهُ مَوْعِظَةٌ وَنَصِيحَةً لِهَؤُلاءِ السَّحَرَةِ، فَقَالَ لَهُم مُوسَى: (( وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ )) .
وَتَبْدَأُ المعَرْكَةُ وَخَيَّرَ السَّحَرَةُ مُوسَى، إِمَّا أَنْ تُلْقِىَ أَوْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ، وَيُلْقِى السَّحَرَةُ مَا في أَيْديهِم وَسَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُم وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ، فَرَأَى مُوسَى الْكَلِيمُ الْمَوْقِفَ فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً فَثَبَّتَهُ اللهُ لا تَخَفْ إنَّكَ أَنْتَ الأعْلَى ، شَعَرَ فِرْعَوْنُ بالزَّهْوِ وَأَنْصَارُهُ والسَّحَرَةُ بِسِحْرِهِم، وإذَا الْمُفَاجَأَةُ تُذْهِلُ فِرْعَوْنَ والسَّحَرَةَ، فَإِذَا مُوسَى عليه السلام يُلْقِي عَصَاهُ (( فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ " فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) ، فَإِذَا الْبَاطِلُ يَذْهَبُ وَإِذَا الْحَقُّ رَاجِحُ الْمِيزَانِ ثَابِتُ الْقَوَاعِدِ.
عِبَادَ اللهِ: الْمُفَاجَأَةُ لَمْ تُخْتَمْ بعد ، فَإذَا بِالسَّحَرَةِ يَخِرُّونَ سُجَّدًا لِرَبِّ الْعَالَمِينَ تَوبَةٌ عَمَّا صَنَعُوا حُضُوعًا لِلْحَقِّ، فَأُلْقِىَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ، فَغَضِبَ فِرْعَوْنُ وَهَدَّدَ بِالْعَذَابِ والنَّكَالِ، وَلَكِنَّ السَّحَرَةَ اسْتَعَانُوا بالإيمانِ واسْتَهَانُوا بِالْعَذَابِ فِي سَبِيلِ الثَّبَاتِ عَلَى مَبْدَأُ الإِيمَانِ، فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ، وَيُقَالُ: أَنَّهُم لَمَّا سَجَدُوا رَأَوْا مَنَازِلَهُم بِالْجَنَّةِ.
عِبَادَ اللهِ : هَذِهِ قِصَّةٌ ذَكَرَهَا اللهُ في الْقُرْآنِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ وَفيها إِشَارَاتٌ:
الإشَارَةُ الأُولَى : قُوَّةُ الْعَقِيدَةِ الَّتِي تَقِفُ ضِدُّ التَّحَدِّيَّاتِ.
الإشَارَةُ الثَّانِيَةُ: ضَعِيفُ الْعَقِيدَةِ سُرْعَانَ مَا يَنْهَزِمُ.
مُوسَى عليه السلام صَاحِبُ الْمَبْدَأَ وَالْعَقِيدَةِ يَقُولُ: كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سيَهْدِينِ، وَنَبِيُّكُم مُحَمَّدٌ ﷺ تَأْتِيهِ قُرَيْشٌ بِقُوَّتِهَا وَخِيَلِهَا، فَيَقُولُ الرَّسُولُ لِصَاحِبِهِ: لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا.
وَمِن الإشَارَاتِ: أَنَّ الْمَرْءَ مَهْمَا طَغَى وَتَكَبَّرَ فَلَهُ نِهَايَتُهُ وَالطَّاغِيَةُ قَدْ يَصِلُ إلى الْجٍسَدِ لَكِنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ أنْ يَصِلَ إلى الْقَلْبِ والرُّوحِ.
عِبَادَ اللهِ: أَمَّا آخِرُ الإشَارَاتِ، فهِيَ خَطَرُ السَّحَرَةِ وَالْكَهَنَةِ وَدَجَلِهِم عَلَى النَّاسِ.
عِبَادَ اللهِ : إِنَّ تَصْدِيقَ مَنْ يَدَّعِي الْغَيْبَ مِن السَّحَرَةِ وَالْكَهَنَةِ والْعَرَّافِيَن الَّذِينَ يَدَّعُونَ عِلْمَ الْغَيْبِ، ضَلال وانْحِرَافٌ وبَاطِلٌ، فَعِلْمُ الْغَيْبِ مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللهُ بِهِ وَحْدَهُ سُبْحَانَهُ : ﴿ قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إلا الله )، إنَّ الذَّهَابَ إلى السَّحَرَةِ والْكَهَنَةِ والدَّجَّالِينَ يُذْهِبُ الدِّينَ،
قَالَ ﷺ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ : " مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ " ، لا إلَهَ إلا اللهُ يَذْهَبُ دِينُ الْمَرْءِ وَهُوَ لا يَشْعُرُ.
عِبَادَ اللهِ: وَسَبَبُ رَوَاجِ سُوقِ الْكَهَنَةِ وَالسَّحَرَةِ ضَعْفُ التَّوْحِيدِ، والتَّطَلُّعُ إلى الْغَيْبِ وَمَعْرِفَةُ الْمُسْتَقْبَل.
حَضَرَاتُ الْمُسْتَمِعِينَ : هُنَاكَ عَلامَاتٌ يُعْرَفُ بِهَا الْكَاهِنُ مِنْهَا:
أَنْ يَسْأَلَ عَنْ اسْمِ الأُمِّ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ السَّاحِرَ وَالْكَاهِنُ مَنْكُوسَا الْفِطْرَةِ، فَيَتَعَرَّفُ عَنْ طَرِيقِ مَنْكُوس.
وَأَمْرٌ آخَرُ أنَّ السَّاحِرَ والْكَاهِنَ يَتَلَقَّى الْمَعْلُومَاتِ عَنْ طَرِيق الْقَرِينِ، وَقَرِينُ الأُمِّ أَكْثَرُ مُلاصَقَةٌ مِن غَيْرِهِ، وَمِنْ الْعَلامَاتِ أَنْ يَأْمُرَ السَّاحِرُ أَوْ الْكَاهِنُ بِعَدَمِ ذِكْرِ اسْمِ اللهِ عَلَى الْعِلاجِ، فَيَسْتَخْدِمُونَ أَوْرَاقًا وَطَلاسِمَ وَرُمُوزًا غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: بَعْضُ مَنْ يَذْهَبُ إلى السَّحَرَةِ والْكَهَنَةِ وَالْمُشَعُوذِينَ يَحْتَجُّ بَبعْضَ الْفَتَاوَى الَّتِي تُّجِيزُ فَكَّ السِّحْرِ بِالسِّحْرِ، والْجَوَابُ: عَنْ هَذَا أنَّ الْقَّوْلَ مُخالِفٌ لِقَوْلِ ﷺ: مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ فِيمَا يَقُولُ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ"، واللهُ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَاذَا أَجَبْتُم الْمُرْسَلِينَ؟.
ثُمَّ إنَّ أَكْثَرَ عُلَمَاءِ السَّلَفِ حَرَّمَ فَكَّ السِّحْرِ بِالسِّحْرِ، وَمِنْ ذَلِكَ الأَئِمَّةُ الأَرْبَعَةُ، وَابْنُ تَيْمِيَةِ، وابْنُ الْقَيِّمِ، وَأَئِمَّةُ الدَّعْوَةِ، وَابْنُ بَازٍ، وَابْنُ عُثَيْمِينَ، وَأَعْضَاءُ اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ.
عِبَادَ اللهِ : فَلَقَدْ سَمِعْتُ بِكُلِّ أَلمٍ وَأَسَى وَحُزْنٍ بَالِعُ عَنْ قَنَوَاتٍ فَضَائِيَّةٍ هَدَفُهَا بَثُّ السِّحْر وَالْكَهَنَةِ وَالتَّلاعَبِ بِالْمُتَّصِلِينَ، حَتَّى يَقُولَ أَحَدُهُم، وَهُوَ يُخَاطِبُ أَحَدَى النِّسَاءِ: رِزْقُكِ عِنْدِي وَحَيَاتُكِ عِنْدِي مِمَّا هُوَ مِنْ خَصَائِصِ اللهِ، وَلِلأسَفِ الْمُتَّصِلُونَ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ مِن هَذِهِ الْبِلادِ بِلادِ التَّوْحِيدِ، وَالْبُلْدَانِ الْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَالْعَجِيبُ أَنَّ بَعْضًا مِن الْمُتَّصِلِينَ يَجْهَلْ أَنَّ هَذَا سَاحِرٌ أو كَاهِنُ، بَلْ يُلْقُبُهُ بِالشَّيْخِ وَهُوَ دَجَّالٌ سَاحِرٌ أَلَمْ يَدْرُسْ هَؤْلاءِ التَّوحيد في الابْتِدَائِي والْمُتَوَسطِ والثَّانَوِيِّ؟ فَأَيْنَ الْعَقِيدَةُ وَالْمُحافظة عَلَيْهَا؟ فَيَتَبَيَّنُ الْحَاجَةُ إلى تَكْثِيفِ دُرُوسِ التَّوْحِيدِ والْعَقِيدَةِ، فَالأُمَّةُ مَغْزُوَّةٌ في دِيِنهَا وَعَقِيدَتِهَا، وَيَجِبُّ عَلَيْنَا التَّحْذِيرُ مِن الذَّهَابِ إلى هَؤْلاءِ وَالاتَّصَالِ بِهِم وَمُشَاهَدَتِهِم، قَالَ الرَّسُولُ ﷺ :"مَنْ أتَى عَرَّافًا، فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ".
عِبَادَ اللهِ : الأَمْرُ خَطِيرٌ جِدٌّا جِدٌّا، إِنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ الدِّينِ فَلا يَسْتَجْرِيَنَّكُم الشَّيْطَانُ وَهَؤْلاءِ الْكَهْنَةُ والسَّحَرَةُ يَسْتَخْدِمُونَ الْجِنَّ وَالْقَرِينَ الْمُصَاحِبَ لِلإنْسانِ، فَإذَا جَاءَهُم الْمَرِيضُ أَوْ اتَّصَلَ عَلَيْهِم أَدْلَى الْقَرِينُ لِقَّرِيِنِهِ بِالْمَعْلُومَاتِ، ثُمَّ يُخْبِرُ بهَا الْكَاهِنَ.
يَا مَنْ ابْتُلِيَ بِالْمَرْضِ اصْبِرُ، فَإِنَّ اللَّهَ ابْتَلَاكَ بِالْمَرَضِ؛ لِيَحْتَبِرَ إِيمَانَكَ وَقُوَّتَهَ تَأَمَّلْ هَذِهِ الْكَلِمَةَ؛ لأَنْ تَعِيشَ عَلَى الْمَرَضِ وَأَنْتَ عَلَى التَّوْحِيدِ وأَجْرُكَ عَلَى اللهِ، خَيْرٌ مِن أَنْ تَجِيءَ وَأَنْتَ مُشْرِكٌ وَقَدْ خَسِرْتَ دِينَكَ، فكُونُوا عَلَى حَذَرٍ يَا عِبَادَ اللهِ وَعَلَقُوا آمَالَكُم بِاللهِ وَرَبُّوا أَوْلادَكُم عَلَى الْعَقِيدَة، وأَنْشِؤُوا أُسَرَكُم عَلَى التَّوْحِيدِ.
إنَّ الْمَرْحَلَةَ الَّتِي تَمُرُّ بِهَا الأٌمَّةُ خَطِيرَةٌ تُوجِبَ تَصْحِيحَ الْمَسَارِ حَصِّنُوا أَنْفُسَكُم وَأَوْلادَكُم بِالرُّقَى الْمَشْرُوعَةِ، وَالأَوْرَادِ الْمَأْثُورَةِ دَاوِمُوا عَلَى أَذْكَارِ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ، وَأَكْثِرُوا مِن قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَخَوَاتِيمَ الْبَقَرَةِ وَالإخْلاصِ وَالْمُعَوِّذَاتِ، فَهِيَ تَكْفِى صَاحِبها واسْتَصْبِحُوا بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ.
أقولُ ما تَسمعون واستغفِرُ اللهَ لي ولكم، فاستغفرُوهُ إنَّه هو الغفورُ الرَّحيمُ .
الخطبةُ الثانيةُ:
الْحَمْدُ للهِ الْغَنِيِّ عَن الكَافِرِينَ والْمُشْرِكِينَ ولا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ، وإنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ، ولا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، ثُمَّ إلى رَبِّكُم مَرْجِعُكُم، فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لهُ، وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عليه، وعَلَى آلِهِ وأَصْحَابِهِ وسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعْدُ :
فاتقوا اللهَ يا عبادَ اللهِ، واعلموا أنَّ تقوى اللهِ عز وجل سببٌ للفوز والفَلاح ( وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ). فَاتَّقُوا اللهَ عزَّ وجلَّ وتَدبَّرُوا، فهذِهِ الدُّنيَا دارُ مَمَرًّ لا مفرًّ، فاستَعِدُّوا للرَّحِيلِ.
عِبَادَ اللهِ : اليومُ الَّذِي نجَّى الله فيه موسى هُو يَومُ عاشُوراءَ ، وهُو الْعَاشِرُ مِن مُحَرَّمٍ ، فاحْرِصُوا على صِيَامِهِ ، وَلَمَّا سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ صِيَامٍ يَوْمِ عَاشْورَاءَ قال : " أَحْتِسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ".
فَاحْرِصْ يَا عَبْدَ اللهِ عَلَى صِيَامِ هَذَا الْيَوْمِ الَّذِي جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ صِيَامَهُ سُنَّةً ، وفِيهِ فَضْلٌ عَظِيمٌ يُكَفِّرُ سَنَةً كَامِلَةً ، وَذَلِكَ مِن فَضْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِذَا صُمْت هَذَا الْيَوْمَ فَاحْرِصْ يا عَبْدَ اللَّهِ أَنْ تَصُومَ يَومًا قَبلَهُ أو يَومًا بَعْدَهُ كَمَا أمَرَ النَّبيُّ ﷺ بِذَلِكَ، فَلا تُضَيِّعْ الفُرْصَةَ ، فإنَّ مَن صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَهُ اللهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا.
ثم صَلُّوا وَسَلَّمُوا عَلَى مَن أَمَرَكُم اللهُ بالصَّلاةِ والسَّلامِ عَلَيْهِ ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّم علَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، وارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الأربعة أَبِي بَكْرٍ وعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ ، وَعَنَّا مَعَهُم بِفَضْلِكَ وجُودِكَ وإحْسَانِكَ يا ذَا الْجَلالِ والإكْرَامِ.
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَنَا وَتَوَلَّ أَمْرُنَا وَأَصْلِحْ شَبَابَنَا يَا رَبُّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ يا حَيُّ يَا قَيُّومُ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا ذُنُوبَنَا كُلَّهَا دِقْهَا وَجِلُّهَا ، خَطَأَهَا وعَمْدَهَا . اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الإيمانَ والْعَفْوَ عَمَّا سَلَفَ وَكَانَ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْعِصْيَانَ. اللَّهُمَّ انْصُرُ إِخْوَانَنَا الْمُجَاهِدِينَ في سَبِيلِكَ يا ذَا الْجَلال والإكْرَامِ في كُلِّ مَكَانٍ. اللَّهُمَّ كُنْ لَهُم مُعِينًا ونَصِيرًا وَعَلَى الحَقِّ ظَهِيرًا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ يا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ يَا أَجْوَدَ الأَجْوَدِينَ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرْضَى وخُذْ بِنَاصِيَتِهِ للْبِرِّ والتَّقْوَى وَأَعِنْهُ علَى أُمور دينه ودُنْيَاهُ يَا ذَا الْجِلالِ والإكْرَامِ.
اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ إِفْسَادَ عَقِيدَتِنَا وَدِينِنَا وَبِلَادِنَا، اللَّهُمَّ أَرِنَا بِهِ عَجَائِبَ قُدْرَتكَ ، اللَّهُمَّ وَأَبْرِمْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ أَمْرًا رَشِيدًا يُعَزُّ فِيهِ أَهْلُ طَاعَتِكَ وَيُذَلُّ فِيهِ أَهْلُ مَعْصِيَتِكَ، ويُؤْمَرُ فِيهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيُنْهَى فِيهِ عَنْ الْمُنْكَرِ يَا ذَا الْجَلالِ وَالاكْرِامِ يَا سَمِيعَ الدُّعَاءِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى وَخُذْ بِنَوَاصِينَا لِلْبِرِّ والتَّقْوَى، وَعَافِنَا وَاعْفُ عَنَّا وَاخْتِمْ لَنَا بِخَيْرٍ، وَاجْعَلْ عَوَاقِبَ أُمُورِنَا إِلى خَيْرٍ وَاغْفِرْ لَآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، وَاجْمَعْنَا بِهِم في دَارِ الْكَرَامَةِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ. اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.
عِبادَ اللهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )) فاذْكُرُوا اللهَ الْجَلِيلَ يَذْكُرْكُم، واشْكُرُوهُ على نِعَمِهِ يَزِدُكُم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ واللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
المرفقات
1756264076_خطبة فرعون والسحرة.docx
1756264082_خطبة فرعون والسحرة.pdf