خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ 6/3/1447هـ

خالد محمد القرعاوي
1447/03/04 - 2025/08/27 10:16AM
خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ 6/3/1447هـ
الحمدُ لله الذي نَزَّلَ الفُرقانَ على عبدِه ليكونَ للعالَمِينَ نذيراً، أشهدُ ألَّا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له تَعظيمًا له وتوحيداً, وأشهدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ الله ورسولُهُ بَعَثَهُ اللهُ هاديًا ومُعلماً وبشيراً، فَصَلَوَاتُ اللهِ عليهِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ وأتباعِهِ بإحسانٍ وسلَّمَ تَسليماً مَزِيداً. أمَّا بعدُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا . إي والله إنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ, وأقوَمَ الحديثِ وأنفَعَهُ كتابُ اللهِ تَعَالى! عِبَادَ اللهِ: هَلْ سَمِعْتُمْ عَنْ نُجُومٍ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ، وَتَتَرَاءَى لِأَهْلِ السَّمَاءِ؟ إي وَرَبِّي، نُجومٌ تُشِعُّ نُورًا، يَرَاهَا مَلائِكَةُ الرَّحْمَنِ وَهُمْ في السَّماءِ، نُجُومٌ تَنْطَلِقُ مِنْ الْبُيُوتِ, وَمِنْ حَلَقَاتِ تَحفِيظِ القُرآنِ الكريمِ في أَرْجَاءِ بِلادِنَا الْغَالِيَةِ, يَقُولُ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: »الْبَيْتُ الذي يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ يَتَرَاءَى لِأَهْلِ السَّمَاءِ، كَمَا تَتَرَاءَى النُّجُومُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ«.أَخْرَجَهُ الألبَانِيُّ.
عِبَادَ اللهِ: الحديثُ عن القرآنِ وأهلِهِ يُورِثُ الْمُسلِمَ رَغْبَة ًفِي تَعلُّمِ القُرَآنِ وتَعلِيمِهِ, والحرصِ على حفظِهِ وإتقَانِهِ, وَتَدَارُسِ حِكَمِهِ وأحكامِهِ! كَيفَ لا يَكُونُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَلامُ اللهِ جَلَّ جَلالَهُ وَكَفى!
عِبَادَ اللهِ: في زَمنٍ تَغَيَّرت فيهِ ثَوابِتُ وَقِيَمٌ، وَأَجْلَبَتْ عَلينَا فِتَنٌ مُقْلِقَةٌ, وَوَسَائِلُ تَوَاصُلٍ مَسْمُومَةٌ, وَشَهَواتٌ مَسْعُورَةٌ، تُعرضُ عَلينَا لَيلاً وَنَهارا، صِغارًا وكِبارًا, شَبَابًا وَنِسَاءً. فَإنَهُ وَاللهِ لا عاصِمَ لَنَا مِنْهَا إلَّا بِالتَّمَسُّكِ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالى تِلاوةً وَحِفْظاً, وتَدَبُّراً وفَهماً, وعَمَلاً وَمَنهَجَاً, فقد قالَ سبحانهُ: فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى . قَالَ ابنُ عباسٍ رضيَ الله عنهما: (تَكفَّلَ اللهُ لِمَنْ قَرَأَ القُرَآنَ وَعَمِلَ بِما فيهِ أنْ لا يَضِلَّ في الدُّنيا ولا يَشْقَى في الآخِرَةِ).
أيُّها الأَكَارِم: غَدًا بإذْنِ اللهِ تَنْطَلِقُ مَسِيرَةُ حَلَقَاتِ تَحفِيظِ القُرآنِ الكريمِ في أَرْجَاءِ بِلادِنَا الْغَالِيَةِ, يَمِلؤُها الفَأْلُ, وَيعَلُوهَا العِزُّ والسُّؤددُ. وَتَحَفُّهَا الْمَلائِكَةُ الكِرامُ, وَتَغَشَتْهَا الرَّحمةُ والسَّلامُ, فَافْرَحُوا بذلِكَ يَا مُؤمِنُونَ واسْعَدُوا: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ .
إِنَّها رِسَالَتُنَا إلى الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ، إلى الْمُصْلِحِينَ والْدُّعَاةِ، إلى الْمَربِّينَ الْنَّاصِحِينَ، الذين يَنْشُدُونَ الصَّلاحَ لِلأَبْنَاءِ فِي الدُّنْيَا وَالدِّينِ. هَا هِيَ حَلَقَاتُ تَحفِيظِ القُرآنِ تَبْعَثُ الحيَاةَ وَالنُّورَ، وَالْتَّرْبِيَةَ الْصَّالِحَةَ, فَكيفَ لا نَفرحُ بِهِمْ وَحِفْظُ القُرَآنِ أَعظَمُ شَرَفٍ, وَأَنبَلُ هَدَفٍ! وَحَفَظَةُ القُرآنِ أَحْرَى النَّاسِ بِرحمةِ الرَّحِيمِ الرَّحمانِ, فَقَد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».
إنَّهم حَفَظَةُ كِتَابِ اللهِ, أَلسِنَتُهُم دَومَاً رَطبَةٌ بِذكرِ اللهِ، وَأَفواهُهُم مُعطَّرَةٌ بِكلامِ اللهِ، جُلُودُهم في مَأمَنٍ من عَذَابِ اللهِ، كما قالَ ذَلِكَ أبو أُمَامَةَ :(إنَّ اللهَ لا يُعذِّبُ بالنَّارِ قَلبًا وَعَى القُرآنَ).
حَفَظَةُ القُرآنِ هُم أُولُوا العِلمِ حَقِيقَةً، كَمَا قَالَ اللهُ عَنْهُمْ: بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ . وَهُم خيرُ الأُمَّةِ كَمَا قَالَ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ». إنَّهم الرِّجالُ حقًّا وإنْ كانُوا صِغَارا فِي أَعْمَارِهِمْ! لأَنَّهُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِالإمَامَة, لِقَولِ رَسُولِنَا :«يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ». فَهُمُ الْمُقَدَّمُونَ عَلى مَنْ هو أَكبَرُ مِنهُم سِنَّاً وأَكثَرُ فِقْهَاً! يَا مُؤمِنُونَ: رَأيْنَا فِي الْحَلَقَاتِ الْمُباركَةِ شَبَابَاً, وَصِغَارَاً وَكِبَارَاً, عَرَبًا وَعَجَمًا حِينَهَا تَذَكَّرْنَا قَولَ اللهِ تَعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ .
طُوبى لِمَن حَفِظَ الكِتَابَ بِصَدْرِهِ فَبَدَا وَضِيئَاً كالنُّجومِ تَأَلُّقَاً.
اللهُ أكبرُ يا لَها مِن نِعمَةٍ لَمَّا يُقالُ اقْرَأْ فَرَتَّلَ وارْتَقَى.
أَعُوذُ باللهِ من الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُور لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ . فاللهمَّ ارزُقنا حِفظَ كِتَابِكَ والعَمَلَ بِهِ وتِلاوَتَهُ آناءَ الليلِ وأطرافَ النَّهارِ. عَلِّمنا منهُ ما جَهلنا وذكِّرنا منهُ ما نُسِّينا, أقُولُ ما سَمعتُمْ واستغفرُ اللهَ لي ولكم ولِسائِرِ الْمُسلِمينَ من كُلِّ ذنبٍّ فاستغفروهُ إنَّهُ هو الغفورُ الرَّحيمُ
الخطبة الثانية/
الحمدُ للهِ الذي أَنزَلَ على عبدِهِ الكِتَابَ، ولَمْ يَجعلْ لَهُ عِوجَاً، قَيِّمَاً، بَشَّرَ به الْمُؤمنينَ وأنذَرَ بِهِ قوماً لُدَّاً، أَشهدُ ألَّا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، أَكرَمَنَا بِالقُرآنِ, وَجَعَلَهُ رَبِيعَاً لِقُلُوبِ أَهلِ الإيمان، وأَشهدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ حثَّ على تَعَلُّمِ القُرآنِ وَتَعلِيمِهِ، والتَّفَكُّرِ فيهِ وَتَفهِيمِهِ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ عليه وعلى آلِهِ وأصحَابِهِ ومن تَبِعَهم بإحسانٍ وَإيمَانٍ. أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُوهُ، وَأَعْطُوا الْقُرْآنَ حَقَّهُ ولا تَبخَسُوهُ, وَوَجِّهُوا أَوْلَادَكُمْ إليهِ ولا تُغفِلُوهُ, فَإِنَّهُ عَامِرُ الْقُلُوبِ بِالْإِيمَانِ وَطَارِدُ الأَحْزَانِ وَالشَّيطَانِ.
عِبَادَ اللهِ: حَمْدًا للهِ تَعَالى أنْ كَانَ مَشْرُوعُ جَمْعِيَّاتِ تَحْفِيظِ القُرَآنِ مَشْرُوعَ دَولَتِنَا وَوُلاةِ أمْورِنَا أَعَزَّهُمُ اللهُ بِطَاعَتِهِ. فَدَعَمُوهَا مَادِيَّاً وَمَعْنَوِيًّا وَجَعَلُوا الْمُسَابَقَاتِ بِاسْمِهِمْ وَحُضُورِهِمْ.
ثُمَّ الحَمْدُ للهِ دَومَاً وَأبَدَاً أنْ أسَّسَ هَذِهِ الجَمْعِيَّاتِ العُلَمَاءُ وَطَلَبَةُ العِلْمِ الْمُخْلِصونَ, وَكَذَلكَ رِجَالُ العَمَلِ والْمَالِ البَاذِلِونَ. بَذَلُوا أوقَاتَهُمْ وَفِكْرَهُمْ وَأمْوَالَهُمْ, فَجَزَاهُمُ اللهُ خيرَا, وَبَارَكَ لَهُمْ في أعمَارِهِمْ وَأمْوالِهِمْ وَذَرَارِيهِمْ.
حَقَّاً يَا مُؤمِنُونَ: مَشرُوعُ حِفْظِ القُرْآنِ والعَمَلُ لَهُ مَشْرُوعٌ رابِحٌ لا يَعرِفُ الفَشَلَ ولا الخَسَارَةَ! فَسَيُقَالُ لِلْحَافِظِ: «اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا». حُقَّ لنا أنْ نَفخَرَ بِحَمَلَةِ كِتابِ اللهِ فهم الْمُقَدَّمونَ في الدُّنيا والآخِرةِ, وَذلِكَ مِنْ إِجْلاَلِ اللَّهِ تَعالى! فَقَدْ قالَ رَسُولُ اللهِ :«إِنَّ مِنْ إِجْلاَلِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ». وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً .هنيئاً لكم أيُّها الحفظَةُ: «فالْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ».
أَيُّهَا الأَبُ الْمُبَارَكُ وَالأُمُ الفَاضِلَةُ، أَلا تَعْلَمُ أَنَّكَ بِحَثِّكَ لأَولادِكَ عَلى مَجَالِسِ الْعْلِمِ وَالْحَلَقَاتِ أَنَّهُمْ يِحْمِلُونَ لَقَبَ: صَاحِبِ القُرْآنِ! فَهَنِيئًا لَكُمَا فَقَدْ أحسَنتُما التَّربِيَةَ فَلَبِستُمَا تَاجَ الوَقارِ, فَفِي الحَدَيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَنْ حَامِلِ القُرآنِ: «يُعطَى الْمُلكَ بِيَمِينِهِ والخُلدَ بِشِمَالِهِ، وَيوضَعُ على رَأسِهِ تَاجُ الوَقَارِ, ويُكسَى والِدَاهُ حُلَّتَينِ لا تَقُومُ لُهُمُ الدُّنيا ومَا فِيها، فَيَقُولانِ: يَا رَبِّ، أَنَّى لَنَا هذا؟ فَيُقَالُ: بِتَعلِيمِ وَلَدِكُمَا القُرآنَ» صَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ. وَأَعْظَمُ مِن ذَلِكَ: نَيْلُ الرِّضْوَانِ وَالقُرْبُ مِنَ الرَّحْمَنِ: (وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
أيُّها الْمؤمنونَ: في حَلَقَاتِ وَمُجَمَّعَاتِ تَحْفِيظِ القُرَآنِ الْكَرِيمِ شَبابٌ قَرأُوا القُرآنَ غَضَّاً طَرِيَّا كما أُنزِلَ فَأَعَادَوا لَنَا الأَمَلَ والسُّرُورَ, وأَدرَكنَا أنَّ في شَبابِناً خيراً كثيراً إنْ فُتِحت لهمُ البَرامِجُ الدَّعوِيَّةُ, والْمَحَاضِنُ التَّربَويَّةُ, فَعِنْدَمَا يَجلِسُ وَلَدُكَ بَينَ يَدَي مُعلِّمِهِ، فَيقْرَأُ عَليهِ آيَاتِ القُرَآنِ العَظيمِ، حِينَهَا سَيَرَى قَلْبُهُ النُّورَ، وتَدِبُّ في عُرُوقِ أَغْصَانِهِ الْحَيَاةُ والْحَيَاءُ والْخَشْيَةُ، وَسَيَعْرِفُ رَبَّهُ، وَجَلالَهُ وَعَظَمَتَهُ وَعِلْمَهُ وَحِكْمَتَهُ! سَيَرَى الحقَّ وَالبَاطِلَ، وَيَعْرِفُ سَبِيلَ الْمُؤمِنِينَ وَالْمُجْرِمِينَ.فَكلُّ آيَةٍ تَطْرُقُ سَمْعَهُ، سَتَدْخُلُ لِفُؤادِهِ، وَتُثَبِّتُهُ على الصِّرَاطِ الْمٌسْتَقِيمِ
كَمَا قَالَ رَبُّنَا جَلَّ وَعَلا:(وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا ‌نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ). فَجَزَى اللهُ خَيراً كُلَّ مُعَلِّمٍ ومُعَلِّمَةٍ, وَمَنْ سَاهَمَ وَأَعَانَ,(وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ). «وَالدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ». وَالويلُ الخَسَارُ, لِكُلِّ مَنْ صَدَّ عن تَعلِيمِ كِتابِ اللهِ وَتَحفِيظِهِ, بِقَلَمِهِ أو بِلِسانِهِ فَأَسَاءَ لِلعَامِلينَ, فَكَالَ التُّهَمَ لَهُمْ مُحَاوِلاً الْوَقِعَةَ بِهم, أو التَّشكِيكَ في مَنهجِهِم وولائِهم! فَهؤلاءِ هُمُ الْمُفْسِدُونَ حَقًّا، وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ!
ألا فاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ: وكُونُوا مِن أَهلِ القُرآنِ: «فَإِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ, قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ». جَعَلنا اللهُ وإيَّاكم منهم, وَجعلَنا مَفَاتِيحَ لِلخير مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ, اللهمَّ انفعنا وارفعنا بالقُرآنِ العظيمِ, اللهمَّ عَلِّمنا منهُ ما جَهلنا وذكِّرنا منهُ ما نُسِّينا وارزقنا تِلاوتَهُ أناءَ الليلِ وأطرافَ النَّهار, اللهمَّ اجعَلِ القُرآنَ العَظيمَ رَبِيعَ قُلُوبِنا وَنُورَ صُدُورِنَا وَجَلاءَ أَحزَانِنَا وَذَهَابَ هُمُومِنَا, اللهمِّ اجزِ العامِلينَ والقائِمينَ على الجمعيَّاتِ كُلَّ خيرٍ وفِّقهم في الدَّارينِ, اكفِهم شَرَّ كُلِّ حاسِدٍ ومُنافقٍ, اللهمَّ اجْزِ ولاةَ أُمُورِنَا على دَعمهم وتَشجِيعهم لِحَفَظَةِ كتابِكَ خيرَ الجَزَاءِ وأَوفَاهُ, واجعلهم لِشَرعِكَ مُحَكِمينَ ولِكتابكَ مُتَّبِعينَ وبِسُنَّةِ نبِيِّكَ مُهتدينَ ياربَّ العالَمِينَ, وَفِّقْهُمْ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضى وَأعنْهُم على البِرِّ والتَّقْوى. انصُرْ جُنُودَنَا وَاحفظْ حُدُودَنَا. واغْفِر لَنَا وَلِوَالِدِينَا والْمُسْلِمينَ أَجْمَعِينَ. اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
 
 
المشاهدات 108 | التعليقات 0