رسالة (29) رسالة إلى أهل البحرين لابن تيمية رحمه الله
إبراهيم بن سلطان العريفان
تَمْهِيدٌ إِلَى الرِّسَالَةِ
يُقَدِّمُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي رِسَالَتِهِ لِأَهْلِ الْبَحْرَيْنِ عَرْضًا وَتَحْلِيلًا لِمَسْأَلَةِ إِقَامَةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى، وَمَسْأَلَةِ رُؤْيَةِ الْكُفَّارِ لِرَبِّهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَعَ التَّرْكِيزِ عَلَى أَهَمِّيَّةِ وَحْدَةِ الْمُسْلِمِينَ وَتَجَنُّبِ الْفُرْقَةِ.
وَإِلَيْكَ مُلَخَّصًا لِأَهَمِّ مَا جَاءَ فِي الرِّسَالَةِ:
سَبَبُ كِتَابَةِ الرِّسَالَةِ:
أَخْبَرَ وَفْدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ عَنْ وُجُودِ فُرْقَةٍ وَاخْتِلَافٍ بَيْنَهُمْ، وَصَلَ إِلَى حَدِّ الْقِتَالِ، وَسَبَبُ هَذَا اخْتِلَافُ آرَائِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ إِقَامَةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى، وَمَسْأَلَةِ رُؤْيَةِ الْكُفَّارِ لِرَبِّهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
· الثَّنَاءُ عَلَى أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ:
أَثْنَى ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَلَى أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ لِتَمَسُّكِهِمْ بِالسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَتَجَنُّبِهِمْ الْعَادَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ مُنْتَشِرَةً فِي بَعْضِ الْمَنَاطِقِ الْأُخْرَى.
أَشَارَ إِلَى تَارِيخِهِمْ الْمُشَرِّفِ فِي الْإِسْلَامِ، مُنْذُ عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ، وَذَكَرَ قِصَّةَ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ.
· مَسْأَلَةُ إِقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى:
نَاقَشَ مَسْأَلَةَ إِقَامَةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى، وَرَجَّحَ جَوَازَ إِقَامَتِهَا فِي الْقُرَى الَّتِي بِهَا اسْتِيطَانٌ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ بُيُوتُهُمْ مَبْنِيَّةً مِنْ مَوَادَّ غَيْرِ تَقْلِيدِيَّةٍ كَجَرِيدِ النَّخْلِ. وَاسْتَدَلَّ بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَبِفِعْلِهِمْ، عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ. وَبَيَّنَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ فِقْهِيٌّ سَائِغٌ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَدْعَاةً لِلْفُرْقَةِ.
· عَقِيدَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي رُؤْيَةِ اللَّهِ:
يُؤَكِّدُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَأَنَّ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ نَعِيمِ الْجَنَّةِ، وَأَنَّ مَنْ جَحَدَ هَذِهِ الرُّؤْيَةَ فَهُوَ كَافِرٌ.
· الْخِلَافُ فِي رُؤْيَةِ الْكُفَّارِ لِلَّهِ:
يَذْكُرُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ظَهَرَ بَعْدَ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَرَوْنَ رَبَّهُمْ بِحَالٍ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَحْتَجِبُ عَنْهُمْ.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ رُؤْيَةَ تَعْرِيفٍ وَتَعْذِيبٍ.
ثُمَّ يَسْتَعْرِضُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَدِلَّةَ كُلِّ قَوْلٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ.
وَيُبَيِّنُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنَ الْمَسَائِلِ الْهَامَّةِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ تُسَبِّبَ الْفُرْقَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
· أَهَمِّيَّةُ الْوَحْدَةِ وَنَبْذِ الْفُرْقَةِ:
حَثَّ عَلَى الْوَحْدَةِ وَالِاجْتِمَاعِ، وَنَبْذِ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ، مُسْتَدِلًّا بِآيَاتٍ قُرْآنِيَّةٍ وَأَحَادِيثَ نَبَوِيَّةٍ.
أَوْضَحَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ أَمْرٌ طَبِيعِيٌّ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى التَّبَاغُضِ وَالتَّدَابُرِ.
بَيَّنَ مَنْهَجَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي التَّعَامُلِ مَعَ الْمُخَالِفِينَ، وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْإِنْكَارِ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ الظَّاهِرَةِ، وَقَبُولِ عَلَانِيَةِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَإِيكَالِ سَرَائِرِهِمْ إِلَى اللَّهِ.
· التَّرْكِيزُ عَلَى الْمَسَائِلِ الْأَسَاسِيَّةِ:
يُوَضِّحُ أَنَّ التَّرْكِيزَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَسَائِلِ الْأَسَاسِيَّةِ فِي الدِّينِ وَالَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ.
· النَّهْيُ عَنِ التَّلَاعُنِ وَالتَّهَاجُرِ:
يَذْكُرُ أَنَّهُ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ وُجُودِ الْخِلَافِ بَيْنَ الْفِرَقِ الثَّلَاثَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَتَلَاعَنُوا أَوْ يَتَهَاجَرُوا، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَسْتَوْجِبُ ذَلِكَ.
· الْخِلَافُ فِي مَسَائِلَ أُخْرَى:
يُقَارِنُ بَيْنَ الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ رُؤْيَةِ الْكُفَّارِ وَالْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ مُحَاسَبَةِ الْكُفَّارِ، وَيُوَضِّحُ أَنَّ كِلَا الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا تَسْتَوْجِبَانِ التَّكْفِيرَ أَوْ الْهَجْرَ.
· تَفْصِيلٌ فِي مَسْأَلَةِ الْحِسَابِ:
يُقَدِّمُ تَفْصِيلًا لِمَسْأَلَةِ حِسَابِ الْكُفَّارِ، وَيُوَضِّحُ أَنَّ هُنَاكَ أَنْوَاعًا مِنَ الْحِسَابِ قَدْ تَثْبُتُ لَهُمْ، وَأَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ خِلَافٌ فِي التَّفْصِيلِ لَا فِي الْأَصْلِ.
ثُمَّ يَقُومُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ بِاسْتِعْرَاضِ عَدَدٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِمَسْأَلَةِ الرُّؤْيَةِ، وَيَقُومُ بِتَحْلِيلِهَا وَتَوْضِيحِ وَجْهِ الدَّلَالَةِ مِنْهَا.
· الدُّعَاءُ لِأَهْلِ الْبَحْرَيْنِ:
خَتَمَ رِسَالَتَهُ بِالدُّعَاءِ لِأَهْلِ الْبَحْرَيْنِ بِالْوَحْدَةِ وَالْأُلْفَةِ، وَأَنْ يُجَنِّبَهُمْ اللَّهُ الْفِتَنَ.
بِاخْتِصَارٍ: رِسَالَةُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ إِلَى أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ هِيَ رِسَالَةُ دَعْوَةٍ إِلَى التَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَنَبْذِ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ، وَالتَّسَامُحِ فِي الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ الْخِلَافِيَّةِ، وَالتَّرْكِيزِ عَلَى الْأُمُورِ الَّتِي تَجْمَعُ الْمُسْلِمِينَ.
المرفقات
1749717786_رسالة إلى أهل البحرين.pdf
1749717794_رسالة إلى أهل البحرين.docx