رمضان والعبودية
الشيخ منصور بن صالح الجاسر
الحمدُ للهِ الَّذِي بيدِهِ ملكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ، وهُو يُجِيرُ ولا يُجَارُ عليه وهُو بكُلِّ شيءٍ عليمٌ. وأشهدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ له (( رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدَهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا )) ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ صَاحبُ الْخُلُقِ العظِيمِ صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلِهِ وأصحَابِهِ وسلِّم تَسلِيمًا كثيرًا أمَّا بَعْدُ:
فاتَّقوا اللهَ يا عبادَ اللهِ، واعلمُوا أنَّ التَّقوى هِي أجملُ ما أضْمَرتُم وهِي أحسنُ ما أظهرتُم رزقَنَا اللهُ وإيَّاكم حُسْنَها.
أيُّها المؤمنون: ما زِلنَا نعِيشُ نَفَحَاتٍ إيمانيَّةً رُوحَانيَّةٌ في ظِلِّ شَهرٍ كَريمٍ تتَحَقَّقُ فيه مَعانٍ عَظِيمَةٌ مِن عِبادَةٍ للهِ عزَّ وجلَّ، واستسلامٍ وانقِيَادٍ له، فالصَّيامُ تحقِيقٌ للتَّقوَى والْمُسَاوَاةِ.
في الصَّيامِ مَعانٍ عَظِيمةٌ إذا تأمَّلَها المؤمِنُ، وإذا عاشَها المسلمُ وجَدَ في ذلك عظَمةَ اللهِ جلَّ وعلا، فالصِّيامُ تحقِيقُ العُبُودِيَّةِ الْحَقَّةِ للهِ عَزَّ وجلَّ، والافتِقَارُ إلى اللهِ جلَّ جلالُهُ.
بل إنَّ مِن أخَصِّ خصَائِصِ العُبودِيَّةِ للهِ جلَّ وعَلا أنْ تَفتَقِرَ إليه تعالى، وتَنْطَرِحَ بينَ يدَيْهِ جلَّ في عُلاه وأنْ تُظهِرَ فَقَرَكَ (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ )).
عبدَ اللهِ: ما مَعْنَى الافتِقَارِ إلى اللهِ، وكيفَ هُو ؟.
الافتقَّارُ إلى اللهِ : أنْ يُجرِّدَ العبدُ قَلبَهُ مِن الْحُظُوظِ والأهواءِ، ويَنتَقِلُ بكُلِّيَتِهِ إلى ربِّهِ مُتذلِّلًا بين يديْهِ مُستَسلِمًا لأمْرِهِ ونَهْيهِ، مُعَلَّقًا قلبَهُ بِمَحَبَّةِ اللهِ (( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وبذلك أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )).
قالَ يَحْيَى بنُ مُعَادٍ: "النُّسْكُ هو العِنَايَةُ بالسَّرَائرِ وإخرَاجُ مَا سِوَى اللهِ عزَّ وجلَّ مِن القلبِ، فلمَاذا يَشْتكِي البعضُ مِن ثِقَلِ الصَّلاةِ عليه، وآخرٌ مِن الزَّكَاةِ، وذاك مُعلَّقٌ قلبُهُ بِغيرِ اللهِ ؟ إنَّه بسببِ عدمِ تَعلُّقِ القَلْبِ باللهِ، وعَدَمِ الافتِقَارِ إلى اللهِ".
عبدَ اللهِ: إنَّ الافتِقَّارِ إلى اللهِ هو شُعُورُ العبدُ بِضَعفِهِ وحَاجَتِهِ إلى اللهِ، وغِنَى رَبِّهِ عنهُ، شِعَارُهُ: "اللَّهم اجعَلْنِي أَغْنَى عِبَادِكَ بك، وأَفْقَرَ عِبادِكَ إليكَ".
عبدَ اللهِ: إنَّ وُقوفَ العبدِ بين يدَيْ رَبِّه سَاكنًا خَاشعًا مُتضَرِّعًا مُتَذَلِّلًا يَجِدُ به العبدُ السَّعَادَةَ، وهِي المنزلةُ الجليلةُ التي يَصِلُ إليها القلبُ قالَ ﷺ : "وجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي في الصَّلاةِ" ، إِنَّ التَّذَلَّلَ للَّهِ والانقِيَادَ للَّهِ والعُبُودِيَّةَ الْحَقَّةَ للهِ هِي سِرُّ حَيَاةِ القَّلبِ وطُمَأنِيَتِهِ (( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )) .
أيُّها المؤمنون: إنَّ الافتِقَارَ إلى اللهِ، والذُّلَّ إليه والانْطَرَاحَ بينَ يدَيْهِ، هُو السَّعَادَةُ والرَّاحَةُ والطُّمَأنِينَةُ، قالَ بعضُ السَّلفِ: "مَسَاكِينُ أهْلِ الدُّنيا َخرجُوا، ولم يَذُوقُوا أحسَنَ ما فيهَا، قالُوا: ومَا أحسَنُ مَا فِيهَا؟ قالَ: " ذِكْرُ اللهِ جَلَّ وعَلا ".
إنَّ الذُّلَّ بين يدَيْ اللهِ والافتِقَارَ إليه والانْطِرَاحَ بين يدَيْهِ، والتَّلَذُّذَ بِمُنَاجَاتِهِ لا يَصِلُ إليها، إلا العبدُ المُوَفِّقُ الَّذِي أَرادَ اللهُ بِهِ خَيْرًا.
عبادَ اللهِ : ويتَحقَّقُ الذُّلُّ للهِ جلَّ وعَلا والانْطِرَاحُ بين يديْهِ بأُمُور مِنها :
إدْرَاكُ عَظَمةَ اللهِ، فكُلَّمَا كانَ العبدُ أعلَمَ باللهِ، وصِفَاتِهِ وأسْمَائِهِ كَانَ أعظَمَ افتِقارًا إلى اللهِ وتَذَلُّلًا بينَ يَدَيْهِ ﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابُ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ الله عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ ، ﴿ وَلِلهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )).
قالَ الفُضَيلُ بنُ عِيَاضٍ: "رَهْبَةُ العبدِ مِن اللهِ علَى قَدْرِ عِلْمِهِ باللهِ ، وقالَ ابنُ القّيِّمِ رحمَهُ اللهُ: "خُشُوعُ القلبِ بالتَّعظِيمِ، والإجْلَالِ والوَقَارِ والْمَهَابَةِ والْحَيَاءِ ، فَيَنْكَسِرُ القَلبُ للهِ تَعَالى".
أيُّها العبدُ المبارَكُ: ومِن تحقيقِ العُبُوديَّةَ للهِ، والافتِقَارِ بينَ يدَيْ اللهِ جلَّ وعَلا إدراكُ ضَعْفِكَ وعَجزِكَ، فمَنْ عَرَفَ قَدْرَ نَفْسِهِ وعَرَفَ ما هو، فإنَّهُ مهَمَا بَلَغَ مِن الْجَاهِ والسُّلْطَانِ والمالِ، فهو عاجزٌ ضعيفٌ لا يملكُ لنفسهِ ضرًّا ولا نَفْعًا، فإنَّ ذلك يُذْهِبُ كبرياءَهُ وَيُذِلُّ جَوارِحَهُ للَّهِ عزَّ وجلَّ.
وانظُرْ حينَمَا عُرِجَ بالنَّبي ﷺ إلى أعلَى مكَانٍ يَصِلُ إليه مخلُوقٌ. قالَ اللهُ تعالى : (( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ )) ، فسَمَّاهُ عَبدًا.
إنَّ انطِراحَكَ بين يَدَيْ اللهِ وتَضَرُّعَكَ وإظْهَارَ عَجْزِكَ، فإنَّ هذا يُظْهِرُ ويُبَيِّنُ افتِقَارَكَ إلى اللهِ ((فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ - خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِق " يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ " إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ )) .
فمَنْ عَرَفَ قَدْرَهُ لم يَعْجَبْ بِعَمَلِهِ مهْمَا قَدَّمَ ومَهْمَا عَمِلَ، فَإِنَّ العبدَ يكُونُ لرَبِّهِ مُنْكَسِرًا مُتَضَرِّعًا مُتَذَلِّلًا بينَ يَدَيْهِ مُتَذَلَّلًا لَعَظمَةِ اللَّهِ عَزَّ جلَّ قالَ ﷺ : "ألا أُخْبِرُكُم بأهلِ الْجَنَّةِ؛ كُلُّ ضَعِيفٍ مُسْتَضْعَفٍ لو أقسَمَ على اللهِ لأبَرَّهُ". وقال ابنُ تَيْمِيةَ رحمهُ اللهُ تعَالى: "كُلَّمَا ازدَادَ القلبُ حَيَاءً للَّهِ ازْدَادَ عُبُودِيَّةُ للَّهِ".
أيُّها المؤمنون: ومما يُحَقِّقُ الافتقارَ إلى اللهِ التَّعلُّقُ باللهِ جلَّ وعلا وبِمَحبُوبَاتِهِ، فالعبدُ الحقُّ الصَّادِقُ هو الذي يحِبُّ ما أحبَّهُ اللهُ ورسولُهُ.
قالَ بعضُ الصَّالحين: "مَفَاوزُ الدُّنيا تُقطَعُ بالأقْدَامِ، ومَفَاوِزُ الآخرَةِ تُقْطَعُ بالقُلُوبِ"، ولهذا ترَى العَبدَ إذا تَعلَّقَ قلبُهُ بِرَبِّهِ تَعَلَّقَ قلبُهُ بمحبُوبَاتِ اللهِ، قال ﷺ : "سَبعةٌ يُظلُّهم اللهُ في ظِلُّهِ يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ، وذَكَر : رجلٌ قلبُهُ مُعلَّقٌ في المسَاجِدِ" , وذلكَ لأنَّ المسَاجدَ مِن محبوباتِ اللهِ جلَّ وعَلا.
عِبادَ اللهِ: ومَن تَعلَّقَ قلبُهُ باللهِ وجَدَ الأنسَ في الطَّاعَةِ، ووَجَدَ اللَّذَّةَ ووجَدَ الْحَلاوةَ، ووَجَدَ قُرَّةَ الْعَينِ ووَجَدَ سُرُورَ القَلبِ، ووجَدَ نَعِيمَ الأروَاحِ ووَجَدَ لَذَّةَ النَّفْسِ، وكمَالِ النَّعِيمِ وعَكَفَ قَلبُهُ علَى أوامِرِ اللهِ وذِكْرِ اللهِ.
فاحْرِصْ يا عبدَ اللهِ علَى التَّذَلُّلِ للهِ والانْطِرَاحِ بينَ يَدَيْهِ، واستشعارَكَ يا عبدَ اللهِ أنَّ الْمِنَّةَ للهِ وحدَهُ أنْ جَعَلَكَ مُسلِمًا، فكَانَ النَّبيُّ ﷺ وهُو مَن هُو ﷺ طوَالَ لَيلِهِ يَبْكِي ﷺ ، تَقُولُ عائشَةُ: "ولَهُ أَزيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ" ، فَتَقُولُ له عَائِشَة : " لِمَ تَفْعَل ذلك؟ فقالَ ﷺ : "إنَّ قُلوبَ بَنِي آدَمَ بَيْنَ إصْبَعَينِ مِن أَصَابعِ اللهِ" .
عبدَ اللهِ : هَلْ جَرَّبتَ مرَّةٌ أنْ تَجَرَّدْتَ للهِ وانْطَرَحْتَ بين يَدَيْ اللهِ وتَذَلَّلتَ للهِ ومَرَّغْتَ وَجْهَكَ للهِ، فوالَّذِي لا يُحْلَفُ بِغَيرِهِ لتَجِدَنَّ الأُنْسَ ، ولَتَجِدَنَّ راحَةٌ لا يَجِدُهَا أصْحَابُ الْهَوَى والْمَعَاصِي، ولا أصحابُ السَّيِّئاتِ في سَيِّئَاتِهم، فانْطَرحْ بينَ يَدَيْ اللهِ وَاشْكُرُ اللهَ عَلى أَنْ جَعَلَكَ مُسْلِمًا وتَذَلَّلْ للهِ.
أَقُولُ مَا تَسْمُعونَ وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لي ولَكُم، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ حمدًا كثيرًا طَيبًا مُبارَكًا فيه، كَمَا يُحبُّ رَبُّنا ويَرضَى. وأشهدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسُولُهُ صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلِهِ وأصحَابِهِ وسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أَمَّا بَعْدُ:
أيُّها الصَّائِمُون : اتَّقُوا اللهَ جلَّ وعَلا واعْلَمُوا أَنَّ العُبُودِيَّةَ للهِ هِي تَنَوُّعٌ في العِبَادَة؛ عِبادةٌ ظَاهِرَةٌ وبَاطِنَةٌ، وعِبادَةٌ قَلْبِيَّةٌ وجَوَارِحُ.
وأَعظَمُ العِبادَاتِ هُو تَحْقِيقُ التَّوحِيدِ للهِ تعالى، وإفرَادُهُ بالعِبَادَةِ وإقرَارٌ لَهُ بالتَّوحِيدِ ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) .
ومِن أَعْظَمِ العِبَادَاتِ أيضًا: أَدَاءُ ما افتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُم "وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مما افتَرَضْتُهُ عليِه" .
أيُّها النَّائِمُونَ: استَيْقِظُوا فَهَا هُو رَمَضَانُ قَد بَدَتْ تَنْصَرِمُ أَيَّامُهُ، وها هُو شَهرُكم قَد بَدَأَ إدبَارُهُ، فاستَعِدُّوا للوَدَاعِ، واستَعِدُّوا للعَمَلِ والتَّقرُّبِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، فما هي إلا أَيَّامٌ قَلِيلة وإذا رمضانُ يُغَادِرُنا، وما هي إلا طرفةُ عينٍ والأيَّامُ تمضِي سِرَاعًا، ثم يُغَادِرُنا هذا الشَّهرُ الكريمُ شَهرُ العِبَاداتِ، فَجِدُّوا واجتَهِدُوا يا رعَاكم اللهُ، وتَقَرَّبُوا إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، فها هُو شَهرُكم قَد زَادَ على النِّصْفِ وبَدَأّ بالإدْبَارِ، فاستَعِدُّوا للوَدَاعِ واجتَهِدُوا، فمَا تَعلَمُونَ أَتُكمِلُونَ هذا الشَّهرَ وتَلتَقُونَ به مَرَّةً أُخْرَى ، أم يَكُونَ هذا آخِرُ الْعَهْدِ بِهَذا الشَّهْرِ الْكَرِيمِ ؟ ..
فاجتَهِدُوا بأنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ؛ تَهجُّدٍ وتَراوِيحَ وذِكْرٍ وخُشُوعٍ وضَرَاعَةٍ وبُكَاءٍ وخُضُوعٍ، وإيَّاكُم والتَّفْريطَ والفُتُورَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَأُ أَنْ يُضِلَّكُم في ذلك فاجتَهِدُوا في ذلك.
والعِبَادَاتُ مُتَنوِّعةٌ، صَلاةٌ وصَدقةٌ وقُرآنٌ وتَهجُّدٌ، وذِكْرٌ وكَفٌّ للِّسَانِ وسَمَاحَةُ قلبٍ، واجتِهَادٌ وعُكُوفٌ في المسَاجِدِ.
ومِن العِبادَاتِ: الصَّدقَةُ، فإنَّ الصَّدَقَةَ في رَمَضَانَ مُضَاعَفَةٌ عَن غَيرِهَا، ولهذا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أجودَ النَّاسِ، وأجودُ مَا يَكُونُ في رَمضَانَ والصَّدقَةُ أَمْرُها في الإسْلامِ عَظِيمٌ، قالَ تعالى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )) .
فإنَّ أَعْظَمَ ما تُنْفَقُ فيه الأمْوَالُ هُو كِتَابُ اللهِ عزَّ وجلَّ ؛ فَمَن أَنْفَقَ مَالَهُ في دَعْمِ كِتَابِ اللهِ عزَّ وجلَّ فَهُوَ مُشَارِكٌ بِتَعْلِيمِ كِتَابِ اللهِ .
تفَقَّدُوا الفُقَراء والمسَاكِينَ والمحتَاجِينَ شَاركوا الفُقَرَاء واجْعَلُوا الفُقَراءَ يُشَارِكُونَكُم فرحَةَ العِيدِ، فإنَّهُ مِن إدخَالِ السُّرُورِ علَى الْمُسْلِمِ وذلِكُم أمرٌ عَظِيمٌ.
ثم صَلُّوا وسلِّمُوا علَى مَن أمَرَكُم اللهُ بالصَّلاةِ والسَّلامِ عليه. اللَّهم صلِّ وسَلِّمْ على عَبدِكَ ورسُولِك وارْضَ اللَّهم عَن الخلَفَاءِ الأربَعَةِ، أبي بَكْرٍ وعُمَرَ وعُثمَانَ وعَلِيٌ ، وعَنَّا مَعَهم بفَضْلِك وإحسَانِك وجُودِك يا ذَا الجلالِ والإكرَامِ.
اللَّهم اغفِرْ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ومُسْلِمَةٍ وكُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ، اللهم يسر أُمُورَهُم واقْضِ دُيُونَهُم، اللَّهم فَرِّجْ هُمُومَهُم واشْفِ مَرْضَاهُم واحْقِنْ دِمَاءَهُم يا ذا الْجَلالِ والإكْرَامِ.
اللَّهم وَفِّقْ وَلِيِّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرْضَى. وخُذْ بِنَاصِيَتِهِ للبِرِّ والتَّقوَى، وأَعِنْهُ علَى أُمُورِ دِينِهِ ودُنْيَاهُ يا ذَا الجلالِ والإكرَامِ، اللَّهم وَفِّقْهُ إلى مَا فيه عِزَّ الإسلامِ وصَلاحَ المسلِمِينَ.
اللَّهم إنَّا نَسْأَلُكَ يا ذَا الجلالِ والإكْرَامِ في هَذا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ أنْ تَكْتُبَنَا في هَذِهِ السَّاعَةِ مِن عُتَقَائِكَ مِن النَّارِ، اللَّهم أَعْتِقْ رِقَابَنَا مِن النَّارِ، اللَّهم أَعِتْق رِقَابَنَا مِن النَّارِ ، اللَّهم اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا، اللَّهم اكْتُبْ لنَا الْعِتْقَ مِن النِّيرَانِ.
اللَّهم اجْعَلْنَا فِي الْقُبُورِ مِن الْمُنَعْمِينَ، وَعِنْدَ الْفَزَعِ مِن الآمِنِينَ وللجِنَانِ سَاكِنِينَ، وعَن النِّيرَانِ مُزَحْزَحِينَ، ولِرِضْوَانِكَ سَالِكِينَ .
اللَّهم اغْفِرْ لآبَائِنَا وأُمَّهَاتِنَا، وارْحَمْهُم كَمَا رَبُّونَا صِغَارًا وَاجْزِهِم عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ يا ذَا الجلالِ والإكْرَامِ.
(( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))، وصلَّى اللهُ وسَلَّمَ على أَشْرَفِ الأنِبيَاءِ والمرسلِين.
عِبادَ اللهِ: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْنِي وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ))
فاذْكُرُوا اللهَ الْجَلِيلَ يَذْكُرْكُم، واشْكُرُوهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُم، ولَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ واللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
المرفقات
1763825920_رمضان والعبودية.docx
1763825933_رمضان والعبودية.pdf