عاشوراء بين الحق والباطل

يوسف العوض
1447/01/06 - 2025/07/01 14:30PM

الخُطْبَةُ الأُولَى

عِبَادَ اللَّهِ: نَحْنُ اليَومَ عَلَى أَعْتَابِ يَومٍ عَظِيمٍ، مِن أَيَّامِ اللَّهِ، إِنَّهُ يَومُ عَاشُورَاء، العَاشِرُ مِن شَهرِ اللهِ المُحَرَّم، الَّذِي فِيهِ نَجَّى اللَّهُ مُوسَىٰ عَلَيهِ السَّلَامُ وَمَن مَعَهُ، وَأَهلَكَ فِرْعَونَ وَجُندَهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴾، وقَالَ : ﴿وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّهُ يَومُ نَصْرٍ وَتَوحِيدٍ، فِيهِ تَجَلَّى نَصْرُ اللَّهِ لِأَهلِ الإِيمَانِ، وَهَلَكَ الجَبَّارُونَ الطَّاغُونَ ،قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا: (قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ المَدِينَةَ، فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ عَاشُورَاء، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: يَومٌ صَالِحٌ، نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَىٰ وَقَومَهُ، فَصَامَهُ مُوسَىٰ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَىٰ مِنْكُمْ، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ).

فَصِيَامُ عَاشُورَاء مِن السُّنَنِ المُؤَكَّدَةِ، فَقَد قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (صِيَامُ يَومِ عَاشُورَاء، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ) ، وَقَالَ: (لَئِن بَقِيتُ إِلَىٰ قَابِلٍ، لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ) يُرِيدُ مُخَالَفَةَ اليَهُودِ.

فَصُومُوا يَا عِبَادَ اللَّهِ هَذَا اليَومَ، شُكرًا لِلهِ، وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ ﷺ، وَلَا تَجْعَلُوهُ مَجَالًا لِلبِدعَةِ وَالخُرَافَةِ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَة

عِبَادَ اللَّهِ: فِي مِثلِ هَذَا اليَومِ – يَومِ عَاشُورَاء – وَقَعَت مَأْسَاةٌ أَلِيمَةٌ، فِي سَنَةِ إِحدَى وَسِتِّينَ لِلهِجرَةِ، حِينَ استُشْهِدَ الحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، سِبْطُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَسَيِّدُ شَبَابِ أَهلِ الجَنَّةِ، فِي مَعرَكَةِ كَربَلَاء.

نَحْنُ أَهْلَ السُّنَّةِ نُحِبُّ الحُسَيْنَ، وَنَتَوَلَّاهُ، وَنَتَأَلَّمُ لِمَصِيبَتِهِ، وَلَكِنَّا لَا نُغَالِي، وَلَا نَبْتَدِعُ، وَلَا نَلْطِمُ، وَلَا نَنْدُبُ.

قَالَ ﷺ: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ) .

" وَقَالَ الإِمَامُ أَحمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ:" إِذَا رَأَيْتَ قَومًا يَنُوحُونَ عَلَى الحُسَيْنِ، فَاعْلَم أَنَّهُم أَهْلُ بِدْعَةٍ."

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: الحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قُتِلَ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ نَتَّخِذَ مَقْتَلَهُ مَوْسِمَ حُزْنٍ وَنَوَاحٍ سَنَوِيٍّ، كَمَا يَفْعَلُ أَهلُ البِدعَةِ وَالخُرَافَةِ ، بَلْ نَتَرَحَّمُ عَلَيهِ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُرْضِيَهُ، وَنَتَّبِعُ هَدْيَ جَدِّهِ ﷺ، فِي الصَّبْرِ وَالاعْتِدَالِ ، فَالحُبُّ الصَّادِقُ لِآلِ البَيْتِ، لَيْسَ بِاللَّطْمِ وَالعَوِيلِ، بَلْ بِالاقْتِدَاءِ وَالاتِّبَاعِ.

اللَّهُمَّ ارْضَ عَنِ الحُسَيْنِ، وَعَنْ أَبِيهِ عَلِيٍّ، وَأُمِّهِ فَاطِمَةَ، وَأَخِيهِ الحَسَنِ، وَعَنْ آلِ بَيتِ نَبِيِّكَ الطَّاهِرِينَ، وَعَنْ أَصحَابِهِ أَجمَعِينَ.

المرفقات

1751369356_عاشوراء بين الحق والباطل.docx

المشاهدات 524 | التعليقات 0