عرفة والأضاحي ( موافقة للتعميم + مشكولة ومختصرة )

صالح عبد الرحمن
1446/12/01 - 2025/05/28 11:51AM

خطبة عن عرفة والأضاحي (موافقة للتعميم + مختصرة) 3-12-1446 هــ

 الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ للهِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، اللَّطِيفِ الْمَنَّانِ، شَرَعَ لَنَا سُبُلَ الهُدَى وَالرَّشَادِ، وَوَفَّقَنَا لِسُلَوكِ طَرِيقِ الحَقِّ السَّدَادِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ، وَلِذَنْبِي وَلِذُنُوبِ الْمُؤْمِنِينَ أَسْتَغْفِرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الأَحَدُ الصَّمَدُ الذِي لَمْ يَلِدْ وَلمْ يُولَدْ وَلمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَزَوْجَاتِهِ وَأَوْلَادِهِ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. (آيات التقوى).

أيها المسلمون: وفي الحياةِ.. يَمنُحُنا الكريمُ بِمَنِّهِ أوقاتَ بِرٍّ وافرِ البركاتِ. أيامُنا أيامُ عشرٍ فُضِّلَت.. فاستثمرِ الأوقاتَ بالحسناتِ.

ولا تزالُ هذه الأيامُ تتوالى، ولا يزالُ بِرُّها وبركتها، وخيرها ومضاعفتها، حتى تُختَتَمُ بأفضلِ أيامِ الدنيا وأجلها.   بتاسِعِها يومِ عرفةَ.. وعاشرِها يومِ النحر يومِ الحج الأكبر.  

تاسعها يومُ عرفة.. عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ إِلَى عُمَرَ رَضيَ اللهُ عَنهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُنَهَا، لَوْ عَلَيْنَا نَزَلَتْ مَعْشَرَ الْيَهُودِ، لاتّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيداً، قَالَ: وَأَيُّ آيَةٍ؟، قَالَ: (الْيَومَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيْتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً) فَقَالَ عُمَرُ: إِنّي لأَعْلَمُ الْيَومَ الّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، وَالْمَكَانَ الّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، نَزَلَتْ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ. وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ بِعَرَفَة.

يومُ عرفة.. يومٌ لأهل الإيمانِ ذخرٌ يُرتَجى. عَنِ عَائِشَةَ رضي الله عنها : أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟) رواه مسلم

ولما شرع الله للحجاجِ الوقوفَ بعرفة.. شرع لغيرِهم صيامَ ذلك اليوم.. لينالوا من الله أعظم الرضا. قال أبو قتادة رضي الله عنه: سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صَومِ يَوْمِ عَرَفَةَ، قَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالبَاقِيَةَ». رواه مسلم   إنه فضلُ اللهِ على عباده وإنها البُشرى من الله لهم {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا}

وختامُ أيامِ العشرِ يومُ النحر وهو يوم العيد.. وَقَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فَقَالَ (هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ) رواه البخاري 

قال ابن القيم رحمه الله: (خير الأيام عند الله يومُ النحر، وهو يوم الحج الأكبر)  

فَمُعْظمُ أعمالِ الحجِّ تفعلُ في ذلك اليوم.. رمي الجمرةِ، وذبح الهدي، والحلق أو التقصير والطواف والسعي وفيه يُصَلِّي المسلمون في أصقاعِ الأرض صلاةَ العيد.

بارك الله لي ولكم..

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، وتبارك الله أحسن الخالقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً رسول رب العالمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.. 

أيها المسلمون: إن من السنن المؤكدة صلاةُ العيد، فيشرع الاغتسال و التطيب ولبس أحسن الثياب لها، والذهاب من طريق والعودة من طريق آخر  وبعد صلاة العيدِ يذبحُ المسلمونَ أضَاحِيَهُم، يذبح المسلمُ المُقتدِرُ أضحيةً عنه وعن أهل بيته، وهي قُرْبَةٌ مِن أعظمِ القُرُبات التي يضاعفُ الله فيها للمخلصين الحسنات. {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}

وعلى المضحي أن يراعي عند شراء الأضحية ما يلي :

أولاً :  أَنْ تَكُونَ مِن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَهِي: الِإبِلُ وَالبَقَرُ وَالغَنَمُ

ثانياً: أَنْ تَبْلُغَ السِّنَّ الْمُعْتَبَرَةَ شَرْعًا وَهِيَ: سِتَّةُ أَشْهُرٍ للضَّأْنِ، وَسَنَةٌ للْمَعْزِ، وَسَنَتَانِ للْبَقَرِ، وَخَمْسُ سِنِينَ للإِبِلِ.

ثالثاً: أَنْ تَكُونَ خَالِيَةً مِن العُيُوبِ الْمَانِعَةِ مِنَ الإِجْزَاءِ، وَهِيَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ اَلْبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اَللَّهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ فَقَالَ ( أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي اَلضَّحَايَا: اَلْعَوْرَاءُ اَلْبَيِّنُ عَوَرُهَا ، وَالْمَرِيضَةُ اَلْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ اَلْبَيِّنُ ظَلْعُهَا وَالْعَجْفَاءُ اَلَّتِي لَا تُنْقِي) رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ.

رابعاً: أَنْ يُضَحِّىَ بِهَا فِي الوَقْتِ الْمَحْدَّدِ شَرْعًا، وَهُوَ مِنْ بَعْدِ صَلاةِ العِيدِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُوُ الْيَومُ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، فَتَكُونُ أَيَّامُ الذَّبْحِ أَرْبَعَةً: يَوْمُ العِيدِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ.

وبعدُ أيها الكرام ثمةُ وصايا يجدر لمن أراد الحج أن يأخذ بها:

الالتزام بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد عليه الصلاة والسلام (أيها الناس خذوا عني مناسككم)، والأخذ بالرخص الشرعية التي فيها تيسير على النفس والآخرين، (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وفي الحديث (إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه)، والالتزام بالسكينة، وعدم التدافع وإيذاء الآخرين، والأخذ بالأسباب المشروعة  لحفظ النفس، من شرب المياه  والتوقي من حرارة الشمس.

فاللهم تقبل من الحجاج حجهم، ويسر لهم أداء مناسكهم، وردهم إلى أهلهم سالمين مقبولين.

اللهم أحسن وجزي خيراً لكل من قام بخدمة الحجاج والقيام على شؤونهم، وتيسير حجهم يا رب العالمين.

المشاهدات 410 | التعليقات 0