قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ

عايد القزلان التميمي
1447/05/15 - 2025/11/06 18:38PM
الحمدُ للهِ اللطيف الخبير، لا يعزُبُ عنهُ مثقالُ ذرةٍ في السماواتِ ولا في الأرضِ وهوَ بكلِّ شيءٍ عليم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾
أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:
إِنَّ مِنْ ثَوَابِتِ الْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ الْإِيمَانَ الْجَازِمَ وَالْيَقِينَ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ،قال الله سبحانه وتعالى: ( قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)
وقال سبحانه ((وعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ))
وَلَقَدْ نَفَى اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- عَنْ كُلِّ أَحَدٍ مَهْمَا عَلَا قَدْرُهُ مَعْرِفَتَهُ بِالْغَيْبِ إِلَّا بِمَا أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَهَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ شَيْئًا، وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ، نَفَى اللَّهُ عَنْهُمْ عِلْمَ الْغَيْبِ، قَالَ تَعَالَى)) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )).
وَبَيَّنَ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَنَّ الْجِنَّ لَا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ، فَقَالَ تَعَالَى فِي قِصَّةِ مَوْتِ سُلَيْمَانَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-. (( فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ )).
عِبَادَ اللَّهِ: وَإِذَا كَانَ الْمَلَائِكَةُ وَالْجِنُّ لَا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ، فَالْإِنْسُ أَوْلَى مِنْهُمْ بِذَلِكَ، وَإِذَا نَظَرْنَا فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ نَجِدْهُ لَا يَنْفِي عِلْمَ الْغَيْبِ عَنْ عَامَّةِ الْإِنْسِ فَحَسْبُ، بَلْ يَنْفِيهِ تَعَالَى عَنْ خَيْرِ خَلْقِهِ وَهُمْ رُسُلُهُ -صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ، (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)
عِبادَ الله وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما؛ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (( مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ ،ثم قرأ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ رواه البخاري.
اشتمل الحديثُ على أصلٍ عظيمٍ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَان، وثَوابِتِ العَقِيدة، وَهُوَ أنَّ عِلْمَ الغَيْبِ مِنَ الْعِلمِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللهُ تَعَالَى بِهَ لِنِفْسِهِ ، فيَجِبُ على كُلِّ مسلمٍ أنْ يُؤمِنَ بهذا الأصل، ويُوقِنَ به، فمَن اعتقدَ، أو ادَّعى أنَّ غيرَ الله سبحانه يَعْلَمَ الغَيب؛ فَقَدْ كَفَرَ، وكَذَبَ وضَلَّ ضلالاً مُبيناً.
عِبَادَ اللَّهِ: يَجِبْ أَنْ يَعْلَمَ كُلُّ مُسْلِمٍ أَنَّ مَنْ ادَّعَى عِلْمَ الْغَيْبِ مِنَ الْكُهَّانِ وَالْمُشَعْوِذِينَ وَالسَّحَرَةِ وَالْمُنَجِّمِينَ وَمَنْ يَقْرَءُونَ الْكَفَّ وَالْفِنْجَانَ أَنَّهُمْ جَمِيعًا كُفَّارٌ مَرَقُوا مِنَ الدِّينِ، وَخَرَجُوا عَنْ طَاعَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
فَقَدْ قال صَلَّـى الله عَلَـيْهِ وَسَلَّـمَ قالَ (( مَنْ أَتـى عَرَّافاً فَسَأَلَهُ عن شيءٍ ، لـم تُقْبَلْ لَهُ صلاةٌ أربعينَ لـيلةً )) أخرجه مسلم .
وقال صَلَّـى الله عَلَـيْهِ وَسَلَّـمَ (( من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول ، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " [ أخرجه أحمد وغيره ] ،
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُم.....
الخطبة الثانية
الْحمدُ للهِ ربِّ العالَمِينَ الرّحمنِ الرّحيمِ مَالكِّ يَومَ الدِّينِ، وأشهدُ أنَّ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له الحق المبين، وأشهدُ أنَّ محمدًا خاتم النبيّين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .
أمَّا بَعْدُ :
فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي حِمَايَةِ عَقِيدَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ مِنْ جَمِيعِ مَا يُنْقِصُهُ أَوْ يَنْقُضُهُ، وَهُوَ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْذَرَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْكُهَّانِ وَالْعَرَّافِينَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ عِلْمَ الْغَيْبِ، وَلِلْأَسَفِ أَنَّهُمْ يَخْدَعُونَ النَّاسَ بِلِبَاسِ الرَّاقِي الْقَارِئِ لِلْقُرْآنِ ، أَوِ الْمُعَالِجِ بِالْأَعْشَابِ أَوْ بِالْعُلُومِ الزَّائِفَةِ كَعُلُومِ الطَّاقَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ فِي حَقِيقَةِ أَمْرِهِ كَاهِنٌ سَاحِرٌ دَجَّالٌ.
عِبَادَ اللَّهِ: وَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَيَلْتَجِئُ إِلَيْهِ فِي جَمِيعِ أَمْرِهِ، فَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ التَّوَكُّلِ وَبَذَلَ الْأَسْبَابَ الْمَشْرُوعَةَ أَعَانَهُ اللَّهُ وَوَفَّقَهُ.قال الله تعالى (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)
فَعَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ مُعْتَقِدًا أَنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.: ﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾
عِبَادَ اللَّهِ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ.....
المرفقات

1762443429_1447-5-16 قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ.docx

1762443429_1447-5-16 قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ.pdf

المشاهدات 502 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا