قُمْ لِلْمُعَلِّمِ (مختصرة)
يوسف العوض
الخُطْبَةُ الأُولَى
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ، وَأَسْتَغْفِرُهُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا،﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَعْظَمِ أَوْجُهِ التَّكْرِيمِ أَنْ جَعَلَ اللَّهُ لِلْإِنْسَانِ قُدْرَةً عَلَى التَّعَلُّمِ وَالتَّعْلِيمِ، وَجَعَلَ لَهُ سَبِيلًا لِلنُّهُوضِ وَالرُّقِيِّ، وَسَخَّرَ لَهُ مَنْ يَدُلُّهُ عَلَى طَرِيقِ النُّورِ وَالْهُدَى، إِنَّهُ الْمُعَلِّمُ، حَامِلُ رِسَالَةِ الْعِلْمِ، وَمِصْبَاحُ الْمَعْرِفَةِ، وَدَلِيلُ الْفَهْمِ وَالْبَصِيرَةِ ، إِنَّ الْمُعَلِّمَ لَهُ فِي دِينِنَا مَكَانَةٌ رَفِيعَةٌ، وَمَنْزِلَةٌ شَرِيفَةٌ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي قَوْلِهِ «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ، لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ» ، تَأَمَّلُوا -رَحِمَكُمُ اللَّهُ- هَذِهِ الْمَكَانَةَ الْعَظِيمَةَ، حَتَّى النَّمْلَةُ وَالْحُوتُ، يَدْعُونَ لِلْمُعَلِّمِ، لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي نَشْرِ النُّورِ، وَهُوَ صَاحِبُ أَعْظَمِ رِسَالَةٍ بَعْدَ النُّبُوَّةِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَأَعْظَمُ الْمُعَلِّمِينَ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، الَّذِي قَالَ فِيهِ رَبُّنَا:﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ فَتَعْلِيمُ النَّاسِ دِينَهُمْ وَدُنْيَاهُمْ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ، وَأَفْضَلِ الْأَعْمَالِ، وَفِي ذَلِكَ فَخْرٌ لِكُلِّ مُعَلِّمٍ صَادِقٍ ، وَإِنَّمَا الْأُمَمُ تَرْتَقِي بِعِلْمِهَا، وَتَسْمُو بِمُعَلِّمِيهَا، فَاحْفَظُوا لِلْمُعَلِّمِ حَقَّهُ، وَقَدِّرُوا لَهُ جَهْدَهُ، وَاحْتَرِمُوا مَنْ يُعَلِّمُكُمْ، فَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ:
قُمْ لِلْمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَّبْجِيلَا كَادَ الْمُعَلِّمُ أَنْ يَكُونَ رَسُولَا
نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَة
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مَا نُشَاهِدُهُ الْيَوْمَ مِنْ تَقَدُّمِ الدُّوَلِ وَنُهُوضِ الْمُجْتَمَعَاتِ، هُوَ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ التَّعْلِيمِ، وَنَتِيجَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ الْمُعَلِّمِ ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُصْلِحَ الْمُجْتَمَعَ، فَلْيَبْدَأْ بِدَعْمِ الْمُعَلِّمِ، وَتَقْدِيرِ دَوْرِهِ، وَحِفْظِ مَكَانَتِهِ ، فِي زَمَنٍ كَثُرَتْ فِيهِ التَّحَدِّيَاتُ وَالْفِتَنُ، يَبْقَى الْمُعَلِّمُ سَدًّا مَنِيعًا، يُرَبِّي النُّفُوسَ، وَيُصَحِّحُ الْأَفْكَارَ، وَيَبْنِي الْعُقُولَ، فَجَزَاهُمُ اللَّهُ خَيْرَ الْجَزَاءِ، وَبَارَكَ فِي أَعْمَارِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ ، وَقدْ ذُكِرَ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم رجُلانِ؛ أحدهما عابدٌ، والآخَرُ عالِمٌ، فقالﷺ:" فَضْلُ العَالِمِ علَى العَابِدِ، كَفَضْلِي علَى أَدْنَاكُمْ".
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُعَلِّمِينَ، وَارْفَعْ دَرَجَاتِهِمْ، وَأَصْلِحْ بِهِمُ الْأُمَّةَ، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَسْمَعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ.
المرفقات
1759214369_المعلم.docx