منهم الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات.

منهم الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات.  1447/5/9هـ

إِنَّ الحَمدَ للهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِراً.. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102] أَمَا بَعْدُ: يقول الحق تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) [الأحزاب:41-42]

أَيُهَا الإِخْوَةُ: يتساءل أحدنا بعد سماعه لهذا الأمر الرباني الكريم فيقول: كيف أصلُ إلى منزلةِ الذاكرين الله ذكرًا كثيرًا.؟ نقول له إن ذكر الله تعالى له صور متعددة أولها وأهمها: الصلاة فقد جعلَهَا اللهُ تعالى وعاءً للذكر فقال في محكم التنزيل: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) [طه:14] قال الشيخ السعدي -رَحِمَهُ اللهُ-: وقوله: (لِذِكْرِي) اللام للتعليل أي: أقم الصلاة لأجل ذكرك إياي، لأن ذكرَهُ تعالى أجلُ المقاصدِ، وهو عُبوديةُ القلبِ، وبه سعادتُهُ، فالقلبُ المعطلُ عن ذكرِ اللهِ، معطلٌ عن كلِ خير، وقد خَرِبَ كُلَّ الخرابِ، فشرع اللهُ للعباد أنواع العبادات، التي المقصود منها إقامة ذكره، وخصوصًا الصلاة.. أ هـ

أيها الإخوة: والصلاةُ أعظمُ مجالٍ لإقامةِ ذكرِ اللهِ تعالى، وهِيَ نورٌ للمؤمنِ قَالَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ-: «‌الطُّهُورُ ‌شَطْرُ ‌الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلهِ تَمْلَآنِ -أَوْ تَمْلَأُ- مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا». رواه مسلم والترمذي وابن ماجة عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-.. قال شيخنا محمد العثيمين-رَحِمَهُ اللهُ-: في قوله «الصَّلَاةُ نُورٌ» أي: نورٌ للعبدِ في قلبِهِ، وفي وجهِهِ، وفي قبرِهِ، وفي حشرِهِ، ولهذا تجدُ أكثرَ النَّاسِ نورًا في الوجوهِ أكثرُهم صلاةً، وأخشعُهم فيها للهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.

وكذلك تكون نورًا للإنسان في قلبِهِ؛ تفتحُ عليه بابَ المعرفةِ للهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وبابَ المعرفةِ في أحكامِ الله، وأفعالِهِ، وأسمائِهِ، وصفاتِهِ، وهي نورٌ في قبرِ الإنسانِ؛ لأن الصلاةَ هي عمود الإسلام، فإذا قام العمودُ قامَ البناءُ، وإذا لم يقمْ العمودُ فلا بناء.. كذلك -الصلاة- نورٌ في حشره يومَ القيامة؛ كما أخبر بذلك الرَسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ-: أَنَّ «مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا، وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نُورًا وَلَا بُرْهَانًا، وَلَا نَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَكَانَ ‌مَعَ ‌فِرْعَوْنَ وَقَارُونَ ‌وَهَامَانَ وَأَبِيِّ بْنِ خَلَفٍ» انتهى كلام الشيخ من شرح رياض الصالحين.. وهذا الحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- ورجال أحمد ثقات، وراه غيرهم بأسانيد أخرى.. فهي نورٌ للإنسان في جميع أحواله، وهذا يقتضي أن يحافظ الإنسان عليها، وأن يحرصَ عليها، وأنْ يُكثرَ منها حتى يكثُرَ نورُهُ وعلمُه وإيمانُه.. لذلك ينبغي للمسلم أن يُعَظِّمَ الصلاة.. أهـ. أقول: وتعظيمُها يبدأُ مِنْ حينِ سماعِ المؤذنِ ينادي بها.. فالأذان إعلامٌ بأن مشروعَ الصلاة العظيمَ قد بدأ، وعلينا أن نُوقفَ كلَ شيءٍ، ونبدأَ بالتهيؤ لميدانِ الذكرِ الرحبِ.. ألا وهي الصلاةِ.. فَقَدْ سُئِلَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- مَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- يَصْنَعُ فِي الْبَيْتِ؟ قَالَتْ: «كَانَ فِي ‌مِهْنَةِ ‌أَهْلِهِ [يَعْنِى في خِدْمَةَ أَهْلِهِ] فَإِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ خَرَجَ.» رواه البخاري عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ -رَحِمَهُ اللهُ-.

وأولُ عملٍ يُشرعُ فعله عند الأذان إجابةُ المؤذن قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ‌ثُمَّ ‌صَلُّوا ‌عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ؛ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ. فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» رواه مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما-.. وتفصيل هذا الحديث بالأحاديث التالية: يَقُولُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ ‌أَحَدُكُمُ: ‌اللهُ ‌أَكْبَرُ ‌اللهُ ‌أَكْبَرُ. إلى أن قال: ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ. ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ. ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ. ثُمَّ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ». رواه مسلم عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-.. ويقولُ بعد قولِ المؤذنِ للشهادتين ما أرشدَ له النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- بِقَولِهِ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا ‌وَبِالْإِسْلَامِ ‌دِينًا غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ». رواه مسلم والترمذي عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-.

ثُمَّ يَسْأَلْ اللهَ لِرَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- الْوَسِيلَةَ لقوله: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: ‌اللَّهُمَّ ‌رَبَّ ‌هَذِهِ ‌الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما-. قال شخنا: إنك لا تخلف الميعاد زيادة صحيحة.. ثم يدعو لنفسِهِ بما شاء من خيري الدنيا والآخرة فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ‌إِنَّ ‌الْمُؤَذِّنِينَ ‌يَفْضُلُونَنَا، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ-: «قُلْ كَمَا يَقُولُونَ فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ» رواه أبو داود وقال الألباني حديث حسن صحيح.. قال ابن القيم رحمه الله: فهذه خمسُ سُنَنٍ في الأذان: إجابتُه.. وقولُ: رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا ‌وَبِالْإِسْلَامِ ‌دِينًا، حين يسمع التشهد.. وسؤالُ الله تعالى لرسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- الوسيلة والفضيلة.. والصلاةُ عليه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ-.. والدعاءُ لنفسِهِ بما شاء.. لذلك كان السلف يهتمون بإجابة المؤذن اهتمامًا كبيرًا لما فيها من الأجورِ العظيمة.. قال ابن جريج-رَحِمَهُ اللهُ-: "كَانُوا فِيمَا مَضَى ‌يَنْصِتُونَ ‌لِلتَّأْذِينِ كَإِنْصَاتِهِمْ لِلْقُرْآنِ، فَلَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ شَيْئًا إِلَّا قَالُوا مِثْلَهُ".. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ-: "لا ينبغي لأحد أن يدع إجابة النداء".. وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رَحِمَهُ اللهُ-: لا يترك متابعة المؤذن إلا محروم.. وقال النووي-رَحِمَهُ اللهُ-: "إن كان في صلاة فريضة أو نافلة إذا سلم أتى بمثله"..

أيها الإخوة: وعلى المسلم بعد سماع الأذن وقول ما يسن من أذكار أن يدع َكل شيء ويتوضأ.. وللوضوء أذكار منها: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ -أَوْ ‌فَيُسْبِغُ- ‌الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ.. وزاد الترمذي «اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ» إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ» رواه مسلم والترمذي عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما-  ثم يتوجه للمسجد ويدعو عند الخروج من بيته وعند دخول المسجد.. ويصلي تحية المسجد ويشتغل بالذكر أو الدعاء أو قراءة القرآن حتى يقيم المؤذن.. ثم يصلي الفريضة، والصلاة كلُها قراءة وذكر ودعاء، ويؤدي الأذكار بعد الفريضة.. لهذا كله كانت الصلاة أعظمَ مجالٍ للذكر.. جعلنا الله وأهلنا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات وصلى الله وسلم على نبينا محمد..

الخطبة الثانية:

أيها الإخوة: يقول الحق تبارك وتعالى حاثًا على الإكثار من ذكره: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا* وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) [الأحزاب:41-42] يقول الشيخ السعدي -رَحِمَهُ اللهُ-: "يأمر تعالى المؤمنين، بذكرِهِ ذكرًا كثيرًا، من تهليلٍ، وتحميدٍ، وتسبيحٍ، وتكبيرٍ وغيرِ ذلك، من كلِ قولٍ فيه قُرْبَةٌ إلى اللهِ، وأقلُ ذلك، أن يلازمَ الإنسانُ، أورادَ الصباحِ، والمساءِ، وأدبارَ الصلوات الخمسِ، وعند العوارضِ والأسبابِ.. وينبغي مداومةُ ذلك، في جميعِ الأوقاتِ، على جميعِ الأَحْوَالِ، فإِنَّ ذلك عبادةٌ يسبقُ بها العاملُ، وهو مستريحٌ.. وداعٍ إلى محبةِ اللهِ ومعرفتِهِ.. وعَونٌ على الخيرِ، وكفُ اللسانِ عن الكلامِ القبيحِ.. (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا) أي: أولَ النهارِ وآخرَهُ، لفضلِها، وشرفِها، وسهولَةِ العملِ فيها.. أ هـ.. وأثنى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- على المكثرين من ذكرِهِ ثناءً خاصًا وبين أنهم أخفُ الناس حملًا يوم القيامة فقَدْ كَانَ يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ فَقَالَ: «سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ ‌سَبَقَ ‌الْمُفَرِّدُونَ قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ.» رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-.  "والمفردون هم الذين هلك أقرانهم وانفردوا عنهم، فكأن الذاكرين والذاكرات منفردون عن بقية أقرانهم بما يقومون به من الذكر، وبما يُؤْتَونَ عليه من الأجر" منة المنعم في شرح صحيح مسلم، صفي الرحمن المباركفوري.. وقال شيخنا محمد العثيمين: فهذا دليل على أن الذاكرين الله كثيرًا لهم السبقُ على غيرِهم لأنهم عملوا أكثر من غيرهم فكانوا أسبق إلى الخير..

 

المشاهدات 277 | التعليقات 0