نداء للمرأة المسلمة بلزوم الحجاب الكامل. 1/8/1446
أحمد بن ناصر الطيار
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق, ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وسبحان الله ربِّ العرش عما يصفون، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادقُ المأمون، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين, الذين هم بهديه مُتَمَسِّكُون, وعن شريعته ذابُّون ومُدافعون, وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد, فاتقوا الله عباد الله, واعلموا أنّ من حكمة الله جل وعلا البالغة، ورحمته العظيمة، أنْ فَطَر الأنثى على خُلُقِ الحياء وجعله تاج جمالها وستره، فكلما فرطت بكمال حجابها نقص حياؤها وذبل جمالها، ومن عناية الله تعالى ولطفه بعباده المسلمين أن خص المرأة المسلمة بالحجاب الشرعي الكامل الذي يستر جميع بدنها عن الرجال، بداية من رأسها ووجهها وسائر أجزاء جسمها إلى قدميها؛ لأن المرأة كلها عورة بالنسبة للرجل غير المحرم، وهذا الحجاب فرض ودين لا خيار للمرأة فيه، قال الله تعالى: (( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)).
ومن تأمّل في الآثار الحسنة المترتبة على احتشام المرأة بحجابها الكامل، والآثار السيئة المترتبة على تبرج المرأة وسفورها، رأى الفرق الكبير بينهما؛ وسأذكرها لتزداد كلّ مؤمنة ملتزمة بالحجاب الشرعي الكامل ثباتا، ولتحذرَ كلّ متبرجة ومفرطة بالالتزام بالحجاب الشرعي من عواقب تفريطها، فتسارعَ إلى التوبة وتلتزم بالحجاب الشرعي الكامل.
فأما المرأة المؤمنة المحتشمة, فهنيئا لها الآثار الحسنة التي تجنيها: فهي صالحة مصلحة، استجابت لأمر ربها سبحانه والتزمت بشرعه، وحافظت على كرامتها، فهي جوهرةٌ محفوظة ودرة مصونة، وأرغمت بحجابها وحشمتها كل من يراها ممن في قلبه مرض على احترامها، ودعته دعوة صامتة حكيمة إلى محاسبة وكبح جماح نفسه الأمارة بالسوء. والحجاب عبادة متعدية النفع يشع منه نور الإيمان، فيؤثر على قلوب الآخرين ويغلق به باب الفتنة بالنساء، وقد يكون الحجاب سببا في هداية مريض القلب وإطفاء جمرة شهوته، وقد تكون المسلمة الملتزمة بالحجاب الشرعي الكامل قدوة صالحة لغيرها من المفرطات بالحشمة والحجاب الشرعي الكامل.
فإن من دل على خير وهدى فله أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة.
فهنيئا لها أثرها الطيب الذي يرصد لها حسناتها في سجل ستفرح به يوم القيامة.
وأما الآثار السيئة المترتبة على التبرج والتهاون بالحجاب الشرعي الكامل فهي مخيفة وكثيرة، فمنها: أن المتبرجة عاصيةٌ لربها, مطيعةٌ لهوى نفسها وللشيطان الذي يأمر بالسوء والفحشاء، ومعصيتُها متعدّية الضرر إلى غيرها، فهي تطفئ نور الإيمان في قلوب كثير ممن يرونها، وتفتح أمامهم أبواب فتنة النساء، وتؤجج في قلوبهم نارَ الشهوة، ويتألمون من جرائها، وربما لم يستطع بعضهم إطفاءها إلا بارتكاب الزنا نسأل الله العصمة والعافية. فيحترق من هذه النار، فتحمل تلك المتبرجة التي تسببت بفتنته, فأقدم على ارتكاب الزنا, الذي هو كبيرة من كبائر الذنوب مثل أوزاره، وكذلك قد تكون قدوة سيئة لبعض ضعيفات الإيمان من النساء, فيتساهلن بالتبرج والسفور وفتنة الرجال, فتحمل مثل أوزارهن؛ لأنها هي سبب انحرافهن، كما قال الله تعالى: {لِیَحۡمِلُوۤا۟ أَوۡزَارَهُمۡ كَامِلَةࣰ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ وَمِنۡ أَوۡزَارِ ٱلَّذِینَ یُضِلُّونَهُم بِغَیۡرِ عِلۡمٍۗ أَلَا سَاۤءَ مَا یَزِرُونَ}.
فهنيئا لك أيتها المؤمنة الموفقة المحتشمة المتسترة، نسأل الله لك الثبات.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على المبعوثِ رحمةً للعالمين, وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فهذا دعوة ونصيحة للأخت المتبرجة, أن تراجع نفسها مراجعة صادقة ناصحة، وأن تُسارع إلى التوبة إلى الله تعالى، والالتزامِ بالحجاب الشرعي الكامل، قبل أن يفجأك الموت وأنت على هذه الحال.
وقد حدثتني امرأة أن خالتها كانت حريصة على حجابها وستر مفاتنها، لكنها ذات يوم وهي راكبة في السيارة نصبت يدها على النافذة, فانكشف جزء من ذراعها، فرأتها قريبة لها في المنام أن يدها تشتعل نارا، فأخبرتها بذلك، فكان للرؤيا الأثر الإيجابي على حرصها ألا يبدو منها شيءٌ منذ ذلك اليوم.
فكيف بمن كشفت كفيها وعينيها مع جزء من وجنتيها وقدميها، والأعظم من ذلك من كشفت وجهها أو تساهلت في تغطيته أحيانا؟!
كيف حالها يوم القيامة وقد فتنت الكثير من الرجال، وكانت سببا في تفريط كثير من النساء بالحجاب بسبب اقتدائهن بها؟
نسأل الله تعالى أن يجعلنا دعاةَ خير وصلاح، لا دعاة شر وفتنة، إنه سميع قريب مجيب.
عباد الله: أكثروا من الصلاة والسلام على نبي الهدى, وإمام الورى, فقد أمركم بذلك جل وعلا فقال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي.. يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات, وخُصَّ منهم الحاضرين والحاضرات, اللهم فرِّج همومهم, واقض ديونهم, وأنزل عليهم رحمتك ورضوانك يا رب العالمين.
عباد الله: إنَّ اللَّه يأْمُرُ بالْعدْل والْإحْسانِ وإيتاءِ ذي الْقُرْبى ويَنْهى عن الْفحْشاءِ والمنْكرِ والبغْيِ يعِظُكُم لَعلَّكُم تذكَّرُون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
المرفقات
1738226606_نداء للمرأة المسلمة بلزوم الحجاب الكامل.pdf