نِعْمَةُ إِدْرَاكِ رَمَضَانَ، وَحَدِيْثٌ عَنِ التَّوبَةِ
مبارك العشوان 1
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ: فَـ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } آل عمران 102
عِبَادَ اللهِ: اُشْكُرُوا اللهَ جَلَّ وَعَلَا أَنْ بَلَّغَكُمْ هَذَا الشَّهْرَ المُبَارَكَ كَثِيْرَ الخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، قَالَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّـمَ: ( إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
شَهْرُنَا هَذَا شَهْرٌ عَظِيْمٌ مُبَارَكٌ؛ صَحَّ الحَـدِيْثُ أَنَّ: ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِــرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَــدَّمَ مِــنْ ذَنْبِهِ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَصَحَّ الحَدِيْثُ: أَنَّ: ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَصَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِئَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيْحِ الْمِسْكِ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَصَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَا يَدْخُــلُ مِنْهُ أَحَــدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُــونَ؟ فَيَقُومُونَ، لَا يَدْخُــلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا، أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ المُبَارَكِ لَيْلَةٌ مُبَارَكَةٌ؛ هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ؛ أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ }
عِبَادَ اللهِ: حَرِيُّ بِنَا وَقَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْنَا؛ فَأَمَدَّ فِي آجَالِنَا، حَتَّى بَلَّغَنَا هَذِهِ الفُرْصَةَ الثَّمِيْنَةَ؛ حَرِيٌّ بِنَا أَنْ نَغْتَنِمَهَا، وَأنْ نَعْرِفَ لِشَهْرِنَا حَقَّهُ، وَلَا نُفَرِّطَ فِي لَحْظَةٍ مِنْ لَحَظَاتِهِ.
وَمَا أَكْثَرَ مَا نُفَرِّطُ فِي أَوْقَاتِنَا، مَا أَكْثَرَ مَا نُضَيِّعُ مِنْ سَاعَاتِ وَأَيَّامِ شَهْرِنَا؛ بَيْنَ لَيْلٍ يُهْدَرُ فِي سَهَرٍ؛ تُعَدُّ الغَفْلَةُ فِيْهِ بِالسَّاعَاتِ، وَبَيْنَ نَهَارٍ جُلُّهُ فِي نَومٍ عَمْيْقٍ، وَلَرُبَّمَا كَانَ عَنِ الصَّلَوَاتِ المَفْرُوضَةِ.
أَلَا فَاتَّقُوا اللهَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ رَمَضَانَ أَيَّامٌ وَلَيَالٍ مَعْدُودَةٍ، وَهِيَ مَاضِيَةٌ عَلَى مَنْ حَفِظَهَا وَمَنْ ضَيَّعَهَا، وَسَوْفَ يِأْتِي عَلَى النَّاسِ يَومٌ يَنْظُرُ المَرْءُ فِيْهِ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ، فَلْنَنْظُرْ مَاذَا سَنُقَدِّمُ فِي شَهْرِنَا؛ بَلْ فِي حَيَاتِنَا لِمَا سَنَقْدُمُ عَلَيْهِ فِي آخِرَتِنَا، وَنَجِدُهُ عِنْدَ رَبِّنَا فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمْ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ مِمَّا يُحِبُّهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ عِبَادِهِ؛ فِي هَذَا الشَّهْرِ وَفِي غَيْرِهِ: التَّوْبَةُ الصَّادِقَةُ، التَّوْبَةُ النَّصُوحُ؛ فَرَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا تَوَّابٌ يُحِبُّ التَّوَّابِيْنَ، عَفُوُّ يُحِبُّ العَفْوَ؛ غَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى.
أَلَا فَتُوبُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - إِلَى اللهِ تُفْلِحُوا وَتَسْعَدُوا؛ تُوبُوا إِلَى اللهِ يَغْفِرْ ذُنُوبَكُمْ، وَيَسْتُرْ عُيُوبَكُمْ، وَيَرْفَعْ دَرَجَاتِكُمْ؛ تُوبُوا إِلَى اللهِ؛ يُبَدِّلْ سَيِّئَاتِكُمْ حَسَنَاتٍ.
بَادِرُوا بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ أَنْ تُبَادَرُوا؛ قَبْلَ أَنْ يَفْجَأُ هَاذِمُ اللَّذَّاتِ.
مَنْ بَدَرَتْ مِنْهُ مَعْصِيَةٌ فَلْيُبَادِرْهَا بِتَوبَةِ؛ وَلْيُبْشِرْ بِعَظِيْمِ الجَزَاءِ مِنْ رَبَّهِ: { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ، أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } آل عمران 135- 136
أَخْلِصُوا التَّوْبَةَ لِلَّهِ، وَاجْتَهِدُوا فِيْمَا يُقَرِّبُكُمْ إِلَى اللهِ.
أَقْلِعُوا عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، وَانْدَمُوا عَلَى مَا فَرَّطْتُمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَاعْزِمُوا أَنْ لَا تَعُودُوا لِتَفْرِيْطٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ.
مَنْ كَانَ عِنْدَهُ حَقٌ لِأَحَدٍ فَلْيَبْرَأْ مِنْهُ اليَومَ؛ قَبْلَ يَومٍ يَكُونُ القِصَاصُ فِيْهِ مِنَ الحَسَنَاتِ.
اِغْتَنِمُوا – وَفَّقَكُمُ اللهُ - حَيَاتَكُمْ قَبْلَ اِنْقِضَائِهَا، وَنِعَمَكُمْ قَبْلَ زَوَالِهَا، وَعَافِيَتَكُمْ قَبْلَ تَحَوُّلِهَا.
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }الأحزاب 56
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَانْصُرْ عِبَادَكَ المُوَحِّدِينَ، اللَّهُمَّ وَعَلَيكَ بِأَعْدَئِكَ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.
اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.
عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ الْعَظِيْمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
المرفقات
1618408661_نِعْمَةُ إِدْرَاكِ رَمَضَانَ، وَحَدِيْثٌ عَنِ التَّوبَةِ.pdf
 
                             
                             
             
             
             
             
                                 
                 
                     
                     
                         
                         
                     
                 
            
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق