هدي النبي ﷺ مع أولاده

موسى السلامي
1447/07/06 - 2025/12/26 06:47AM

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره…

 


عباد الله: الدعاء بالذرية الطيبة الصالحة من الذي كان يدعو بها الأنبياء والصالحون، قال النبي إبراهيم: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}، وقال النبي زكريا: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}، ويقول عباد الرحمن: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.

وفي صحيح مسلم قول الرسول ﷺ: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علمٍ يُنتفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له)، فصلاح الذرية بعد وفاة الوالدين من أعظم أسباب بقاء الأجر لهما، وتوفيق الله تعالى لهما في حياتهما، وأخذُهما من هدي النبي ﷺ مع أولاده فمن ذلك:

 


كان النبي ﷺ يفرح إذا وُلد له مولود، فكان يقول: (ولد لي الليلة غلام، فسميته باسم أبي إبراهيم) متفق عليه.
وكان النبي ﷺ يختار لأولاده الأسماء الحسنة، فاسم أولاده الذكور القاسم وعبدالله وإبراهيم، واسم بناته زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة.
كان النبي ﷺ يحب بناته ويكرمهن ويحتفي بهن، ويقول: (من ابتُلي من البنات بشيء فأحسن إليهن كُنَّ له سِترًا من النار) متفق عليه.
أما أولاده الذكور فقد ماتوا وهم صغار، وقد زوّج الرسول ﷺ بناته من خِيار الرجال، فقد زوّج زينب من ابن خالها أبي العاص بن الربيع، وزوّج رقية وأم كلثوم من عثمان بن عفان، وزوّج فاطمة من عليٍّ رضي الله عنه، وكان ﷺ إذا خطب إليه أحد بناته، ذكر الصداق، فبنته فاطمة وهي سيدة نساء أهل الجنة كان مهرها درعًا حطمية لزوجها علي رضي الله عنه، فلا مبالغة في المهور، ولو كانت المغالاة في مهور البنات مكرمة لسبق إليها رسول الله ﷺ في زواج بناته، لكن التيسير في الزواج كان من هديه ﷺ.
وكان ﷺ لا يتدخل في الخلافات الأسرية بين بناته وبين أزواجهن، فعندما غضب علي رضي الله عنه من زوجته فاطمة، فذهب إلى المسجد فنام فيه، فخرج من بيته فوجده ﷺ نائمًا وقد سقط رداءه من ظهره فأصاب التراب، فجعل النبي ﷺ يمسح التراب عنه ويقول له مداعبًا ومؤانسًا (قم أبا تُرَاب) متفق عليه، ولم يسأله عن المشكلة ولا عن سببها، والخبير بالناس يعلم أن كثيرًا من المشاكل الزوجية سببها تدخل الأهل في البنت أو أمها أو إخوتها أو إخوتها، فذلك مما يزيد في المشكلة ويعقّدها.
وكان ﷺ إذا زار إحدى بناته أحسن استقبالها وأكرمها واحتفى بها، فيقوم إليها ﷺ إذا دخلت عليه، فاطمة كان إذا دخلت عليه أخذ بيدها وقبّلها وأجلسها في مكانه، رواه أبو داود والترمذي.
وكان ﷺ يتعاهد أولاده بالهدايا والعطايا، يقول علي رضي الله عنه: أهدي لرسول الله ﷺ حُلّة سيراء مكفوفة بحرير، فأرسل بها إليّ، فاطمة رضي الله عنها، فقال ﷺ: (لا ولكن اجعلوها خُمُرًا بين الفواطم) رواه مسلم.
والفواطم هن فاطمة بنت رسول الله ﷺ، وفاطمة بنت أسد والدة علي، وفاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب.
وكان ﷺ يَدل أولاده على الصلاة، فقد دخل ﷺ على علي وفاطمة رضي الله عنهما ليلة فوجدهما نائمين، فقال لهما: (ألا تُصليان؟) يعني بالليل. رواه البخاري. وكان يحذّر أولاده من النار ومن كل عمل يُغضِب الله، فكان يقول لابنته فاطمة: (يا فاطمة بنت محمد! أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لك من الله شيئًا) متفق عليه.
وهكذا الأب يكون من أولاده بالدلالة على الخير وتحذيرهم من الشر.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

 

 

 


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:

 


وكان ﷺ يُعلّم أولاده ما ينفعهم في حياتهم الدنيا والآخرة، فقد قال لفاطمة وزوجها علي رضي الله عنهما: (ألا أعلّمكما خيرًا مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما فكَبِّرا أربعًا وثلاثين، وسبِّحا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، فهو خيرٌ لكما من خادم) متفق عليه.
وكان ﷺ يعلم أولاده الأذكار الشرعية، فقد قال لابنته فاطمة: (ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به؟ أن تقولي إذا أصبحتِ وإذا أمسيتِ: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين) رواه النسائي.
وكان ﷺ يواسي أولاده ويصبرهم عند المصيبة، يقول أسامة بن زيد رضي الله عنه: كنا عند النبي ﷺ إذ أرسلت إليه ابنته (أي زينب) تدعوه وتخبره أن صبيًّا لها أو ابنًا في الموت، فقال الرسول: (ارجع إليها فأخبرها أن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمُرها فلتصبر ولتحتسب)، فعاد الرسول، فظنت أنه لم يقبل شفاعتها، فأرسلت إليه أن يقسم عليها أن يأتيها، فقام النبي ﷺ ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل، وانطلقت معه، فالحديث متفق عليه.
وكان ﷺ يحزن لفقد أحد من أولاده، يقول أنس رضي الله عنه: شهدنا بنتًا لرسول الله ﷺ تُدفن ورسول الله ﷺ جالس على القبر، فقال: (هل منكم من أحد لم يُجامع الليلة؟) فقال رجل: أنا، فقال: (انزل في قبرها)، فلما نزل أبوه في قبرها قال: (إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون) متفق عليه.
ويُعلم من النسب أن أولاد النبي ﷺ قد مات جميع أولاده من الذكور والإناث في حياته، وهم ستة، ولم يبق إلا فاطمة رضي الله عنها بعد وفاته ﷺ.

 

 

 

 

 


أيها المسلم:

إن من إبراء الذمة أن تكون ناصحًا أمينًا مصلحًا لأولادك، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.

 


﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾

اللهم أعز الإسلام والمسلمين…

 

 

 

 



المرفقات

1766720805_‎⁨هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع أولاده⁩.pdf

المشاهدات 152 | التعليقات 0