همسة للخطيب !

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فيا خطيب الجمعة المبارك… وقوفك على المنبر أمانة عظيمة، ومسؤولية جسيمة، وكلامك يُسمَع، ويُدوَّن في صحائف الأعمال، ويُؤثِّر في القلوب والعقول.

وإن من أعظم القُربات أن تُبلِّغ الناسَ دينَ الله، وتذكِّرهم بما يُصلِح دنياهم وأخراهم، ولكن... تذكَّر أن من شروط النفع: الإخلاص، والعلم، وحُسن الأسلوب، والإيجاز دون إخلال بالمقصد.

لماذا نحتاج إلى الاختصار؟
في فصل الصيف، ومع اشتداد الحر، يُعاني كثير من المصلين من طول الخُطَب، خصوصًا كبار السن والمرضى ومن يقفون تحت الشمس في المساجد المفتوحة، والنبي ﷺ قال:
"إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة" [رواه مسلم].

فهل نغفل عن هذا التوجيه النبوي البليغ؟

الاختصار لا يعني التقصير
ليس المطلوب أن تُنهي الخطبة في ثلاث دقائق دون فائدة، ولكن المطلوب أن تركّز على ما ينفع، وتتجنّب التكرار، والحشو، والتوسّع في غير موضعه، اجعل كلماتك كالدرر، مركّزة، واضحة، صادقة، نابعة من قلب حي.

وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه:
"إنك لن تُحدّث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة" ، فكيف إذا أضفت إلى ذلك الحر الشديد وطول القيام؟

نصائح عملية للخطيب:
اختر موضوعًا واحدًا مؤثرًا، وركّز عليه،لا تفتح أبوابًا كثيرة فتُشتّت الناس.
ابدأ بالآيات والأحاديث، ثم اربطها بواقع الناس،فالموعظة الحيّة تمسّ القلب.
اجعل الخطبة لا تتجاوز 10-12 دقيقة،وهذا كافٍ جدًا إن أحسنت الترتيب.
اختم بدعاء جامع مؤثّر، ولا تُطِل فيه.
تذكّر أنك تتعامل مع قلوب مرهقة، وأبدان متعبة، فرفقًا بالناس.
وأخيرًا…
يا خطيب الجمعة، الناس بحاجة إلى كلمة توقظ قلوبهم، لا إلى محاضرة تُثقِل ظهورهم.
وأنت مسؤول أمام الله عن وقتهم، وعن أثر كلماتك فيهم.
فليكن شعارك: "خير الكلام ما قلّ ودل، وكان فيه النفع بإذن الله".

فنسأل الله أن يرزقك الإخلاص، والتوفيق، وأن يجعل خطبك منابر هداية ونور، وأن يكتب لك أجر الدالّ على الخير.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.