وحدة الصف وشُكر المنعم مختصرة

عبدالرحمن سليمان المصري
1447/03/26 - 2025/09/18 21:04PM

وحدة الصف وشكر المنعم

الخطبة الأولى

الحمد لله الكريم المنان ، منّ على عباده بالإيمان ، وتابع عليهم بالنعم والإحسان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا ، أما بعد: أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فهي وصية الله للأولين والآخرين قال تعالى ﴿ ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ﴾

عباد الله: لقد أولت الشريعة الإسلامية عناية بالغة ، بوحدة الصف واجتماع الكلمة ، فهي سبب لعز الأمة ، ودوام أمنها واستقرارها ودحر أعدائها ، قال تعالى: ﴿إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون﴾، وحذر الشرع من اختلاف الكلمة وتفرقها ، فلا شيء أعظم خطرا وأكبر ضررا ؛ من الاختلاف والتشرذم ، قال تعالى:﴿ وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ﴾ الأنفال: 46.،وقال  ﷺ: " إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثا، فيرضى لكم: أن تعبدوه  ، ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " رواه مسلم.

عباد الله: وقد شرعت الأحكام الشرعية في العبادات والمعاملات والعقوبات ؛ لتحقيق العبودية لله تعالى ، ولمصالح العباد والبلاد ، ومنها :تحقيق هذا المقصد العظيم من اجتماع كلمة المسلمين .

فصلاة الجماعة والجمعة والأعياد ؛ مظهر من مظاهر الائتلاف ووحدة الكلمة ، بالصلاة خلف إمام واحد ، لا يجوز التقدم عليه أو التأخر عنه ، " ‌إنما ‌جعل ‌الإمام ليؤتم به " ، وتسوية الصفوف ، " ‌لتسون ‌صفوفكم ، أو ليخالفن الله بين وجوهكم " ، وفي رواية " بين قلوبكم " .

وفي الزكاة ؛ عطف الأغنياء على الفقراء ، جبرا لنفوسهم وإزالة للضغينة من قلوبهم ، وفي الصيام؛ تذكر الأغنياء للجوعى والمحرومين ، فيمدون لهم يد العون والإحسان ، وفي الحج مظهر من مظاهر الوحدة  واجتماع الكلمة ، وفي المعاملات؛ جاء النهي عن التعاملات المحرمة ؛ كالربا والرشوة والغش ، لحفظ الحقوق ، و لئلا توغر الصدور ، وفي العقوبات؛ من الحدود والقصاص ، فيه القضاء على بذرة الشقاق ، وشفاء للقلوب ، وحفظا للنفوس .

قال الإمام البغوي رحمه الله : بعث الله الأنبياء كلهم بإقامة الدين، والألفة والجماعة ، وترك الفرقة والمخالفة .أ.هـ.

عباد الله: إن من أَجَلِّ صور الاجتماع وأعظمها الاجتماعَ على ولي الأمر بالسمع والطاعة له في المعروف، وصدق الوفاء ببيعته، والنصح له ببذل الحقوق التي له على رعيته، وإن التمسك بالكتاب والسنة على نهج سلف الأمة ؛  ؛ سبب لوحدة المسلمين واجتماع كلمتهم ، وقد برأ الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ، ممن فرقوا دينهم فاختلفت كلمتهم ؛ فصاروا شيعا متناثرة ، وأحزابا متناحرة ، قال تعالى:﴿ إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء ﴾ الأنعام: 159.

عباد الله : إن مما امتن الله به على هذه البلاد ؛ اجتماعها بعد فرقة ، ووحدة صفها بعد تنازع ، وأمنها بعد ترويع واقتتال ، كان لا يأمن المصلي أن يذهب إلى مسجده ، ولا البائع في تجارته، ولا المسافر في رحلته، فلما أراد الله بأهل هذه البلاد الخير ، هيأ الله الأسباب لقيام هذه الدولة المباركة ، فجمعت الناس على كتاب الله تعالى ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأقامت التوحيد ، وأزالت مظاهر الشرك ، ومحت معالم الوثنية والبدع والخرافة ، وأمنت الطرق ، وأقامت الحدود ، واعتنت بالحرمين الشريفين ، وخدمت ضيوف الرحمن ، وجددت ما اندرس من معالم الدين ، حتى أصبحت المملكة منارة للعلم ، مدافعة عن قضايا المسلمين في العالم ، قال تعالى: ﴿ واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ﴾ آل عمران: 103 . 

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. 

     

الخطبة الثانية

 

الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، وسلم تسليما كثيرا  ،       أما بعد :

عباد الله : الأمن نعمة ومنحة ربانية ، في ظلاله تستقيم حياة الناس ، وتطمئن قلوبهم ، وتحفظ أعراضهم وأموالهم ، وتؤمن سبلهم، وتعمر مساجدهم ، فيقومون بحق خالقهم ، وتطبق شريعة الله بينهم ، فينتشر الخير، ويعم الرخاء ، قال تعالى: ﴿ فليعبدوا رب هذا البيت * الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ﴾ .

عباد الله: اشكروا الله على ما أنعم به عليكم ، واحفظوا نعمه بطاعته ، وطاعة رسوله ﷺ ، وكذلك بطاعة أولي الأمر ولزوم الجماعة ، والالتزام بالأنظمة التي وضعتها الدولة ؛ لحفظ الحقوق وصيانة الأرواح والممتلكات ، قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾

عباد الله : إن شكر الله تعالى؛ حافظ للنعم الموجودة ، وجالب للنعم المفقودة ؛ فإن النعمة إذا شُكرت قرّت ، وإذا كُفرت فرّت ، قال تعالى: ﴿ وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ﴾إبراهيم : 7  .

واستعملوا نعم الله في طاعته ، ولا تقابلوها بمعصيته ، وتفكروا فيمن قبلكم ، وفيمن حولكم ، قال تعالى : ﴿ وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ﴾النحل: 112 .

  فاللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك ، وفجاءة نقمتك وجميع سخطك .

هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ، فقال تعالى: ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما﴾

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .

 

 

المرفقات

1758218636_وحدة الصف وشكر المنعم خطبة2.docx

1758218637_وحدة الصف وشكر المنعم خطبة2.pdf

المشاهدات 646 | التعليقات 0