وَصِيَّةٌ نَبَوِيَّةٌ: (يَا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا)
مبارك العشوان 1
الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوْصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ، وَالاِسْتِقَامَةِ عَلَى شَرْعِهِ، وَالثَّبَاتِ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى نَلْقَى اللهَ تَعَالَى بِهِ.
فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران 102]
وَقَالَ عَنِ الخَلِيلِ وَعَنْ يَعْقُوبَ عَلَيهِمَا السَّلامُ: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة132]
يَقُولُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: [أَيْ: أَحْسِنُوا فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَالزَمُوا هَذَا؛ لِيَرْزُقَكُمُ اللَّهُ الْوَفَاةَ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ الْمَرْءَ يَمُوتُ غَالِبًا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَيُبْعَثُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ] اهـ وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ غَيْرَكَ قَالَ: قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ثُمَّ استقم) [رَوَاهُ مُسِلْمٌ]
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: [هَذَا مِنْ جَوَامِعِ كَلِمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} أَيْ: وَحَّدُوا اللَّهَ، وَآمَنُوا بِهِ، ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَمْ يَحِيدُوا عَنِ التَّوْحِيدِ، وَالْتَزَمُوا طَاعَتَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى أَنْ تُوُفُّوا عَلَى ذَلِكَ]
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ رَحِمَهُمَا اللهُ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [اسْتَقَامُوا عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَتَّى لَحِقُوا بِاللَّهِ]
وَقَالَ القُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: [اعْتَدِلُوا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ؛ عَقْدًا وَقَوْلًا وَفِعْلًا، وَدَامُوا عَلَى ذَلِكَ] اهـ
أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ: لَا شَيءَ مِنَ النِّعَمِ يَعْدِلُ نَعْمَةَ الإِيمَانِ؛ نِعْمَةَ الهِدَايَةِ لَهُ، وَنِعْمَةَ الاِسْتِقَامَةِ عَلَيهِ، وَنِعْمَةَ الثَّبَاتِ عَلَيهِ حَتَّى المَمَاتِ.
لَا فَوْزَ وَلاَ نَجَاةَ إِلَّا لِمَنْ حَفِظَ دِينَهُ؛ وَلَا خُسْرَانَ وَلَا هَلَاكَ أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يُضَيِّعَ دِينَهُ، ويَنْقَلِبَ عَلَى عَقِبِهِ؛ فَيَضِلَّ بَعْدَ الهُدَى، وَيَعْمَى بَعْدَ البَصِيرَةِ، وَيَنْحَرِفَ بَعْدَ الاِسْتِقَامَةِ.
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ القُلُوبَ تَتَقَلَّبُ، وَمَادَامَ الإِنْسَانُ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ فَهُوَ عَلَى خَطَرٍ مِنْ هَذَا التَّقَلُّبِ.
يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ) [رَوَاهُ مُسِلْمٌ]
وَيَشْتَدُّ هَذَا الخَطَرُ؛ عِنْدَمَا تَكْثُرُ الفِتَنُ وَتَمُوجُ مَوْجَ البَحْرِ.
وَقَدْ رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)
يَقُولُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: [وَهَذَا لِعِظَمِ الْفِتَنِ؛ يَنْقَلِبُ الْإِنْسَانُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ هَذَا الِانْقِلَابَ]الخ
وَلِهَذَا - عِبَادَ اللهِ - فَإِنَّ عَلَى العَبْدِ أَنْ يَكُونَ شَدِيدَ الحِرْصِ عَلَى دِينِهِ، قَوِيَّ التَّمَسُّكِ بِهِ، وَبِكُلِّ سَبَبٍ لِلثَّبَاتِ عَلَيهِ.
وَأَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ شَدِيدَ الحَذَرِ مِمَّا يُفْسِدُ عَلَيهِ دِينَهُ، شَدِيدَ البُعْدِ عَنْ كُلِّ سَبَبٍ لِلضَّلالِ وَالاِنْحِرَافِ.
نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَحْفَظَ لَنَا دِينَنَا، وَألَّا يُزِيغَ قُلُوبَنَا.
عِبَادَ اللهِ: عِنْدَمَا ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ؛ وَذَكَرَ أَوْصَافَهُ وَمَا مَعَهُ مِنَ الفِتَنِ؛ حَذَّرَ مِنْهُ؛ وَأَوْصَى بِوَصِيَّةٍ عَظِيمَةٍ، فِي عِبَارَةٍ وَجِيزَةٍ: (يَا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا)
هَكَذَا أَوْصَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ.
وَمَا أَعْظَمَهَا مِنْ وَصِيَّةٍ نَبَوِيَّةٍ كَرِيمَةٍ، مَعَ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَمَعَ غَيْرِهَا مِنَ الفِتَنِ.
هَكَذَا أَوْصَى الحَبِيبُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ؛ وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ نَتَوَاصَى، وَأَنْ يُذَكِّرَ بَعْضُنَا بَعْضًا بِضَرُورَةِ التَّمَسَّكِ بِهَذِا الدِّينِ؛ اِمْتِثَالاً لِأَوَامِرِهِ، وَاجْتِنَابًا لِنَوَاهِيهِ، وَتَصْدِيقًا لِأَخْبَارِهِ، وَأَخْذًا بِأَسْبَابِ الثَّبَاتِ عَلَيهِ.
كَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُحَذِّرَ بَعْضَنَا بَعْضًا مِنَ الزَّيغِ وَالضَّلالِ وَالتَّفَلُّتِ مِنَ الدِّينِ، وَمِنْ كُلِّ سَبَبٍ يُفْضِي إِلَى ذَلِكَ.
فاللهَ اللهَ - رَحِمَكُمُ اللهُ - فِي هَذِهِ الوَصِيَّةِ:
(يَا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا) (يَا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا)
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمْ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ - رَحِمَكُمُ اللهُ - وَاسْتَمْسِكُوا بِدِينِكُمْ وَعَضُّوا بِالنَّوَاجِذِ عَلَى سُنَّةِ نَبِيِّكُمْ صِلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
ثُمَّ اعْلَمُوا - حَفِظَكُمُ اللهُ - أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الثَّبَاتِ عَلَى الدِّينِ: اللُّجُوءُ إِلَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا؛ بِدُعَائِهِ أَنْ يُثَبِّتَ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِهِ، وَيُصَرِّفَهَا عَلَى طَاعَتِهِ؛ وَبِالاِسْتِعَاذَةِ بِهِ مِنْ زَيْغِ القُلُوبِ وَمِنْ سَائِرِ الفِتَنِ؛ فَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى مِنْ دُعَاءِ الرَّاسِخِينَ فِي العِلْمِ: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران 8]
وَمِنْ أَسْبَابِ الثَّبَاتِ عَلَى الدِّينِ: الاِعْتِصَامُ بِكِتَابِ اللهِ جَلَّ وَعَلا، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ تَعَالَى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه 123]
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: [ضَمِنَ اللَّهُ تَعَالَى لِمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ أَلَّا يَضِلَّ فِي الدُّنْيَا، وَلَا يَشْقَى فِي الْآخِرَةِ].
وَمِنْ أَسْبَابِ الثَّبَاتِ عَلَى الدِّينِ: القِرَاءَةُ فِي سِيَرِ الأَنْبِيَاءِ عَلَيهِمْ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ، وَسِيَرِ الصَّالِحِينَ، وَمَا نَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ مِنَ الأَذَى، وَمَا وَفَّقَهُمْ لَهُ مِنَ الصَّبْرِ وَالتَّثْبِيتِ؛ قَالَ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} [هود120] وَقَالَ لَهُ: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} [الأنعام34]
وَفِي قَصَصِ القُرْآنِ الكَرِيمِ الكَثِيرُ مِنَ العِبَرِ فِي الثَّبَاتِ وَالصَّبْرِ عَلَى الأَذَى فِي سَبِيلِ اللهِ؛ كَمَا فِي قِصَّةِ السَّحَرَةِ وَثَبَاتِهِمْ عَلَى الإِيمَانِ مَعَ تَهْدِيدِ الطَّاغِيَةِ فِرْعَونَ لَهُمْ؛ بِأَنْ يُقَطِّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلاَفٍ وَأَنْ يُصَلِّبَهُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه71 - 73]
وَكَمَا فِي قِصَّةِ آسِيَةَ اِمْرَأةُ فِرْعَونَ؛ وَتَعْذِيبِهِ لَهَا، وَقَوْلِهَا: {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم11]
وَكَمَا فِي قِصَّةَ أَصْحَابِ الكَهْفِ، وَأَنَّهُمْ فَرُّوا مِنْ قَوْمِهِمْ لِئَلَّا يَفْتِنُوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ.
وَكَمَا فِي قِصَّةَ أَصْحَابِ الأُخْدُودِ؛ وَأَنَّهُمْ قَوْمٌ مِنَ الْكُفَّارِ قَهَرُوا مَنْ عِنْدَهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَرَادُوهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا عَنْ دِينِهِمْ؛ فَأَبَوْا، فَحَفَرُوا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ أُخْدُوداً، وَأَجَّجُوا فِيهِ نَارًا، ثُمَّ قَذَفُوهُمْ فِيهَا.
إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قَصَصِ القُرْآنِ الكَرِيمِ؛ المَلِيئَةِ بِالدُّرُوسِ وَالعِبَرِ فِي الثَّبَاتِ عَلَى الدِّينِ وَالصَّبْرِ عَلَى الأَذَى فِيْهِ.
وَمِنْ أَسْبَابِ الثَّبَاتِ عَلَى الدِّينِ: صُحْبَةُ الصَّالِحِينَ؛ الَّذِينَ إِنْ رَأَوْكَ عَلَى خَيْرٍ أَعَانُوكَ، أَوْ عَلَى شَرٍّ نَصَحُوكَ، أَوْ فِي غَفْلِةِ ذكَّرُوكَ.
وَهَكَذَا البُعْدُ عَنِ الفِتَنِ، وَعَنْ مَوَاطِنِهَا، وَالفِرَارُ مِنْهَا، وَالبُعْدُ عَنْ صُحْبَةِ السُّوءِ؛ سَوَاءً كَانَتْ صُحْبَةً مُبَاشِرَةَ، أَوْ كَانَتْ عَبْرَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ وَالَّتِي قَدْ تَكُونُ أَشَدُّ خَطَرًا.
أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَحْفَظَ وَيُصْلِحَ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَدُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَآخِرَتَنا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَأن يجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَالْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }الأحزاب 56
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإسْلَامَ وَالمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ وَانْصُرْ عِبَادَكَ المُوَحِّدِينَ، اللَّهُمَّ وَعَلَيكَ بِأَعْدَائِكَ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.
اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.
رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتجدون هذه الخطبة وغيرها على قناة التليجرام (احرص على ما ينفعك)
https://t.me/benefits11111/2837
المرفقات
1756357268_وَصِيَّةٌ نَبَوِيَّةٌ (يَا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا).pdf
1756357279_وَصِيَّةٌ نَبَوِيَّةٌ (يَا عِبَادَ اللهِ فَاثْبُتُوا).docx
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق