ٱلْجَشَعُ ٱلْعَقَارِيُّ ( تعميم )

يوسف العوض
1447/04/14 - 2025/10/06 08:40AM

الخُطْبَةُ الأُولَى

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ، وَنَهَى عَنِ الظُّلْمِ وَالْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، جَعَلَ صَلَاحَ الْمُجْتَمَعَاتِ فِي التَّرَاحُمِ وَالتَّعَاوُنِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، بَعَثَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَعْظَمِ مَا يُبْتَلَى بِهِ النَّاسُ فِي دُنْيَاهُمْ الْجَشَعُ وَالطَّمَعُ وَاحْتِكَارُ الْحَاجَاتِ وَالتَّضْيِيقُ عَلَى النَّاسِ فِي أَرْزَاقِهِمْ وَأَقْوَاتِهِمْ وَسُكْنَاهُمْ، وَقَدْ نَهَانَا دِينُنَا الْحَنِيفُ عَنْ هَذِهِ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ، لِمَا فِيهَا مِنَ الإِضْرَارِ بِالْخَلْقِ، وَإِثَارَةِ الْفَوْضَى، وَزَرْعِ الْأَحْقَادِ، وَهَدْمِ قِيَمِ التَّرَاحُمِ وَالْعَدْلِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا الإِسْلَامُ وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ» فَهَذَا دُعَاءٌ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى مَنْ يُشَقُّ عَلَى النَّاسِ وَيُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ، سَوَاءً فِي الْحُكْمِ، أَوْ فِي التِّجَارَةِ، أَوْ فِي السَّكَنِ، أَوْ غَيْرِهَا مِنْ أُمُورِ الْحَيَاةِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدْ أَصْبَحْنَا نَرَى الْيَوْمَ مَنْ يَسْتَغِلُّ حَاجَةَ النَّاسِ لِلسَّكَنِ، فَيُبَالِغُ فِي رَفْعِ الإِيجَارَاتِ، وَيَطْلُبُ أَثْمَانًا بَاهِظَةً لَا تَتَنَاسَبُ مَعَ أَحْوَالِ كَثِيرٍ مِنَ الْأُسَرِ، مِمَّا يُسَبِّبُ لَهُمُ الْمَشَقَّةَ، وَقَدْ يُؤَدِّي إِلَى تَفَكُّكِ الْأُسَرِ، وَتَشَرُّدِ الْأَبْنَاءِ، وَتَعَسُّرِ الْمَعَاشِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الدِّينِ فِي شَيْءٍوَقَدْ قَالَ ﷺ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ».

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ بِنَا أَنْ هَيَّأَ لَنَا وُلَاةَ أَمْرٍ حَرِيصِينَ عَلَى مَصَالِحِ الْمُوَاطِنِينَ وَالْمُقِيمِينَ، فَصَدَرَتْ أَنْظِمَةٌ عَقَارِيَّةٌ مُبَارَكَةٌ بِتَوْجِيهَاتٍ سَامِيَةٍ مِنْ صَاحِبِ السُّمُوِّ الْمَلَكِيِّ وَلِيِّ الْعَهْدِ، رَئِيسِ مَجْلِسِ الْوُزَرَاءِ، الأَمِيرِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمَانَ بْنِ عَبْدِالْعَزِيزِ – حَفِظَهُ اللَّهُ –، تُحَقِّقُ التَّوَازُنَ فِي السُّوقِ الْعَقَارِيِّ، وَتُيَسِّرُ تَمَلُّكَ السَّكَنِ، وَتُكَافِحُ أَشْكَالَ الِاحْتِكَارِ وَالْجَشَعِ، وَتُرَاعِي الْعَدَالَةَ بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْمُسْتَأْجِرِ، وَتَحْفَظُ الْحُقُوقَ، وَتُحَقِّقُ الِاسْتِقْرَارَ النَّفْسِيَّ وَالِاجْتِمَاعِيَّ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أَصْحَابُ الْعَقَارَاتِ وَمُلَّاكُ الأَرَاضِي وَالْمُسْتَأْجِرُونَ جَمِيعًا مَسْؤُولُونَ عَنْ تَقْوَى اللَّهِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْمُعَامَلَاتِ، فَالْمَالُ مَالُ اللَّهِ، وَالْعِبَادُ عِبَادُ اللَّهِ، وَمَا نَمْلِكُهُ أَمَانَةٌ بَيْنَ أَيْدِينَا نُسْأَلُ عَنْهُ ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:«الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ، يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ»، فَالرِّفْقُ بِالنَّاسِ، وَالتَّيْسِيرُ عَلَيْهِمْ، سَبَبٌ لِرَحْمَةِ اللَّهِ، وَسَبَبٌ لِبَرَكَةِ الْمَالِ، وَطَرِيقٌ لِنَيْلِ رِضَا اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

point.pngpoint.pngpoint.png

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللَّهَ فِي مُعَامَلَاتِكُمْ، وَاتَّقُوا اللَّهَ فِي أَمْوَالِكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمَالَ لَا يُبَارَكُ فِيهِ الْجَشَعُ، وَلَا تَنْمُو بِهِ الْأَرْبَاحُ الظَّالِمَةُ ، ومَنْ يَسْعَى لِلرِّبْحِ السَّرِيعِ عَلَى حِسَابِ حَاجَاتِ النَّاسِ وَآلَامِهِمْ، فَقَدْ جَهِلَ بَابَ الرِّزْقِ الْحَلَالِ، وَغَفَلَ عَنْ مُحَاسَبَةِ اللَّهِ ، قَالَ تَعَالَى:﴿ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ ﴾ وَمِنْ صُوَرِ التَّطْفِيفِ فِي هَذَا الزَّمَانِ: أَنْ يُؤَجَّرَ الْمَنْزِلُ الْيَسِيرُ بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ، مِنْ دُونِ مُرَاعَاةٍ لِأَحْوَالِ النَّاسِ، أَوْ رَحْمَةٍ بِضَعِيفٍ أَوْ مَدْيُونٍ أَوْ أَرْمَلَةٍ أَوْ يَتِيمٍ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:عَلَيْنَا جَمِيعًا أَنْ نَتَعَاوَنَ وَنَتَرَاحَمَ، وَلْيَكُنْ كُلٌّ مِنَّا مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ، مُغْلَاقًا لِلشَّرِّ، وَلْنَتَذَكَّرْ دَائِمًا أَنَّ:«مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» فَلْنَكُنْ مِمَّنْ يُفَرِّجُونَ الْكُرَبَ، لَا مِمَّنْ يَزِيدُونَهَا.

 

المرفقات

1759730352_عقار.docx

المشاهدات 230 | التعليقات 0