عناصر الخطبة
1/التوحيد أساس الدين المتين والشرك نقيضه /2بعض صور الشرك وأقسامه وآثاره 3/ذم الله للمشركين ودعوتهم إلى التوبة 4/حال الشركاء يوم القيامة.اقتباس
هُنَاكَ صُوَرٌ لِلشِّرْكِ هِيَ دُونَ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ، وَهَذَا مِنْ ضَرْبِ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ وَالشِّرْكِ الْخَفِيِّ؛ كَالرِّيَاءِ، وَالْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ، وَقَوْلِ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ، وَالتَّطَيُّرِ، وَغَيْرِهَا مِنَ الصُّوَرِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ...
الْخُطْبَةُ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا؛ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71]؛ أَمَّا بَعْدُ:
أَيُّهَا الْمُوَحِّدُونَ: إِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- أَقَامَ أَمْرَ هَذَا الدِّينِ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالْوَحْدَانِيَّةِ؛ فَلَا دِينَ وَلَا إِيمَانَ وَلَا إِسْلَامَ مَا لَمْ يَقُمْ عَلَى التَّوْحِيدِ، شَهِدَتْ بِذَلِكَ كُلُّ الْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى رُسُلِهِ، وَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ كُلُّ دَعَوَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ الَّذِينَ بَعَثَهُمُ اللَّهُ إِلَى أُمَمِ الْأَرْضِ كُلِّهَا؛ قَالَ -تَعَالَى-: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)[الأنبياء:25].
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، لَمَّا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ؛ قَالَ لَهُ: "إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ".
وَقَالَ الأَنْبِيَاءُ جَمِيعًا لِأَقْوَامِهِمْ: (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)[الأعراف: 65]؛ فَالتَّوْحِيدُ هُوَ قُطْبُ هَذَا الدِّينِ وَرُكْنُ دَعْوَتِهِ، وَعَدُوُّهُ الأَوَّلُ وَنَاقِضُهُ الأَقْوَى هُوَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَهُوَ مُنَاقَضَةٌ لِعَقِيدَةِ الْوَحْدَانِيَّةِ لِرَبِّ الْكَوْنِ -سُبْحَانَهُ-.
وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "وَأَصْلُ الشِّرْكِ أَنْ تَعْدِلَ بِاللَّهِ مَخْلُوقَاتِهِ فِي بَعْضِ مَا يَسْتَحِقُّهُ وَحْدَهُ، فَمَنْ عَبَدَ غَيْرَهُ أَوْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ".
وَقَالَ السَّعْدِيُّ: "إِنَّ حَدَّ الشِّرْكِ الأَكْبَرِ وَتَفْسِيرَهُ الَّذِي يَجْمَعُ أَنْوَاعَهُ وَأَفْرَادَهُ؛ أَنْ يَصْرِفَ الْعَبْدُ نَوْعًا أَوْ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ الْعِبَادَةِ لِغَيْرِ اللَّهِ؛ فَكُلُّ اعْتِقَادٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ثَبَتَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ مِنَ الشَّارِعِ، فَصَرْفُهُ لِلَّهِ وَحْدَهُ تَوْحِيدٌ وَإِيمَانٌ وَإِخْلَاصٌ، وَصَرْفُهُ لِغَيْرِهِ شِرْكٌ وَكُفْرٌ، فَعَلَيْكَ بِهَذَا الضَّابِطِ الَّذِي لَا يَشُذُّ عَنْهُ شَيْءٌ".
عِبَادَ اللَّهِ: وَلِلشِّرْكِ الْأَكْبَرِ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُحْصَى فِي الْأَزْمَانِ وَعَبْرَ الْأَجْيَالِ، وَلَكِنْ نَعْرِضُ بَعْضًا مِنْهَا؛ فَمِنَ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ: عِبَادَةُ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ وَاتِّخَاذُهَا آلِهَةً تُعْبَدُ مَعَ اللَّهِ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ فِي وَصْفِ هَذِهِ الصُّورَةِ مِنَ الشِّرْكِ: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)[الزمر:3].
وَجَعْلُ الْوَلَدِ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ؛ كَمَا فَعَلَ النَّصَارَى الَّذِينَ جَعَلُوا عِيسَى ابْنَ اللَّهِ، وَالْعَرَبُ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ بَنَاتِ اللَّهِ، وَالْيَهُودُ الَّذِينَ جَعَلُوا عُزَيْرًا ابْنَ اللَّهِ وَغَيْرُهُمْ.
وَمِنَ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ: الِاعْتِقَادُ بِالْأَمْوَاتِ أَنَّهُمْ يَضُرُّونَ وَيَنْفَعُونَ، وَالطَّلَبُ مِنْهُمْ، وَالتَّعَبُّدُ لَهُمْ بِالذَّبْحِ وَالطَّوَافِ وَالدُّعَاءِ وَالنَّذْرِ، وَالِاعْتِقَادُ بِالصَّالِحِينَ الصَّادِقِينَ مَا لَا يَكُونُ إِلَّا لِلَّهِ؛ كَالتَّصَرُّفِ بِالْكَوْنِ، وَحِسَابِ الْخَلْقِ، وَعِلْمِ الْغَيْبِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُنْتَشِرٌ فِي الشِّيعَةِ وَغُلَاةِ الصُّوفِيَّةِ.
وَاتِّخَاذُ الْوَسَائِطِ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ: قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: "مَنْ جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَسَائِطَ يَتَوَكَّلُ عَلَيْهِمْ، يَدْعُوهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ، كَفَرَ إِجْمَاعًا".
وَمِنَ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ: إِعْطَاءُ حَقِّ التَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ لِغَيْرِ اللَّهِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ)[التوبة: ٣١]؛ فَكَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ".
وَمِنَ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ: شِرْكُ الْمَحَبَّةِ، وَالْمَقْصُودُ بِهَا: مَحَبَّةُ الْخُضُوعِ وَالتَّذَلُّلِ وَالتَّعَبُّدِ لَهُمْ، وَهُوَ كَمَا فِي قَوْلِهِ -تَعَالَى-: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ)[البقرة:١٦٥]؛ قَالَ السَّعْدِيُّ -رحمه الله-: "يَتَّخِذُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ أَنْدَادًا لِلَّهِ أَيْ: نُظَرَاءَ وَأَمْثَالًا، يُسَاوُونَهُمْ بِاللَّهِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْمَحَبَّةِ، وَالتَّعْظِيمِ وَالطَّاعَةِ".
فَيَا عِبَادَ اللَّهِ: هُنَاكَ صُوَرٌ لِلشِّرْكِ هِيَ دُونَ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ، وَهَذَا مِنْ ضَرْبِ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ وَالشِّرْكِ الْخَفِيِّ؛ كَالرِّيَاءِ، وَالْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ، وَقَوْلِ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ، وَالتَّطَيُّرِ، وَغَيْرِهَا مِنَ الصُّوَرِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ يَحْذَرَهَا الْمُوَحِّدُ لِرَبِّهِ.
وَصُوَرُ الشِّرْكِ بِأَقْسَامِهِ عَدِيدَةٌ وَمُتَوَالِدَةٌ وَمُتَجَدِّدَةٌ؛ فَلَمْ يَكُ يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ مَحْصُورًا فِي قَوْمٍ أَوْ أُمَّةٍ أَوْ جِيلٍ؛ بَلْ هُوَ عَابِرٌ لِلْمُجْتَمَعَاتِ، وَلِلْأُمَمِ، وَلِلدُّوَلِ، وَلِلْقَارَّاتِ، تَجِدُ فِيهَا صُوَرًا مِنَ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ.
وَالشِّرْكُ -أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ- مُحْبِطٌ لِلْعَمَلِ، وَيَهْوِي بِمَقَامِ الْإِنْسَانِ، وَيَحْرِمُهُ النَّعِيمَ الْأَبَدِيَّ، وَالْمَغْفِرَةَ الْإِلَهِيَّةَ فِي الْآخِرَةِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)[النساء: ٤٨]؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ كُلَّ الذُّنُوبِ دَاخِلَةٌ تَحْتَ مَشِيئَةِ اللَّهِ؛ إِنْ شَاءَ غَفَرَهَا، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَ عَلَيْهَا، إِلَّا الشِّرْكَ؛ فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ الْبَتَّةَ، وَقَالَ -تَعَالَى-: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)[المائدة: ٧٢].
وَقَالَ -تَعَالَى-: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الزمر: ٦٥]، وَقَالَ -تَعَالَى-: (وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)[الحج: ٣١]؛ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: "مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ".
اللَّهُ أَكْبَرُ، يَا لَهُ مِنْ وَعِيدٍ عَظِيمٍ تَشِيبُ لَهُ الْوِلْدَانُ؛ فَأَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ لِمُسْتَقْبَلِ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ، وَأَيُّ نَجَاةٍ تَحَقَّقَتْ لَهُ بَعْدَ كُلِّ هَذَا.
جَعَلَنِيَ اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُوَحِّدِينَ، وَأَعَاذَنِي وَإِيَّاكُمْ مِنْ كُلِّ شِرْكٍ.
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ؛ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، أَمَّا بَعْدُ:
عِبَادَ اللَّهِ: لَقَدْ لَامَ اللَّهُ مَنْ أَشْرَكَ بِهِ وَدَعَاهُ إِلَى أَنْ يَتُوبَ إِلَيْهِ، وَأَنْ يَدَعَ مَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْبَاطِلِ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ بِهِ الْعَذَابُ؛ قَالَ -تَعَالَى-: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[المائدة: ٧٤].
وَسَيَأْتِي وَقْتٌ يَتَبَرَّأُ فِيهِ كُلُّ مَنْ أَشْرَكَ مِنْ شِرْكِهِ؛ كَمَا يَتَبَرَّأُ فِيهِ مِمَّنِ اتَّخَذَهُ لِلَّهِ شَرِيكًا؛ قَالَ -تَعَالَى-: (وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ)[النحل: ٨٦].
أَيُّهَا الْمُوَحِّدُونَ: احْمُوا جَنَابَ تَوْحِيدِكُمْ لِرَبِّكُمْ؛ فَهُوَ مِفْتَاحٌ لِكُلِّ فَلَاحٍ، وَاحْذَرُوا مِنَ الْإِشْرَاكِ بِبَارِئِكُمْ؛ فَهُوَ سَبِيلٌ إِلَى الْأَحْزَانِ وَالْأَتْرَاحِ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56].
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛ فَاذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم