توجيهات التوازن العقاري

الشيخ محمد بن مبارك الشرافي

2025-10-10 - 1447/04/18 2025-10-08 - 1447/04/16
عناصر الخطبة
1/توجيهات سامية من ولي العهد بشأن التنظيم للعقارات المستأجرة 2/نعمة إيجاد السكن 3/الطمع والمبالغة في أسعار الإيجارات 4/التعاون والتراحم بين العباد

اقتباس

إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيْنَا مَا يَسَّرَ لَنَا مِنْ إِيجَادِ الْبُيُوتِ، الَّتِي هِيَ مَأْوَى الإِنْسَانِ وَأَهْلَهُ, وَيَجِدُ فِيهَا السَّكَنَ وَالأُنْسَ, قَالَ سبُحْاَنهَ ُلافِتًا أَنْظَارَ الْمُؤْمِنِينَ لِهَذِهِ النِّعْمَةِ

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَبَاحَ لَنَا مِنَ التَّعَامُلِ كُلَّ مُعَامَلَةٍ مَبْنِيَّةٍ عَلَى الْعَدْلِ وَالصِّدْقِ وَالبَيَانِ، وَحَرَّمَ عَلَيْنَا كُلَّ مُعَامَلَةٍ مَبْنِيَّةٍ عَلَى الظُّلْمِ وَالكَذِبِ وَالْكِتْمَانِ، وَنَظَّمَ لَنَا طُرُقَ التَّعَامُلِ أَحْسَنَ نِظَامٍ، وَأَكْمَلَهُ حَتَّى كَانَ ذَلِكَ النِّظَامُ كَفِيلاً للتَّعَايُشِ بَيْنَ النَّاسِ بِالْمَحَبَّةِ وَالأُلْفَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَفْضَلُ النَّبِيِّينَ، وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاعْلَمُوا، أَنَّ مِنْ تَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَنَا وَمِنَّتِهِ عَلَيْنَا نَحْنُ الْمُوَاطِنِينَ السُّعُودِيِّينَ وَكَذَلِكَ الْإِخْوَةِ الْفُضَلاءِ الْمُقِيمِينَ غَيْرِ السُّعُودِيِّينَ, مَا صَدَرَ مُؤَخَّرًا مِنْ تَوْجِيهَاتٍ سَامِيَةٍ مِنْ وَلِيِّ الْعَهْدِ الْأَمِيرِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمَانَ حَفِظَهُ اللهُ، بِشَأْنِ التَّنْظِيمِ لِلْعَقَارَاتِ الْمُؤَجَّرَةِ وَالْمُسْتَأْجَرَةِ, بِمَا يَكْفُلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُؤَجِّرِ حَقَّ كُلٍّ مُنْهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ.

 

وَذَلِكَ أَنَّهُ فِي الْآوِنَةِ الْأَخِيرَةِ حَصَلَ تَسَابُقٌ مَحْمُومٌ مِنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الْعَقَارَاتِ, أَوْ مِنْ وُكَلَائِهِمْ فِي رَفْعِ الإِيجَارَاتِ، مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةٍ لِأَحْوَالِ الآخَرِينَ, حَيْثُ يَكُونُ عَلَيْهِمْ الْتِزَامَاتٌ أُخْرَى غَيْرُ دَفْعِ الإِيجَارِ السَّنَوِيِّ الْمُرْهِقِ، مِنْ قِيَامٍ بِحَقِّ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ مَصَارِيفِ التَّعْلِيمِ وَفَوَاتِيرِ الْكَهْرَبَاءِ وَغَيْرِهَا، مِمَّا يُبْقِي أَصْحَابَ الدَّخْلِ الْمَحْدُودِ - وَهُمْ غَالِبُ النَّاسِ الْيَوْمَ – فِي دَوَّامَةِ الدِّيُونِ الْمُتَرَاكِمَةِ، التِي لا تَنْقَضِي، فَيَبْقَى فِي حَيَاتِهِ مُرْهَقًا لا يَهْنَأُ بِنَوْمٍ وَلا بَيِقَظَةٍ، فَجَاءَتْ هَذِهِ التَّوْجِيهَاتُ السَّامِيَةُ عِلَاجًا وَبَلْسَمًا شَافِيًا بِإِذْنِ اللهِ، وَإِنْ اللهَ لَيَزَعُ بِالسُّلْطَانِ مَا لا يَزَعُ بِالْقُرْآنِ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيْنَا مَا يَسَّرَ لَنَا مِنْ إِيجَادِ الْبُيُوتِ، الَّتِي هِيَ مَأْوَى الإِنْسَانِ وَأَهْلَهُ, وَيَجِدُ فِيهَا السَّكَنَ وَالأُنْسَ, قَالَ سبُحْاَنهَ ُلافِتًا أَنْظَارَ الْمُؤْمِنِينَ لِهَذِهِ النِّعْمَةِ, (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا)، فَنِعْمَةُ إِيجَادِ السَّكَنِ مِنَ الدُّورِ وَالشُّقَقِ وَالْقُصُورِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ التِي يَنْبَغِي شُكْرُ الْبَارِي عَلَيْهَا, فَهِيَ التِي تُكِنُّنَا مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ, وَتَسْتُرَنَا وَأُسَرَنَا وَأَمْتِعَتَنَا عَنْ أَعْيُنِ الْخَلْقِ, نَفِيءُ إِلَيْهَا فتَسْكُنُ أَرْوَاحُنَا، وَتَطْمِئِنُّ نُفَوسُنَا وَنَأْمَنُ عَلَى عَوْرَاتِنَا وَحُرُمَاتِنَا, وَنُلْقِي فِي كَنَفِهَا أَعْبَاءَ الْحَذَرِ وَالْحِرْصِ الْمُرْهِقَةِ لِلْأَعْصَابِ, وَالْبُيُوتُ مَكَانٌ لِلسَّكَنِ وَالرَّاحَةِ، فَمَهْمَا كَانَ مَكَانُ عَمَلِ الْإِنْسَانِ مُرِيحًا مُكِيَّفًا، فَإِنَّ الْمَرْءَ لا يَشعُرُ بِالرَّاحَةِ إِلَّا حِينَمَا يَعُودُ إِلَى مسْكَنِهِ, وَمَهْمَا كَانَ مَكَانُ اسْتِضَافَةِ الْمَرءِ جَمِيلًا فَاخِرًا إِذَا اسْتُضِيفَ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَشْتَاقُ لِلْعَوْدَةِ إِلَى بَيْتِهِ، وَهَذِهِ النِّعْمَةُ مِنْ أَظْهَرِ فَوَائِدِ الْبَيْتِ لِلْإِنْسَانِ، حتَىَّ إِنَّ لَفْظَ السَّكَنِ تَحِلُ فِي الاسْتِعْمَالِ مَحَلَّ كَلِمَةِ الْبَيْتِ أَوِ الْمَنْزِلِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْيَانِ.

 

وَالْإِنْسَانُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ يَسْعَى جَاهِدًا لامْتِلَاكِ السَّكَنِ وَيُكَابِدُ الْأَيَّامَ وَاللَّيَالِي كَدًّا وَدَأَبًا, وَيَتَحَمَّلُ الدُّيُونَ الْبَاهِظَةَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَمْتَلَكِ دَارًا, وَقَدْ لا يَتَيَسَّرَ لَهُ لِقِلَّةِ ذَاتِ يَدِهِ، أَوِ لِلْغَلاءِ الْفَاحِشِ فِي قِيمَةِ الْبُيُوتِ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَإِنَّهُ لِحَاجَةِ النَّاسِ لِلسَّكَنِ صَارَتِ الْبُيُوتُ تُؤَجَّرُ مُنْذُ الْعُصُورِ الْقَدِيمَةِ، بِسَبَبِ تَكَاثُرِ النَّاسِ وَالسَّعْيِ لِاسْتِقْلَالِ الْأُسُرِ، أَوْ انْتِقَالِهِمْ إِلَى غَيْرِ بُلْدَانِهِمْ لِطَلَبِ الرِّزْقِ فِي عُمُومِ الْأَمْصَارِ.

 

وَالْغَالِبُ أَنَّهُ يُصَاحِبُ هَذِهِ الْحَاجَةَ طَمَعُ بَعْضِ أَصْحَابِ الْعَقَارَاتِ فَيَزِيدُونَ فِي الْأُجْرَةِ، أَوْ يَتَنَافُسُ الْمُحْتَاجُونَ لِلسَّكَنِ فَيَزِيدُونَ بِالْأُجْرَةِ لِيَفُوزُوا بَها, وَهَذَا أَمْرٌ طَبِيعِيٌّ فِي السُّوقِ الْمَفْتُوحَةِ.

 

وَفيِ الآوِنَةِ الْأَخِيرَةِ بَالَغَ الْعَقَارِيُّونَ عِنْدَنَا فِي قِيمَةِ إِيَجاِر عَقَارَاتِهِمْ حَدًّا أَرْهَقَ طَالِبِي السَّكَنِ وَقَضَى عَلَى مُعْظَمِ كَسْبِهِمْ, وَصَارَ الْبَحْثُ عَنِ السَّكَنِ وَالإِيجَارِ الْأَقَلِّ هَمًّا لِكَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَمْ يَأْمَنِ السَّاكِنُونَ بِالْإِيجَارِ عَلَى اسْتِقْرَارِهِمْ، فَمَا أَنْ يَنْتَهِيَ عَقْدُ الْمُسْتَأَجْرِ إِلَّا وَيَفْجَأُهُ الْمَالِكُ بِطَلَبِ أُجْرَةٍ أَعْلَى أَوْ إِخْلَاءِ الْمَنْزِل, فَعَاشَ الْمُسْتَأْجِرُونَ بَـيْنَ هَمَّيْنِ : هَمِّ جَمْعِ الْأُجْرَةِ، أَوْ إِخْلَاءِ السَّكَنِ, فَصَارُوا بَيْنَ أَمْرِينِ أَحْلَاهُمَا مُرُّ, وَصَارَ مُعْظَمِ دَخْلِهِمْ أُجْرَةً لَسَكَنِهِمْ, فَهُوَ بَيْنَ مَطْرَقَةِ طَمَعٍ وَجَشَعِ الْمُلَّاكِ، وَسَنَدَانِ طَلَبِ الْإِخْلَاءِ، وَمِنْ هُنَا جَاءَتِ التَّوْجِيهَاتِ مِنْ وُلاةِ الْأَمْرِ أَيَّدَهُمُ اللهُ، وَعَلْيَنا أَنْ نَتَعَاوَنَ فِي تَطْبِيقِ تِلْكِ الْأَوَامِرِ التِي هِيَ فِي مَصْلَحِةِ الْجَمِيعِ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ عَلَى الإِخْوَةِ الْفُضَلَاءِ أَصْحَابِ الْعَقَارَاتِ وَمُلَّاكِ الأَرَاضِي تَقْوَى اللَّهِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْمُعَامَلَاتِ، فَالْمَالُ مَالُ اللَّهِ، وَالْعِبَادُ عِبَادُ اللَّهِ، وَمَا نَمْلِكُهُ أَمَانَةٌ بَيْنَ أَيْدِينَا نُسْأَلُ عَنْهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

 

فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي مُعَامَلَاتِكُمْ، وَاتَّقُوا اللَّهَ فِي أَمْوَالِكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمَالَ لَا يُبَارَكُ فِيهِ بِالْجَشَعِ، وَلَا تَنْمُو الْأَرْبَاحُ الظَّالِمَةُ ، ومَنْ يَسْعَى لِلرِّبْحِ السَّرِيعِ عَلَى حِسَابِ حَاجَاتِ النَّاسِ وَآلَامِهِمْ، فَقَدْ جَهِلَ بَابَ الرِّزْقِ الْحَلَالِ، وَغَفَلَ عَنْ مُحَاسَبَةِ اللَّهِ، قَالَ تَعَالَى (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ)  وَمِنْ صُوَرِ التَّطْفِيفِ فِي هَذَا الزَّمَانِ: أَنْ يُؤَجَّرَ الْمَنْزِلُ الْيَسِيرُ بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ، مِنْ دُونِ مُرَاعَاةٍ لِأَحْوَالِ النَّاسِ، أَوْ رَحْمَةٍ بِضَعِيفٍ أَوْ مَدْيُونٍ أَوْ أَرْمَلَةٍ أَوْ يَتِيمٍ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: عَلَيْنَا جَمِيعًا أَنْ نَتَعَاوَنَ وَنَتَرَاحَمَ، وَلْيَكُنْ كُلٌّ مِنَّا مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ، مُغْلَاقًا لِلشَّرِّ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ، فَلْنَكُنْ مِمَّنْ يُفَرِّجُونَ الْكُرَبَ، لَا مِمَّنْ يَزِيدُونَهَا. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .

 

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَة:

 

الْحَمْدُ للهِ الذِي بَيَّنَ الْحَلالَ وَأَبَاحَه، وَوَضَّحَ الْحَرَامَ وَمَنَعَه، وَجَعَلَ الْبَرَكَةَ وَالرِّزْقَ فِي الأَمَانَة، وَالْفَسَادَ وَالشَّرَّ فِي الْخِيَانَة، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ الذِي دَلَّنَا عَلَى كُلِّ خَيْرٍ وَحَذَّرَنَا مِنْ كُلِّ شَرًّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّه مِمَّا يَنْبَغِي لَنَا فِي مُعَامَلَاتِنَا سَوَاءٌ فِي الْإِيجَارِ أَوْ الاسْتِئْجَارِ أَوِ الْبَيْعِ أَوِ الشِّرَاءِ، يَنْبَغِي السَّمَاحَةُ وَحُسْنُ الْمُعَامَلَةِ، وَأَنْ تُعَامِلَ النَّاسَ كَمَا تُحِبَّ أَنْ يُعَامِلُوكَ، عَنْ جَابِرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ "رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَإِنَّ مِمَّا يَوَجَّهُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يُعَامِلَ الْعَقَارَ الذِي اسْتَأْجَرَهُ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْمَالِكَ، سَوَاءٌ كَانَتْ شَقَّةً أَوْ مَحَلًّا تِجَارِيًّا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَلا يَعْبَثُ فِيهِ، وَلا يَسْتَعْمِلُهُ فِي غَيْرِ مَا اسْتَأْجَرَهُ لَهُ.

 

فَإِنْ حَصَلَ تَلِفِيَّاتٌ بِسَبَبِ التَّعَدِّي أَوِ الْإِهْمَالِ فَلَيْبَادِرْ إِلَى إِصْلَاحِهَا وَلا سِيَّمَا عَنْدَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْعَقْدِ وَنِيَّةِ الْخُرُوجِ، وَلْيَتَفَقَّدِ السَّكَنَ وَيُصْلِحْ مَا حَصَلَ فِيهِ خَلَلٌ، وَلا سِيَّمَا مَنْ كَانَ عَنْدَهُ أَطْفَالٌ, فَإِنَّهُمْ رُبَّمَّا خَرَّبُوا بَعْضَ أَجْزَاءِ السَّكَنِ مِنَ الْأَدَوَاتِ الْكَهْرَبَائِيَّةِ وَالطَّفَّايَاتِ وَدَوْرَاتِ الْمِيَاهِ، وَكَمَا أَنَّكَ لا تَرْضَى أَنْ تَجِدَ بَيْتَكَ بَعْدَ الْمُسْتَأْجِرِ فِي حَالَةٍ يُرْثَى لَهَا فَعَلَيْكَ أَنْ تُعَامِلَ نَفْسَكَ هَكَذَا.

 

وَأَيْضًا: فَإِنَّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُبَادِرَ بِسَدَادِ الإِيجَارِ وَلا يُحْوِجَ الْمُؤَجِّرَ إِلَى أَنْ يُخَاطِبَهُ أَوْ رُبَّمَا لِرَفْعِ شَكْوَى إِلَى الْجِهَاتِ الْمَسْؤُولَةِ.

 

اللَّهُمَّ أَرِنَا الْحَقَّ حَقَّاً وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَه، وَأَرِنَا البَاطِلَ بَاطِلاً وَارْزُقْنَا اجْتِنَابَه وَلا تَجْعَلْهُ مُلْتَبِساً عَلَيْنَا فَنَضِلّ، اَللَّهُمَّ انْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا، وَعَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَارْزُقْنَا عِلْمًا يَنْفَعُنَا، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَه، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ عَرَفَ الْحَلالَ فَأَتَاه وَعَرَفَ الْحَرَامَ فَاجْتَنَبَه يَا رَبَّ الْعَالَمِين, اللَّهُمَّ انْصُرْ دِينَكَ وَكِتَابَكَ وَعِبَادَكَ الصَّالِحينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ إِمَامَنَا خَادِمَ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ بِطَانَتَهُمْ وَوُزَرَاءَهُمْ يَا رَبَّ العَالمَينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ.

 

المرفقات

توجيهات التوازن العقاري.doc

توجيهات التوازن العقاري.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات