خطبة عيد الأضحى 1446هـ (رحمة وتوحيد في يوم العيد)

صلاح بن محمد البدير

2025-06-06 - 1446/12/10 2025-06-09 - 1446/12/13
التصنيفات: الأضحى
عناصر الخطبة
1/تهنئة الحجاج والمسلمين بعيد الأضحى المبارك 2/ضرورة تحقيق التوحيد قولا وعملا 3/بعض فضائل الله تعالى على بلاد الحرمين الشريفين 4/التحذير من الفرقة والخلاف والشقاق 5/وصايا نافعات لنيل خيري الدنيا والآخرة 6/بعض أحكام الأضحية وبيان فضائلها

اقتباس

الرحمة صفة المحسنين الأبرار، وسمة المتواضعين الأطهار، فكن يا عبدَ اللهِ رحيمًا لنفسك ولغيرك، ولا تستأثرنَّ بخيرك، وارحمِ الجاهلَ بعلمك، والمحتاج بجاهك، والفقير بمالك، والكبير باحترامك، والصغير برأفتك، والعصاة بدعوتك، وأهل البيت بعطفك، والقرابة بلطفك، والزوجة بدُنُوِّكَ، والوالدينِ بحنوكَ، والناسَ بأدبك وسموك؛ فأقرب الناس من رحمة الله أرحمهم بخلقه...

الخطبة الأولى:

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

الحمد لله، الحمد لله والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا، الله أكبر ما اختلط الضياء والظلام، الله أكبر ما ابتل بالبرق الغمام، الله أكبر ما سحت السحب السجام، الله أكبر ما تهللت وجوه البروق الوسام، الله أكبر ما طاف الحجيج بالبيت الحرام، الله أكبر ما تعاقبت الشهور والأعوام، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

الحمد لله مهَّد قواعد الدين بالتوحيد وأُسُسه، وجعل البيت الحرام قيامًا للناس وطهره من الأرجاس وقدسه، وصانه من الأوثان والأصنام وحرسه، فما أراده أحد بسوء إلا أذله وأرغم معطسه، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، شهادة تزيل الشرك وتذهب نجسه، وأشهد أنَّ نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، الذي محا الله به الضلال وطمسه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

أمَّا بعدُ، فيا أيها المسلمون: اتقوا الله فمن اتقى ارتقى مراقي الفلاح ومصاعد النجاح؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102].

 

أيها المسلمون: بشراكم وقد وافاكم يوم النحر المجيد، الذي تأرجت نفحاته، وتضوعت بالأرج الطيب صباحاته، وتعطرت بروائح المسك باحاته.

لكم كل عام هناء جديد *** وعيد محاسنه لا تبيد

 

وهنيئًا لكم عيد النحر الأكبر، وهذا الموسم الأزهر، العشر غرته، والتكبير سنته، والحج فريضته، والنحر شعيرته، والتسامح بهجته، والبر حليته، والعفو زينته.

تبارَك اللهُ ذو الآلاء كم سَفَرَتْ *** وجوهُ أحكامِه للخَلْقِ عَنْ حِكَمِ

 

أيها المسلمون: لقد بوَّأ اللهُ نبيَّه وخليلَه إبراهيمَ -صلى الله عليه وسلم- مكان البيت الحرام، وأمَرَه ببنائه على الملة الحنيفية البيضاء، وتطهيره من الملة الغاوية العوجاء، قال -جل في علاه-: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)[الْحَجِّ: 26]، فأوصاه ربه بالتوحيد الخالص، الذي هو أصل الأصول ومنبعها، ودائرة شمسها ومطلعها، وأمها وأهمها، فاثبتوا على التوحيد حتى الممات، والزموا أصوله الراسخات، وقواعده الراسيات، واتبعوا السنن المسندات النيرات، واحذروا البدع المهلكات، ولا تتعبدوا بالمحدثات والمخترعات، ولا تلوذوا عند الحاجة إلى الأموات، ولا تقصدوهم عند الرغبات والرهبات، ولا ترجوا شفاء من رفات، ولا تتبركوا بالقبور، ولا تستغيثوا بأصحابها، ولا تسألوهم سد الفاقات، وإغاثة اللهفات، وشفاء الأمراض والعاهات، وارفعوا إلى الله وحده الحاجات والرغبات والدعوات، واحذروا التشبه بأهل الدجل والخزعبلات والخرافات، قال -جل وعلا-: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)[فَاطِرٍ: 13-14].

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

أيها المسلمون: لا تذهبوا إلى السحرة والكهنة والعرافين، ولا تأتوا المنجمين والمشعوذين والدجالين، ولا يستزلَّنَّكُم الذين يدعون علم المغيبات والمضمرات، ومعرفة ما يستقبل من الأمور الخفيات، فيضربون بالحصى، ويزجرون بالطير، وينظرون في الفنجان، ويقرؤون الكفّ، ويخطون في الأرض تمويها وكذبا ودجلا، لا تقربوهم، ولا تسألوهم، ولا تصدقوهم، ولا تصغوا إلى أباطيلهم، وتخاليطهم.

الخط والزجر والكهان كلهم *** مضللون ودون الغيب أقفال

 

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مَنْ ‌أَتَى ‌كَاهِنًا ‌أَوْ ‌عَرَّافًا ‌فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-"(أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي).

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

أيها المسلمون: من جلائل الإنعام، وقلائد الإكرام، أن جعل الله بلادكم المملكة العربيَّة السعوديَّة حصنَ الإسلام، ودوحة السلام، بلدًا آمِنًا، ووطنا ساكنًا، نهض للمعالي وتسنم ذراها، وشمر للمفاخر وارتقى علاها، وافترع للعلوم هضابا، وارتشف من مناهل التقدُّم رضابا، وإن من أجل مفاخره ومآثره أن استرعاه الله على الحرمين الشريفين، وخصه بخدمة ضيوف الرحمن والمشاعر المقدَّسة، حتى أضحى تاجًا لرأس المكارم، التي يقصر عن المتباهين نوالها، ويعجز المتطاولين مرامها.

سبحان مَنْ خصَّنا فيما يراه لنا *** والحمد لله حمدًا دائمًا كَمُلَا

 

وقد كان طريق الحج قبل الدولة السعوديَّة طريقًا غير آمن، أوله مخاوف، وآخره متالف، فقيض الله الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمه الله-، فأيد الله به الإسلام، ونشر عدله في الأنام، وضرب بسيفه رقاب الظلمة، وبسط بحكمته الأمن في ربوع المملكة، وأمن الطُّرق والمسالك، وصان الحجيج من المخاوف والمهالك، ثم سار أبناؤه البررة من بعده، على أثره وإرثه الطيب الصالح، وها هم حجاج بيت الله الحرام، وزوار مسجد سيد الأنام -صلى الله عليه وسلم- يتفيؤون في خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ظلال التوحيد والوحدة، والأمن والسلام والإسلام، وينعمون بمشاريع التنمية والتعمير والتطوير، التي ليس لها في سابق الأزمان مثيل ولا نظير، في ظل حكم رشيد ظاهر، وخير زاخر.

والناسُ مِنْ بَحْرِهِ أو مِنْ مناهِلِهِ *** ما بينَ مُغتَرِفٍ مِنْهُ ومُعْتَرِفِ

 

فاشكروا اللهَ على جزيل المنح والمواهب، والشكر مفتاح الزيادة، وثمن الجنة، والنعم إن شكرت قرت، وإن كفرت فرت، ولن ينقطع من الله المزيد، حتى ينقطع الشكر من العبيد؛ (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)[النِّسَاءِ: 59]، وحافظوا على الصلوات الخمس المفروضات، وأدوا الواجبات، وتباعدوا عن المناهي والمحرمات، وصاحبوا التيقظ والتحفظ، واحذروا الجماعات المنحرفة، والحزبيات الضيقة، والتنظيمات الإرهابيَّة، والزموا الوسطية والاعتدال، واحذروا العدو المزايل الفتان، الذي يطلق الأحكام جزافًا، ولا يعرف عدلًا ولا إنصافا، ويرتجل الكلام في القنوات الفضائيَّة، والمواقع الإلكترونيَّة، ارتجال طائش مناوئ، وعدو مفارق، ويستطيل في الطعن استطالة مفتر كذاب، ويتعسف في الألفاظ والمعاني تعسف شرير أفاك، ونقول لكل خائض مرجف خداع:

يا جَلَّ ما بعدت عليكَ بلادُنا *** وطِلَابُنَا، فابرُقْ بأرضِكَ وَارْعُدِ

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

أيها المسلمون: الرحمة صفة المحسنين الأبرار، وسمة المتواضعين الأطهار، فكن يا عبدَ اللهِ رحيمًا لنفسك ولغيرك، ولا تستأثرنَّ بخيرك، وارحمِ الجاهلَ بعلمك، والمحتاج بجاهك، والفقير بمالك، والكبير باحترامك، والصغير برأفتك، والعصاة بدعوتك، وأهل البيت بعطفك، والقرابة بلطفك، والزوجة بدُنُوِّكَ، والوالدينِ بحنوكَ، والناسَ بأدبك وسموك؛ فأقرب الناس من رحمة الله أرحمهم بخلقه.

وَارْحَمْ بقلبِكَ خلقَ اللهِ وَارْعَهُمُ *** فإنما يرحم الله مَنْ رَحِمَا

 

قال ابن القيم: "وهو -سبحانه وتعالى- رحيم يحب الرحماء، وإنَّما يرحم من عباده الرحماء، وهو ستير يحب من يستر على عباده، وعفو يحب من يعفو عنهم، وغفور يحب من يغفر لهم، ولطيف يحب اللطيف من عباده، ويبغض الفظ الغليظ القاسي العجظري الجواظ، ورفيق يحب الرفق، وحليم يحب الحلم، وبَرٌّ يحب البر وأهله، وعدل يحب العدل، وقابل المعاذير يحب من يقبل معاذير عباده، ويجازي عبدَه بحسب هذه الصفات فيه وجودًا وعدمًا؛ فمن عفا عفا عنه، ومَنْ غفَر غفَر له، ومَنْ سامَح سامَحَه، ومَنْ حاقَق حاقَقَه، ومَنْ رفَق بِعِبَادِهِ رفَق به، ومَنْ رَحِمَ خلقَه رحمه، ومَنْ أحسَن إليهم أحسَن إليه، ومن صفح عنهم صفح عنه، ومن جاد عليهم جاد عليه، ومن نفعهم نفعه، ومن سترهم ستره، ومن تتبَّع عورتهم تتبع عورته، ومن هتكهم هتَكَه وفضَحَه، ومَنْ منَعَهم خيرَه منعَه خيرَه، ومن شاقَّ شاقَّ اللهُ -تعالى- به، ومَنْ مكَر مكَر به، ومَنْ خادَع خادَعَه، ومَنْ عامَل خلقَه بصفة عامَلَه اللهُ -تعالى- بتلك الصفةِ بعينِها في الدنيا والآخرة، فالله -تعالى- لعبده على حسب ما يكون العبدُ لخَلْقِه".

 

وكن يا عبدَ اللهِ للخير منبعًا، وللمحتاج مفزعًا، ولا تمنعنَّ يدَ المعروف، ولا تُمسِكَنَّ فضلَكَ عن الضعيف والملهوف، ولا تؤذين مسلمًا، ولا تقهرنه ولا تظلمنه، ولا تحقرن أمره، ولا تصغرن قدره، ولا ترمينه بالأدناس، ولا تشمنه بين الناس، ولا تكفرنه ولا تبدعنه، ولا تنشرن هفوته، ولا تشيعن فضيحته، ولا تسرقن ماله، ولا تنهبن حلاله، ولا تؤذين أهله وعياله.

 

عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "‌صَعِدَ ‌رَسُولُ ‌اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ‌المِنْبَرَ ‌فَنَادَى ‌بِصَوْتٍ ‌رَفِيعٍ، ‌فَقَالَ: "‌يَا ‌مَعْشَرَ ‌مَنْ ‌أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا المُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ في جَوْفِ رَحْلِهِ"، قَالَ: وَنَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا إِلَى البَيْتِ أَوْ إِلَى الكَعْبَةِ فَقَالَ: "مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ" أخرجه الترمذي.

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

أيها المسلمون: هذا باب التوبة مفتوح، هذا خير الله ممنوح، ما لم تغرغر الروح، ورحم الله امرأ تاب عمَّا جنى، وتقرب من فعل الخير ودنا، وزرع لآخرته وبنى، وتذكر الفنا والكفن، وتاب إلى رشده متابًا، ولبس من الخشية أثوابًا، وولج إلى الطاعة بابًا بابًا، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

 

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه، ويا فوز المستغفرين.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على نعمه التي جلَّتْ، والشكر له على مننه التي نزلت بها النفوس مواطن التشريف وحلَّتْ، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، شهادة تقشعت بها ظلم الشُّبُهات وولت، وأشهد أنَّ نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، صلاة دائمة ما درت السحب الهاطلة واستهلت.

 

أمَّا بعدُ، أما بعدُ، فيا أيها المسلمون: اتقوا الله فإن التقوى ملاك الوصايا، وملازمتها خير السجايا؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102].

 

أيها المسلمون: الأضاحي من سنن الإسلام وشعائره العظام، ومن قوي على ثمنها ووجد سعة فالأولى به عدم تركها، ولا يجزئ في الأضحية إلا الأنعام، وأفضلها البدنة، ثم البقرة، ثم الشاة، ثم شرك في بدنة، ثم شرك في بقرة، والشرك في البدنة والشرك في البقرة، والشاة الواحدة، يجزئ كل واحد منها عن الرجل وأهل بيته، ولا تضحوا إلا بالثنايا فأكبر؛ والثني من الإبل ما أتم خمس سنين، والثني من البقر ما أتم سنتين، والثني من الماعز ما أتم سنة، ويجزئ الجذع من الضأن؛ وهو ما أتم ستة أشهر.

 

وأفضلها أحسنها وأسمنها وأعظمها وأكملها وأطيبها، وأكثرها ثمنًا، ولا تجوز في الأضاحي العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والعجفاء التي لا تنقي؛ وهي الهزيلة التي لا مخ فيها، واستشرفوا العين والأذن، ويكره أن يضحي بالخرقاء والشرقاء والمقابلة والمدابرة؛ وهي المعيبة في أذنها بقطع أو خرق أو ثقب أو شق، وأحسنوا الذبحة، وحدوا الشفرة، واشحذوا المدية؛ ليكون أوحى وأسهل، ووجهوا مذبحها إلى القبلة، وسموا وكبروا، وكلوا وأهدوا وتصدقوا، والأولى أن يذبحها المضحي بنفسه، إلا ألا يحسن، فيوليها غيره، والأفضل أن يشهدها إن لم يذبحها بنفسه.

 

ومن ضحى قبل صلاة العيد فإنما ذبح لنفسه ولا أضحية له، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تمت أضحيته، وأصاب سنة المسلمين.

 

تقبَّل الله ضحاياكم، ورضي عنكم وأرضاكم، وحقق في الخير مناكم، وأسعدكم ولا أشقاكم، وعاودتكم السعود، ما عاد عيد واخضر عود.

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

 

أيها المسلمون: هذا يوم التسامُح، هذا يوم التصافح، هذا يوم التصالح، فتصافَحوا، وتسامَحوا، وتصالَحوا، وتراحمَوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ومن غدَا منكم من طريق فليرجع من طريق أخرى إن تيسر له ذلك؛ اقتداءً بسُنَّة سيد المرسلينَ محمد -صلى الله عليه وسلم-، أعاد الله علينا وعليكم هذه الأيام المباركة أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة، ونحن في صحة وعافية وحياة سعيدة.

 

وصلُّوا وسلِّموا على نبينا وسيدنا محمد، أفضل مَنْ لبَّى بالعمرة والحج، وأتقى من تقرَّب إلى مولاه بالعَجِّ والثَّجِّ، وأطهر من سلك لعبادة ربه كل فج، فمَنْ صلى عليه صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا.

 

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على نبينا وسيدنا محمد، وارض اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، ذوي الشرف الجلي، والقدر العلي؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الآل والأصحاب، وعنا معهم يا كريم يا وهاب.

 

اللهمَّ أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحفظ بلادنا، وبلاد المسلمين، من كيد الكائدين، ومكر الماكرينَ، وحقد الحاقدينَ، وحسد الحاسدينَ، يا ربَّ العالمينَ.

 

رب اجعل هذا البلد آمنًا، اللهمَّ وفِّق إمامَنا ووليَّ أمرَنا خادم الحرمين الشريفين عبدك سلمان بن عبد العزيز لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهمَّ احفظه بحفظك، واكلأه بعنايتك ورعايتك، ومتعه بالصحة والعافية يا ربَّ العالمينَ، اللهمَّ واحفظ ولي عهده وعضده محمد بن سلمان، اللهمَّ سدد آراءه وأقواله وأعماله، ومتعه بالصحة والعافية، واجعله هاديًا مهديًا يا ربَّ العالمينَ، اللهمَّ واجز أميرنا سلمان بن سلطان، خير الجزاء، على رعايته وعنايته بالمدينة المنوَّرة، وساكنيها وقاطنيها وقاصديها، اللهمَّ ووفق ولاة المسلمين أجمعين لما فيه عز الإسلام وصلاح المسلمين يا ربَّ العالمينَ.

 

اللهمَّ واشف مرضانا، وعافِ مبتلانا، وارحَمْ موتانا يا ربَّ العالمينَ.

 

اللهمَّ انصر إخواننا في فلسطين، على الطغاة المحتلين، وطهر المسجد الأقصى من رجز اليهود الغاصبين، واحفظ أهلنا في فلسطين، واجبر كسرهم، وعجل نصرهم، وفك أسراهم، واشف مرضاهم، وتقبل موتاهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ.

 

اللهمَّ اجعل دعاءنا مسموعًا، ونداءنا مرفوعًا، يا كريم يا عظيم يا رحيم.

 

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصَّافَّاتِ: 180-182].

 

 

المرفقات

خطبة عيد الأضحى 1446هـ (رحمة وتوحيد في يوم العيد).doc

خطبة عيد الأضحى 1446هـ (رحمة وتوحيد في يوم العيد).pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات