عناصر الخطبة
1/تكريم الإسلام للمرأة وعنايته بها 2/من صور ظلم المرأة العضل.اقتباس
الإِسْلاَمَ كَرَّمَ الْمَرْأَةَ بِحِفْظِ حُقُوقِهَا الشَّرْعِيَّةِ؛ كَحُقُوقِهَا مِنَ الْمِيرَاثِ.. وَحُقُوقِهَا الزَّوْجِيَّةِ؛ حَيْثُ جَعَلَ الْحَقَّ لَهَا فِي الْمُوَافَقَةِ عَلَى الْخَاطِبِ أَوْ رَفْضِهِ، وَلاَ يَجُوزُ إِجْبَارُهَا عَلَى الاِقْتِرَانِ بِرَجُلٍ.. وَمِنَ الْعَضْلِ: مَنْعُ الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلِيه إِذَا تَرَاضَيَا...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ -تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: دِينُنَا الإِسْلاَمِيُّ أَوْلَى الْمَرْأَةَ اهْتِمَامًا كَبِيرًا، وَنَظَرَ إِلَيْهَا نَظْرَةَ تَكْرِيمٍ وَاعْتِزَازٍ؛ كَرَّمَهَا أُمًّا؛ فَقَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي سَأَلَهُ عَنْ أَحَقِّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِهِ؟ قَالَ: "أُمُّكَ" قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أُمُّكَ" قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أُمُّكَ" قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أَبُوكَ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
وَكَرَّمَهَا أُخْتًا؛ فَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "لَيْسَ أحدٌ مِنْ أُمَّتِي يَعُولُ ثَلاثَ بَناتٍ، أوْ ثَلاثَ أخَواتٍ، فيُحْسِنُ إِلَيْهِنَّ إِلا كُنَّ لهُ سِترًا مِنَ النَّارِ"(صَحِيحُ الْجَاِمعِ).
وَكَرَّمَهَا بِنْتًا؛ فَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ"(رَواهُ مُسْلِمٌ).
كَمَا أَنَّ الإِسْلاَمَ كَرَّمَ الْمَرْأَةَ بِحِفْظِ حُقُوقِهَا الشَّرْعِيَّةِ؛ كَحُقُوقِهَا مِنَ الْمِيرَاثِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا)[النساء: 7].
وَحُقُوقِهَا الزَّوْجِيَّةِ؛ حَيْثُ جَعَلَ الْحَقَّ لَهَا فِي الْمُوَافَقَةِ عَلَى الْخَاطِبِ أَوْ رَفْضِهِ، وَلاَ يَجُوزُ إِجْبَارُهَا عَلَى الاِقْتِرَانِ بِرَجُلٍ لاَ تُرِيدُهُ، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "لاَ تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلاَ تُنْكَحُ الْبِكْرُ حتَّى تُسْتَأْذَنَ" قَالُوا: يَا رَسولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: "أَنْ تَسْكُتَ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).
وَأَوْجَبَ لَهَا الْمَهْرَ فِي النِّكَاحِ وَجَعَلَهُ مِلْكًا لَهَا، وَجَعَلَ الْمُعَاشَرَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا قَائِمَةً عَلَى الْمَعْرُوفِ، وَجَعَلَ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ حَقًّا وَاجِبًا عَلَى الزَّوْجِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)[النساء: 19].
وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا"(متفق علي)، وَقَالَ: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي"(صَحِيحُ التِّرْمِذِيِّ)، وَقَالَ -أَيْضاً-: "أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنِسَائِهِمْ"(صَحِيحُ التِّرْمِذِيِّ).
اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا مِنَ الأَعْمَالِ أَخْلَصَهَا وَأَزْكَاهَا، وَمِنَ الأَخْلاَقِ أَحْسَنَهَا وَأَكْمَلَهَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعْدُ:
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى-، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنَ الظُّلْمِ عِنْدَ بَعْضَ الأَوْلِيَاءِ: عَضْلَ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ مَنْعُ الْمَرْأَةِ مِنَ الزَّوَاجِ إِذَا تَقَدَّمَ لَهَا كُفْؤٌ مِمَّنْ تَرْضَاهُ وَتُوَافِقُ عَلَيْهِ دُونَ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ مَقْبُولٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ؛ إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ"(حَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ).
وَمِنَ الْعَضْلِ: مَنْعُ الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلِيه إِذَا تَرَاضَيَا؛ قَالَ -تَعَالَى-: (فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ)[البقرة: 232].
وَمِنَ الْعَضْلِ: تَزْوِيجُ الْبِنْتِ بِمَنْ لاَ تَرْضَاهُ، وَقَدْ نَهَى الشَّرْعُ عَنْ إِكْرَاهِ الْمَرْأَةِ فِي الزَّوَاجِ بِمَنْ لاَ تَرْغَبُ؛ فَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: "أَنَّ فَتَاةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ؛ لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ، وَأَنَا كَارِهَةٌ، قَالَتْ: اجْلِسِي حَتَّى يَأْتِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَأَخْبَرَتْهُ، فَأَرْسَل إِلَى أَبِيهَا فَدَعَاهُ؛ فَجَعَل الأَمْرَ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ لِلآبَاءِ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ"(أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ).
وَمِنْ صُوَرِ الْعَضْلِ: أَنْ تُحْجَرَ الْبِنْتُ لِقَرِيبٍ لَهَا، وَفِي بَعْضِ الْمُجْتَمَعَاتِ يَحْتَكِرُونَهَا وَهِيَ لاَ زَالَتْ طِفْلَةً صَغِيرَةً، وَحِينَمَا تَكْبَرُ يُرَدُّ كُلُّ خَاطِبٍ بِحُجَّةِ أَنَّهَا مَحْجُوزَةٌ؛ حَتَّى يَعْزِفَ عَنْهَا الْخُطَّابُ؛ لِمَا يَنْتَشِرُ عِنْدَ الأَهْلِ وَالْجِيرَانِ وَالْمَعَارِفِ أَنَّهَا قَدْ حُجِزَتْ لِفُلاَنٍ مِنْ أَقَارِبِهَا، وَلا يُهِمُّ الأَهْلَ إِنْ نَشَأَ مَنْ حُجِزَتْ لَهُ صَالِحًا أَمْ سَيِّئًا؟ أَمْ رَفَضَهَا بَعْدَ ذَلِكَ؟! فَالْبِنْتُ هِيَ مَنْ تَتَضَرَّرُ فِي كُلِّ الْحَالاَتِ.
فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى-، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِينَ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ الْقَائِلُ -سُبْحَانَه-: (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رَوَاهُ مُسْلِم).
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنَّا مَعَهُمْ بِمَنِّكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَ الدِّينَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلِمِينَ.
اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا التَّمَسُّكَ بِالدِّينِ، وَالاعْتِصَامَ بِالْحَبْلِ الْمَتِينِ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَانْصُرْ جُنُودَنَا، وَأَمِّنْ حُدُودَنَا، وَأَيِّدْ بِالْحَقِّ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا، وَجَمِيعَ وُلاةِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم