آمِنٌ وطنُنا، والحروب من حولنا، بفضل وحدة الصف وشرع ربنا

حسين بن حمزة حسين
1447/03/25 - 2025/09/17 22:10PM
إخوة الإيمان: نعمةُ الأمنِ في الأوطان، نعمةٌ عظمى لا يعدلها نعمةٌ بعد الإيمان، انظروا إلى واقع كثيرٍ من بلدان المسلمين وغير المسلمين كيف صاروا بعد خروجهم على حكّامهم، دماءٌ مسفوكة، وبلادٌ ممزّقة، وأمْنٌ مفقود، وفقرٌ وحروبٌ وأمراضٌ ودمارٌ وفسادٌ وفتنٌ تطيح بالدول والعمران والبشر، أصْبح الواحدُ منهم لا يأْمنُ على دينِه ونفسِه وأهلِه وعِرْضه ومالِه، بل ربما خرج من بيْته لا يدري هل يعودُ إليه أم لا، والسبب الأعظم والأكبر هو الخروجُ على الحكّام، وشقُّ عصا الطاعة، ومفارقةُ الجماعة، فحينَ يُرفعُ السّيفُ على الحكّام تذْهبُ هيبةُ الدولة، ويضيعُ الأمن، وتشتعلُ الحروب، ويتسلّطُ الأعداء، وتنهارُ البلاد، ويتفرّقُ العباد، وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك أعظم تحذير، فعن عُبَادَةَ بن الصَّامتِ رضي الله عنه قال: (بَايَعْنَا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم على السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وعلى أَثَرَةٍ علينا، وعلى أَلَّا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أهلَه، وعلى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أينما كُنَّا، لا نَخَافُ في الله لَوْمَةَ لَائِمٍ) متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم : (مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أتاكُمْ وأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ علَى رَجُلٍ واحِدٍ، يُرِيدُ أنْ يَشُقَّ عَصاكُمْ، أوْ يُفَرِّقَ جَماعَتَكُمْ، فاقْتُلُوهُ) رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ خَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ وَمَاتَ، فَمِيتَتُه مِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أرادَ أنْ يُفَرِّقَ أمْرَ هذه الأُمَّةِ وهيَ جَمِيعٌ، فاضْرِبوه بالسَّيفِ كائنًا مَن كان) رواه مسلم، فحكْمُه القتل، درءاً لشرّه وحفاظاً على أمْن المجتمع، سواءً كان ممَّن يَستحِقُّ الخلافةَ والولايةَ، أو ممَّن لا يَستحِقُّها، شَريفًا كان أو وَضيعًا، عالمًا كان أو جاهلًا، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخِرَ مِنْهُمَا) رواه مسلم، فليْس بعدَ الخروجِ على الحكّام إلا الفتنُ وسفكُ الدماء وزوالُ الأمن، وما نراه اليوم بأعيننا شاهد على صدق كلام النبي ﷺ، فكم من بلادٍ كانت عامرةً آمنة، تحوّلت بيوْمٍ وليلةٍ إلى دمارٍ وخرابٍ وضِياع، وبات أهلها بين مقتول ومشرد وأسير، والسعيد من وعظ بغيره. إخوة الإيمان: نحمد الله تعالى أن شرَّفنا بالعيش في هذه البلاد المباركة، المملكةِ العربية السعودية، بلادِ الحرمين الشريفين، وقبلةِ المسلمين أجمعين، ومهبط وحي سيّد المرسلين ﷺ. نعيش على ثرى هذه الأرض الطيبة في وافرٍ من النّعم : نعمةُ الإسلام، ونعمةُ التوحيد والسُّنّة، نعمةُ الأمن والأمان، نعمة إقامة شرع الله، نِعمَةُ سِعة الرِّزقُ، وَالرَّخَاءُ، وَالصِّحَّةُ، وَالتَّعلِيمُ، وَالنِّظَامُ، والحياة الطيّبة السهلة، أمْنٍ وافر، وعيشةٍ رغيدة، وحياةٍ هنيئة، مساجد مفتوحة، شعائر مرفوعة، حرمٌ آمن تُشد إليه الرحال، قيادة تخدم الحرمين الشريفين، وتبذل الغالي والنفيس في راحة الحجيج والمعتمرين والزائرين، قيادةٌ حكيمةٌ راشدة، ولُحمةٌ وطنيةٌ متينة، فلله الحمد والمنة، قيادةٌ وشعبٌ مؤمن، شرع الله فينا قائم ، والحكم لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، حكاماً ومحكومين، فمن على وجْه الأرض في هذا الزمان يضاهينا ويبارينا، وإنَّ من تمام الشكر لهذه النعم بعد شكر المُنعم جلّ جلاله، وأن نحافظ على وحدتنا ونقوي لحمة صفّنا، ونعاهد الله تعالى على السمع والطاعة لحكّامنا في المعروف، وأن ندعو لهم بأن يحفظ الله عليهم دينَهم ودنياهم، وأن يسدّدَهم لما فيه صلاح ديننا ودنيانا وبلادنا وبلاد المسلمين كافة، وأن يجزيهم عنا وعن المسلمين خير الجزاء، قال النبي ﷺ (خِيارُ أئمَّتِكُمُ الَّذينَ تحبُّونَهُم ويحبُّونَكُم وتُصلُّونَ علَيهِم ويصلُّونَ علَيكُم، وشرارُ أئمَّتِكُمُ الَّذينَ تبغَضونَهُم ويبغَضونَكُم وتَلعنونَهُم ويَلعنونَكُم» قالوا: يا رسولَ الله، أفلا نُنابذُهُم؟ قال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا مَن وليَ علَيهِ والٍ فرآهُ يأتي شيئًا مِن معصيةِ اللهِ فليَكْرَهْ ما يأتي مِن معصيةِ اللهِ، ولا ينزِعَنَّ يدًا مِن طاعةٍ) (رواه مسلم)
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ: إخوة الإيمان: الأمن في الأوطان هبةٌ من الله عز وجل، لا يستمرّ إلا بلحمَةِ الصّف، واجتماعِ الكلمة، ونبذِ الفُرقة والخلاف، لنحذر من أعدائنا والشائعات التي يبثونها دعاةُ الفتن، في برامج التواصل ومواقع الإنترنت، فالحسدُ والبغضُ قاتلٌهم، فإنهم يريدون لنا الناّر والدّمار وانفلات الأمن، قتلهم الله بغيْضهم، وجعل كيْدهم في نحورهم، وأعاذنا الله من شرورهم. إخوة الإيمان: لنتيقّن نحن أهل هذا الوطن الغالي مواطنين ومقيمين، أننا على جادّة الحق، دولةً ودستوراً وشعباً حكاماً ومحكومين، فالواجب علينا أن نحافظ على وطننا ونجتمع مع ولاة أمورنا لُحمة واحدة صفاً واحداً على كل من تسوّل له نفسه المساس بأمننا ووحدة صفنا كائناً من كان، وخصوصا في هذا الوقت والحروب على حدودنا، وكما قيل نعيش في حديقة على أجنابها حريقة، فينبغي على كل مواطن ومقيم، بل على كل مسلم رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد ﷺ نبيا ورسولا أن يُحب هذه البلاد الطيبة، وأن يحافظ على أمنها واستقرارها، فإن هَذِهِ البلاد أمانة في أعناقنا وفي عنق كل مسلم، والحفاظ عليها مسؤوليتنا ومسؤولية جميع المسلمين.. اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا واستقرارنا، اللهم احفظ المملكة العربية السعودية بحفظك، وأدم عليها وحدتها ولُحمة صفها، وأسبغ عليها نعمك ظاهرة وباطنة. اللهم وفّق خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، واجعلهم نصرة للإسلام والمسلمين.
اللهم انصر جنودنا المرابطين على الثغور، واجزهم خير الجزاء على ما يقدمون، وردّ كيد الكائدين في نحورهم، واجعل هذا البلد آمناً مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين.
المشاهدات 326 | التعليقات 0