استسقاء المطر

الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا تُثْمِرُ بِهِ الْقُلُوبُ حَيَاةً، وَتَسْتَقِيمُ بِهِ النُّفُوسُ طَاعَةً، وَتَغْمُرُ بِهِ الْأَرْوَاحُ خُشُوعًا وَخُضُوعًا. نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى نِعَمٍ لَا تُحْصَى، وَرَحْمَاتٍ لَا تُسْتَقَلُّ، وَنَسْتَغْفِرُهُ مِنْ خَطَايَا تَتَسَاقَطُ كَأَوْرَاقِ الْخَرِيفِ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَهَادِيًا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

أَمَّا بَعْدُ..

فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ، فَإِنَّ التَّقْوَى نُورٌ إِذَا أَظْلَمَتِ الْأَيَّامُ، وَهِيَ الرَّجَاءُ إِذَا أُغْلِقَتِ الْأَبْوَابُ، وَهِيَ الْمِفْتَاحُ الَّذِي يُنْزِلُ بِهِ اللَّهُ الْغَيْثَ، وَيَشْرَحُ بِهِ الصَّدْرَ، وَيُبَدِّلُ بِهِ الْحَالَ إِلَى أَحْسَنِ حَالٍ.

يَا عِبَادَ اللَّهِ.. قَدْ جَفَّتِ الْأَرْضُ، وَاشْتَدَّتِ الْحَاجَةُ إِلَى الْغَيْثِ، وَتَطَلَّعَتِ الْقُلُوبُ نَحْوَ السَّمَاءِ تَرْتَقِبُ رَحْمَةَ رَبِّهَا. وَمَا نَزَلَتِ الشَّدَائِدُ إِلَّا لِتُذَكِّرَنَا طَرِيقَ الرُّجُوعِ، وَمَا أَمْسَكَتِ السَّمَاءُ عَنَّا قَطْرَةً إِلَّا لِتُوقِظَ فِينَا خُضُوعًا قَدْ نَامَ، وَقُلُوبًا قَدْ غَفَلَتْ، وَأَعْيُنًا مَا عَادَتْ تَدْمَعُ.

وَمَا أَحْلَى لَحَظَاتِ الْعَوْدَةِ إِلَى اللَّهِ؛ حِينَ يَقِفُ الْمَرْءُ بَيْنَ يَدَيْ مَوْلَاهُ، لَا يَحْمِلُ إِلَّا ذَنْبًا يَعْتَرِفُ بِهِ، وَقَلْبًا مُنْكَسِرًا، وَدُعَاءً يَرْفَعُهُ بِرَجَاءٍ صَادِقٍ، فَالسَّمَاءُ لَا تُفْتَحُ بِكَثْرَةِ الْكَلَامِ، وَلَكِنْ تُفْتَحُ بِصِدْقِ الْإِنَابَةِ.

وَقَدْ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ t فِي عَامٍ اشْتَدَّ فِيهِ الْجَفَافُ، وَمَعَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا رَفَعُوا الْأَكُفَّ إِلَى السَّمَاءِ، قَدَّمَ عُمَرُ الْعَبَّاسَ عَمَّ النَّبِيِّ ﷺ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا. فَمَا هِيَ إِلَّا لَحَظَاتٌ حَتَّى تَجَمَّعَتِ السُّحُبُ كَأَنَّهَا جِبَالٌ، وَسَمِعَتِ الْمَدِينَةُ خَرِيرَ الْمَطَرِ يَنْهَمِرُ عَلَى طُرُقَاتِهَا كَصَوْتِ رَحْمَةٍ تَسْتَنِزِلُ بَرَكَةَ اللَّهِ.

هَكَذَا رَحْمَةُ اللَّهِ.. تَأْتِي إِذَا امْتَلَأَتِ الْقُلُوبُ صِدْقًا، وَارْتَفَعَتِ الْأَيْدِي تَوْبَةً، وَامْتَلَأَتِ الْأَرْضُ اسْتِغْفَارًا.

يَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ.. إِنَّ الْمَطَرَ رَحْمَةٌ، وَنُزُولَهُ بِقَدَرٍ، وَحِرْمَانَهُ بِذَنْبٍ، وَرُجُوعَهُ بِتَوْبَةٍ. فَارْجِعُوا إِلَى رَبِّكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْكُمْ ابْتِلَاءَاتُهُ، وَامْلَؤُوا أَيَّامَكُمْ اسْتِغْفَارًا، فَإِنَّ الِاسْتِغْفَارَ يَمْحُو الذُّنُوبَ، وَيُفْتَحُ بِهِ بَابُ الْغَيْثِ وَالْبَرَكَةِ وَالْفَرَجِ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ… إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ، وَيَسْمُو إِلَى كَمَالِهِ، نَحْمَدُهُ عَلَى فَضْلِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ رَحْمَتِهِ وَوَاسِعِ نِعَمِهِ. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

عِبَادَ اللَّهِ.. إِنَّنَا اليَوْمَ وَقَفْنَا عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ رَبِّنَا، بَابٍ لَا يُرَدُّ طَارِقُهُ، وَلَا يُخْذَلُ لاَجِئُهُ، بَابٍ يُفْتَحُ لِلْمُنْكَسِرِينَ، وَيُجَابُ فِيهِ دُعَاءُ الْمُضْطَرِّينَ، وَتُغَاثُ بِهِ الْبِلَادُ وَالْعِبَادُ.

وَمَا أَجْمَلَ أَنْ نُقْبِلَ عَلَيْهِ بِقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ، وَأَلْسِنَةٍ صَادِقَةٍ، وَنُصْلِحَ أَنْفُسَنَا قَبْلَ أَنْ نَطْلُبَ إِصْلَاحَ أَرْضِنَا. فَمَا نَزَلَ الْغَيْثُ عَلَى قَوْمٍ إِلَّا لِأَنَّهُمْ يَرْحَمُونَ، وَلَا رُفِعَ عَنْ قَوْمٍ إِلَّا لِأَنَّ بَيْنَهُمْ مَنْ يَظْلِمُ.

أَبْذِلُوا مِنَ الْخَيْرِ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَارْفَعُوا الظُّلْمَ عَنْ أَنْفُسِكُمْ وَغَيْرِكُمْ، وَارْحَمُوا تُرْحَمُوا، فَلَعَلَّ قَطْرَةً وَاحِدَةً تُنْزِلُهَا رَحْمَةُ اللَّهِ بِفَضْلِ دَمْعَةٍ صَادِقَةٍ أَوْ دُعَاءٍ خَالِصٍ.

اللَّهُمَّ إِنَّا عِبَادُكَ الضُّعَفَاءُ، جِئْنَاكَ رَاغِبِينَ، وَلِرَحْمَتِكَ طَامِعِينَ، وَعَلَى بَابِكَ وَاقِفِينَ، فَلَا تَرُدَّنَا خَائِبِينَ. اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ. اللَّهُمَّ اسْقِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَافْتَحْ لَنَا مِنْ رَحْمَتِكَ مَا تُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا. اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ. اللَّهُمَّ قَوِّ بِهِ الزَّرْعَ، وَأَدِرَّ بِهِ الضَّرْعَ، وَامْلَأْ بِهِ الْآبَارَ، وَاجْعَلْهُ رَحْمَةً لَا نِقْمَةً، وَسُقْيَا لَا مَحْقَ فِيهَا وَلَا فَسَادَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَأَقِمِ الصَّلَاةَ.

المرفقات

1763053928_استسقاء المطر.pdf

1763053937_استسقاء المطر.docx

المشاهدات 226 | التعليقات 0