استوصوا بالنساء خيراً - موافقة لتعميم الوزارة

تركي بن علي الميمان
1447/06/19 - 2025/12/10 21:57PM

عنوان الخطبة :استوصوا بالنساء خيراً

الخطبة الأولى:

الحمدلله العظيم في قدره، العزيز في قهره، العالم بحال العبد في سره وجهره، أحمده سبحانه وأشكره، وأستعينه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيرا.                                                    

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران:102]

عباد الله: لقد كرم الإسلام المرأة، وصان حقوقها، وأوجب على الرجال القيام على جميع شؤونها؛ فالقوامة تكليف ومسؤولية، وليست تحكماً واستبداداً كما يتوهمه كثير ممن لا يفقهون حقيقة العلاقة بين الرجال والنساء؛ فالمرأة إما أن تكون أماً أو أختاً أو زوجة أو بنتاً، أو تربطها بالرجل قرابة أو غير ذلك من الروابط الاجتماعية، وهذه العلاقات الحميمة ليست من شأنها أن تنشئ العداوة أو البغضاء بين الرجل والمرأة، ولكن بعض المجتمعات في نظامها وأعرافها لا تحتكم إلى شرع الله في ضبط العلاقات السوية بين الرجل والمرأة، فينشأ الخلل، ويستشري الفساد، وتندلع أسباب الشقاق والعداوة والبغضاء.

ووصايا الرسول صَلى الله عليه وسلم بالنساء كثيرة ومتعددة، ومنها: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا»[رواه البخاري (3331) ومسلم(1468)]

فهذا الحديث، يضيء الطريق أمام الرجال، ويوضح لهم السبيل الأقوم للتعامل مع النساء.

إن خطاب الرسول صَلى الله عليه وسلم في هذا الحديث موجَّه للرجال؛ ولا شك أن الرجال يملكون حق القوامة على النساء، قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}[النساء:34]، فالزوج قيم على زوجته.

والمقصود أن الزوج أمين عليها، يتولى أمرها، ويصلحها في حالها، ويقوم عليها أمراً ونهياً كما يقوم الوالي على رعيته، وإنما كان حق القوامة للرجل على المرأة بالتأديب والتدبير والحفظ والصيانة: لما فضل الله الرجل على المرأة في العقل والرأي، وبما ألزمه الله تعالى من الإنفاق عليها.

فالقوامة هنا لا يراد بها التغلب والاستطالة والقهر، وإنما هي مراعاة لطبيعة الرجل والمرأة، وإلزام للرجل بما تقتضيه هذه القوامة من بذل المهر والنفقة، وحسن العشرة وصيانة المرأة وما شاكل ذلك.

عباد الله: لقد أرشد النبي صَلى الله عليه وسلم الرجال إلى الصبر على نسائهن، وبيَّن طبيعتهن التي جُبلن عليها، فالمرأة قاصرة جبلتها وطبيعتها، فإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها.

وفي ذلك توجيه من رسول الله صَلى الله عليه وسلم إلى معاشرة الإنسان لأهله بالمعروف، وأنه ينبغي أن يأخذ منهم العفو وما تيسر.

وأيضاً فالمرأةُ إن كَرِهْتَ منها خُلُقاً رضيت منها خلقاً آخر، فقابل هذا بهذا مع الصبر، وقد قال تعالى:{فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}[النساء:19]، وقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ»[رواه مسلم(1469)]

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}[النساء:19]      بارك الله لي ولكم في القرآن...

الخطبة الثانية:

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وعلى آله وصحبه ،ومن سار على نهجه واقتفى.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[الحشر:18]       

عباد الله: شاء الله عز وجل وتجلَّت حكمته أن يخلق المرأة على طبيعة تلائم ما كُلِّفت به، من رعاية للأزواج والأولاد وحُنُوٍّ عليهم، فخلقها الله من ضلع الرجل، وليس هذا تَنَقُّصاً منها أو قدحاً فيها، وإنما هو تمييز لها عن الرجل، وخلق لها على ما تقتضيه فطرتها وطبيعتها، وإلى ذلك أشار الرسول صَلى الله عليه وسلم في الحديث: «فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ  

تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ».

وفي ذلك إشارة إلى الطبيعة التكوينية للنساء، وهي تغليب الفطرة على العقل، فهو حثٌّ للرجال على مخاطبة الفطرة والغرائز، قبل مخاطبة العقل، ودعوة للرجال للصبر على عوج النساء.

فالمسلم في تعامله مع المرأة لا بدَّ أن يكون حكيماً، فالمرأة لن تتغير طبيعتها، وإنما يمكن تهذيب هذا الطبع بالعشرة الحسنة والمعاملة الجميلة؛ فعلى الإنسان أن لا يترك الأمر على اعوجاجه، بل عليه أن يعالج الأمور ويسُوسُها في اتزان وثبات ومحبة ومودة ورحمة، حتى تحسن العشرة الزوجية، استجابة لأمر الرسول صَلى الله عليه وسلم: «فاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا». [كنوز رياض الصالحين(5/190-198)]

=فلنتق الله تعالى -عباد الله-، ولنتعامل مع أزواجنا وبناتنا وأخواتنا برفق ولين، فيما يوافق التشريع الإسلامي؛ ولنحذر من عضل ومنع المرأة من الزواج بالكفء، ولنحذر من حرمان المرأة من حقها من الميراث، ولنوقن بالثواب العظيم لمن قام على حاجة البنات وأحسن إليهن. فـــ«أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا، أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُهُمْ خِيَارُهُمْ لِنِسَائِهِمْ»[أحمد(7402)حديث صحيح، وهذا إسناد حسن]        وصلوا وسلموا على الهادي البشير...

المرفقات

1765392987_استوصوا بالنساء خيراً.docx

1765393006_استوصوا بالنساء خيراً.pdf

المشاهدات 161 | التعليقات 0