الإِسْبَالُ وَ‫تَحْرِيمُ حَلْقِ اللِّحَى 8 شوال 1436هـ
محمد بن مبارك الشرافي
        1436/10/06 - 2015/07/22  15:27PM 
    
    
الإِسْبَالُ وَتَحْرِيمُ حَلْقِ اللِّحَى 8 شوال 1436هـ
الْحَمْدُ للهِ الْكَبِيرِ الْمُتَعَال ، ذِي الْجَمَالِ وَالْكَمَالِ وَالْعِزَّةِ وَالْجَلال، لا يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ مَقَال ، وَلا يُغْنِي عَنْ عَطَائِهِ وَالْحَاجَةِ إِلَيْه نَوَال ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مَحَمَّدَاً عَبْدُه وَرَسُولُهُ خَيْرُ مَنْ عَمِلَ وَقَال ، وَمَنْ أُوتِيَ الْحِكْمَةَ وَجَوَامِعَ الْمَقَال ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى إِخْوَانِهِ خَيْرِ صَحْبٍ وَآل ، وَسَلَّم َتسَلْيمَاُ كَثِيراً إِلَى يَوْمِ الْمَرْجِعِ وَالْمَآل .
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّ نَجَاتَنَا هِيْ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِ الشَّرِيعَةِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهَا ، حَتَّى وَإِنْ خَالَفَتْ رَغَبَاتِنَا ، أَوْ صَادَمَتْ مَا عَلَيْهِ الْمُجْتَمَعُ وَمَنْ حَوْلَنَا ، لِأَنَّهَا شَرِيعَةُ رَبِّ الْعَالَمِينَ الذِي قَالَ (إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ)
فَفَلاحُنَا بِاتِّبَاعِ الشَّرِيعَةِ وَهَلاكُنَا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ هِوَ بِتَرْكِ الشَّرِيعَةِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : لَدَيْنَا فِي هَذِهِ الخُطْبَةِ مَسْأَلَتَانَ مُهِمَّتَانِ قَدْ جَاءَتِ الأَدِلَّةُ مِنَ الْكُتَابِ وَالسُّنَّةِ بِبَيَانِهِمَا أَتَمَّ بَيَانٍ ، وَإِيضَاحِهِمَا أَشَدَّ تَوْضيِحٍ ، وَمَعَ ذَلِكَ حَصَلَ فِيهِمِا الْخَلَلُ وَنَزَلَ بِهِمَا الْخَطَل .
وَكُنْتُ فِي تَرَدُّدٍ مِنَ الْكَلَامِ فِيهِمَا وَمِنَ الْخُطْبَةِ فِي شَأْنِهِمَا , وَذَلِكَ لِحُصُولِ الْحَرَجِ وَمُصَادَمَةِ كَثِيرٍ مِمَّنْ يَحْضُرُ الْخُطْبَةَ، وَلِأَنَّهُ وَقَعَ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ الْأَخْيَارِ مِمَّنْ نَعْرِفُ دِينَهُمْ وَعِبَادَتَهُمْ وَحُبَّهُمْ لِلْخَيْرِ وَبُغْضَهُمْ لِلشَّرِّ ، فَمِنْ أَجْلِ أَنْ لَا نُكَدِّرَ خَوَاطِرَهُمْ كَانَ التَّرَدُّدُ .
وَقَدْ أَجَّلْتُ الْكَلَامَ فِيهِمَا عِدَّةَ مَرَّاتٍ، وَلَكِنْ لَمَّا اسْتَفْحَلَ الأَمْرُ وَكَثُرَ , بَلْ صَارَ غَيْرَ مُسْتَنْكِرٍ صَارَ لابُدَّ مِنَ الْبَيَانِ وَالتَّوْضِيحِ ، نُصْحَاً لِلْمُسْلِمِينَ وَبَيَانَاً لِلْحَقِّ الذِي جَاءَ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَإِنَّي أَحْسَبُكُمْ مِمَّنْ يَقُولُونَ (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الأُولَى فَهِيَ الإِسْبَالُ فِي الثِّيَابِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْمَلَابِسِ لِلرِّجَالِ ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يَكُونَ اللِّبَاسُ فَوْقَ الكَعْبَينِ ، وَالْكَعْبُ هُوَ الْعَظْمُ النَّاتِئُ بَيْنَ الْقَدَمِ وَالسَّاقِ.
وَأَمَّا إِنْزَالُهُ دُونَ الْكَعْبِ فَإِنَّهُ مُحَرَّمٌ بَلْ كَبِيرَةٌ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، فَكَيْفَ تُقْدِمُ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ عَلَى هَلَاكِ نَفْسِكَ بِمَلابِسِكَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ قَالَ (إزرةُ المؤمِنِ إلى عَضَلَةِ ساقِهِ ، ثمَّ إلى نِصْفِ ساقِهِ ثم إلى كعْبِه ، وما تَحْتَ الكعبينِ مِنَ الإزارِ ففي النارِ) 
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) قَالَ : فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مِرَارٍ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : خَابُوا وَخَسِرُوا، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ (الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ) رَوَاهُ مُسْلِم ، فَهَلْ تَرْضَى أَيُّهَا الْمُسْلِمُ أَنْ تَحُلَّ بِكَ هَذِهِ الْعُقُوبَاتُ بِسَبَبِ ثَوْبِكَ ؟ 
وَاعْلَمُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنَّ هَذِهِ الْعُقُوبَةُ السَّابِقَةُ إِنَّمَا هِيَ فِيمَنْ نَزَلَ ثَوْبُهُ أَوْ إِزَارَهُ تَحْتَ الْكَعْبِ، فَإِنْ صَحِبَ ذَلِكَ خُيَلاءُ فَإِنَّ عُقُوبَتَهُ أَشَدُّ ، فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَاعْجَبُوا أَيُّهَا الشَّبَابُ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ : فَحِينَ طُعِنَ عُمُرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، حَمَلُوهُ إِلَى بَيْتِهِ ثُمَّ دَعَا بِلَبَنٍ فَشِرَبِ فَخَرَجَ اللَّبَنُ مَعَ الطَّعْنَةِ فَعَرَفُوا أَنَّهُ سَيَمُوتُ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَزُورُنَهُ يُودِّعُونَهُ وَيَدْعُونَ لَهُ , فجَاءَ رَجُلٌ شَابٌّ فَقَالَ : أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ قَدْ كَانَ لَكَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقِدَمِ الْإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ , ثُمَّ استُخْلِفْتَ فَعَدَلْتَ ثُمَّ شَهَادَةٌ قَالَ : يَا ابْنَ أَخِي وَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ كَفَافٌ لَا عَلَيَّ وَلَا لِي , فَلَمَّا أَدْبَرَ الشَّابُّ إِذَا إِزَارُهُ يمسُّ الْأَرْضَ , فَقَالَ عُمُرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : رُدُّوا عَلَيَّ الغُلام , فَلَمَّا جَاءَهَ قَالَ : يَا ابْنَ أَخِي ارْفَعْ ثَوْبَكَ فَإِنَّهُ أَنْقَى لِثَوبِكَ وَأَتْقَى لِرَبِّك . رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ ، فَرَضِيَ اللَّهُ عُمَرَ لَمْ يَمْنَعْهُ مَا كَانَ فِيهِ أَنْ يَتَكَلَّمُ . لِأَنَّ الأَمْرَ خَطِيرٌ جِدّاً فَلَمْ تَمْنَعْهُ آلامُهُ وَدُمَاؤُهُ التِي تَنْزِفُ مِنْ أَنْ يَنْصَحَ هَذَا الشَّابَّ أَنْ يُنْقِذَ نَفْسَهُ مِنَ النَّارِ بِسَبَبِ إِسْبَالِ ثِيَابِهِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الْمُتَأَمِّلَ فِي ثِيَابِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَيَتَأَلَّمُ شَدِيدَاً وَيَحْزَنُ كَثِيرَاً لِمَا يَرَى مِنَ الْمُخَالَفَةِ الصَّرِيحَةِ وَالْوَاضِحَةِ لِهَذِهِ الأَدِلَّةِ الْكَثِيرَةِ التِي فِيهَا الْوَعِيدُ الْعَظِيمُ لِمَنْ خَالَفَ .
ثُمَّ إِنَّ الأَعْجَبَ أَنَّ النِّسَاءَ صِرْنَ يَتَسَابَقْنَ فِي تَقْصِيرِ الثِّيَابِ حَتَّى وَصَلَ الْحَدُّ إِلَى الرُّكْبَةِ بَلْ رَبَّمَا زَادَ عَنْ ذَلِكَ ، فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، مَعَ أَنَّ الْمَرْأَةَ مَأْمُورَةٌ أَنْ تُرْخِيَ ثَوْبَهَا حَتَّى يُغَطِّيَ قَدَمَيْهَا ، بَلْ مَا فَوْقَ ذَلِكَ ، فَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ) ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ ؟ قَالَ (يُرْخِينَ شِبْرًا) فَقَالَتْ : إِذنْ تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ ، قَالَ (فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا ، لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.
فَاللهُ الْمُسْتَعَانُ وَإِلَيْهِ الْمُشْتَكى ، إِنَّكَ لَتَرَى بَعْضَ الشَّبَابِ يَسْحَبُ ثَوْبَهُ خَلْفَهُ كَأَنَّهُ امْرَأَةٌ ، وَتَرَى بَعْضَ الْفَتَيَاتِ الصَّغِيرَاتِ ، وَرُبَّمَا مَنْ قَارَبْنَ الْبُلُوغَ وَقَدْ أَلْبَسَهَا أَهْلُهَا ثَوْبَاً يَكَادُ يَصِلُ إِلَى ركُبْتِهَا ، فَمَنِ الذِي أَمَرَ بِذَلِكَ ؟ وَفِي أَيِّ شَرْعٍ أَمْ أَيَّ سُنَّةٍ كَانَ هَذَا ؟
أَيُّهَا الرِّجَالُ : اتَّقُوا اللهَ فِي أَنْفُسِكُمْ وَفِيمَنْ تَحْتَ وِلايَتِكُمْ، فَإِنَّ اللهَ مُسْتَرْعِيكُمْ إِيَاهُمْ فَأَقِيمُوهُمْ عَلَى شَرْعِ اللهِ وَأْطُرُوهُمْ عَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم .
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ : هِيَ بَيَانُ حُكْمِ اللِّحْيَةِ , وَاللِّحْيَةِ هِيَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى اللِّحْيَيْنِ وَالْخَدَّيْنِ وَالصِّدْغَيْنِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ تَوْفيِرُهَا وَلا يَحِلُّ حَلْقُهَا وَلا تَقْصِيرُهَا ، فَهِيَ زِينَةٌ لِلْوَجْهِ وَمِيزَةٌ لِلرَّجُلِ مِنَ الصِّغَارِ وَأَحْدَاثِ السِّنِّ ، بَلْ شَرَفٌ لَهُ دُونَ النِّسَاءِ ، وَهِيَ طَريِقَةُ أَنْبِيَاءِ اللهِ الأَخْيَارِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَفِي قِصَّةِ مُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ قَالَ اللهُ تَعَالَى عَنْ هَارُونَ أَنَّهُ قَالَ (يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) 
وَكَانَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَا لِحَيْةٍ عَرِيضَةٍ تَمْلَأُ صَدْرَهُ ، فعن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ. رَوَاهُ مُسْلِم . وَفِي حَدِيثِ يَزِيدَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيلُ دَوَائِرِ الْوَجْهِ ، قَدْ مَلَأَتْ لِحْيَتُهُ مِنْ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ ، حَتَّى كَادَتْ تَمْلَأُ نَحْرَهُ .رَوَاهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَأَمَّا حُكْمُ حَلْقِ اللِّحَيْةِ أَوْ تَقْصِيرِهَا فَإِنَّهُ حَرَامٌ بَلْ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ ، قَالَ : الْعُلَمَاءُ إِنَّ حَلْقَ اللِّحْيَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً صَغِيرَةٌ ، لَكِنْ إِنْ كَرَّرَهَا صَارَتْ كَبِيرَةً ، وَلِذَلِكَ فَانْظُرْ نَفْسَكَ وَحَافِظْ عَلَى دِينِكَ ، وَقَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي الزَّجْرِ عَنْ حَلْقِ اللِّحْيَةِ أَوِ الأَخْذِ مِنْهَا وَالتَّغْلِيظِ فِي ذَلِكَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (خَالِفُوا المُشْرِكِينَ : وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (جُزُّوا الشَّوَارِبَ، وَأَرْخُوا اللِّحَى خَالِفُوا الْمَجُوسَ) رَوَاهُ مُسْلِم .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْمُحِبَّوُن لِرَسُولِ اللهِ مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذِهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ تَأْمُرُ بِتَوْفِيرِ اللِّحَى وَإِرْخَائِهَا وَتَنْهَى عَنْ مُخَالَفَةِ ذَلِكَ وَالتَّشْبُّهِ بِالْمُشْرِكينَ وَالْمَجُوسِ، فَاحْذَرْ أَنْ تُخَالِفَهَا وَأَطِعْ رَبَّكَ وَاتَّبْعِ رَسُولَكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ : أَتَدْرِي مَا الْفِتْنَةُ ؟ الْفِتْنَةُ : الشِّرْكُ ، لَعَلَّهُ إِذَا رَدَّ بَعْضَ قَوْلِهِ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنَ الزَّيْغِ فَيَهْلِكَ.
وَرُبَّمَا احْتَجَّ بَعْضُ النَّاسِ بِبَعْضِ الْفُضَلَاءِ مِمَّنْ يُخَالِفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، فَنَقُولُ : إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَ قُدْوَةً وَأَمَرَكَ بِاتِّبَاعِهِ , فَإِيَّاكَ ثُمَّ إِيَّاكَ فَالْحُجَّةُ هِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فِيمَنْ خَالَفَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : يُوشِكُ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْكُمْ حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ! أَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَقُولُونَ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ ؟
فَأَسْأَلُ اللهُ أَنْ يَشْرَحَ صَدْرِي وَصُدُورَكُمْ لِلِاقْتِدَاءِ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ يَرْزُقَنَا اتِّبَاعَهُ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً ، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا سُنَّتَهُ وَارْزُقْنَا مَحَبَّتَهُ وَأَدْخِلْنَا فِي َشَفاعَتِهِ وَأَسْقِنَا مِنْ حَوْضِهِ وَاجْمَعْنَا بِهِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَوَالِدِينَا وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ .
اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاَة أَمْرِنْا ، اللَّهُمَّ انْصُرْ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِكَ فِي ُكِّل مَكَانٍ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ وَاللَّهُمَّ انْصُرْهُمْ فِي جَنُوبِ الْمَمْلَكَةِ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِمَوْتَاهُمْ وَاجْعَلْهُمْ شُهَدَاءَ، اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضَاهُمْ وَعَافِ مُبْتَلَاهُمْ وَاخْلُفْهُمْ بِخَيْرٍ فِي أَهْلِيهِمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنَا محمدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .
المرفقات
الإِسْبَالُ وَ_تَحْرِيمُ حَلْقِ اللِّحَى 8 شوال 1436هـ.doc
الإِسْبَالُ وَ_تَحْرِيمُ حَلْقِ اللِّحَى 8 شوال 1436هـ.doc
 
                             
                             
             
             
             
             
                                 
                 
                     
                     
                         
                         
                     
                 
            
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق