الحر,تذكير ومعتبر
فهد السعيد
1447/01/01 - 2025/06/26 19:55PM
الحمد لله الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً.
واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديراً.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجا منيراً.
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
فيا أيها المسلمون: لقد منَّ الله على عباده بنعم عِظيمة، يشعرون ببعضها ويغفلون عن كثير منها، ومن هذه النعم ما يكون محفوفاً بما تكرهه النفس وتعافه، أو يشق عليها، ومن ذلك: فَصْلُ الصيفِ!
فَمِنْ تَدبيرِ اللهِ أنه خَلَقَ فُصولاً أربعةً يَتقلب فيها الزمنُ ما بين حرٍّ لافح وبَرْدٍ قَارِسٍ وربيع حَسَنٍ وبين ذلك يُبْسُ الخريف؛ وجَعَلَ اللهُ لكل فصلٍ من هذه الفصول عجائبَ وأسراراً، وحِكماً وأحكاماً (وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ* وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) وقال: ( لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُون)َ
أيها المسلمون: يتساءل الكثيرون عن أسباب الحر؟ وما الحكمةُ منه، ولماذا لا يكون العام كلُّه فَصْلاً واحداً؟ أَمَّا المَادِّيون ومُقَدِمُو النشرات الجوية فيبادرون للحديث عن وجود منخفضات جَويةٍ، أو تَسَلُّطِ أَشعةِ الشمس العَمودية على سَطحِ الأرض، أو إلى غير ذلك من جُملةِ الأسباب التي قد تَصِحُّ وقد لا تصح، وكلُّها اجتهاداتٌ بشرية وتحليلاتٌ فَلَكيةٌ لتبرير بعض الظواهر الكونية، وهذا كلُّه من العلم البشري ليس بمردود في الجملة، ولكن يَغيبُ عن الأذهان ماوَرَدَ في كتاب الله وسنةِ رسولِه مما يُفَسِّرُ كثيراً من الأحداث التي تَمر علينا؛ فهذا الحرَّ الذي تخفى حقيقته على أكثر الخلق! قد أخبرنا عنها رسول الهدى الذي لا ينطق عن الهوى، لم يعتمد فيها على نشرة جوية أو تحليلات جغرافية! بل اعتمد فيها على خبر السماء، فقد رَوى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة t أن رسول الله e قال: (اشْتَكَتِ النَّارُ إلى رَبِّهَا، فَقالَتْ: يا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فأذِنَ لَهَا بنَفَسَيْنِ، نَفَسٍ في الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ في الصَّيْفِ، فَهْوَ أَشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وَأَشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ) (أخرجه البخاري ومسلم)
وقال e : (إذا اشْتَدَّ الحرُّ فأبرِدوا بالصلاة، فإن شِدَّةَ الحَرِّ من فَيحِ جَهنَّم) (أخرجه البخاري ومسلم). هذا خَبَرٌ منه e أن هذا الحرَّ الذي نَجِدُه ونَصْطَلي به إنما هو من فيح جهنم. وفيحها: شِدُّةُ غَلَيانِها، وفي هذا التفسير النبوي ما يَدُلُّ العقولَ السليمةَ أنّ النارَ قد خُلِقَتْ وهي تَنْتَظِرُ سُكانها فنعوذُ بالله من حر جهنم وأَذاها.
عباد الله: والحر أَعظمُ عِبرة وآيةِ للقلوب الغافلة! إذا كان هذا الحرُّ الشديدُ وهذا الهواءُ اللَّافحُ والسَّمُومُ اللاهب الذي لا نستطيع تَحَمُلَه إنما هو نَفَسٌ من أنفاس جهنم فكيف بجهنم نفسها؟ لقد تحدث القرآن وكفى بالقرآن واعظاً فقال: (إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ *تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ) هذه جهنم التي كتبها الله للعصاة والمتمردين الذين خالفوا أمره ونهيه.
فكان حقَّا عَلينا أَنْ نَبْذَلَ من الأسباب ما يَقينا هذه النار؟ قال قتادةُ رحمه الله: "هل لكم بذلك يَدَان، أَمْ لكم عليه صَبر؟ طاعةُ اللهِ ورسولِه أَهْونُ عليكم يا قوم".
صَبَّ بعضُ الصالحين على رأسه ماءً فوجده شديدَ الحرِّ فَبَكَى وقال: ذَكَرتُ قولَه تعالى: (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤوسِهِمُ الحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا في بُطُونِهم والجُلُودُ) وجَاء في السِّيرِ أَنّ رَجلاً نَزَعَ ثيابَه ثم تَمَرَّغَ بالرَّمْضَاء وهو يقول لنفسه: ذوقي، نارُ جهنم أشد حرا؛ جِيفةُ بالليل بطَّالٌ بالنهار. هكذا كان حالُهم رحمهم الله.
أيها المسلمون: وفي تَقَلُّبِ الفُصولِ ما يَسْتَدعي التأملَ والتفكر والاعتبارَ، يقول ابنُ القيم: "ثمَّ تَأمل هَذِه الْحِكْمَةَ الْبَالِغَةَ فِي الْحرِّ وَالْبردِ وَقيامِ الْحَيَوَان والنبات عَلَيْهِمَا، وفَكِّرْ فِي دُخُول أَحَدِهما على الاخر بالتَّدريجِ والمُهْلةِ حَتَّى يَبْلَغَ نِهايتَه وَلَو دَخَلَ عَلَيْهِ مُفاجَأةً لأَضر ذَلِك بالأبدان وأَهْلَكَها وبالنبات، كَمَا لَو خرج الرجل من حمام مُفْرطٍ الْحَرَارَة الى مَكَان مُفْرطٍ فِي الْبُرُودَة، وَلَوْلَا الْعِنَايَةُ وَالْحكمَةُ وَالرَّحْمَة والاحسان لما كَانَ ذَلِك" فسبحانه من إلهٍ عليم حكيم.
أيها المسلمون: وهذا الحَرُّ لمِنْ تَأَمَّله نافعٌ بإذن الله في نُضوجِ بعض الثمارِ والنباتِ التي ينتفع بها الناس ويتغذون منها ولا يُنْضِجُها إلا شِّدَّةُ الحَرِّ، ولولاه لتَلِفَتْ وَفَسَدَتْ، وهو في الوقت نَفْسِهِ فُرصةٌ لبعض الحشرات التي لا تَقْتَاتُ إلا في الصيف فهي تنتظره بفارغ الصبر لتَجْمَعَ الطَّعامَ حتى إذا جاء الشتاء اخْتَفَت في جُحُورها.
ومن منافعه أيضاً: أنه يقتل كثيراً من الجراثيم والأحياء الضارة التي خلَّفتها مياه الأمطار، إلى غير ذلك مما يخفى علي العلم البشري القاصر، وصدق الله: (إنَّا كلَّ شيءٍ خَلَقْناه بِقَدَرٍ) أي: خَلَقَ لكلِ شَيءٍ مِن خَلْقِه ما يُصْلِحُهم.
فلله الحمد وله الكبرياء في السموات والأرض
بارك الله لي ولكم...
الحمدُ للهِ مُجزلِ النعمِ وواهبِ العَطَايا ودافعِ النِّقمِ، أَحْمَدُه حَمْدَ الطائعين وأشكره شُكرَ العارفين، وأصلي وأسلم على نبيه الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد: عند الشدائد تُمْتَحَنُ الضمائر وتُبْتَلَى النفوس، وللمؤمنين الموَفَّقِين مع شِدةِ الحرِّ موعداً كما كان لهم إبَّان شِدة البرد موعداً! إنه مَوعد العُبَّادِ الصالحين مع ظَمَأ الهواجر الذي كان بعضُ السلفِ يتأسف لفراقه ويتحسر عند موته لفواته.
قال معاذ بن جبل t: إنما أبكي على ظَمأ الهواجرِ وقيامِ لَيلِ الشتاء ومُزاحمةِ العلماء بالرُّكبِ عند حِلقِ الذكر.
ووصَّى عُمرُ رضي الله عنه عند موته ابنَه عبدَ اللهِ فقال له: عليك بخصالِ الإيمان، وَسَمَّى أَولَها: الصَّومَ في شدة الحر في الصيف.
وقال القاسم بن محمد: كانت عائشة رضي الله عنها تصوم في الحر الشديد قيل له: ما حَمَلَهَا على ذلك؟ قال: كانت تُبادِرُ الموت.
وكان بعضهم يصوم في الصيف حتى يكادُ يَسْقط.
وكانت بعضُ الصالحاتِ تَتَوَخَّى أَشَدَّ الأيامِ حَرَّاً فتصومَه فيقال لها في ذلك؟ فتقولُ: إنَّ السِّعرَ إذا رَخُصَ اشْتراه كلُّ أَحدٍ. تُشير إلى أنها لا تُؤْثِرُ إلا العمل الذي لا يَقْدِرُ عليه إلا قليلٌ من الناس لشدته عليهم، وهذا من علو الهمة وطلبِ الخير الذي يَتَضاعفُ أَجْرُه، وليس من البحث على المشقة.
ولما نَزَلَ أَحدُ الملوك في بعض أَسْفاره بين مكة والمدينة فدَعا بِغَدَائهِ، ورأى أَعرابياً فَدَعاه إلى الغداء معه، فقال له: دَعَاني من هو خيرٌ منك فأَجَبْتُه! فقال: مَنْ هُو؟ قال: اللهُ تعالى دَعاني إلى الصيام فصُمت. قال: في هذا الحر الشديد؟ قال: نعم! صُمت ليوم هو أشدُّ منه حرَّاً.
إخوة الدين: وفي الحر يتجلى الصبر على البلاء وفي الحر مكامن ابتلاء، فيصبر المؤمنون، فيحتسبون ما ينالهم من مشقة في سبيل رضا الله تعالى، كما ابْتَلَى اللهُ عِبادَه المؤمنين في غزوة تبوك بالحر الشديد فتَخَلَّفَ المنافقون واعتذروا عن الجهاد بحُجِّة الحر وقالوا: (لا تَنْفِروا في الحر) فقال الله: (قل نار جهنم أشدَّ حرَّا) وأما المؤمنون فأجابوا داعيَ اللهِ ولَبَّوا نِداءَ الرسول e وقد كانوا في عُسرة في الزاد وَعُسْرَةً فِي الْمَاءِ حَتَّى كَانُوا يَنْحَرُونَ الْبَعِيرَ عَلَى قِلَّةِ الرَّوَاحِلِ لِيَعْتَصِرُوا الْفَرْثَ الَّذِي فِي كَرِشِهِ وَيَبِلُّوا بِهِ أَلْسِنَتَهُمْ، وَعُسْرَةٍ فِي الظَّهْرِ حَتَّى كَانَ الْعَشَرَةُ يَعْتَقِبُونَ بَعِيرًا وَاحِدًا، وَعُسْرَةً فِي الزَّمَنِ وكانوا في وَقْتِ جَدَادِ الثمار وشدة القيظ! نَذْكُرُ هذا ونحن نأْسَى على قومٍ أَصِحَّاءَ أقوياءَ تَرَكوا الخير وتَقَاعَسوا عن بيوت الله مُعتَذرين بالحر، فكيف سيكون حالُهم لو دُعوا لما هو أعظمُ منه!
وأين من هذه المواقفِ مَنْ يَتبرمُ عند ارتفاع درجةِ الحرارة ولو يسيراً، ويصل الحال ببعضهم إلى سَبِّ الدهر عِياذاً بالله، وقد قال e فيما يرويه عن ربه: (يُؤذِيني ابنُ آدَمَ يسُبُّ الدَّهرَ وأنا الدَّهرُ بيدي الأمرُ أُقلِّبُ اللَّيلَ والنَّهارَ) (البخاري ومسلم) ولو أن هؤلاء استعاذوا بالله من النار لكان خيراً لهم من التشكي فلعله توافق ساعة إجابة.
أيها المسلمون: تذكروا بهذه الحر ما أفاء اللهُ علينا من نعم تُذهب جَمْرةَ القَيْظ وتُلَطِّفُ لَفْحَ الحرِّ في البيوت والسيارات والاستراحات وأماكن العمل، وهذا كما يَقودنا إلى شُكر الله بالقلب واللسان، فهو كذلك باعِثٌ إلى أَنْ تكونَ لنا وَقْفةٌ مع الفقراء والمساكين نَتَذَكرُ بها حَاَلَهم ونُحِسُّ أَلَمَهم، فأْطْلِقْ يا عبدَ اللهِ لِسَانَ الحَمدِ والشكر لِلهِ رب العالمين، وتَذَكَّرْ عندها مَنْ أَسَرَتْهُم الحاجةُ والفقرُ فَحُرِموا هذا الخيرَ والنعيم الذي تَنْعُمُ فيه.
فقراءُ في طول الأرض وعرضها لا يملكون أَدنى أدنى مُقوماتِ العيش الكريم وأُسرٌ قَيَّدَهم الفقرُ لا يُوجدُ في بيتهم إلا جهازٌ واحدِ تجتمع عليه الأسرة بأكملها، إن وَجَدوا!
فيا أيها الميسورون: جُودوا على مَنْ لا مَالَ له، وأفيضوا عليهم من فضل الله الذي آتاكم.
ويا أيها الراكبون: جُودُوا على المُشاةِ وافْسَحُوا لهم في الطرق وعند التقاطعات وعند الإشارات، ووسِّعُوا لهم في الانتظار، ولا تَضْطَرُّوهم إلى حافات الطريق، وخَفِّفوا عن العمال في هذه الأوقات.
يا أيها الراكبون: جُودُوا على المُشَاةِ تحت لَهيبِ الشمس بحَمْلِهم وتخفيف المسافات عليهم وإيصالهم إلى ما يريدون حتى لو تأخرتم عن مَشاوريكم بِضْعَ دقائق فإنها عند الله بمكان عظيم، وفي الحديث: (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ قيلَ: أرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَجِدْ؟ قالَ: يَعْتَمِلُ بيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ ويَتَصَدَّقُ قالَ، قيلَ: أرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؟ قالَ: يُعِينُ ذا الحاجَةِ المَلْهُوفَ) (أخرجه البخاري ومسلم) وفي الحديث الآخر: (مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلى مَنْ لا ظَهْرَ لَهُ، وَمَن كانَ لَهُ فَضْلٌ مِن زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَن لا زَادَ لَهُ) (أخرجه مسلم) و(في كل كبد رطبة أجر) (أخرجه البخاري ومسلم).
عباد الله: وثَمَّةَ اسْتفهامٌ يَلُوحُ في أذهان البعض مَفَادُه: ما بَالُ الكفَّارِ يَنْعَمون في بلدانهم بالأجواء العليلةِ والأعشابِ المُخْضَرَّةِ، وفي المسلمين من يُكابدَ الحرَّ الشديد؟ وهذه شُبْهةٌ تَولى القرآنُ الردَّ عليها فقال: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ﴾
وفي الحديث قال e: (الدُّنيا سِجنُ المؤمنِ وجنَّةُ الْكافرِ) (أخرجه مسلم) وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "إنَّ اللهَ يُعْطي الدنيا مَنْ يُحبُ ومَنْ لا يُحب ولا يُعْطِي الإيمانَ إلا مَنْ يُحب) (مصنف ابن أبي شيبة)
أيها المسلمون: وفي فصل الصيف يَتَأكدُ الحديثُ ويُوَجَّهُ النداءُ إلى ضرورة الاهتمام بمسألة التَّنَظفِ والتَّطَيبِ وتَخْليةِ الجسم وتنظيفه من الروائح الكريهة، بسبب الحر (والله جميل يحب الجمال) (أخرجه مسلم) فليُلزمُ المُسلمُ نفسه بِزِمَامِ الجمال والنظافة في مَلابسه ورائحةِ جِسْمه، خاصةً عند القدوم للمساجد والأماكن العامة فالبشر يتأذون والملائكة يتأذون مما يتأَذى منه بنو آدم.
أيها المسلمون: تذكروا بشدةِ الحر ووَهَجَ الشمس يومَ تَدْنو الشمسُ يومَ القيامةِ من الخلقِ، حتى تكونَ منهم كمقدارِ مَيلٍ، حينها لا مفر ومهرب ولا مناصَ، فيكون الناسُ على قدرِ أعمالهم في العَرقِ، فمنهم من يكونُ إلى كعبَيه، ومنهم من يكون إلى ركبتَيه، ومنهم من يكون إلى حِقْوَيه، ومنهم من يلجُمه العرقُ إلجامًا) (أخرجه مسلم)
نسأل الله أن يخفف عنا أهوال يوم القيامة، وأن يقيَنا نارها وأهوالها
وأن يجعلنا من الفائزين وفي الدنيا من المعتبرين
اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إلى دينك وشرعك
اللهم أدم على هذه البلاد أمنها وإيمانها وعقيدتها وجميع بلاد المسلمين.
واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديراً.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجا منيراً.
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
فيا أيها المسلمون: لقد منَّ الله على عباده بنعم عِظيمة، يشعرون ببعضها ويغفلون عن كثير منها، ومن هذه النعم ما يكون محفوفاً بما تكرهه النفس وتعافه، أو يشق عليها، ومن ذلك: فَصْلُ الصيفِ!
فَمِنْ تَدبيرِ اللهِ أنه خَلَقَ فُصولاً أربعةً يَتقلب فيها الزمنُ ما بين حرٍّ لافح وبَرْدٍ قَارِسٍ وربيع حَسَنٍ وبين ذلك يُبْسُ الخريف؛ وجَعَلَ اللهُ لكل فصلٍ من هذه الفصول عجائبَ وأسراراً، وحِكماً وأحكاماً (وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ* وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) وقال: ( لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُون)َ
أيها المسلمون: يتساءل الكثيرون عن أسباب الحر؟ وما الحكمةُ منه، ولماذا لا يكون العام كلُّه فَصْلاً واحداً؟ أَمَّا المَادِّيون ومُقَدِمُو النشرات الجوية فيبادرون للحديث عن وجود منخفضات جَويةٍ، أو تَسَلُّطِ أَشعةِ الشمس العَمودية على سَطحِ الأرض، أو إلى غير ذلك من جُملةِ الأسباب التي قد تَصِحُّ وقد لا تصح، وكلُّها اجتهاداتٌ بشرية وتحليلاتٌ فَلَكيةٌ لتبرير بعض الظواهر الكونية، وهذا كلُّه من العلم البشري ليس بمردود في الجملة، ولكن يَغيبُ عن الأذهان ماوَرَدَ في كتاب الله وسنةِ رسولِه مما يُفَسِّرُ كثيراً من الأحداث التي تَمر علينا؛ فهذا الحرَّ الذي تخفى حقيقته على أكثر الخلق! قد أخبرنا عنها رسول الهدى الذي لا ينطق عن الهوى، لم يعتمد فيها على نشرة جوية أو تحليلات جغرافية! بل اعتمد فيها على خبر السماء، فقد رَوى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة t أن رسول الله e قال: (اشْتَكَتِ النَّارُ إلى رَبِّهَا، فَقالَتْ: يا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فأذِنَ لَهَا بنَفَسَيْنِ، نَفَسٍ في الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ في الصَّيْفِ، فَهْوَ أَشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الحَرِّ، وَأَشَدُّ ما تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ) (أخرجه البخاري ومسلم)
وقال e : (إذا اشْتَدَّ الحرُّ فأبرِدوا بالصلاة، فإن شِدَّةَ الحَرِّ من فَيحِ جَهنَّم) (أخرجه البخاري ومسلم). هذا خَبَرٌ منه e أن هذا الحرَّ الذي نَجِدُه ونَصْطَلي به إنما هو من فيح جهنم. وفيحها: شِدُّةُ غَلَيانِها، وفي هذا التفسير النبوي ما يَدُلُّ العقولَ السليمةَ أنّ النارَ قد خُلِقَتْ وهي تَنْتَظِرُ سُكانها فنعوذُ بالله من حر جهنم وأَذاها.
عباد الله: والحر أَعظمُ عِبرة وآيةِ للقلوب الغافلة! إذا كان هذا الحرُّ الشديدُ وهذا الهواءُ اللَّافحُ والسَّمُومُ اللاهب الذي لا نستطيع تَحَمُلَه إنما هو نَفَسٌ من أنفاس جهنم فكيف بجهنم نفسها؟ لقد تحدث القرآن وكفى بالقرآن واعظاً فقال: (إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ *تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ) هذه جهنم التي كتبها الله للعصاة والمتمردين الذين خالفوا أمره ونهيه.
فكان حقَّا عَلينا أَنْ نَبْذَلَ من الأسباب ما يَقينا هذه النار؟ قال قتادةُ رحمه الله: "هل لكم بذلك يَدَان، أَمْ لكم عليه صَبر؟ طاعةُ اللهِ ورسولِه أَهْونُ عليكم يا قوم".
صَبَّ بعضُ الصالحين على رأسه ماءً فوجده شديدَ الحرِّ فَبَكَى وقال: ذَكَرتُ قولَه تعالى: (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤوسِهِمُ الحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا في بُطُونِهم والجُلُودُ) وجَاء في السِّيرِ أَنّ رَجلاً نَزَعَ ثيابَه ثم تَمَرَّغَ بالرَّمْضَاء وهو يقول لنفسه: ذوقي، نارُ جهنم أشد حرا؛ جِيفةُ بالليل بطَّالٌ بالنهار. هكذا كان حالُهم رحمهم الله.
أيها المسلمون: وفي تَقَلُّبِ الفُصولِ ما يَسْتَدعي التأملَ والتفكر والاعتبارَ، يقول ابنُ القيم: "ثمَّ تَأمل هَذِه الْحِكْمَةَ الْبَالِغَةَ فِي الْحرِّ وَالْبردِ وَقيامِ الْحَيَوَان والنبات عَلَيْهِمَا، وفَكِّرْ فِي دُخُول أَحَدِهما على الاخر بالتَّدريجِ والمُهْلةِ حَتَّى يَبْلَغَ نِهايتَه وَلَو دَخَلَ عَلَيْهِ مُفاجَأةً لأَضر ذَلِك بالأبدان وأَهْلَكَها وبالنبات، كَمَا لَو خرج الرجل من حمام مُفْرطٍ الْحَرَارَة الى مَكَان مُفْرطٍ فِي الْبُرُودَة، وَلَوْلَا الْعِنَايَةُ وَالْحكمَةُ وَالرَّحْمَة والاحسان لما كَانَ ذَلِك" فسبحانه من إلهٍ عليم حكيم.
أيها المسلمون: وهذا الحَرُّ لمِنْ تَأَمَّله نافعٌ بإذن الله في نُضوجِ بعض الثمارِ والنباتِ التي ينتفع بها الناس ويتغذون منها ولا يُنْضِجُها إلا شِّدَّةُ الحَرِّ، ولولاه لتَلِفَتْ وَفَسَدَتْ، وهو في الوقت نَفْسِهِ فُرصةٌ لبعض الحشرات التي لا تَقْتَاتُ إلا في الصيف فهي تنتظره بفارغ الصبر لتَجْمَعَ الطَّعامَ حتى إذا جاء الشتاء اخْتَفَت في جُحُورها.
ومن منافعه أيضاً: أنه يقتل كثيراً من الجراثيم والأحياء الضارة التي خلَّفتها مياه الأمطار، إلى غير ذلك مما يخفى علي العلم البشري القاصر، وصدق الله: (إنَّا كلَّ شيءٍ خَلَقْناه بِقَدَرٍ) أي: خَلَقَ لكلِ شَيءٍ مِن خَلْقِه ما يُصْلِحُهم.
فلله الحمد وله الكبرياء في السموات والأرض
بارك الله لي ولكم...
الحمدُ للهِ مُجزلِ النعمِ وواهبِ العَطَايا ودافعِ النِّقمِ، أَحْمَدُه حَمْدَ الطائعين وأشكره شُكرَ العارفين، وأصلي وأسلم على نبيه الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد: عند الشدائد تُمْتَحَنُ الضمائر وتُبْتَلَى النفوس، وللمؤمنين الموَفَّقِين مع شِدةِ الحرِّ موعداً كما كان لهم إبَّان شِدة البرد موعداً! إنه مَوعد العُبَّادِ الصالحين مع ظَمَأ الهواجر الذي كان بعضُ السلفِ يتأسف لفراقه ويتحسر عند موته لفواته.
قال معاذ بن جبل t: إنما أبكي على ظَمأ الهواجرِ وقيامِ لَيلِ الشتاء ومُزاحمةِ العلماء بالرُّكبِ عند حِلقِ الذكر.
ووصَّى عُمرُ رضي الله عنه عند موته ابنَه عبدَ اللهِ فقال له: عليك بخصالِ الإيمان، وَسَمَّى أَولَها: الصَّومَ في شدة الحر في الصيف.
وقال القاسم بن محمد: كانت عائشة رضي الله عنها تصوم في الحر الشديد قيل له: ما حَمَلَهَا على ذلك؟ قال: كانت تُبادِرُ الموت.
وكان بعضهم يصوم في الصيف حتى يكادُ يَسْقط.
وكانت بعضُ الصالحاتِ تَتَوَخَّى أَشَدَّ الأيامِ حَرَّاً فتصومَه فيقال لها في ذلك؟ فتقولُ: إنَّ السِّعرَ إذا رَخُصَ اشْتراه كلُّ أَحدٍ. تُشير إلى أنها لا تُؤْثِرُ إلا العمل الذي لا يَقْدِرُ عليه إلا قليلٌ من الناس لشدته عليهم، وهذا من علو الهمة وطلبِ الخير الذي يَتَضاعفُ أَجْرُه، وليس من البحث على المشقة.
ولما نَزَلَ أَحدُ الملوك في بعض أَسْفاره بين مكة والمدينة فدَعا بِغَدَائهِ، ورأى أَعرابياً فَدَعاه إلى الغداء معه، فقال له: دَعَاني من هو خيرٌ منك فأَجَبْتُه! فقال: مَنْ هُو؟ قال: اللهُ تعالى دَعاني إلى الصيام فصُمت. قال: في هذا الحر الشديد؟ قال: نعم! صُمت ليوم هو أشدُّ منه حرَّاً.
إخوة الدين: وفي الحر يتجلى الصبر على البلاء وفي الحر مكامن ابتلاء، فيصبر المؤمنون، فيحتسبون ما ينالهم من مشقة في سبيل رضا الله تعالى، كما ابْتَلَى اللهُ عِبادَه المؤمنين في غزوة تبوك بالحر الشديد فتَخَلَّفَ المنافقون واعتذروا عن الجهاد بحُجِّة الحر وقالوا: (لا تَنْفِروا في الحر) فقال الله: (قل نار جهنم أشدَّ حرَّا) وأما المؤمنون فأجابوا داعيَ اللهِ ولَبَّوا نِداءَ الرسول e وقد كانوا في عُسرة في الزاد وَعُسْرَةً فِي الْمَاءِ حَتَّى كَانُوا يَنْحَرُونَ الْبَعِيرَ عَلَى قِلَّةِ الرَّوَاحِلِ لِيَعْتَصِرُوا الْفَرْثَ الَّذِي فِي كَرِشِهِ وَيَبِلُّوا بِهِ أَلْسِنَتَهُمْ، وَعُسْرَةٍ فِي الظَّهْرِ حَتَّى كَانَ الْعَشَرَةُ يَعْتَقِبُونَ بَعِيرًا وَاحِدًا، وَعُسْرَةً فِي الزَّمَنِ وكانوا في وَقْتِ جَدَادِ الثمار وشدة القيظ! نَذْكُرُ هذا ونحن نأْسَى على قومٍ أَصِحَّاءَ أقوياءَ تَرَكوا الخير وتَقَاعَسوا عن بيوت الله مُعتَذرين بالحر، فكيف سيكون حالُهم لو دُعوا لما هو أعظمُ منه!
وأين من هذه المواقفِ مَنْ يَتبرمُ عند ارتفاع درجةِ الحرارة ولو يسيراً، ويصل الحال ببعضهم إلى سَبِّ الدهر عِياذاً بالله، وقد قال e فيما يرويه عن ربه: (يُؤذِيني ابنُ آدَمَ يسُبُّ الدَّهرَ وأنا الدَّهرُ بيدي الأمرُ أُقلِّبُ اللَّيلَ والنَّهارَ) (البخاري ومسلم) ولو أن هؤلاء استعاذوا بالله من النار لكان خيراً لهم من التشكي فلعله توافق ساعة إجابة.
أيها المسلمون: تذكروا بهذه الحر ما أفاء اللهُ علينا من نعم تُذهب جَمْرةَ القَيْظ وتُلَطِّفُ لَفْحَ الحرِّ في البيوت والسيارات والاستراحات وأماكن العمل، وهذا كما يَقودنا إلى شُكر الله بالقلب واللسان، فهو كذلك باعِثٌ إلى أَنْ تكونَ لنا وَقْفةٌ مع الفقراء والمساكين نَتَذَكرُ بها حَاَلَهم ونُحِسُّ أَلَمَهم، فأْطْلِقْ يا عبدَ اللهِ لِسَانَ الحَمدِ والشكر لِلهِ رب العالمين، وتَذَكَّرْ عندها مَنْ أَسَرَتْهُم الحاجةُ والفقرُ فَحُرِموا هذا الخيرَ والنعيم الذي تَنْعُمُ فيه.
فقراءُ في طول الأرض وعرضها لا يملكون أَدنى أدنى مُقوماتِ العيش الكريم وأُسرٌ قَيَّدَهم الفقرُ لا يُوجدُ في بيتهم إلا جهازٌ واحدِ تجتمع عليه الأسرة بأكملها، إن وَجَدوا!
فيا أيها الميسورون: جُودوا على مَنْ لا مَالَ له، وأفيضوا عليهم من فضل الله الذي آتاكم.
ويا أيها الراكبون: جُودُوا على المُشاةِ وافْسَحُوا لهم في الطرق وعند التقاطعات وعند الإشارات، ووسِّعُوا لهم في الانتظار، ولا تَضْطَرُّوهم إلى حافات الطريق، وخَفِّفوا عن العمال في هذه الأوقات.
يا أيها الراكبون: جُودُوا على المُشَاةِ تحت لَهيبِ الشمس بحَمْلِهم وتخفيف المسافات عليهم وإيصالهم إلى ما يريدون حتى لو تأخرتم عن مَشاوريكم بِضْعَ دقائق فإنها عند الله بمكان عظيم، وفي الحديث: (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ قيلَ: أرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَجِدْ؟ قالَ: يَعْتَمِلُ بيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ ويَتَصَدَّقُ قالَ، قيلَ: أرَأَيْتَ إنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؟ قالَ: يُعِينُ ذا الحاجَةِ المَلْهُوفَ) (أخرجه البخاري ومسلم) وفي الحديث الآخر: (مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلى مَنْ لا ظَهْرَ لَهُ، وَمَن كانَ لَهُ فَضْلٌ مِن زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَن لا زَادَ لَهُ) (أخرجه مسلم) و(في كل كبد رطبة أجر) (أخرجه البخاري ومسلم).
عباد الله: وثَمَّةَ اسْتفهامٌ يَلُوحُ في أذهان البعض مَفَادُه: ما بَالُ الكفَّارِ يَنْعَمون في بلدانهم بالأجواء العليلةِ والأعشابِ المُخْضَرَّةِ، وفي المسلمين من يُكابدَ الحرَّ الشديد؟ وهذه شُبْهةٌ تَولى القرآنُ الردَّ عليها فقال: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ﴾
وفي الحديث قال e: (الدُّنيا سِجنُ المؤمنِ وجنَّةُ الْكافرِ) (أخرجه مسلم) وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "إنَّ اللهَ يُعْطي الدنيا مَنْ يُحبُ ومَنْ لا يُحب ولا يُعْطِي الإيمانَ إلا مَنْ يُحب) (مصنف ابن أبي شيبة)
أيها المسلمون: وفي فصل الصيف يَتَأكدُ الحديثُ ويُوَجَّهُ النداءُ إلى ضرورة الاهتمام بمسألة التَّنَظفِ والتَّطَيبِ وتَخْليةِ الجسم وتنظيفه من الروائح الكريهة، بسبب الحر (والله جميل يحب الجمال) (أخرجه مسلم) فليُلزمُ المُسلمُ نفسه بِزِمَامِ الجمال والنظافة في مَلابسه ورائحةِ جِسْمه، خاصةً عند القدوم للمساجد والأماكن العامة فالبشر يتأذون والملائكة يتأذون مما يتأَذى منه بنو آدم.
أيها المسلمون: تذكروا بشدةِ الحر ووَهَجَ الشمس يومَ تَدْنو الشمسُ يومَ القيامةِ من الخلقِ، حتى تكونَ منهم كمقدارِ مَيلٍ، حينها لا مفر ومهرب ولا مناصَ، فيكون الناسُ على قدرِ أعمالهم في العَرقِ، فمنهم من يكونُ إلى كعبَيه، ومنهم من يكون إلى ركبتَيه، ومنهم من يكون إلى حِقْوَيه، ومنهم من يلجُمه العرقُ إلجامًا) (أخرجه مسلم)
نسأل الله أن يخفف عنا أهوال يوم القيامة، وأن يقيَنا نارها وأهوالها
وأن يجعلنا من الفائزين وفي الدنيا من المعتبرين
اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إلى دينك وشرعك
اللهم أدم على هذه البلاد أمنها وإيمانها وعقيدتها وجميع بلاد المسلمين.
المرفقات
1750956923_الحر، تذكير ومعتبر.docx
1750956928_الحر، تذكير ومعتبر.pdf