الذكاء الإصطناعي خيرهـ وشرّهـ (تعميم)
يوسف العوض
الخُطْبَةُ الأُولَى
الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ نِعْمَةَ الْعَقْلِ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى الْإِنسَانِ هِيَ مِفْتَاحُ الْمَعْرِفَةِ، وَبِهَا فُضِّلَ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا ، وَفِي عَصْرِنَا الْحَاضِرِ، ظَهَرَ مَا يُسَمَّى بِـ الذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ، وَهُوَ نَتَاجُ تَطَوُّرٍ تِقَنِيٍّ هَائِلٍ، يُحَاكِي قُدْرَاتِ الإِنْسَانِ فِي التَّفْكِيرِ وَالتَّحْلِيلِ وَاتِّخَاذِ القَرَارِ ، فالإِسْلَامُ لَمْ يَأْتِ لِرَفْضِ الْحَضَارَةِ، وَلَا لِتَجْمِيدِ العُقُولِ، بَلْ جَاءَ لِتَقْوِيمِهَا وَتَوْجِيهِهَا، فَكُلُّ مَا كَانَ فِيهِ خَيْرٌ لِلْخَلْقِ، وَفِي نِطَاقِ الْحَلَالِ، فَهُوَ مَمدُوحٌ فِي شَرْعِ اللَّهِ.
وَمِنْ مَنَافِعِ هَذِهِ التِّقْنِيَةِ الْجَدِيدَةِ:
تَسْهِيلُ الْوُصُولِ إِلَى الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وَالثَّقَافَةِ الإِسْلَامِيَّةِ.
خِدْمَةُ الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ بِطُرُقٍ جَذَّابَةٍ وَفَعَّالَةٍ.
تَطْوِيرُ مَجَالَاتِ الطِّبِّ وَالتَّعْلِيمِ وَالإِدَارَةِ وَالصِّنَاعَةِ.
وَلَكِنْ، عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَكُونَ وَاعِيًا بِأَنَّ:
الذَّكَاءَ الِاصْطِنَاعِيَّ قَدْ يُسْتَخْدَمُ فِي الْبَاطِلِ، كَتَزْيِيفِ الصُّوَرِ، وَنَشْرِ الشُّبُهَاتِ، وَالإِسَاءَةِ لِلدِّينِ.
وَقَدْ يُؤَدِّي إِلَى التَّوَكُّلِ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ، وَالانْفِصَالِ عَنِ القِيمِ وَالْمَبَادِئِ.
وَقَدْ يُؤَثِّرُ سَلْبًا عَلَى الْهِوِيَّةِ الدِّينِيَّةِ، خَاصَّةً فِي نُفُوسِ الْأَطْفَالِ وَالشَّبَابِ.
فَيَا مَنْ تَحْرِصُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَدُنْيَاكُمْ وَاجِهُوا هَذَا التَّطَوُّرَ بِوَعْيٍ وَبَصِيرَةٍ، وَاجْعَلُوهُ أَدَاةً فِي طَاعَةِ اللَّهِ، لَا سَبَبًا لِلْغَفْلَةِ وَالضَّيَاعِ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ :" إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، أَحَفِظَ أَمْ ضَيَّعَ؟ ".
فَكُونُوا رُعَاةً لِأَنْفُسِكُمْ، وَرُعَاةً لِأَهْلِيكُمْ، وَرُعَاةً لِهَذَا الْفِكْرِ الجَدِيدِ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَة
الحَمْدُ لِلَّهِ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ الذَّكَاءَ الِاصْطِنَاعِيَّ وَنَظَائِرَهُ مِنْ مُسْتَجَدَّاتِ الْعَصْرِ لَيْسَتْ مَذْمُومَةً لِذَاتِهَا، وَإِنَّمَا المَذْمُومُ هُوَ إِسَاءَةُ اسْتِخْدَامِهَا، أَوِ الإِفْرَاطُ فِي التَّعَلُّقِ بِهَا ، فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ مِنْهَا نَصِيبًا فِي مَا يُرْضِي اللَّهَ، لَا فِي مَا يُغْضِبُهُ، وَأَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ مَا يَسْتَخْدِمُهُ عَابِدًا، لَا غَافِلًا؛ مُسْتَعِينًا، لَا مُسْتَغْنِيًا ، قالَ اللهُ تَعَالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾.
اللَّهُمَّ عَلِّمْنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَانْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا، وَزِدْنَا عِلْمًا وَهُدًى.
وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
المرفقات
1753172770_الذكاء الاصطناعي.docx