الذُّنُوبُ الْمُهْلِكَاتُ 15 شَوَّال 1436هـ
محمد بن مبارك الشرافي
        1436/10/13 - 2015/07/29  15:13PM 
    
    
الذُّنُوبُ الْمُهْلِكَاتُ 15 شَوَّال 1436هـ
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّها المُؤْمِنُونَ وَاعْلَمُوا أنَّ دِينَنَا مَبْنِيٌّ عَلَى فِعْلِ أَوَامِرِ اللهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ , فَلا تَتِمُّ نَجَاتُنَا إِلَّا بِهَذَيْنِ الأَمْرَيْنِ , وَلِذَلِكَ كَثُرَتْ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي , وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَي رُبُوبِيَّةِ اللهِ لَنَا أَنْ يَأَمُرَنَا وَيَنْهَانَا , وَهُوَ وَمُقْتَضَى عُبُودِيَّتِنَا لَهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ نُطِيعَهُ فِي أَوَامِرِهِ امْتِثَالاً وَفِي نَوَاهِيهِ اجْتِنَابَا .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ رَحِمَهُمَا اللهُ فِي صَحِيحِهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ) قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ (الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالسِّحْرُ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه .
فَهَذَا حَدِيثٌ عَظِيمٌ عَجِيبٌ , حَذَّرَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّتَهُ مِنْ سَبْعَةِ أَعْمَالٍ تُوجِبُ لَهُمُ الْهَلاكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ .
فَأَوُّلُهَا : الشِّرْكُ , وَهُوَ جَعْلُ شَرِيكٍ مَعَ اللهِ تَعَالَى فِي رُبُوبِيَّتِهِ أَوْ أُلُوهِيَّتِهِ أَوْ أَسْمَائِهِ أَو صِفَاتِهِ , وَالشِّرْكُ أَشَرُّ الذُّنُوبِ وَأَسْوَأُ الْعُيُوبِ وَمَا عُصِيَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذنب أَقْبَحَ وَلا أَسْوَأَ مِنْهُ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ ؟ قَالَ (أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه , وَإِنَّ الشِّرْكَ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ خَطِيرٌ جِدّا , فَلا نَأْمَنُ عَلَى أَنْفُسَنَا مِنْ أَنْ نَقَعَ فِيهِ , وَقَدْ خَافَهُ نَبِيُّ اللهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى نَفْسِهِ وَبَنِيهِ , وَخَافَهُ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ)
وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ) قَالُوا : وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ (الرِّيَاءُ ، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ : اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِي .
وَأَمَّا السِّحْرُ فَذَنْبٌ كَبِيرٌ وَشَرٌّ مُسْتَطِير , وَهُوَ قَرِينُ الشِّرْكِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , وَسَمَّاهُ اللهُ كُفْرَاً فِي الْقُرْآنِ , فَالْمَلَكَانِ اللَّذَانِ أَنْزَلَهُمَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَامْتِحَانَاً كَانَا يُعَلِّمَانِ النَّاسَ السِّحْرَ , وَلَكِنْ قَبْلَ التَّعْلِيمِ يُحَذِّرَانِ مِنْهُ , قَالَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ)
وَتَبَرَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ السَّاحِرِ وَمِمَّنْ يَتَعَامَلُ مَعَهُ , فعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ ، أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ ، أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ , وَمَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَحَسَّنَ إِسْنَادَهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ . وَمِمَّا يُنْذِرُ بِالْخَطَرِ الْعَظِيمِ انْتِشَارُ السِّحْرِ فِي أَوْسَاطِ الْمُسْلِمِينَ وَرَوَاجُهُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَلا سِيَّمَا النَّسَاء , فَالْوَاجِبُ الْحَذَرُ مِنَ السِّحْرِ وَالسَّحَرَةِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَأَمَّا النُّفُوسُ الْمُحَرَّمُ قَتْلُهَا فَهِيَ أَرْبَعٌ : الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَالْمُعَاهَدُ وَالْمُسْتَأْمِنُ , فَالذِّمَّيُّ هُوَ الذِي يَسْكُنُ فِي بِلادِ الْمُسْلِمِينَ بِشَكْلٍ دَائِمٍ وَيَدْفَعُ الْجِزْيَةَ , وَأَمَّا الْمُعَاهَدُ فَهُوَ كَافِرٌ مِنْ بِلادٍ كَافِرَةٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَلَدِهِ عَهْدٌ وَأَمَانٌ بِعَدَمِ الْحَرْبِ , وَدَخَل بِلادَنَا لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا , وَأَمَّا الْمُسْتَأْمِنُ فَهُوَ شَخْصٌ وَاحِدٌ مِنْ بِلادٍ كَافِرَةٍ مُحَارِبَةٍ لَكِنْ دَخَلَ بِلادَنَا بِعَهْدٍ خَاصٍّ لِحَاجَةٍ كَتِجَارَةٍ أَوْ لِيَسْمَعَ الْقُرْآنَ أَوْ يَزُورَ قَرِيبَاً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , فَهَؤُلاءِ دِمَاؤُهُمْ مُحَرَّمَةٌ , وَوَاجِبٌ عَلَيْنَا حِفْظُ نُفُوسِهِمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلامِ , وَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْهِمْ فَقَدْ وَقَعَ فِي مَهْلَكَةٍ مِنَ الْمُهْلِكَاتِ وَكَبِيرَةٍ مِنَ الْمُوبِقَاتِ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ , وَإِنَّ رِيحَهَا لِيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًّا) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ .
وَأَمَّا حُرْمَةُ دَمِ الْمُسْلِمِ فَهِيَ أَبْيَنُ مِنْ أَنْ تُظْهَرَ وَأَوْضَحُ مِنْ أَنْ تُشْهَرَ , وَمَعَ الأَسَفِ فَقَدْ تَهَاوَنَ بَعْضُ النَّاسِ بِهَذَا الْجَانِبِ , وَمَا عَرَفَ أَنَّهُ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلْهَلاكِ الدُّنْيَوِيِّ وَالأُخْرَوِيِّ , وَقَدْ تَكَاثَرَتْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي حُرْمَةِ الاعْتِدَاءِ عَلَى الْمُسْلِمِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) , وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِّيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا) رَوَاهُ البُخَارِيُّ .
لَكِنْ إِنْ فَعَلَ الْمُسْلِمُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ مُعَاهَدٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُسْتَأْمِنٍ مَا يُبِيحُ سَفْكَ دَمِهِ فَإِنَّ وَلِيَّ الأَمْرِ هُوَ الذِي يَتَوَلَى ذَلِكَ وَليَسْ أَيُّ أَحَدٍ , لِأَنَّ هَذَا هُوَ حَقُّهُ وَمُوكَلٌ إِلَيْهِ تَنْفِيذُهُ , لِئَلَّا تَخْتَلِطَ الأُمُورُ وَتَصِيرُ فَوْضَى فَكُلٌّ يَقْتُلُ وَيَدَّعِي أَنَّهُ بِحَقٍّ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَأَمَّا الرِّبَا فَهُوَ مِنْ أَشَدَّ الْمُحَرَّمَاتِ وَقَدْ تَكَاثَرَتْ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي الْوَعِيدِ فِيهِ بِمَا لا يُعَادِلُ ذَنْبَاً مِثْلَهُ سِوَى الشِّرْكِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) , وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا ، وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ ، وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ (هُمْ سَوَاءٌ)
فَاحْذَرْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ مِنَ الرَّبَا إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ النَّجَاةَ لِنَفْسِكَ , وَاعْلَمْ أَنَّ الرِّبَا لا يَزِيدُكَ إِلَّا فَقْرَاً وَلَنْ يُخَلِّصَكَ مِنَ الْحَاجَةِ التِي رُبَّمَا سَوَّلَ لَكَ الشَّيْطَانُ أَنَّكَ مُضْطَرٌ مَعَهَا إِلَى الرِّبَا , فَإِنْ تَرَدَّدْتَ فِي مُعَامَلَةٍ هَلْ هِيَ رِبَوِيَّةُ أَمْ لا فَاسْأَلْ أَهْلَ الْعِلْمِ , لِتَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ فِي دِينِكَ وَعَلَى نُورٍ فِي بَيْعِكِ وَشِرِائِكِ .
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرِّحِيمُ .
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ الْيَتِيمَ هُوَ مَنْ مَاتَ أَبُوهُ وَلَمْ يَبْلُغْ , فِرِعَايَتُهُ وَالْقِيَامُ عَلَيْهِ مِنْ أَعْظَمِ الأَبْوَابِ الْمُقَرِّبَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى , لِأَنَّهُ فَقَدَ كَاسِبَهُ وَمَنْ يُرَاعِيهِ وَيَحْمِيهِ , فَعَنْ سَهْلٍ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَأَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا ) وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى . رَوَاهُ الْبُخَارِي
فَإِذَا كَانَتْ كَفَالَتُهُ بِهَذَهِ الْمَثَابَةِ فَالتَّفْرِيطُ فِي حَقِّهِ وَأَكْلُ مَالِهِ مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)
وَأَمَّا التَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ , فَهُوَ هُرُوبُ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكُفَّارِ وَقَدْ حَضَرَ الْمَعْرَكَةَ , فَإِذَا انْهَزَمَ وَهَرَبَ مِنْ أَعْدَائِهِ فَهَذَا مُحَرَّمٌ تَحْرِيمَاً شَدِيدَاً , قَالَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)
أَمَّةَ الإِسْلامِ : وَالْمُوبِقَةُ السَّابِعَةُ هِيَ التَّلَفُّظُ بِأَلْفَاظٍ فِيهَا نِسْبَةُ الْمُسْلِمَةِ إِلَى الزِّنَا , بَيْنَمَا الْوَاقِعُ أَنَّهَا بَرِيئَةٌ مِنْ ذَلِكَ وَغَافِلَةٌ حَتَّى عَنْ مُجَرَّدِ التَّفْكِيرِ فِيه , وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْجِنَايَات , لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَشْوِيهَاً لِسُمْعَتِهَا وَتَلْطِيخَاً لِعِرْضِهَا وَعِرْضِ أَهْلِهَا وَسُمْعَتِهِمْ , وَهَذَا الْحُكْمُ يَشْمَلُ الْمَرْأَةَ وَالرَّجُلَ , فَتُهْمَةُ الرَّجُلِ فِي عِرْضِهِ بِزِنَا أَوْ لِوَاطٍ كَبْيرَةٌ مِنَ الْكَبَائِرِ وَعَظِيمَةٌ مِنَ الْعَظَائِمِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ)
فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ , وَاحْذَرُوا الذُّنُوبَ كَبِيرَهَا وَصَغِيرَهَا , وَلا سِيَّمَا هَذِهِ السَّبْعَ الوَارِدَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , وَهِي : الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالسِّحْرُ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ .
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَهُ , اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمَاً نَافِعَا وَعَمَلاً صَالِحَاً مُتَقَبَّلاً , اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ , وَمِنْ نُفُوسٍ لا تَشْبَعُ وَمِنْ عُيُونٍ لا تَدْمَعُ وَمِنْ دُعَاءٍ لا يُسْمَع , اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاها وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنَّ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاهَا , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا , وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا التِي فِيهَا مَعَاشُنَا وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا التِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا .
رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ وُلاةَ أَمْرِنَا وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلامِ وَاجْعَلْهُمْ هُدَاةً مُهْتَدِينَ , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فَي كُلِّ مَكَانٍ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ , رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار ! وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبّ العَالَمِينْ .
المرفقات
الذُّنُوبُ الْمُهْلِكَاتُ 15 شَوَّال 1436هـ.doc
الذُّنُوبُ الْمُهْلِكَاتُ 15 شَوَّال 1436هـ.doc
 
                             
                             
             
             
             
             
                                 
                 
                     
                     
                         
                         
                     
                 
            
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا ونفع بعلمك
تعديل التعليق