العافية النعمة التي يغفل عنها

العافية النعمة التي يغفل عنها 1447/5/23هـ

أما بعد أيها الإخوة: عَنْ أَوْسَطَ بْنِ عَامِرِ الْبَجَلِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ- قَالَ: خَطَبَنَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- مَقَامِي هَذَا عَامَ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ فِي هَذَا الْقَيْظِ عَامَ الْأَوَّلِ: «سَلُوا اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ، وَالْيَقِينَ فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُؤْتَ رَجُلٌ بَعْدَ الْيَقِينِ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنْ الْعَافِيَةَ».. الحديث رواه أحمد وابن ماجة وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

نعم أحبتي: سَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ تلكم الكلمة الخفيفة في لفظها، العظيمة في معناها، الكبيرة في أثرها..

العافية: التي يتطلع لإحرازها كلُ البشرِ كبيرِهم وصغيرِهم ذكرِهم وأنثاهم رفيعِهم ووضيعِهم..

العافية: المنحة الربانية الكبرى، متى ما فقدت لا تشترى بأموال الدنيا قاطبة.. العافية: التي لا توهب لحبيب من والد أو ولد أو زوجة أو أخ أو صديق، ولا لذي نعمة عليك من ذوي المقام العالي الرفيع.. العافية: أمنية المرضى والمبتلين بأي بلوى.. العافية: أعظم الجوائز وأكرم العطايا وأعلى الهبات..

العافية: التي متى ما فقدت غادرت من غادرته السعادة.. فلا يهنأ بعيش.. ولا ينعم بعطاء.. قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: "مَكْتُوبٌ فِي حِكْمَةِ آلِ دَاوُدَ:‌‌ الْعَافِيَةُ ‌الْمُلْكُ ‌الْخَفِيُّ" الشكر لابن أبي الدنيا. نعم والله إنها ملك خفي لا يحس بعظمته إلا من فقده.. أو وفق للتنبه له..

أيها الإخوة: اسألوا الله العافية.. وأكثروا من سؤال الله إيها فهي أم الملذات وأعظم الرحمات، وسيدة الحياة، فلا تطيب الحياة بدونها.. وما رُزقَ أحدٌ بعد الإسلامِ خيرًا من العافيةِ.. من رُزقها فكأنما حيزت له الدنيا بحذفيرها.. والعافيةُ هي: البُرْءُ من الأسقامِ والبلايا في الدِّين والدنيا والأهلِ والمالِ، وفراغُ القلبِ من كلِ بليةٍ تُكَدِرُهُ.. فليس شيء من الدنيا يهنأ لصاحبِهِ إلا مع العافية.. ولما للْعَافِيَةِ من عظيمِ الأثرِ في حياة الفرد والأمة، أَوْصَى بِهَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- جَمْعًا من أصحابه منهم عَمَّهُ العَبَّاسَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ العَبَّاسُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ: «سَلِ اللَّهَ العَافِيَةَ»، ‌فَمَكَثْتُ ‌أَيَّامًا ثُمَّ جِئْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللَّهَ، فَقَالَ لِي: «يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ، سَلِ اللَّهَ، العَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». رواه الترمذي وصححه الألباني. وتكراره -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- الأَمْرَ بِالدُّعَاءِ بِالْعَافِيَةِ بَعْدَ تَكْرِيرِ السؤُالِ عَلَيْهِ دَلِيلٌ على عِظَمِ الدُّعَاءِ بِالْعَافِيَةِ.. وَأَنَّهُ دُعَاءٌ لا يُسَاوِيهِ شَيْءٌ مِنْ الأَدْعِيَةِ وَلا يَقُومُ مَقَامَهُ.. وَعَنْ طَارِقِ ‌بْنِ ‌أَشْيَمَ الْأَشْجَعِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ أَقُولُ حِينَ أَسْأَلُ رَبِّي؟ قَالَ: قُلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَعَافِنِي، وَارْزُقْنِي.. وَيَجْمَعُ أَصَابِعَهُ إِلَّا الْإِبْهَامَ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ تَجْمَعُ لَكَ دُنْيَاكَ، وَآخِرَتَكَ» رواه مسلم..

وكَانَ الرَسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- يوصي الصحابَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- في أولِ إسلامِهم بالدعاء بالعافية.. فعن أبي مَالِكٍ الأَشْجَعِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَسْلَمَ عَلَّمَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- الصَّلاةَ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي» رواه مسلم..

والدعاء بالعافية من أفضلِ الدعاءِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ-: «‌مَا ‌مِنْ ‌دَعْوَةٍ ‌يَدْعُو ‌بِهَا الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» رواه ابن ماجة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وصححه الألباني والفرق بين العَافِيَةِ الْمُعَافَاةَ، أَنَّ العَافِيَةَ: دِفَاعُ اللهِ -سبحانه- الأَسْقَامَ وَالْبَلايَا عَنْ العَبْدِ.. وَالْمُعَافَاةُ: أَنْ يُعَافِيَك اللَّهُ مِنْ النَّاسِ وَيُعَافِيَهُمْ مِنْك أَيْ يُغْنِيك عَنْهُمْ وَيُغْنِيهِمْ عَنْك وَيَصْرِفَ أَذَاهُمْ عَنْك وَأَذَاك عَنْهُمْ..

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- عَادَ رَجُلًا قَدْ جُهِدَ حَتَّى ‌صَارَ ‌مِثْلَ ‌الفَرْخِ فَقَالَ لَهُ: «أَمَا كُنْتَ تَدْعُو؟ أَمَا كُنْتَ تَسْأَلُ رَبَّكَ العَافِيَةَ».؟ قَالَ: كُنْتُ أَقُولُ: اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ-: «سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَا تُطِيقُهُ أَوْ لَا تَسْتَطِيعُهُ، أَفَلَا كُنْتَ تَقُولُ: اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ». رواه الترمذي وصححه الألباني وزاد مسلم «قَالَ أنس: فَدَعَا اللهَ لَهُ فَشَفَاهُ.».. وكانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- يتعوذ بالله من تحول الْعَافِيَةِ، فقد: «كَانَ يَقُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، ‌وَتَحَوُّلِ ‌عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ» رواه مسلم وأبو داود عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، ‌وَتَحَوُّلِ ‌عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ.. اللهم اجعلنا هداة مهتدين.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد..

الخطبة الثانية:

أيها الإخوة ولأهمية العَافِيَةِ دعا بها النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- في عددٍ من الأدعية كَدُعَاءِ الاستفتاح لصلاة الليل، فَعَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: مَاذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- يَفْتَتِحُ بِهِ قِيَامَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ ‌«كَانَ ‌يُكَبِّرُ ‌عَشْرًا، وَيَحْمَدُ عَشْرًا، وَيُسَبِّحُ عَشْرًا، وَيَسْتَغْفِرُ عَشْرًا، وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ! اغْفِرْ لِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي، وَعَافِنِي، وَيَتَعَوَّذُ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه ابن ماجة وقال الألباني حسن صحيح.. وكان يسألُ اللهَ العَافِيَةَ بين السجدتين فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: ‌اللَّهُمَّ ‌اغْفِرْ ‌لِي، ‌وَارْحَمْنِي، وَعَافِنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي.» رواه أبو داود وحسنه الألباني.

ويسألُ الله العَافِيَةَ في الوتر، فَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: «عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ فِي الْوِتْرِ قَالَ: «قُلْ اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، ‌وَعَافِنِي ‌فِيمَنْ ‌عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ». رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وصححه الألباني. وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- يَدَعُ هَؤُلاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» رواه أحمد وأبو داود -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- وصححه الألباني..  وعند رؤية المبتلى ينبغي للمؤمن أن يتذكر ما حباه الله به من العافية ويدعو قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ رَأَى مُبْتَلًى، فَقَالَ: ‌الحَمْدُ ‌لِلَّهِ ‌الَّذِي ‌عَافَانِي ‌مِمَّا ‌ابْتَلَاكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا، لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ البَلَاءُ». رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وصححه الألباني. وَالعافية يحتاجها الأموات كما يحتاجها الأحياء قَالَ بُرَيْدَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ- يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ أَنْ يَقُولُوا «السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَلاحِقُونَ أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ» رواه مسلم. وسؤال العافية للأموات: أن ينجيهم من عذاب القبر وعذاب النار.

وبعد أحبتي: ليقف كلُ واحدٍ منا مع نفسِهِ ثم يتفكر بعافيةِ البدن التي يتمتع بها.. وأنه يسمع ويرى ويحس ويأكل ويشرب ويقضي حاجته بنفسه.. ثم تفكر أخي: بعافيةِ الدين والمذهب الذي حباك الله به، وأنك لم تولد في بلاد بدعة أو كفر.. وتفكر بعافيةِ عقلك  ونفسيتك.. وانظر في القائمة الطويلة للعافية التي لا تنتهي.. فنحن في عوافي تتجدد كل لحظة.. فلنكثر من شكر الله ودعائه بالعافية نسعد ونفلح..  

 

 

المشاهدات 398 | التعليقات 0