الكسوف والخسوف آية تخويف للعباد
مالك البوم
الحمد لله الذي خلقَ الشمسَ والقمر وأجراهُما بقُدرته ومشيئته في السماء إلى المشارق والمغارب، سبحانه مِن إله ما أعظمَه، خضَعَت له جميع الخلائق ، أشهد أنْ لا إله إلا هوَ سبحانه، أظهر لعباده مِن آياته دليلًا، وهَدى مَن شاء مِن خلقه فاتخذ ذلك عِبرة، وابتَغى إلى نجاته سبيلًا، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، أبلغُ الخلق بيانًا، وأصدقُهم قيلًا فصلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.
أمَّا بعدُ،
كم مِن الآياتِ المُفزِعات، والعِظاتِ الزَّاجرات، التي تمُرُّ علينا فلا يَخاف عندها قلب، ولا تَدمع لها عين، { وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ }.
أحْدَثَ الله في سماء أرضِه آيةً يُخوِّف بها عبادَه وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ۚ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا ۚ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا وصحَّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال (( إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، يُخَوِّفُ اللهُ بِهِمَا عِبَادَهُ، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا، وَادْعُوا اللهَ حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ ))، فيَا تُرى هل خافت القلوب وارتجَفت الأبدان، وأقلعت النفوس عن الذُّنوب وتابت، وتكاثرت الأعمال الصالحات.
وأهل عصرنا اليوم على تهاونهم تهاونوا فما أقمنا لأمر الكسوف وزنًا، ولم يُحرِّك في بعضنا ساكنًا، وما ذاك إلا لِضعفِ في إيمان، وجهلِ بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعتمدنا على أسباب الكسوفِ الطبيعية الكونية، وغفلنا عن الأسباب الشرعيةِ والحِكمَ البالغة التي مِن أجلها يُحدِث فلم يَرجعوا إلى ربِّهم بهذا الإنذار، ولم يَقفوا بين يديه بالذُّلِّ والإنكسار، { وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ }».
أهل الكفر: يُشغلون أنفسهم بمتابعة هذه الحادثة والنظر إليها مِن حين بدايتها وحتى نهايته».
وأمَّا أهل الإسلام والإيمان:«فإنَّهم يَفزعون مِن أوَّل رُؤيته وحتى نهايته إلى الصلاة، والدعاء، وذِكر الله، والصدقة، والاستغفار، والتهليل، والتكبير، والحمد»،
كَسفتِ الشمس في زمنِه، في السَّنَّة العاشرة مِن الهجرة، في يومٍ شديدِ الحَرِّ،
(( خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ، فَأَتَى المَسْجِدَ فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ ))، بل ومِن شدَّة فزَعِه صلى الله عليه وسلم أخطأ في لباسِه، فأخذ دِرعَ أهلِه بدَل الرِّداء، وخرج وهو يجُرُّه جرًّا، ولم ينتظر ليلبَسَه، حتى أتَى المسجد ولمَّا وصَل صلى الله عليه وسلم إلى المسجد أمَر مناديًا ينادي: «الصلاة جامعة»، فاجتمع الناس، فصلَّى بِهم صلاة غريبةً لا نظير لها في الصلوات المُعتادة
فلمَّا انتهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِن صلاة الكسوف تكلَّم في الناس فحمدَ اللهَ وأثنَى عليه، وكان مِمَّا قاله صلى الله عليه وسلمإِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ مِنْ آيَاتِ اللهِ، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَكَبِّرُوا، وَادْعُوا اللهَ وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ إِنْ مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ، أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ القَبْرِ )).
وصحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم عندَ الكسوف أنهُ أمر بالفزع إلى الصلاة، وإلى ذِكرِ الله، ودعائِه، واستغفارِه، وتكبيرِه، وتهليلِه، وحمدِه، حتى يُكشَف ما بِنَا، وأمَرَ بالصدقة، وعِتقِ الرَّقاب،
فقال(( إِنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي يُرْسِلُ اللهُ لَا تَكُونُ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ اللهَ يُرْسِلُهَا، يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا، فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِهِ، وَدُعَائِهِ، وَاسْتِغْفَارِهِ )).
اخواني قد انعقدَت أسبابُ البلاءِ والانتقام ، ضيع أهل الإسلام واجباتهم ابتعدوا عن ربهم غاب دينهم وشرع ربهم من تفاصيل حياتهم والله حق لهذه الأمة أن تخاف وأن ترجع إلى دينها ليفرج الله عنا ما نحن فيه من العجز والضعف وانعدام الخير والبركة فلنفزع إلى الصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة والرجوع إلى الله والتوبة إليه ليرفع الله عنا
اللهم يا رب السماوات والأرض يا ربنا العظيم كما أريتنا آياتك الكونية الدالة على عظمتك أرنا آياتك وقوتك في اليهود الملاعين ومن كان معهم من المنافقين أرنا آياتك العظمى في فرجك عن أهلنا المستضعفين وفرج عنهم الضيق وغير أحوالهم وكن معهم
يا ربنا اهد أمة الإسلام وردها إلى دينك رداً جميلاً وأصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان واستعملنا لنصرة دينك وإقامة شرعك
فجعلَني اللهُ وإيَّاكم: مِمَّن إذا ذُكِّرَ ادَّكَر، وإذا وعِظَ اعتبر، وإذا أُعطِيَ شَكر، وإذا ابتُليَ صبَر، وإذا أذنَبَ استغفَر، ربِّ اغفر وارحم وأنت خير الراحمين 3، اللهمَّ اغفر لنا ولوالِدِينا وأجدادِنا وباقِي أهلينا وجميع المسلمين، الأحياءِ مِنهم والأموات، وأدخلنا معهم في جِنَانِكَ الطيِّبة، وأعتقنا وإيَّاهم مِن عذابك والنَّار، اللهم اعتتقنا من عذابك والنار 2 إنَّك واسعُ الفضل غفورٌ رحيم، ، وأقولُ هذا، وأستغفرُ الله لِي ولكم.
المرفقات
1757242621_الكسوف-والخسوف-آية-تخويف-للعباد-لعلهم-من-الذنوب-يتوبون-وبالفرائض-يقومون.docx
1757246341_الكسوف-والخسوف-آية-تخويف-للعباد-لعلهم-من-الذنوب-يتوبون-وبالفرائض-يقومون.docx
1757246341_الكسوف-والخسوف-آية-تخويف-للعباد-لعلهم-من-الذنوب-يتوبون-وبالفرائض-يقومون.pdf