بين الأَنانية والإيثار ــ (عقار وإيجار)
عبدالعزيز بن محمد
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أَيُّها المُسْلِمُون: مَنازِلُ النَّاسِ في الفَضْلِ تَتَبايَنُ كَما تَتَبَايَنُ أَشْكالُهُم وأَرْزَاقُهُم وأَحْوالُهُم. فَهذا غَنِيٌّ وذاكَ فَقِيْر، وهذا شَرِيْفٌ وذاكَ حَقِير، وهذا طَوِيْلٌ وذاكَ قَصِيرٌ. وكذا المَكارِمُ فِيْهِم قَدْ قُسِمَتْ. فَأَكْرَمُ النَّاسِ مَنْ بالتَقْوَى قَدْ اتَّصَفُوا، وزانُهُمْ خُلُقٌ، وزادَهُم أَدَبُ {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}
وما تَخَلَّقَ مُتَخَلِّقُ بِخُلُقٍ، وما اتَّصَفَ بِوَصْفٍ، أَكْرَمُ مَنْ صَفاءِ قَلْبٍ، وسَلامَةِ صَدْرٍ، وسَماحَةِ نَفْسٍ، وطِيْبِ مَعْشَرٍ. فَلا يَحْمِلُ غِلاً، ولا حِقْداً، ولا حَسَدَاً، ولا غِشاً، ولا ضَغِيْنَة. ولا يَتَّصِفُ بِبُخْلٍ، ولا بِشُحٍّ، ولا بِأَنانِيَّةٍ، ولا باسْتِئِثارٍ، ولا بِطَمَع.
يُحِبُّ الخَيْرَ للنَّاسِ ويَبْذُلُه، ويَسْعَى فيهِ ويَنْشُرُه. نَفْعُهُ عَمِيْمٌ، وطَبْعُهُ كَرِيْمٌ، وخُلُقُهُ حَلِيْمٌ. كَرِيْمٌ إِنْ مَلَك، عَادِلٌ إِنْ حَكَم، مُنْصِفٌ إِنْ قالَ، لَطِيْفٌ إِنْ فَعَل. لَهُ خُلُقٌ رَفِيْقٌ، فلا يَطْغَى، ولا يَبْغِي، ولا يُقْسُو على أَحَدٍ. هَزَمَتْ قَناعَتُهُ طَمَعَهُ، وقَهَرَتْ سَماحَتُهُ جَشَعَهُ، وفَاقَ في الكَرَمِ فأَحْسَنَ في التَّدْبِيِر.
يَتَأَلَمُ إِنْ رَأَى في النَّاسِ مُتَأَلِماً، ويَنْشَرِحُ صَدْرُهُ إِنْ رَأَى فِيْهِم مُبْتَسِماً، ويُدعو بالبَرَكَةِ لِمَنْ هُوَ في النِّعْمَةِ يَتَقَلَّب. أَخْلاقٌ لا يَرْتَقِيْ لِمَقامِها إِلا مَنْ طَابَ مَعْدَنُهُ وكَمُلَ إِيْمانُه. و «أَكْمَلُ المؤْمِنْيِنَ إِيْمانًا أَحْسَنُهُمْ خُلقًا»
سَخاءٌ في زَمَنِ الشُّحِّ، وعَطاءٌ في زَمَنِ المَنْعِ، وإِيْثارٌ في زَمَن الاسْتِئْثار. بَيارِقُ تُرَفْرِفُ في كُلِّ سَاحٍ، ومَكارِمُ تُشْكَرُ في كُل نَادٍ.
فُطِرُوا على أَشْرَفِ المَكارِمِ، فَكانَتْ نُفُوسُهُم بالعَطاءِ سَخِيَّةٌ، وكَانَ الإِيْثارُ فِيْهِم طَبْعٌ وخُلُقٌ وسَجِيَّة. حَطَّمُوا نَظَرِيَّاتٍ غَرْبِيٌّة، وفَلْسَفَاتٍ شَرْقِيَّةٍ، زَحَفَتْ إِلى كَثِيْرٍ مِنْ المُجْتَمَعاتِ الإِسْلامِيَّةِ، تَدعُو إِلى تَقْدِيْسِ الذَّاتِ وتَعْمِيْقِ الأَنانِيَّةِ، وتُرَسِّخُ المَعانِيْ التِيْ تجْعَلُ الفَرْدَ لا يَهْتَمُّ إِلا بِمَصَالِحِهِ، ولا يُبالِيْ إِلا بِمكاسِبِهِ، ولا يُقِيْمُ وَزْناً لِمَصَالحِ وحَاجَاتِ الآخَرِيْن. نَظَرِيَّاتٍ أُسِسَتْ على الأَثَرَةِ لا على الإِيْثار، وعلى الأَنانِيَّةِ لا على الخُلُقِ العَلِيَّة. نَظَرِياتٍ غَرْبِيَّةٍ تَنْطَلِقُ مِنْ فِكْرٍ مادِيٍّ دُنْيَوِيٍّ مُتَجَرِّدٍ مِنْ كُلِ القِيَمِ الفَاضِلَةِ والمَقاصِدِ الأُخْرَوِيَّةِ.
الأَنانِيَّةُ: وَباءٌ ما حَلَّ في جَسَدٍ إِلا أَفْسَدهُ، ولا في مُجْتَمَعٍ إِلا دَمَّرَه. يُنْتِجُ بَشَراً مُلِؤُوا بَطَراً وشُحاً وطَمَعاً وأَشَراً. يأَخذُ ولا يُعْطِيْ، يَسأَلُ ولا يُسأَلُ، جَمُوعٌ مَنُوعٌ، هُلُوعٌ جَزُوعٌ، إِنْ مَسَّهُ نَقْصٌ شَكَا، ونَقْصٌ يُلْحِقُهُ بالآخَرِيْنَ فَلا يُبالِي.
ما عَلِيْهِ إِنْ باتَ النَّاسُ جَوْعَى إِنْ بَاتَ هُو مُتْخَماً شَبْعاناً، وما عَلِيْهِ إِنْ باتَ النَّاسُ في عَناءٍ إِنْ باتَ هُوَ في يُسْرٍ وراحَةٍ وهَناء. أَنانِيٌّ قَدْ انْفَصَلَ عَنْ مَجْتَمَعِهِ، وتَجَرَّدَ عَنْ مُرُوءَتِهِ. يَسْبِقُ إِلى نَيْلِ المَكاسِبِ ولَو غَنِمَها مِنْ أَفْواهِ الفُقَراءِ المُعْدَمِيْن. ويَسْعَى في طَلَبِ المَراتِبِ وإِنْ تَسَلَّقَ على أَكْتافِ أُناسٍ آخَرِيْن.
أَنَانِيٌّ: مُجْحِفٌ في حُكْمِهِ وفي المِيْزانِ جَانِح، مُطَفِّفٌ وفي المِكْيالِ مُخْسِر. إِنْ كانَ لَهُ الحَقُّ طَلَبَهُ وَافِياً، وإِنْ كانَ عليهِ الحَقُّ فَهْو في الوَفاءِ مُماطِل. وقَلَّما اتَّصَفَ الأَنانِيُّ بِرِفْقٍ، وقَلَّما اتَّصَفَ الأَنانِيُّ بإِنْصافٍ، وقَلَّما اتَّصَفَ الأَنانِيُّ بِرَحْمَةٍ. وقَلَّما اتَّصَفَ بِكَرَم. فأَنَّى لَهُ أَنْ يُدْرِكَ فَضِيْلَةً، وأَنَّى لَهُ أَنْ يُلْقَى فَلاحاً {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
الأَنانِيَّةٌ: دَاءٌ دَوِيٌّ فَشا في المُجْتَمعاتِ الغَرْبِيَّةِ، فَجَرَّدَها مِنْ كُلِّ القِيَمِ الإِنْسانِيَّةِ. وأَما المُجْتَمَعاتُ المُسْلِمَةُ فإِنَّها لَمْ تَزَلْ تُحارِبُ الأَنانِيَّةَ، وتَأَبَى إِقرارَها. فَما الأَنانِيَّةُ مِنْ أَخْلاقِ الإِسْلامِ في شَيءٍ. أَخْلاقٌ المُسْلِمِيْنَ مُسْتَمَدَّةٌ مِنْ شَرِيْعَتِهِم، والمُسْلِمُونَ بأَخْلاقِهِم مُسْتَمْسِكُون، عَطْفٌ على ضَعْيْفٍ، وحُنُوٌّ على يَتِيْمٍ، ورِعايَةٌ لأَرْمَلَةٍ، وقِيامٌ على مُحْتاجٍ ومِسْكِيْنٍ. تَعاطُفٍ وتَكاتُفٍ وتَعاوُنٍ عَلى البِرِّ والتَقْوَى. تَنافُسٌ في الخَيْرِ وفي شَتَّى صُوَرَ الإِحْسان. كَمْ في المَجْتَمَعِ مِنْ رَجُلٍ سَمْحٍ إِذا باعَ، سَمْحٍ إذَا اشْتَرى، سَمْحٍ إِذا تَعامَلَ، سَمْحٍ إِذا اقْتَضَى. وكَمْ في المجْتَمَعِ مِنْ رِجالٍ عُظَماء، لا يَعْرِفُونَ الأَنَانِيَّةَ ولا يَعْرِفُونَ طَرِيْقَها. يُقَدِّمُونَ النَّفْعَ لِمَنْ يَعْرِفُونَ ولِمَنْ لا يَعْرِفُون، ويَبْذُلُونَ الخَيْرَ فَلا يَـمُنُّونَ ولا يَتَفَاخَرَون. رَبَاهُم القُرْآنُ والهَدِيُ الشَّرِيْف {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} {وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
اقْتَلَعَتْ الشَّرِيْعَةُ شَجَرَةَ الأَنانِيَّةِ مِنْ نُفُوسِهم، واجْتَثَّتْها مِنْ جُذُورِها، فَرَمْتَها في وادٍ نَاءٍ سَحِيقٍ. وزَرَعَتْ في قُلُوبِهِم شَجَرَةً مِنَ الإِيْثارِ بَهِيَّةٍ، ظِلالُها مَمْدُودٌ، وثَمَرُها مَحْمُودٌ، وعَطاؤُها مَشْهُود.
تَتَحَطَّمُ النَظَرِيّاتُ الأَنانِيَّةُ التِيْ اسْتَقَاها بَعْضُ المَهْزُومِيْنَ مِنْ دِراساتٍ غَرْبِيَّةٍ، لِيُقَدِّمَها للجِيْلِ بأَنَّها هِيَ النَظَرِياتُ المِثالِيَّةِ، التي تَدْعُو الفَرْدَ إِلى التَمْرْكُزِ حَوْلَ ذاتِهِ، فَلا يَعْنِيْهِ إِلا مَصَالحُهُ، ولا يَعْنِيْهِ إِلا العَمَلُ لِذاتِهِ. تَتَحَطَّمُ تِلْكَ النَظَرِياتِ حِيْنَ يَعْرِضُها المُسْلِمُ عَلى قَولِ النَّبِيِّ الكَرِيْمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» متفق عليه ما أَوْجَزَهُ مِنْ لَفْظٍ، وما أَجْزَلَهُ مِنْ مَعْنَى. فَلا إِيْمانَ لِمَنْ لا يَرْعَى لِلآخَرِيْنَ حَقاً، ولا يَحْفظُ لَهُم مَودَةً ونُصْحاً.
وفي الحَدِيْثِ الآخَرِ: «فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ» رواه مسلم
بارك الله لي ولكم
الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمين، وأَشْهَدُ أَن لا إله إلا اللهُ ولي الصالحين، وأَشْهَدُ أَنَّ محمداً رسول رب العالمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليماً. أما بعد: فاتقوا الله عباد الله لعلكم ترحمون.
أيها المسلمون: وكُلَّما انْفَتَحَتِ الدُّنْيا على النَّاسِ، تَغَلغَلَ في النُفُوسِ داءُ الأَنانِيَّةِ {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ* أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ}
ولا يُداوِيْ الأَنانِيَّةَ، ولا يَسْتأَصِلُ أَوْرَامَها، إِلا إِصْلاحُ النُّفُوسِ وتَهذِيْبُها بِتَعالِيْمِ الدِيْن، فالقُلُوبُ المُؤْمِنَةُ تَنْثَنِيْ حِيْنَ تُثْنَى بالشَّرِيْعَةِ، وتَسْتَقِيْمُ حِيْنَ تُقَادُ بالدِّيْن. تُتْلَى عليها النُصُوصُ التِيْ تَنْهَضُ بِها إِلى كَرِيْمِ الأَخْلاقِ، وتَرْوَى لَها الفَضائِلُ التِيْ تَحْمِلُها إِلى لُزُومِ الكَريمِ مِن الخِصَال.
فَتَجِدُ المؤْمِنَ يَتَخَلَّى عَنْ أَنْفَسِ مَا يَمْلِكُ، طَمَعاً بأَفْضَلِ ما يُوعَد. قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في أَصْحابِهِ مَقامَ تَبْصِيْرٍ، وتَزْكِيَةٍ وتَطْهِيْرٍ فَقالَ لَهُم: «كَانَ رَجُلٌ يُدايِنُ النَّاسَ، وَكَان يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجاوزْ عَنْهُ، لَعلَّ اللَّه أنْ يَتجاوزَ عنَّا فَلقِي اللَّه فَتَجاوَزَ عنْهُ» متفقٌ عَليهِ
فَتَتُوقُ النُفُوسُ إِلى نَيْلِ تِلْكَ الفَضِيْلَةِ، فَلا تَلْتَفِتُ إِلى طَلَبِ حُقُوقِها مِنْ مُعْسِرٍ، فَضلاً أَنْ تَكُونَ هِيَ السَّبَبُ في فَقْرهٍ، وكَسْرِهِ وقَهْرِه.
وفي واقِعِ الحَياةِ الاجْتِماعِيَّةِ اليَوم، يَتأَكَدُ الحَدِيْثُ عَنْ خَطَرِ الأَنانِيَّةِ، كَما يَتأَكَدُ الحَدِيْثُ عَنْ فَضْلِ التَيْسِيْرِ والتَخْفِيْفِ والتآزُرِ والإِيْثار.
يَتكَاتَفُ المجْتَمَعُ في كَبْحِ جِماحِ ثَوْرَةِ المُغالاةِ والمُزايَدَةِ والمُبالَغَةِ في أَسْعارِ السِلَعِ والمَساكِنِ والمتَاجِرِ والخَدَمات، التَيْ أَصْبَحَتْ عَائِقاً أَمامَ اسْتِقْرارِ كَثِيْرٍ مِن الأُسَرِ. بَلْ أَصْبَحَتْ سَبباً في عُزُوفِ كَثِيْرٍ مِن الشَبابِ عَنْ الزَواجِ. إِنَّ ارْتِفاعَ الأَسْعارِ في المَساكِنِ والمَتاجِرِ وسائِرِ الخَدَماتِ التِي تتصلُ بِها، تَعُودُ بأَسوأِ الأَثَرِ، وأَبْلَغِ الضَرَرِ على عائِلٍ، لَمْ يَزَلْ يُكافِحُ ليؤَمِنَ لأُسْرَتِهِ مَسْكَناً كَرِيْماً يَتَوافَقُ مَعَ قُدْرَتِه المادِيَّةِ التِيْ هُوَ عليها. وإِنَّ مِنْ أَوْجَبِ ما يَجِبُ على المُجْتَمَعِ بِكافَةِ طَبَقاتِهِ، مِنْ تاجِرٍ، ومُوَظَفٍ، وصاحِبِ قرارٍ ومَسؤُولٍ، أَنْ يَقُومَ بِدُورِهِ تِجاهَ تَخْفِيْفِ أَعْباءِ تَكالِيْفِ الحَياةِ، وأَنْ يَرْعَوا للْمُجْتَمعِ حَقَّهُ، وأَنْ يَكُونُوا عَوناً للضَعِيْفِ، وسَنَداً للفَقِيرِ، وسَبباً في تَيْسِيْرِ شُؤُونِ المَعاشِ. وأَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ عَقَبَةٍ وكُلَّ غَلاءٍ وكُلَّ تَعْسِيْرٍ. سَيُورِثُ عُزُوفاً عَنْ زَواجٍ، وتَضَاعُفٍ لِدُيُونٍ، وتَشَتُتٌ لأُسَر.
أَفْلَحَ مَنْ سَعَى وبذَلَ واجْتَهَدَ وصَدَق، وكَانَ عَوناً على الخَيْرِ، مِفْتاحاً لِكُلِّ تَيسير {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}
اللهمَّ إنه لا حول لنا ولا قوة إِلا بك.. كُن لنا ولياً ونصيراً..
المرفقات
1760015417_الأَنانيةُ وخُلُقُ الإِيثار 18 ـ 4 ـ 1447هـ.docx