حَدِيثُ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ انْطَبَقَتْ عَلَيهِمُ الصَّخَرْةُ
مبارك العشوان 1
الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (خَرَجَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمُ المَطَرُ، فَدَخَلُوا فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ، قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْعُوا اللهَ بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: اللهُمَّ إِنِّي كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَرْعَى، ثُمَّ أَجِيءُ فَأَحْلُبُ، فَأَجِيءُ بِالحِلَابِ، فَآتِي بِهِ أَبَوَيَّ فَيَشْرَبَانِ، ثُمَّ أَسْقِي الصِّبْيَةَ وَأَهْلِي وَامْرَأَتِي، فَاحْتَبَسْتُ لَيْلَةً، فَجِئْتُ، فَإِذَا هُمَا نَائِمَانِ، قَالَ: فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبَهُمَا، حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، قَالَ: فَفُرِجَ عَنْهُمْ، وَقَالَ الآخَرُ: اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ عَمِّي، كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ، فَقَالَتْ: لَا تَنَالُ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى تُعْطِيَهَا مِئَةَ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، قَالَتْ: اتَّقِ اللهَ، وَلَا تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ وَتَرَكْتُهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً، قَالَ: فَفَرَجَ عَنْهُمُ الثُّلُثَيْنِ، وَقَالَ الآخَرُ: اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقٍ مِنْ ذُرَةٍ فَأَعْطَيْتُهُ، وَأَبَى ذَاكَ أَنْ يَأْخُذَ، فَعَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ، حَتَّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ، أَعْطِنِي حَقِّي، فَقُلْتُ: انْطَلِقْ إِلَى تِلْكَ البَقَرِ وَرَاعِيهَا فَإِنَّهَا لَكَ، فَقَالَ: أَتَسْتَهْزِئُ بِي؟ قَالَ: فَقُلْتُ: مَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، وَلَكِنَّهَا لَكَ، اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا، فَكُشِفَ عَنْهُمْ)
عِبَادَ اللهِ: نَقِفُ اليَوْمَ مَعَ بَعْضِ دُرُوسِ هَذَا الحَدِيثِ وَعِبَرِهِ.
فَأَوَّلُهَا: أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَبْتَلِي مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ أَقْدَارِهِ؛ يَبْتَلِي بِالسَّرَّاءِ وَبِالضَّرَّاءِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}[الأنبياء 35] قَالَ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ: [أَيْ: نَخْتَبِرُكُمْ بِالْمَصَائِبِ تَارَةً وَبِالنِّعَمِ أُخْرَى، لِنَنْظُرَ مَنْ يَشْكُرُ وَمَنْ يَكْفُرُ، وَمَنْ يَصْبِرُ وَمَنْ يَقْنَطُ...] إلخ
وَقَدِ ابْتُلِيَ الأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ وَابْتُلِيَ الصَّحَابَةُ الكِرَامُ، وَابْتُلِيَ التَّابِعُونَ، وَابْتُلِيَ الصَّالِحُونَ مِنْ بَعْدِهِمْ. وَالمُؤْمِنُ عَلَى خَيْرٍ فِي سَرَّائِهِ وَضَرَّائِهِ؛ وَشِدَّتِهِ وَرَخَائِهِ (إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ).
وَمِنَ الدُّرُوسِ فِي هَذِهِ القِصَّةِ: قَوْلُهُمْ: (ادْعُوا اللهَ بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ) وَهَذَا مَا يُعْرَفُ بِالتَّوَسُّلِ.
وَالتَّوَسُّلُ - وَفَّقَكُمُ اللهُ - مِنْهُ مَا هُوَ مَشْرُوعٌ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مَمْنُوعٌ؛ فَالمَشْرُوعُ مَا جَاءَ الدَّلِيلُ بِمَشْرُوعِيَّتِهِ، وَالمَمْنُوعُ مَا جَاءَ الدَّلِيلُ بِمَنْعِهِ، أَوْ لَمْ يَأْتِ دَلِيلٌ بِمَشْرُوعِيَّتِهِ.
وَمِنَ التَّوَسُّلِ المَشْرُوعِ: التَّوَسُّلُ إِلَى اللهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف 180]
كَقَولِ الدَّاعِي: يَا غَفُورُ اِغْفِرْ لِي، وَيَا رَحِيمُ ارْحَمْنِي، وَيَا رَزَّاقُ ارْزُقْنِي...وَهَكَذَا؛ قَالَ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ}[المؤمنون 118]
وَمِنَ التَّوَسُّلِ المَشْرُوعِ: تَوَسُّلُ العَبْدِ بِإِيمَانِهِ باللهِ؛ كَمَا فِي دُعَاءِ أَوْلِي الأَلْبَابِ: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ}[آل عمران193]
وَمِنَ التَّوَسُّلِ المَشْرُوعِ: التَّوَسُّلُ بِالعَمَلِ الصَّالِحِ؛ كَمَا فِي هَذَا الحَدِيثِ؛ حَيْثُ تَوَسَّلَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِصَالِحِ عَمَلِهِ؛ فَتَوَسَّلَ أَحَدُهُمْ بِبِرِّهِ لِوَالِدَيهِ، وَتَوَسَّلَ الآخَرُ بِعِفَّتِهِ عَنِ الفَاحِشَةِ، وَتَوَسَّلَ الثَّالِثُ بِحِفْظِهِ لِحُقُوقِ النَّاسِ.
وَمِنَ التَّوَسُّلِ المَشْرُوعِ: أَنْ يَطْلُبَ مِنْ شَخْصٍ حَيٍّ حَاضِرٍ قَادِرٍ عَلَى الدُّعَاءِ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ؛ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ، وَلَهُ وَالِدَةٌ وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ فَمُرُوهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ).
وَمِنَ التَّوَسُّلِ المَشْرُوعِ: تَوَسُّلُ العَبْدِ بِذِكْرِ حَالِهِ وَضَعْفِهِ لِرَبِّهِ جَلَّ وَعَلَا؛ كَمَا فِي دُعَاءِ زَكَرِيَّا عَلَيهِ السَّلَامُ: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا، وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم4 - 6]
وَهَكَذَا: اعْتِرَافُ العَبْدِ بِتَقْصِيرهِ وَظُلْمِهِ لِنَفْسِهِ وَحَاجَتِهِ إِلَى عَفْوِ رَبِّهِ وَمَغْفِرَتِهِ؛ كَمَا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى عَنْ آدَمَ وَحَوَاءَ عَلَيهِمَا السَّلَامُ قَوْلَهُمَا: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف 23]
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيْمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيْهِ مِنَ الْآيِ وَالذِّكْرِ الحَكِيْمِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الجَلِيْلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ للَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ هُنَاكَ أَدْعِيَةً تَضَمَّنَتْ أَنْوَاعًا مِنَ التَّوَسُّلاتِ المَشْرُوعَةِ؛ وَمِنْهَا: سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ: (اللهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي، اغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ)[رواه البخاري]
وَمِنْهَا: الدُّعَاءَ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ الصَّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ) [رواه البخاري ومسلم]
عِبَادَ اللهِ: وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ التَّوَسُّلَ المَشْرُوعَ هُوَ مَا جَاءَ الدَّلِيلُ بِمَشْرُوعِيَّتِهِ، وَأَنَّ التَّوَسُّلَ المَمْنُوعَ هُوَ مَا جَاءَ الدَّلِيلُ بِمَنْعِهِ، أَوْ لَمْ يَأْتِ دَلِيلٌ بِمَشْرُوعِيَّتِهِ.
فَإِنَّ مِنَ التَّوَسُّلِ المَمْنُوعِ: التَّوَسُّلَ بِذَوَاتِ المَخْلُوقِينَ؛ مِنَ المَلَائِكَةِ، وَالنَّبِيِّينَ، وَالصَّالِحِينَ، أَوْ التَّوَسُّلَ بِجَاهِهِمْ؛ كَأَنْ يَقُولَ : [اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِنَبِّيكَ، أَوْ بِفُلَانٍ، أَوْ بِجَاهِ فُلَانٍ، أَوْ بِحَقِّ فُلَانٍ... وَنَحْوِ ذَلِكَ] فَهَذَا تَوَسُّلٌ غَيْرُ مَشْرُوعٍ.
وَمِنَ التَّوَسُّلِ المَمْنُوعِ: الدُّعَاءَ عِنْدَ قُبُورِ الصَّالِحِينَ تَحَرِّيًا لِبَرَكَتِهِمْ، وَظَنًّا أَنَّ الدُّعَاءَ عِنْدَها أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ.
عِبَادَ اللهِ: وَمِنَ الدُّرُوسِ فِي قِصَّةِ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ:
أَهَمِّيَّةُ الإِخْلَاصِ فِي العَمَلِ؛ وَهَذَا وَاضِحٌ فِي قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: (إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ)
وَالإِخْلَاصُ هُوَ أَسَاسُ الأَعْمَالِ وَرُوحُهَا، وَسَبَبُ قَبُولِهَا، وَعَمَلٌ بِلَا إِخْلَاصٍ مَرْدُودٌ عَلَى صَاحِبِهِ؛ وَالعِبَادَةُ أيَّاً كَانَتْ، لَا تُقْبَلُ إِلَّا إِذَا كَانَتْ لِلَّهِ خَالِصَةً، وَلِلشَّرْعِ مُوَافِقَةً.
وَمِنَ الدُّرُوسِ فِي هَذِهِ القِصَّةِ: أَنَّ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ سَبَبٌ لِلنَّجَاةِ مِنَ الكُرُوبِ؛ قَالَ تَعَالَى عَنْ يُونُسَ عَلَيهِ السَّلَامُ: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ، فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[الصافات142 - 144] وَيَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ) [رواه الترمذي وصححه الألباني]
وَمِنَ الدُّرُوسِ فِي هَذِهِ القِصَّةِ: الحَثُّ عَلَى هَذَهِ الأَعْمَالِ المَذْكُورَةِ، وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِلتَّحْذِيرِ مِنْ ضِدِّهَا؛ فَفِيهَا الحَثُّ عَلَى البِرِّ وَالصِّلَةِ؛ وَالتَّحْذِيرُ مِنَ العُقُوقِ وَالقَطِيعَةِ، فِيهَا الحَثُّ عَلَى العَفَافِ وَالفَضِيلَةِ؛ وَالتَّحْذِيرُ مِنَ الفَوَاحِشِ وَالرَّذِيلَةِ، فِيهَا الحَثُّ عَلَى أَدَاءِ الحُقُوقِ وَالأَمَانَةِ؛ وَالتَّحْذِيرُ مِنَ المُمَاطَلَةِ وَالخِيَانَةِ.
عِبَادَ اللهِ: وَالقِصَّةُ فِي هَذَا الحَدِيثِ مَلِيئَةٌ بِالدُّرُوسِ وَالعِبَرِ، فَلْنَتَأَمَّلْهَا وَلْنَعْتَبِرْ بِمَا فِيهَا؛ وَلْيَكُنْ هَذَا دَأْبُنَا مَعَ نُصُوصِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب 56]
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.
عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ العَلِيَّ الْعَظِيْمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتجدون هذه الخطبة وغيرها على قناة التليجرام (احرص على ما ينفعك)
https://t.me/benefits11111/2985
المرفقات
1763035516_وَقَفَاتٌ مَعَ حَدِيثِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ انْطَبَقَتْ عَلَيهِمُ الصَّخَرْةُ.pdf
1763035528_وَقَفَاتٌ مَعَ حَدِيثِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ انْطَبَقَتْ عَلَيهِمُ الصَّخَرْةُ.docx