حقوق المرأة (موافقة للتعميم + مشكولة ومختصرة جداً)
صالح عبد الرحمن
الخطبة الأولى:
الحَمْدُ لِلَّهِ بَارِئِ البَرِيَّاتِ، غَافِرِ الخَطِيَّاتِ، عَالِمِ الخَفِيَّاتِ، المُطَّلِعِ عَلَى الضَّمَائِرِ وَالنِّيَّاتِ، أَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَوَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَحِلْمًا،وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، الدَّاعِي إِلَى سَبِيلِ رَبِّهِ بِالحِكْمَةِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ؛ فَتَقْوَاهُ أَفْضَلُ مُكْتَسَبٍ، وَطَاعَتُهُ أَعْلَى نَسَبٍ،﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾
شِقَّانِ مُتَكَامِلَانِ، وَجُزْآنٍ مُتَّصِلَانِ، لَا غِنَى لِأَحَدِهِمَا عَنِ الآخَرِ. أَوْجَدَهُمَا اللَّهُ لِحِكْمَةٍ، وَلَا بَقَاءَ لِلْبَشَرِيَّةِ إِلَّا بِوُجُودِهِمَا. ذَكَرٌ وَأُنْثَى، رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ، هُمَا عُنْصُرُ الإِنْسَانِ وَهُمَا مَادَّةُ بَقَائِهِ، وَلَوْ عُدِمَ أَحَدُهُمَا لَمَا كَانَ لِلآخَرِ بَقَاءٌ، كَذَا قَدَّرَ اللَّهُ، وَكَذَا فِي حُكْمِهِ قَضَى، ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍإِذَا تُـمْنَى﴾
هِيَ الأُمُّ، وَهِيَ الأُخْتُ، وَهِيَ الاِبْنَةُ، وَهِيَ العَمَّةُ، وَهِيَ الخَالَةُ، هِيَ صَانِعَةُ الرِّجَالِ، وَمَصْنَعُ الأَجْيَالِ.
جَاءَ الإِسْلَامُ بِحِفْظِ حُقُوقِ الْمَرْأَةِ، وَصِيَانَةِ كَرَامَتِهَا، وَإِعْطَائِهَا حَقَّهَا،وَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ لَهَا مَكَانَتَهَا فِي الدِّينِ، فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَ ﷺ: «إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ».
وَمِنْ عِنَايَةِ الإِسْلَامِ بِالْمَرْأَةِ: أَنْ جَعَلَ لَهَا حَقَّ التَّعْلِيمِ، وَالتَّمَلُّكِ، وَالإِرْثِ، وَاخْتِيَارِ الزَّوْجِ، وَأَوْجَبَ لَهَا النَّفَقَةَ، وَالْمُعَامَلَةَ الْحَسَنَةَ، وَحَرَّمَ ظُلْمَهَا وَلَوْبِكَلِمَةٍ.
وَحَثَّ الْإِسْلَامُ عَلَى الإِحْسَانِ إِلَى الْمَرْأَةِ وَالرِّفْقِ بِهَا، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾
وَأَخْرَجَ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اسْتَوْصُوابِالنِّسَاءِ خَيْرًا».
وَمِنْ هَدْيِهِ ﷺ أَنَّهُ كَانَ أَرْفَقَ النَّاسِ بِأَهْلِهِ، كَمَا فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ،قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ».
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَ ﷺ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَاخَيْرُكُمْ لِأَهْلِي».
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ).
وَقَدْ جَاءَ الإِسْلَامُ بِتَحْرِيمِ عَضْلِ الْمَرْأَةِ فِي الزَّوَاجِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَاتَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «العَضْلُ هُوَ أَنْ يَمْنَعَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ مِنَ التَّزْوِيجِ لِكَرَاهِيَةِ الرَّجُلِ، أَوْ يُرِيدَ أَنْ يُزَوِّجَهَا غَيْرَهُ».
أَوْ يَحْصِرَ زَوَاجَهَا وَيَحْجُرَهُ بِأَحَدِ الْأَقَارِبِ مِنْ أَبْنَاءِ العَمِّ أَوِ الْخَالِ، وَالْمَرْأَةُ لَا تُرِيدُهُ.
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ،إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ).
وَلَقَدْ حَرَّمَ الإِسْلَامُ حِرْمَانَ الْمَرْأَةِ مِنْ نَصِيبِهَا مِنَ الْمِيرَاثِ، قَالَ تَعَالَى:
﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾
أَيُّهَا الكِرَامُ: وَلَقَدْ جَاءَ الإِسْلَامُ بِالإِحْسَانِ إِلَى الْمَرْأَةِ وَرَفْعِ شَأْنِهَا،وَأَوْصَى بِهَا أَشَدَّ الوَصَايَا.
(آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا)
وَأَخْرَجَ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَ ﷺ: «مَنْ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ».
وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا، جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ، وَضَمَّ أَصَابِعَهُ).
فَاتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الإِسْلَامَ حَفِظَ حَقَّ الْمَرْأَةِ، وَرَفَعَ شَأْنَهَا.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ.
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَاإِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ كَمَا أَكْرَمَ الإِسْلَامُ الْمَرْأَةَ وَحَفِظَ لَهَاحُقُوقَهَا، فَقَدْ أَوْجَبَ عَلَيْهَا المَسْؤُولِيَّةَ لِمَا لَهَا مِنْ أَثَرٍ كَبِيرٍ فِي بِنَاءِ المُجْتَمَعِ.
يَقُولُ ﷺ: «المَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا، وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا»
وَهِيَ مَأْمُورَةٌ بِطَاعَةِ زَوْجِهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَحِفْظِهِ فِي غَيْبَتِهِ، قَالَ تَعَالَى:
﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾
اللَّهُمَّ أَصْلِحْ نِسَاءَنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي بَنَاتِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا.