خطبة الاستسقاء الأمر بالاستغفار والحث على التوبة

خالد الشايع
1447/05/21 - 2025/11/12 23:07PM

خطبة الاستسقاء خميس ٢٢ جماد الاول ١٤٤٧

الأمر بالاستغفار وترك الذنوب والتوبة

الحمد لله وليّ النعم، ودافع النقم، وخالق المطر والغمام، ومنزل الكتاب والحكم، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الغفور الرحيم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

 


أيها الإخوة المسلمون:

إن الاستسقاء مظهر من مظاهر العبودية لله تعالى، فيه تذلّل وخضوع، وافتقارٌ واعتراف بالعجز، وانكسار بين يدي رب العالمين. وما أحوجنا اليوم إلى هذه الحال!

 


لقد كان نبيكم ﷺ إذا قحط الناس خرج متواضعًا، متخشعًا، متضرعًا، حتى رُوي أنه قلب رداءه، جعل أعلاه أسفله وأَسفله أعلاه، تفاؤلًا بتحوّل الحال من القحط إلى الخصب، ومن الشدة إلى الفرج.

 


ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال:

«خرج النبي ﷺ إلى المصلى يستسقي، فاستقبل القبلة، وقلب رداءه، وصلى ركعتين»

 

 

 

عباد الله، إن من أعظم أسباب نزول المطر والاستغناء عن القحط: الإكثار من الاستغفار، ورد المظالم، والإحسان إلى الفقراء، وصلة الأرحام، وترك المعاصي.

قال الله تعالى على لسان نبيه نوح عليه السلام:

 


﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ۝ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا ۝ وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾ [نوح: 10-12].

 


فبالاستغفار تُفتح أبواب السماء، وتُرسل رحمات الله على عباده.

 


أيها الأحبة، إذا أردنا الغيث والبركة، فلنطهّر قلوبنا من الحسد والبغضاء، ولنُصلح ذات بيننا، ولنعد إلى الله بصدقٍ وإخلاصٍ، فإن الله تعالى يقول:

 


﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا﴾ [الأنعام: 43].

 


وروي في السنن وصححه الألباني :

 


«من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب»

 


أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن البلاء لا يرفع إلا بتوبةٍ صادقةٍ، وأن النعم لا تدوم مع المعصية والجحود.

قال الله تعالى:

 


﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الأعراف: 96].

 


عباد الله، ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رُفع إلا بتوبة، وإن من أسباب الجدب والقحط كثرة الذنوب والمعاصي، وأكل الحرام، وقطع الأرحام، والظلم والبغي.

قال الله تعالى:

 


﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَـٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ﴾ [الشورى: 27].

 


أيها المسلمون، في الصحيحين أن النبي صلّى الله عليه وسلم خرج  مستسقيًا، متذلّلًا لربه، متخشعًا متضرعًا، فغيّر هيئته، ولبس ثيابًا متواضعة، وخرج متواضعًا، يرفع يديه إلى السماء، ويستقبل القبلة، ثم دعا وقال:

 


«اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا»

 


وفي رواية في السنن

 


«اللهم اسق عبادك وبهيمتك، وانشر رحمتك، وأحيِ بلدك الميت»

 

 

 

 


فاتقوا الله عباد الله، وتوبوا إلى ربكم توبةً نصوحًا، وأخرجوا الصدقة، وردّوا المظالم إلى أهلها، وأكثروا من الاستغفار، فبه تُستنزل الأمطار، كما قال سبحانه:

 


﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ۝ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا﴾ [نوح: 10-11].

 


عباد الله، أكثروا من الدعاء والإنابة، وأحسنوا الظن بربكم، فهو القائل جلّ شأنه:

 


﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [الشورى: 28]

 


اللهم إنا خرجنا إليك خائفين من ذنوبنا، راجين رحمتك، طامعين في فضلك،

اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين،

اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين،

اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين،

 


اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا،

اللهم اسق عبادك وبهيمتك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت،

اللهم اجعلها سقيا رحمة، لا سقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ.

 


اللهم أنبت لنا الزرع، وأدرّ لنا الضرع، وأنزل علينا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض،

اللهم اجعلها أمطار خيرٍ وبركة، تُغيث البلاد وتفرّج الكروب، وتروي القلوب، وتشرح الصدور.

 


عباد الله إن من السنة في نهاية الخطبة قلب الاردية ثم استقبال القبلة ورفع اليدين والدعاء فادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة

 


وصلّ اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين،

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المشاهدات 279 | التعليقات 0