خطبة الاستسقاء ( الدعاء ) مختصرة
أنشر تؤجر
الخُطْبَةُ الأُولَى :
الْحَمْدُ اللَّهَ مُغِيثِ الْمُسْتَغِيثِينَ ، وَمُجِيبِ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، إِلَهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ وَإِمَامُ الْمُتَّقِينَ ؛ اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى نَبيِّنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّين .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ فِي سَرَّائِكُمْ وَضَرَّائِكُمْ، وَتَعَرَّفُوا إِلَيْهِ -جَلَّ وَعَلَا- فِي شِدَّتِكُمْ وَرَخَائِكُم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : جَاْءَ في صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا ، دَخَلَ الْمسْجِدَ يَوْمَ الجُمُعَةٍ ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَائِمٌ يَخْطُبُ ، فَقَالَ الرجل : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلَكَتِ الأَمْوَالُ وَانْقَطَعْتِ السُّبُلُ ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ – يَدَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ :" اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا "، قَالَ أَنَسٌ : وَلاَ وَاللَّهِ ، مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ ، فَطَلَعَتْ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ ، فَلاَ وَاللَّهِ ، مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا – أي : أنه نزل عليهم المطر الغزير كل يوم إلى الجمعة التالية .
عباد الله : فِي هذا الْحَدِيثِ بَيَانُ فَضْلِ الدُّعَاءِ ، وَأَنَّهُ سِلَاَحُ الْمُؤْمِنِ ، والْمُؤْمِنُ فِي شَدَائِدِهِ وَنَوَازِلِهِ يَلْجَأُ إِلَى اللهِ - جَلَّ فِي عُلَاهُ- ويدعوه ؛ كما قال تعالى :( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر: 60].
فَاللهُ جل وعلا صَاحِبُ الجُودِ وَالكَرَم ، وَهُوَ الخَالِقُ الرَّازِقُ الْقَائِلُ – سُبْحَانَهُ - :( هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ )[فاطر:3]
ولَيْسَ لَنَا إِذَا نَقَصَتِ الْأَمْطَارُ ، وَاشْتَدَّ الْبَلَاءُ وَغَارَتْ الْآبَارُ ؛ إِلَّاّ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْغَفَّارَ،( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ) ؛ هُوَ الَّذِي يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ، وَلَا يَخِيِّبُ مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ وَرَجَاهُ ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْعَطَاءَ وَالْكَرَمَ ، أَوْسَعُ مَنْ أَعْطَى ، يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ، حَيِيٌّ كَرِيمٌ ، يَسْتَحْي أَنْ يَرُدَّ يَدَيْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَهُمَا إِلَيْهِ صِفْرًا ، فارْفَعُوا أَكُفَّ الضّرَاعَةِ ، وَادْعُوا وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ ، وَأكْثِرُوا مِنْ التَّوْبَةِ الاِسْتِغْفَارِ، وَاهْجُرُوا الذُّنُوبَ وَالأَوْزَارَ ، فَمَا اسْتُنْزِلَتِ الأَمْطَارُ بِمَثَلِ التَّوْبَةِ وَالاِسْتِغْفَارِ .
وأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِرَبِّكُمْ ، وَظُنُّوا به خَيْرًا وَرَحْمَةً وَغَيْثًا ، وَأنتم تَسْتَسْقُونَهُ وَتَسْتَمْطِرُونَهُ ، وَقَدْ قَالَ رَبُّكُمْ فِي الحَدِيثِ القُدْسَيِّ :" أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، إِنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ ، وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ " [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ لِلعَبْدِ إِلَّا بِرَبِّهِ , فَهُوَ الفَقِيرُ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، لَا غِنَى لَهُ عَنْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) [فاطر:15].
اللَّهُمَّ أَنْتَ اللهُ لَا اِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، أَنْتَ الغَنِيُّ وَنَحْنُ الفُقَرَاءُ ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ القَانِطِينَ ، اَللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ القَانِطِينَ ، اللّهُمَّ أَغِثْنَا ، اللّهُمَّ أغِثْنَا ، اللّهُمَّ أغِثْنَا .
اَللَّهُمَّ اِسْقِنَا وَأَغِثْنَا ، اَللَّهُمَّ أَغِثْ قُلُوبَنَا بِالإِيمَانِ وَاليَقِينِ ، وَبِلَادَنَا بِالخَيْرَاتِ وَالأَمْطَارِ والْغَيْثِ الْعَمِيمِ .
اَللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ ، فَلَا تَمْنَعْ عَنَّا بِذُنُوبِنَا فَضْلَكَ ، اَللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا ، فَأَرْسَلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا ، اَللَّهُمَّ أَغَثْنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا سَحًّا طَبَقًا وَاسِعًا مُجَلِّلاً نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ ، عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ ، اَللَّهُمَّ سُقْيًا رَحْمَةٍ ، لَا سُقْيَا عَذَابٍ وَلَا بَلَاءٍ وَلَا هَدْمٍ وَلَا غَرَقٍ .
اَللَّهُمَّ أَسْقِ عِبَادَكَ وَبَهَائِمَكَ ، وَأَنْشَرْ رَحْمَتَكَ ، وَأحْيِ بَلَدَكَ المَيِّت ، اَللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيْثًا مُبَارَكًا ، تُحْيِي بِهِ البِلَادَ ، وَتَرْحَمُ بِهِ العِبَادَ , وَتَجْعَلُهُ بَلَاغًا لِلحَاضِرِ والْبَلادِ ، اَللَّهُمَّ أَنَبْتْ لَنَا الزَّرْعَ ، وَأَدَرَّ لَنَا الضَّرْعَ ، وَاِسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ ، وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ ، وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ .
اَللَّهُمَّ اِرْفَعْ عَنَّا القَحْطَ وَالجَفَافَ وَالجُوعَ وَالْجَهْدَ ، وَاِكْشِفْ مَا بِالْمسْلِمِينَ مِنَ الْبَلَايَا ، فَإِنَّ بِهِمْ مِنَ الْجَهْدِ مَا لَا يَكْشِفُهُ إِلَّا أَنْتَ ، اَللَّهُمَّ اِكْشِفْ الضُّرَّ عَنْ الْمتضَرِّرِينَ ، وَالكُرْبَ عَنْ الْمَكْرُوبِينَ ، وَأَسْبَغِ النِّعَمَ عَلَى عِبَادَكَ أَجْمَعِينَ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ ، يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : لَقَدْ كَانَ مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّكُمْ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَمَا يَسْتَغِيثُ رَبَّهُ أَنْ يَقْلِبَ رِدَاءَهُ ، فَاقْلِبُوا أَرْدِيَتَكُمْ اِقْتِدَاءً بِسُنَةٍ نَبِيكُمْ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وَتَفَاؤُلاً أَنْ يَقْلِبَ اللهُ حَالَكُمْ مِنَ الشِّدَّةِ إِلَى الرَّخَاءِ ، وَمِنَ القَحْطِ إِلَى الْغَيْثِ ، وَأَلِحُّوا عَلَى اللهِ بِالدُّعَاءِ ، فَإِنَّهُ – سُبْحَانَهُ - يُحِبُّ الْملِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ .
)سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )[الصافات:180-182]، وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .
المرفقات
1762896224_خطبة الاستسقاء.docx