خطبة بعنوان : الذكاء الاصطناعي سلاحٌ ذو حدين ..
خالد خضران الدلبحي العتيبي
خطبة جمعة : بعنون [الذكاء الاصطناعي سلاحٌ ذو حدين] كتبها : خالد بن خضران العتيبي الجمش – الدوادمي .
الخطبة الأولى :
إن الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد :
عباد الله إنَّ من أجل نعم الله على عباده نعمة العقل فبه يعرف الإنسان ما ينفعه وما يضره وبه يميز بين الأشياء وهو مناط التكليف ولذلك المجنون مرفوع عنه القلم لفقدانه العقل ولذلك حرص الإسلام على العقل وحفظه وذلك بأمرين :
الأول : حث الإنسان على إعمال هذا العقل وذلك بالتفكر في ما ينفعه في دنياه وآخرته التفكر في آيات الله الكونية من سماء وأرض ونجوم وغير ذلك وكذلك التفكر في آيات الله الشرعية الكتاب والسنة ولذلك تكرر في القرآن قوله تعالى ( أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) وكذلك قوله ( لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )
بل إن أول آية أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم هي (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) ففيها حث على القراءة وبها تكون المعرفة ويقوى العقل .
وأما الأمر الثاني الذي به حفظت الشريعة العقول فهو البعد عن كل ما يفسد هذا العقل ومفسدات العقل إما أن تكون معنوية كالشبهات المضللة وإما أن تكون أموراً حسية كالخمر والمخدرات فإنها فساد للعقول .
وما نراه اليوم من تطورٍ عظيم في مجالات التقنية الحديثة هو من إعمال هذه العقول التي أعطاها الله البشر ومن أبرز مظاهر هذا التطور التقني ما يسمى بالذكاء الاصطناعي حيث أصبحت كثيراً من الأشياء تنفذ وتعمل عن طريق الآلات التي طورها البشر وهذا في كل المجالات في المجالات العلمية أصبح الجهاز يجاوب على السؤال ويكتب البحث ويلخص الكتاب ويصحح الاختبارات وفي المجالات العسكرية أصبحت الآلة ترصد العدو وترمي وتطير وترجع لمكانها بدون قائد لها وفي المجالات الزراعية أصبحت الآلة تسقي الزرع لوحدها وتحصد الزرع وتجمع الثمار كلُ هذا بضغطة زر وفي مجالات الخدمة أصبحت الآلة تخدم في البيت فتغسل وتنظف البيت وربما طبخت الطعام وفي المجالات الإعلامية ونشر الصور والمقاطع الصوتية والفديوهات فبالذكاء الاصطناعي تستطيع عن طريق هذه التقنية أن تأتي بصورة لأي شخص وتركب عليا كلاماً لم يقله وأفعالاً لم يفعلها !
والإسلام عبادَ الله لا يمنع التطور المفيد للبشرية بل يمنع ما كان فيه ضررٌ عليهم فهذه الأجهزة والآلات والتقنية الحديثة هي من تسخير الله لعباده قال تعالى ((وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) وهذا يشمل كل الاختراعات التي اخترعها البشر فهي سلاحٌ ذو حدين لها منافعها العظيمة ولها ضررها العظيم بحسب استعمال الإنسان لها فالواجب علينا كمسلمين أن نشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة العظيمة فهذا التقنية إذا استغلت فإنها تختصر كثيراً من الوقت وكثيراً من الجهد البشري ويحصل بها زيادةٌ في الانتاج ولا شك أن هذه نعمةٌ عظيمة .
عباد الله علينا أن نحذر أشد الحذر من استعمال هذه التقنية وهذا الذكاء الاصطناعي في أمورٍ محرمة يحصل بها الضرر علينا وعلى المجتمع وسأذكر أمثلة يفعلها بعض الناس وهي من الأمور المحرمة:
من الأمثلة : نشر الصور ومقاطع الفديو المفبركة والمزيفة لأشخاص وهم يقولون أو يفعلون أشياء ليست حقيقية ومن نشر هذه المقاطع ربما يكون قصده تشويه سمعة هؤلاء الأشخاص أو نشر الاشاعات وربما وهو أخطر تضليل الناس في عقيدتهم ودينهم فيأتون بصورة أحد العلماء ويركبون عليها كلاماً بصوته يجيز أشياء محرمة وربما كتبوا على مقطع الفديو هذه فتوى للشيخ العلامة فلان رحمه الله فيظن من يشاهد المقطع أن هذا حقيقي وهو محرف ولا يستطيع الشخص العادي كشف هذا التحريف وربما كتبوا عليه عبارة [أنشر تؤجر ]!
وربما أتو بشخص من المعروفين ويركبون عليه إعلان لأحد المنتجات التجارية وهو لم يعلن هذا الإعلان وكل هذا من أجل خدمة مصالحهم .
ومن أمثلة استخدام الذكاء الاصطناعي استخداماً محرماً استخدامه في نشر الصور ومقاطع الفديو التي تدعو للفاحشة والرذيلة والعياذ بالله .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يستفيدون من هذه التقنية في الأمور التي تعود علينا بالنفع في ديننا ودنيانا .
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
إن الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد :
عباد الله وإن مما يجب علينا عند التعامل من هذه التقنية والأجهزة الذكية أن نتثبت في ما نراه ونسمعه والمصدر الذي نأخذ منه المعلومة والله سبحانه وتعالى في كتابه حثنا على التثبت من الأخبار التي تأتينا ومعنى التثبت أي التأكد من صحتها خاصة إذا أتى هذا الخبر من إنسان عرف بعدم التثبت أو الكذب في حديثه قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ) أي تثبتوا في خبره ثم ذكر الله سبحانه وتعالى بعض المفاسد التي تترتب على قبول خبر الفاسق بدون تثبت ( أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات : 6 )
عباد الله مع هذه التنقية والبرامج الذكية تكثر الاشاعات والكذبة يكذبها الرجل تبلغ الآفاق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن ينشر الأخبار التي تأتيه بدون تثبت فهو أحد الكذابين وهو داخل في الوعيد الشديد الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فقد جاء في صحيح البخاري أنه عليه الصلاة والسلام رأى رؤيا ورؤيا الأنبياء حق وجاء فيها [ قَالَ: " فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، - " قَالَ: «ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى» قَالَ: " قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟ " قَالَ: " قَالاَ لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ [يقوله الملكان اللذان مع النبي صلى الله عليه وسلم وجاء في آخر الحديث ] وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ .
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يتثبتون في الأخبار وأن يحفظنا بحفظه فالله خيرٌ حافظاً وهو أرحم الراحمين وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجلني وإياكم ممن ينشرون الخير عن طريق هذه التقنية فالدال على الخير كفاعله .
اللهم اعنا على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن تلاوتك .
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا هداةً مهتدين اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن .
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد اللهم ارضَ عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمرَ وعثمانَ وعلي وعن الصحابة أجمعين سبحانك ربك ربِ العزة عما يصفون وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
المرفقات
1753365479_خطبة عن بعنوان الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين.docx