خطبة بعنوان ( وقفة مع المناسبات ) مختصرة

سعيد الشهراني
1447/02/05 - 2025/07/30 08:17AM

خطبة ( وقفة مع المناسبات )

سعيد سيف ال حلاش الشهراني-جامع عمر بن الخطاب-تندحة

الْخُطْبَةُ الْأُولَى :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَغْنَانَا بِحَلَالِه عَنْ حَرَامَه، وَبِفَضْلَة عَمَّنْ سِوَاهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَا رَبَّ لَنَا إلَّا إيَّاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمُصْطَفَاه، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى الِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ اهْتَدَى بِهُدَاه.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى - أَيُّهَا النَّاسُ - حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون.

عِبَادِ اللَّهِ: يَكْثُرُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ اجْتِمَاعَاتُ النَّاس وَتَتَزَاحَم الْمُنَاسَبَات فِيهَا، اجْتِمَاعَات عَائِلية، وَلَقَاءَات عَامَّةُ، وَاحْتِفَالات وَزَوْاجَات، وَهِيَ مُظَاهِر رَائِعَة تُسْعَد الرُّوح وَتَظْهَر مَدَى تَأَلَّفِ النَّاسَ وَتَحَابُّهُمْ وَفِيهَا مِنْ الْخَيْرِ الْكَثِيرِ الَّذِي لَا يَخْفَى، وَمَعَ كَثْرَةِ هَذِهِ اللِّقَاءَاتِ فَلَابُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مَا يَحْتَاجُ لِتَنْبِيه وَتَوْجِيه وَالْمُوَفَّق مَنْ اسْتَجَابَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَأَمْرِ رَسُولِهِ فَمَنْ الْمُظَاهِر الطَّارِئَة الْمُزْعِجَة الْمُبَالَغَة وَالتَّكَلُّفِ فِي الْمَلْبَسِ وَالْمَطْعَمِ وَالْمُرَكَّب، فَأَصْبَح الْمَقْصِدِ فِي هَذَا الْحُضُورِ التَّبَاهِي وَالتَّفَاخُر وَلَيْس التَّوَاصُل وَالتَّأَخِّي فَاخْتَفَى عَلَى أَثَرِ هَذَا التَّكَلُّفِ رُوحُ هَذِهِ الِاجْتِمَاعَات وَجَمَالِهَا وَثَمَرَتُهَا وَأَصْبَحَتْ ثَقِيلَة عَلَى النُّفُوسِ بَعِيدَةً عَنْ الْوُصُولِ لِغَايَتِهَا الَّتِي وُضِعَتْ لِأَجْلِه.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَذَا وَإِنْ الشَّارِعِ الْحَكِيمِ قَدْ وَضَعَ الْمَنْهَج الصَّحِيح لِهَذِه الِاجْتِمَاعَات وَبَيْنَ الطَّرِيقِ الْمُوَصلِ إلَى هَدَفِهَا وَالْمَقْصَدُ مِنْهَا فَقَدْ أَرْشَدَ ﷺ النَّاسَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُنَاسَبَات إلَى الْبُعْدِ عَنْ التَّكَلُّفِ وَالرِّضَا بِالْيَسِيرِ حَتَّى فِي أَعْظَمِ الْمُنَاسَبَات وَهِي حَفَلَات الزَّوَاج وَتَوَابِعِهَا فَقَالَ( أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً) وَقَالَ ﷺ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ لَمَّا تَزَوَّجَ( أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ). وَوَلِيمَةُ الْعُرْسِ تَقْدر بِحَالِ الزَّوْجِ وَلَا يُكَلَّفُ فَوْقَ طَاقَتِهِ وَإِنْ كَانَ مُقْتَدِرًا فَلَهُ أَنْ يُولِمَ بِمَا شَاءَ مَعَ مُرَاقَبَةِ حُرْمَةُ الْإِسْرَافِ وَالتَّبْذِيرِ وَالتَّجَاوُزَاتِ الشَّرْعِيَّةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ أَعْرِافاً مُتَوَارَثَة، فَالأعْرَافُ الْمَحْمُودَةِ هِيَ الَّتِي تَكُونُ مُوَافِقَةً لِمَقَاصِدِ الشَّرْعِ وَتَوْجِيهَاتِه وَإِنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لِشَرْعِ اللَّهِ فَالْخَيْر كُلِّ الْخَيْرِ فِي الْبُعْدِ عَنْهَا وَعَنْ أَهْلِهَا، وَكَانَ نَهْجِه ﷺ فِي الدَّعَوَاتْ الِاسْتِجَابَة لَهَا وَيَأْمُرَ مَنْ يدعى إلَيْهَا أنْ يَسْتَجِيب لَهَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ الدَّعْوَةُ مُتَوَاضِعَة، وَذَلِكَ لِدَفْعِ مَا يَكُونُ فِي النَّفْسِ مِنْ عُلُوٍّ وَتُكَبِّر قَالَ ﷺ( لَوْ دُعِيتُ إلى ذِراعٍ أوْ كُراعٍ لَأَجَبْتُ، ولو أُهْدِيَ إلَيَّ ذِراعٌ أوْ كُراعٌ لَقَبِلْتُ)، وَلَا يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَتِه عِنْدَ النَّاسِ مُقْتَرِنَة بِمَا يُقَدَّمُ لَهُ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ فَهَذَا مِنْ ضَعْفِ الْعَقْلِ وَدَنَاءَةِ النَّفْسِ بَلْ إنْ الْعَاقِلَ هُوَ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ لَا يَتَكَلَّفُ لَهُ النَّاسُ وَأنْ يَضَعُوا لَهُ مَا تَيَسَّرَ لَهُمْ.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إنْ الْمَرْء حِينَمَا يَرَى تَكَلُّفَ النَّاسِ فِي كَمَاليَّات حَيَاتَهُمْ وَركُوبُهُمْ السَّهْل وَالْحَزَنَ فِي سَبِيلِ الْحُصُولِ عَلَيْهَا مِنْ فُرْشِ كَثِيرَة وَتُحُفّ أَنِيقَة ثُمَّ يَتَذَكَّرُ حَالِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَأْكَلِهِ وَمَلْبَسِهِ، وَفَرْشُه وَمَرْكَبِه، لِيَعْلَم عِلْمًا قَاطِعًا بِالسَّبَبِ الَّذِي أَبْعَد السَّعَادَةِ عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّفِين، ذَلِكَ أَنَّ السَّعَادَةَ كُلُّ السَّعَادَةِ وَالهَنَاءِ كُلّ الْهَنَاء هُو بِالتَّأَسِّي بِمَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلتَّأَسِّي وَالِاقْتِدَاء ذَلِكَ النَّبِيَّ الْخَاتَمَ الَّذِي أَمَرَنَا بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ إنْ أَرَدْنَا السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْفَلَاحَ فِي الْاخِرَةِ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْاخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) وَقَدْ كَانَ ﷺ يَمْقُتُ الْكِبْر وَالتَّعَالِي وَيُحِبُّ التَّوَاضُع وَالتَّبَسُّط. جَعَلَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَسْتَمِعُونَ الْهَدْى فَيَتَّبِعُون أَحْسَنَه.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيل لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوه إنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.

 

الْخُطْبَة الثَّانِيَةُ :

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَظِيم الْإِحْسَان، وَاسِعَ الْفَضْلِ وَالْجُودِ وَالِامْتِنَان؛ وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى الِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ

أَمَّا بَعْدُ: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ التَّقْوَى وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى وَاعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادِكُمْ عَلَى النَّارِ لاتَقَوَّى.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إنْ الْإِنْسَانَ كُلَّمَا أَسْقَط التَّكَلُّفَ عَنْ نَّفْسِهِ كُلَّمَا رَجَّح عَقْلِه وَزَاد إيمَانِه وَاكْتَمَلَتْ مُرُوءَتُه فَهَنِيئًا لِمَنِ يَسَّرَ عَلَى النَّاسِ حِمْلَهِمْ وَلَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِمْ فِي ضِيَافَتِهِمْ وهَنِيئاً لِمَنْ يَسْر النِّكَاحِ عَلَى الشَّبَابِ وَالفَتَيَات وَجَنِّبْ نَفْسَه وَمَجْمَعُه عَوَاقِب التَّبْذِير وَغَوَائِلِه وَلَمْ ينْسَق وَرَاءَ آرَاء السُّفَهَاءِ وَالْجُهَّالِ فَحَفِظ الْأَمْوَالِ وَلَمْ يَبْدَدها وَأَعَانَ عَلَى نَشْرِ الْخَيْر وَالْبَرَكَة.

عِبَادِ اللَّهِ: وَالمُجْتَمَعَاتُ بِطَبْعِهَا تَتَغَيَّرُ وَلَا تقْبَلُ التَّوَقُّفَ فَإِنْ تَصْدَر أَهْلِ الْعَقْلِ وَالرَّأْيِ وَبَادِرُوا بِالتَّغْيِيرِ إِلَى الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ فَسَيَنفع اللَّهُ بِجُهُودِهِمْ وَإِنْ قَصَّرُوا فَسَيَبَادَر غَيْرَهُمْ لِلتَّغْيِير إلَى مَا يَضُرُّ فِي الدَّيْنِ وَالدُّنْيَا وَكَمْ نَفَعَ اللَّهُ بِمُبَادَرَات نَافِعَة فَتَحَتْ أَبْوَابًا مِنْ الْخَيْرِ وَالْهُدَى وَالصَّلَاح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ (مَنْ دَعَا إلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا إلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ اَثَامِهِمْ شَيْئًا) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْخَيْرُ بَاقٍ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ أَمَةٌ مُبَارَكَة مَرْحُومَة فَمَنْ بُذِلَ جَهْدَه يُرِيدُ الْخَيْرَ وَالصَّلَاح فَسَيَثُمر جُهْدَهُ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحُنَا وَيُصْلُحُ لَنَا وَيَصْلُح بِنَا.

هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ...(الدعاء مرفق)

المرفقات

1753854733_خطبة بعنوان ( وقفة مع المناسبات) مختصرة.docx

1753854751_خطبة بعنوان ( وقفة مع المناسبات) مختصرة.docx

المشاهدات 384 | التعليقات 0