خطبة عيد الأضحى1446
أحمد بن علي الغامدي
الحمدُ للهِ تفرَّدَ عزًّا ومجداً وجلالاً، وتقدس بهاءً وسناءً وجمالاً، وتوحَّدَ عظمةً وكبرياءً وكمالاً، تباركَ ربُنا سبحانهُ وتعالى، وأشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهدُ أن محمداً عبدهُ ورسولهُ،صلَّى اللهُ وسلَّم وباركَ عليهِ وعلى آلهِ،وصحابتهِ الكرامِ، والتابعينَ وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّـهِ الْحَمْدُ.
أمَّا بعد:معاشرَ المؤمنينَ الكرام: يَومُكُمْ هذا يَومٌ عَظيمٌ مُبارَكٌ، رَفعَ اللهُ قدرَهُ، وأعلى ذِكرَهُ، وسمَّاهُ يَومَ الحجِّ الأكبر، يَوْمَ الْعَجِّ وَالثَّجِّ، يَوْمَ النَّحْرِ والذِّكر، يومَ العِيدِ السَّعيدِ، أَفضَلُ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ وَأَعظَمُهَا .. وأجلُّها وأشرفُها
عباد الله:فِي مِثْلِ هَذَا اليَوْمِ العَظِيمِ وَقَفَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الـمِنْبَرِ فِي مَكَّةَ فِي حَجَّتِهِ ، وقرر أُصُولًا عَظِيمَةً مِنْ أُصُولِ الإِسْلَامِ، حَذَّرَ فيها مِنَ الشِّرْكِ والربا، وَحَذَّرَ مِنَ القَطِيعَةِ وَالتَّدَابُرِ وَالاقْتِتَالِ، وَحَرَّمَ فِيهَا دَمَ الـمُسْلِمِ وَمَالَهُ وَعِرْضَهُ، حَتَّى قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ».
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّـهِ الْحَمْدُ.
عباد الله : من مبادئ الإسلامِ الراسخة، تمتينُ العلاقاتِ بين أفرادِ المجتمع، خصوصاً بين الأقاربِ والأرحام،فقد قرنَ اللهُ عزَّ وجلَّ حقَّهُ العظيم بالتوحيد وعدمِ الشرك، بحقِّ الأقاربِ بالصلة والاحسان، فقال عزَّ وجلَّ: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى ] وصِلةُ الرَّحِم - عباد الله - هي مشاعرٌ قلبية، وزياراتٌ ودِّية، وعلاقاتٌ متينةٌ ، بشاشةٌ عند اللقاء، ولينٌ في المعاملة، وطلاقةٌ في الوجه، ورقةٌ في القول، وتبسُّطٌ في الحديث ، وصبر وتغافل عن الأذى ، هفواتٌ مُحتملة، وأعذارٌ مقبولة، وقد قال عليه الصلاة والسلام في أول مقدَمِه للمدينة : «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ، وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ" أي من غير حساب ولا عذاب
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ .. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحمدُ
بارك الله لي ولكم .... عباد الله :
الخطبة الثانية : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين .
اللهُ أكبر، اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله .. الله أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمد
أما بعد: فاعلموا عباد الله: أنَّ قطيعة الرَّحِمِ كبيرةٌ من كبائر الذنوبِ، وفسادٌ في الأرض كبير، عِقابها وخيمٌ، ونكالها أليمٌ: يقولُ الحقُّ جلَّ وعلا: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}، فيا أيها الموفقون المباركون رجالاً ونساءا: إذا عُدتمْ بتوفيقِ اللهِ لبيوتِكُم وأهلِيكُم: عُودوا بقلوبٍ صَافيةٍ نَقيةٍ، صِلوا من قَطعكُم، وأعطوا من حَرمكُم، وأحسِنوا لمن أساءَ إليكم ..
فَالْعِيدُ يا رَعَاكُمُ اللهُ: فرصة عظيمة للتَّسَامُحِ وَالتَّصَافِي، تَتَنَاسَى فِيهِ النُّفُوسُ الْكِبَارُ خِلَافَاتِهَا،ويرتفِعَ فيه مَقَامَ الْرحمِ فَوْقَ حُطَامِ الدُّنْيَا، فَيَتَصَافَحُ فيه الْمُتَبَاغِضُونَ، وَيَتَعَانَقُ الْمُتَهَاجِرُونَ، وَتَتَزَكَّى النُّفُوسُ بِالْعَفْوِ وَالْإِحْسَانِ، وَبإِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى قُلُوبِ الْأقربين.
اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ .. اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ، وللهِ الحمدُ
أَعَادَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَى المُسْلِمِينَ بِالْيُمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَتَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَمِنَ المُسْلِمِينَ صَالِحَ الْأَعْمَالِ