خطبة في التذكير بنعمة الأمن والقيادة والجماعة
صالح محمد السعوي
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة في التذكير بنعمة الأمن والقيادة والجماعة
بقلم وتأليف صالح بن محمد بن سليمان السعوي
الحمد لله الذي امتن على هذه البلاد بالأمن والقيادة واجتماع الكلمة.
أحمده تعالى على سوابغ نعمه وأشكره سبحانه ومن شكره رضي عنه وأثابه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له اللطيف بعباده.
وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله ومصطفاه من خلقه.
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خيرة أمته وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأطيعوه وتذكروا لما أنتم فيه من نعم متوافرة ومتجددة وربنا سبحانه يقول: ((وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّه)) [سورة النحل الآية ٥٣].
وقال سبحانه: ((وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)) [سورة إبراهيم الآية ٣٤]
وأكبر النعم وأعظمها نعمة الإسلام والله يقول: ((إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)) [سورة آل عمران ١٩]
وقال الله عز وجل: ((وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)) [سورة آل عمران الآية ٨٥]
ونعمةُ بعثة محمد ﷺ قال سبحانه: ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا)) [سورة سبأ الآية ٢٨].
رسولٌ هدى به الله من الضلالة وبصر به من العمى وأرشد به من الغي وفتح برسالته أعينًا عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً، وقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده وفرض الله طاعته قال عز وجل: ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا)) [سورة الحشر الآية ٧].
ونعمة العلماء الذين جعلهم الله ورثة للأنبياء وبارك فيهم وفي علمهم الذي تتوارثه الأجيال الذين أراد الله فيهم خيراً، قال عليه الصلاة والسلام: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" متفق عليه، ونعمة الولاة المصلحين الذين بسببهم استتباب الأمن واطمئنان النفوس في حياتهم وفي يقظتهم ومنامهم وغدوهم ورواحهم وعبادتهم وحجهم واعتمارهم وغيرها ولا شك أن لهم فضلٌ علينا ونحمد الله على توارث ولايتهم منذ الأمير محمد بن سعود الذي ناصر دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله تعالى وتابعهما أبناؤهما وطلابهما، وهذه المملكة تعيش منذ موحدها الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى إلى اليوم في أمن ورخاء ووحدة الصف، في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده حفظهما الله، وربنا سبحانه يقول:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ)) [سورة النساء الآية ٥٩].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال: "على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة" متفق عليه.
ومن النعم أن يكون بين الراعي والرعية انقيادٌ وتآلفٌ وتراحم وتعاطف وكذلك فيما بين المسلمين بعضهم لبعض قال عز وجل: ((إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)) [سورة الأنبياء الآية ٩٢]
وأمر الله بالاعتصام حيث قال: ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)) [سورة آل عمران الآية ١٠٣]
وقال سبحانه: ((فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا)) [سورة النساء الآية ١٧٥]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً، فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال" رواه مسلم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: "يد الله مع الجماعة" رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب. وقال محقق جامع الأصول: حسن بشواهده.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يخطب ويقول: يا أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة فإنهما حبل الله الذي أمر به انتهى.
وعلى الجميع في هذه البلاد المباركة، أن يكونوا يداً واحدة في الحفاظ على الأمن وهو مسؤولية عظيمةٌ يجب التكاتف والتآزرُ بما يحقق استدامته وإشعار الأنفس أنه مصلحة محضة عائدة لها في أمور دينها وحضارتها ومكتسبات دنياها، وكذلك الانتماء والولاء للوطن والمشاركة في بنائه والمحافظة على مقدَّراته ورعاية مصالحه العامة والخاصة.
اللهم أدم علينا الأمن والأمان وافتح على الزوجات والأولاد بالهداية والاستقامة على هذا الدين.
اللهم أصلح إمامنا وولي عهده والعلماء والأمناء والمستشارين واجعلهم أعواناً في الخير مصلحين.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
خطبة أخيرة في التذكير بنعمة الأمن والقيادة والجماعة
الحمد لله الذي جعل رعاية النعم من جل اهتمام المؤمنين والرعاة المصلحين.
أحمده تعالى على التوفيق والتمكين، وأشكره سبحانه وهو الذي يزيد الشاكرين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي المتقين، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى وأطيعوه واستحضروا في قلوبكم هذه النعم التي يتمتع بها الجميع وتحدثوا بها بما يليق التحدث به واثنوا على الله الذي تفضل بها واستعينوا بها على طاعة الله الذي أنعم بها، ليقر بها ربنا علينا ويزيدنا من فضله وربنا يقول: ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)) [سورة إبراهيم الآية ٧].
وفي التحدث بالنعم يقول الله عز وجل: ((وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)) [سورة الضحى الآية ١١].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "إنَّ للطاعمِ الشاكرِ من الأجرِ، مثلُ ما للصائمِ الصابر" رواه الترمذي وغيره وقال الألباني إسناده حسن.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد بعدد نطق الألسن وجريان الأغذية في الأبدان.
وأرض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن زوجات نبينا أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين والتابعين وتابعيهم بإحسان وعنا معهم يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين واحم حوزة الدين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واكفنا شر الأشرار وكيد الفجار وشياطين الإنس والجان.
واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم أصلح ولاة أمورنا وكل من تولى للمسلمين أمراً، وخص إمامنا وولي عهده بالتوفيق والعون والتسديد وصلاح البطانة من العلماء وخيرة المؤمنين المصلحين.
اللهم ادفع عنا الغلا والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم تب على التائبين واغفر ذنوب المذنبين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين.
اللهم اجعلنا نعظم شكرك ونكثر ذكرك ونتبع نصحك ونحفظ وصيتك.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم حقق إيماننا وثبتنا عليه واحفظنا وقادتنا بالعلم والرعاية واحفظ رجال أمننا وحراس الحدود والمحارم والحرمات والمرافق واحمم دماءهم وأعراضهم وعتادهم واغفر لمن مات منهم.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمن دلنا إليك ورغبنا فيما عندك لعبادك الصالحين وجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك وأنت أرحم الراحمين وخير الغافرين والحمد لله رب العالمين.
هارون رشيد إبراهيم
عضو نشطجزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم
تعديل التعليق