(خطبة قصيرة ) { حقوق من صنعوا حاضرنا }
فهد فالح الشاكر
الخُطْبَةُ الأُولَى
الْـحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَرَ بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى ذَوِي الْقُرْبَى، وَرَغَّبَ فِي تَوْقِيرِ الْكَبِيرِ وَرَحْمَةِ الصَّغِيرِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ رِضَاهُ وَدُخُولِ جَنَّاتِهِ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي أَوَّلًا بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهِيَ وَصِيَّةُ اللَّهِ لِلْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، قَالَ تَعَالَى:
﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾
أَيُّهَا الْأَحِبَّةُ:
حَدِيثُنَا الْيَوْمَ عَنْ حُقُوقِ كِبَارِ السِّنِّ، تِلْكَ الْفِئَةِ الَّتِي شَابَتْ لِحَاهَا، وَرَقَّتْ عِظَامُهَا، وَضَعُفَتْ قُوَّتُهَا، وَلَكِنَّهَا بَقِيَتْ فِي مِيزَانِ الشَّرْعِ فِي مَنْزِلَةٍ عَالِيَةٍ وَمَرْتَبَةٍ سَامِيَةٍ.
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا» [رَوَاهُ أَبُو دَاوُد].
وَقَالَ ﷺ: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ» [رَوَاهُ أَبُو دَاوُد].
فَانْظُرُوا يَا عِبَادَ اللَّهِ، كَيْفَ جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ تَوْقِيرَ الْكَبِيرِ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا!
أَيُّهَا الْكِرَامُ:
إِنَّ كِبَارَ السِّنِّ هُمْ آبَاؤُنَا وَأُمَّهَاتُنَا، هُمْ مَنْ سَبَقُونَا فِي الطَّاعَاتِ، وَرَبَّوْنَا فِي الصِّغَرِ، وَضَحَّوْا بِأَعْمَارِهِمْ مِنْ أَجْلِنَا.
وَمِنْ حُقُوقِهِمْ عَلَيْنَا:
1. الْبِرُّ وَالْإِحْسَانُ إِلَيْهِمْ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ.
٢- التَّوَاضُعُ لَهُمْ وَخَفْضُ الْجَنَاحِ مِنَ الرَّحْمَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ﴾
3. خِدْمَتُهُمْ وَالْقِيَامُ بِحَوَائِجِهِمْ، وَالْجُلُوسُ مَعَهُمْ، وَعَدَمُ إِقْصَائِهِمْ.
4. الدُّعَاءُ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِمْ وَبَعْدَ مَمَاتِهِمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾
عِبَادَ اللَّهِ، تَذَكَّرُوا أَنَّ الْأَيَّامَ دُوَلٌ، وَأَنَّنَا غَدًا سَنَكُونُ فِي مَقَامِهِمْ، فَكَمَا نُعَامِلُ كِبَارَنَا سَيُعَامِلُنَا أَبْنَاؤُنَا وَأَحْفَادُنَا.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآي والذكر الحكيم
أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْـحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَلِيُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
عِبَادَ اللَّهِ:
مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْبَرَكَةِ فِي الْعُمْرِ وَالرِّزْقِ إِكْرَامُ كِبَارِ السِّنِّ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إِنَّهُ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ تَعَالَى إِكْرَامُ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامُ السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ» [رَوَاهُ أَبُو دَاوُد].
فَلْنَغْرِسْ فِي قُلُوبِ أَبْنَائِنَا احْتِرَامَ الْكَبِيرِ وَتَقْدِيرَهُ، وَعَدَمَ السُّخْرِيَةِ مِنْهُ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ أَجْرًا عَظِيمًا.
وَاعْلَمُوا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْكِبَارَ إِذَا رَضُوا عَنَّا فَذَلِكَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَإِذَا دَعَوْا لَنَا فَذَلِكَ سَبَبٌ لِتَيْسِيرِ أُمُورِنَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا بَارِّينَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَأَجْدَادِنَا، اللَّهُمَّ أَطِلْ أَعْمَارَهُمْ فِي طَاعَتِكَ، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ أَعْمَالَهُمْ، وَارْحَمْ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ رَحْمَةً وَاسِعَةً، وَاجْعَلْ قُبُورَهُمْ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى خَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ فَقَالَ:
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾
المرفقات
1757017299_ خطبة_حقوق_كبار_السن.pdf.pdf