زوجاتنا وبناتنا وأخواتنا ( تعميم )

راشد بن عبد الرحمن البداح
1447/06/19 - 2025/12/10 17:41PM

زوجاتُنا وبناتُنا وأخواتُنا (21 جمادى الآخر 1447هـ) راشد البداح -السعودية - الزلفي
الحَمْدُ للهِ الذيْ لا خَيْرَ إلا مِنهُ، ولا فَضْلَ إلا مِن لَدُنْهُ. وأَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ له الحَقُّ المُبِيْنُ، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُوْلُهُ اَلأمِينُ. صَلَّى اللهُ وسلَّمَ علَيهِكلَّ حينٍ. أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ {وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ}.

يا عبدَ اللهِ: اسمعْ لهذا الموقفِ، الذي يَقطُرُ عُذوبةً ولُطفًا، ويَذوبُ رِقةً وعَطفًا.

كانَ نبيُّنا -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- إذا زارتْهُ ابنتُهُ فاطمةُ قامَ إليها يَتلقَاها ويُرحِبُ بها قائلاً: مَرْحَبًا بِابْنَتِي(). ثم يُجْلِسُها بجانِبِهِ؛ مبالغةً في الحفاوةِ والمحبةِوالإكرامِ. وكانَ يُعلِنُ حُبَها والدفاعَ عنها قائلاً: فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي().

إنه الحُبُّ الأَبويُّ، والتعاملُ النبويُّ مع البناتِ الرقيقاتِ، على أرقَى وأرقِّ المستوياتِ، لأنَّ القدوةَ الحسنةَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتطابقُ فِعلُهُ هذا معَ قولهِ: ‌خَيْرُكُمْ ‌خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي().

بقيَ أن نعرفَ أعجَبَ ما في هذا الموقفِ، وهوَ أن هذا التدفقَ العاطفيَ النبويَ،والحبَ المحمديَ الأبويَ كان لفاطمةَ وهيَ في الخامسةِ والعشرينَ من عُمُرِها، حيثُ صارتْ زوجةً وأمًا لخمسةِ أولادٍ.

والدرسُ المستفادُ: هو أن نوقِنَ أن الأولادَ يَكبُرونَ ويَكبُرُ حُبُّهمْ معهمْ، وليسُوا لُعَبًا يُلهَى بهم صغارًا، ويُهْمَلونَ كبارًا.

ثم لِنسألْ أنفسَنا: هل نحنُ واضحونَ في تعبيرِنا عن مشاعرِ الحبِ لبناتِنا الكبارِ خصوصاً، والأولادِ عموماً، أم نظنُ أنهم استغنَوا عن تصريحِنا لهم بالحبِ لما كبُرُوا؟

فأَسمِعوهُنَّ دومًا كلمةَ: أحبكِ، وكونُوا الحِضْنَ الدافئَ، والحِصْنَ الدافعَ، فالبنتُ تُحِبُّ أن تَتَحَدَّثَ مع أبِيها وأخِيها وزوجها، ولكن ماذا تفعلُ إذا صارتِ العِلاقةُ صامتةً، فلا حِوَارَ ولا ابتسامةَ ولا ممازحةَ، فإن لم تُشْبِعها أُسرتُها في عاطفتِها اسْتَغِلَّها متسوِّرُو أسوارِنا، من لصوصِ وسائلِ التواصلِ، ثم تجِدُها تَمِيلُ إلى العُزْلةِ، وربما تَتحايَلُ للخروجِ من البيتِ.

أيُها الآباءُ والأمهاتُ: إن اللهَ –تعالَى- أوصانا وصيةً خَصَّنا بها، فقال –سبحانَهُ-: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}. فافْتَحُوا قُلُوبَكُمْ لهمْ عموماً، ولهنَّخصوصاً، وحاوِرُوهُنَّ، وعِيشُوا مشاكلَهُنَّ.

أيُّها الأولياءُ والأوصياءُ: إنَّ بعضَ مَنْ غَفَلَ عن اليومِ الآخرِ قادَهُ الطمعُ إلى تضييعِ حقوقِ أقاربهِ الماليةِ، لا سيَّما النساءَ منهنَّ، إما بتأخيرِهِ لميراثِهِنَّ، وأظلمُ منه وأطغَى مَن يبخَسُهُنَّ أو يَجحَدُهُنَّ حقوقَهُنَّ؛ لينطبِقَ عليهِ قولُ الحقِ –سبحانَهُ-: (وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا) أيْ: الميراثَ. قالَ الحَسَنُ -رحمهُ اللهُ-: كانُوا لا يُوَرِّثونَ النساءَ، ولا يورِّثونَالصغارَ، وقرأَ: (وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِيْ يَتَامَى النِّسَاءِ اللاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ) أي: لا تورِّثُونَهُنَّ().

وربَّما بعضُ الأولياءِ يَستغِلونَ سكوتَهُنَّ عن المطالبةِ وخَجَلَهُنَّ، فهذا ظلمٌ كبيرٌ، فإن النساءَ يُظلَمْنَ في ميراثِهِنَّ كثيراً، حتى إن بعضَهُنَّ يعِشْنَ عِيشةَ الفقراءِ، وإرثُهن بالملايينِ.

فأللهَ أللهَ في نساءِ بيوتِكم، فليسَ من الرجولةِ التسلطُ والسطوةُ على حقوقِالنساءِ الضعيفاتِ، فهذا خلافُ وصيةِ رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القائلِ: فَاتَّقُوا ‌اللهَ ‌فِي ‌النِّسَاءِ().

الحمدُ للهِ خيرِ محمودٍ، والصلاةُ والسلامُ على خيرِ حامدٍ، أما بعدُ:

فيا أيُّها المؤمنونَ: ثمَّتَ منكرٌ خطيرٌ يتعلَّقُ بالنساءِ، وقد نهَى اللهُ عنهُ نهياً شديداً، ألا وهوَ العَضْلُ، والعَضْلُ هو تأخيرُ تزويجِ المرأةِ ظلمًا، أو التضييقُ عليها بعدَ زواجِها، أو تنكيدُ زوجِها لحياتِها؛ استغلالاً لضَعْفِها وحيائِها.

ومِن صُوَرِ العَضْلِ ما قالَهُ ربُّنا -عزَّ وجلَّ-: (وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ) بأنْ يُضيِّقَ الزوجُ على زوجتهِ، أو يَمنعَها من حقِّها في النفقةِ أو القَسْمِ، أو حُسنِ العِشرةِ؛ لأجلِ أن يَسترجِعَ الدَّنِيئُ مَهْرَها.

فيا أيُّها الزوجانِ: لِيَحفظْ كلٌ منكُمَا للآخرِ حقَّهُ وقدْرَهُ، وليُبْنَ بيتُكُما على اثنتينِ؛المودةِ والرحمةِ، مصداقاً لقولِ ربِّنا: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الروم21] فبالمودةِتُبنَى المنازلُ، وبالرحمةِ تُوأَدُ المشاكلُ.

ومن العضلِ المحرَّمِ: أن يَمتنعَ الوليُّ عن تزويجِ مَوليَّتِهِ إذا خَطبَها كُفءٌ قد رضيَتْهُ، ويَدخلُ فيه تلكمُ العاداتُ الجاهليةُ القَبَليةُ حيالَ المرأةِ المسكينةِ، بحَجْزِها وحَجْرِها لابنِ عمِّها، وهيَ لا تُريدُهُ.

ألمْ يَقُلْ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ().

فما الفتنةُ والفسادُ العريضُ يا تُرَى؟!

فيُقالُ: رَدُّ الخاطبِ الكُفءِ يَحصُلُ به فتنةٌ، والمرأةُ كالرجلِ، لها شهوةٌ وميلٌ، والزواجُ خيرُ حامٍ من هذهِ الفتنةِ والفسادِ العريضِ.

فاللهم جنِّبْنَا الفتنَ والفسادَ، واحفظْ أعراضَنا، واحفظْ علينا دينَنا.

اللهم ارزقْ نساءَنا مَزيدَ التبصُّرِ بكيدِ مُتبعِيْ الشهواتِ، الذينَ يريدونَ أن نَمِيلَ ميلاً عظيمًا.

اللهم اجزِ أزواجَنا عنا خيراً على ما تودَّدْنَ، وخدَمْنَ وربَّيْنَ وتبعَّلْنَ.

اللهم اجزِ والدِينا عنا خيرَ الجزاءِ، وارحمهُما كما ربَيانا صغاراً، وأعِنَّا على برِهِما كباراً.

اللهم آمِنَّا في أوطانِنا ودُورنِا، وأصلحْ أئمتَنا وولاةَ أمورنِا، وافرجْ لهم في المضائقِ،واكشفْ لهم وجوهَ الحقائقِ.

اللَّهُمَّ صُبَّ عَليْنا الخَيْر صَبَّاً صَبَّاً، ولا تَجْعَل عَيْشَنَا كَدَّاً.

اللهم واكفِنا وبلادَنا شرَّ الأشرارِ وكيدَ الفجارِ، وانصرْ مجاهدِينا ومرابطِينا.

اللهم إنا نحمدكَ كثيراً، على إنزالِكَ غيثاً غزيراً.

اللهم تابِعْ علينا الخيراتِ، وأنزِلْ معها البركاتُ.

اللهم عمَّ بالغيثِ بلادَ المسلمينَ، واجعلنا من الشاكرينَ.

اللهم صلِ وسلِّمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ.

المرفقات

1765377685_‎⁨زوجاتنا وبناتنا وأخواتنا⁩.docx

1765377685_‎⁨زوجاتنا وبناتنا وأخواتنا⁩.pdf

المشاهدات 334 | التعليقات 0